لمّ شمل غير سعيد
استفاقت إزميرالدا لتجد رجلين في غرفتها، فصرخت. قال أحد الرجلين: «لا تقلقي! هذا أنا، بيير!»
وأردف: «أنتِ في خطر؛ جاء الجمع لإنقاذك، وسوف يدمرون الكنيسة، وقد يلحق بك أذى.»
سألته وهي تلقي بشالها حول جسدها: «من هذا الرجل الذي يصاحبك؟»
– «صديق فحسب، هيا!»
نزل ثلاثتهم، ودجالي تصاحبهم، مسرعين على درجات سلم البرج، ثم خرجوا إلى فناء الكنيسة. عادوا عبر الأزقة حتى وصلوا إلى الماء حيث كان هناك قارب صغير في انتظارهم.
وعندما بدءوا يجدفون مبتعدين، لم يستطع بيير كبح انفعاله، فقال: «لقد نجونا! أنتِ بأمان!» أما الرجل الذي كان يرتدي العباءة، وهو في الواقع كلود فرولو، فلم ينطق.
نظرت إزميرالدا إليه، فأخافها عبوسه، وعباءته السوداء. لم تعرف أنه القِس. أخذ يجدف دون أن ينبس ببنت شفة. أما بيير فكان يتحدث بسعادة أثناء تحرك القارب في النهر.
ارتطم القارب عند وصوله إلى الشاطئ، ومد الرجل ذو العباءة يده لإزميرالدا ليساعدها في الخروج من القارب، لكنها لم تمسك بها. ثمة شيء بشأنه جعلها تشعر شعورًا قويًّا بعدم الارتياح.
كان بيير على الشاطئ بالفعل مع دجالي.
فكر بيير: «لا يمكنني إنقاذ كليهما، ستكون بخير مع كلود فرولو. أما أنا، فسأمضي في طريقي.» وهذا ما فعله بالفعل؛ أمسك دجالي من طوقها وفر بعيدًا.
وعندما خرجت إزميرالدا من القارب، لاحظت أن دجالي وبيير قد اختفيا. كانت وحدها مع الرجل الغريب! ارتجفت عندما أمسك بيدها، وسحبها خلفه. سار الاثنان حتى وصلا إلى ميدان بلاس دي جريف.
وقف الرجل أمام عمود التشهير، ورفع قلنسوة عباءته ليكشف عن وجهه، وقال: «سيضعونك هنا إذا قبضوا عليك. سأترك لك الاختيار: إما أن تأتي معي وتكوني في أمان، وسوف أحبك، أو أن تعاني الذل هنا لأيام.»
صاحت إزميرالدا: «كنت أعلم أنه أنت! أبدًا! لن أذهب معك أبدًا؛ فأنت رجل بشع!» وصرخت في وجهه: «سأظل أحب فيبس دائمًا … فيبس وحده.»
قال وهو يجري في ظلام الليل: «إذن، لن يمكنني مساعدتك بعد الآن. أيتها العجوز الشمطاء، ها هي الغجرية! فلتنالي ثأرك!»
شعرت إزميرالدا بيد باردة تمسك بمعصمها، فأخذت تجذب يدها، لكن دون جدوى. صاحت إزميرالدا: «ما الذي فعلته لكِ؟»
– «خطف الغجر طفلتي، هذا ما فعلته لي.»
قالت إزميرالدا: «لكنني لم أكن قد ولدت بعد حينها.»
– «بلى، كنت قد ولدت بالفعل حينها. لكانت ابنتي تبلغ نفس عمرك الآن. خمسة عشر عامًا عانيت فيها، وصار الآن دورك أيتها الفتاة الملعونة!»
– «أرجوكِ، دعيني أذهب. أرجوكِ، لست سوى فتاة يتيمة تبحث عن والديها. لا يختلف حالنا كثيرًا؛ أنتِ فقدتِ ابنتك، وأنا فقدت والدي ووالدتي.»
قالت باكيت العجوز الشمطاء، وهي تخرج فردة حذاء صغيرة مطرزة: «اختطفتم طفلتي، ولم يبق لي من أثرها سوى هذا الحذاء.»
قالت إزميرالدا: «ماذا؟ لا يمكن أن …» وخلعت القلادة التي كانت ترتديها حول عنقها، وفتحت الكيس الصغير. كان بداخله فردة الحذاء الأخرى!
قالت السيدة العجوز: «آنيس؟» ثم شرعت في البكاء وهي تقول: «آنيس!»
قالت إزميرالدا: «أمي؟ أهذا أنت حقًّا؟»
عانقت كلٌّ منهما الأخرى فترة طويلة من الوقت، ثم سمعتا فجأة ضجة مدوية. كان الجنود هم مصدر تلك الضوضاء.
قالت باكيت: «هيا سريعًا! يجب أن نختبئ، لسنا بأمان هنا في الميدان.»
عادتا سريعًا إلى داخل ثقب الفئران المظلم. قالت باكيت: «اختبئي في الزاوية؛ فلن يبحثوا عنك هناك.»
انحنت إزميرالدا، ونظرت باكيت من النافذة ذات القضبان.
صاح أحد الجنود: «من هنا، أيها القائد فيبس! السيدة العجوز في ثقب الفئران؛ هذا ما قاله القِس، إنه هنا!»
حاولت إزميرالدا الوقوف عندما سمعت اسمه، فقالت لها باكيت هامسةً: «الزمي مكانك بأسفل، وإلا سيعثرون عليكِ!»
وصل الجنود إلى المكان على الفور، وقال أحدهم: «أيتها العجوز، نحن نبحث عن إحدى الغجريات. وقد وصلتنا أنباء بأنك تخفينها، أين هي؟»
– «لا أعلم، لقد فرت.»
– «أي اتجاه سلكت، أيتها العجوز؟»
– «ركضت باتجاه النهر، أعتقد أنها ستحاول الهرب عبر النهر.»
أسرع الجنود للبحث عن إزميرالدا عند ضفة النهر.
همست باكيت: «صار الوضع آمنًا الآن.»
نهضت إزميرالدا من جلستها عند الزاوية، ثم سمعت بالخارج صوتًا محببًا للغاية لقلبها حتى إنها خرجت راكضةً من ثقب الفئران قبل أن تتمكن باكيت من إيقافها. أخذت تصيح: «فيبس! تعال هنا رجاءً، يا فيبس!»
لكن فيبس لم يسمع إزميرالدا وهي تناديه؛ فكان قد رحل بالفعل. لم يكن هناك سوى جندي واحد لا تعرفه. حاولت إزميرالدا الركض خلف فيبس.
صاح الجندي: «قفي عندك! قفي الآن، أيتها السجينة، وإلا سأضطر لإيذائك.»
ففرت إزميرالدا بأقصى سرعة ممكنة.