القِس والأحدب
ترجع أصول كلود فرولو، رئيس الشمامسة، إلى أسرة نبيلة. أراد أن يصبح قسًّا منذ أن كان صبيًّا صغيرًا. تعلم اللاتينية في طفولته، واعتاد على القراءة طوال الوقت، وكان يأخذ دراسته على محمل الجد.
توفي والداه، على نحو مؤسف، عند انتشار الطاعون العظيم عام ١٤٦٦. أصبح كلود رب الأسرة، وتولى رعاية أخيه الرضيع، جيون. كان الأمر شاقًّا أن يجمع كلود فرولو بين الدراسة ورعاية أخيه، لكنه تمكن من تدبر الأمر بنجاح. وعندما بلغ جيون العشرين كان كلود فرولو قد أصبح قسًّا بكاتدرائية نوتردام.
وعلى الرغم من توجيهات كلود فرولو، شب جيون جامحًا. وكلما ازداد تسكعه اتخذ كلود فرولو دراسته على نحو أكثر جدية. وكلما قرأ أكثر ازداد اهتمامه بالكيمياء والتنجيم.
بدأت إشاعة تنتشر حول كلود فرولو بشأن بنائه غرفة سرية في الكنيسة، وممارسته السحر خلف الأبواب المغلقة.
وفي أحد الأيام نادت على كلود فرولو عجوزتان كانتا تقفان بالقرب من مقاعد الكنيسة. عثرت الأرملتان على طفل صغير في سرير خشبي بالقرب من تمثال القديس كريستوفر. كان مدثرًا في كيس من الخيش، ورأسه تبرز من أعلى الكيس. كان شعره أحمر كثيفًا، وأسنانه معوجة، وله عين واحدة.
عندما سمع كلود فرولو بكاء الطفل المسكين، عرف أنه يجب أن يتولى رعايته كما كان يرعى جيون الصغير بالضبط.
قال كلود فرولو للأرملتين: «سأتبنى هذا الطفل المسكين.»
حمل فرولو الطفل، ولفه في معطفه، وسار مبتعدًا.
عمّد فرولو الصبي، وأطلق عليه اسم كوازيمودو. وعاش الاثنان معًا في سعادة.
عندما بلغ الصبي الرابعة عشرة حصل كلود فرولو لكوازيمودو على وظيفة قارع الأجراس في كاتدرائية نوتردام، وصارت الكنيسة عالمه. عندما كان طفلًا كان كثيرًا ما يُعثر عليه وهو يتسلق الصخور، ويسحب نفسه أعلى السلم أو أسفله. كانت الكاتدرائية لكوازيمودو مثل القوقع للحلزون، فبين جنبات ذلك المكان لم يزعجه أحد أو يوجه له السباب. وبداخله كان يشعر بالأمان.
لم يعلم أحد في باريس مداخل كاتدرائية نوتردام ومخارجها مثل كوازيمودو. لم تكن هناك زاوية لم يكتشفها، أو برجًا لم يتسلقه — أحيانًا من الخارج! — أو صخرة من الرخام لم يلمسها.
أمدته النوافذ بكل الضوء الذي كان يحتاجه. كانت التماثيل أصدقاءه، والطيور المصنوعة من الصخر حيواناته الأليفة. لكن أكثر شيء كان يدخل السرور على قلبه هو الأجراس؛ فكان يتحدث إليها بلغته الخاصة. أحب ملمسها والأصوات التي تصدرها. كان هناك خمسة عشر جرسًا يقرعها كوازيمودو، بأصوات رنين مختلفة كل يوم. وفي أيام مثل الكريسماس كان يقرعها جميعًا!
كان الصديق الحقيقي الوحيد لكوازيمودو هو كلود فرولو الذي علّمه القراءة والكتابة والكلام. حتى عندما يحتد كلود فرولو عليه ويتحدث معه بغضب كان كوازيمودو يحبه. وعندما فقد كوازيمودو سمعه من جراء قرع الأجراس اخترع هو وكلود فرولو لغة إشارة خاصة بهما. كان كوازيمودو يفعل أي شيء يأمره به كلود فرولو، دون أن يسأل أي سؤال؛ ولو كان ذلك الشيء هو اختطاف فتاة.