الشعراء
(١) أونامونو، ميجيل دي أونامونو أي خوجو (١٨٦٤–١٩٣٦م)
فيلسوف وشاعر وروائيٌّ إسبانيٌّ معروف. ولد سنة ١٨٦٤م في بيلبانو. درس الفلسفة والأدب في مدريد، وعين في سنة ١٨٩١م أستاذًا للغة اليونانية القديمة بجامعة سلامانكا، جرد سنة ١٩٠٤م من منصبه الجامعي بسبب النقد الذي وجهه إلى النظام الملكي السائد في ذلك الحين. نشر عدة مقالات نادى فيها بتجديد التراث الحضاري الإسباني. تعاطف فترةً من حياته مع النزعة الفوضوية ووقف بجانب الحركة الاشتراكية وأسهم في تحرير مجلة «صراع الطبقات» التي كانت تصدرها في مدينة بيلباو، ومجلة «الجامعي الاشتراكي» التي كانت تصدر في برلين. عين مديرًا لجامعة سلامانكا. عاود هجومه على النظام الملكي والدكتاتور يريمو دي ريفيرا (١٩٢٤م) فنفي إلى جزيرة «فوير تيفنتورا» إحدى الجزر الكنارية، ثم هاجر إلى فرنسا وأقام فيها حتى سنة ١٩٢٩م. أكبرت الحركة الجمهورية التي تألفت في ذلك الحين لمقاومة النظام السائد هذا الموقف الشجاع من أونامونو، فلم يكد يعود من منفاه في ربيع سنة ١٩٢٩م حتى استقبلته مواكب الطلبة الجمهوريين استقبال الأبطال. رجع في نفس العام إلى منصب مدير جامعة سلامانكا، ورشح نفسه في سنة ١٩٣١ عن الجمهوريين الاشتراكيين ففاز بعضوية المجلس الوطني النيابي للجمهورية الثانية. ولكنه لم يلبث أن زهد في السياسة ووهب كل وقته وجهده للتعليم. نودي به في سنة ١٩٣٥م مواطن شرف للجمهورية الإسبانية. ولما بدأ الصراع الفكري والطبقي قبل نشوب الحرب الأهلية ارتد عن تأييده السابق للنظام الجمهوري وراح يهاجمه من مكانه في سلامانكا التي احتلها الفاشيون. وكانت نتيجة ذلك أن جردته حكومة الجمهوريين من جميع مناصبه، بينما هلل له الفاشيون واعتبروه واحدًا منهم! ولكنه اكتشف خطأه سريعًا، فألقى خطبته المشهورة التي ندد فيها بالفاشية الإسبانية، وذلك في الاحتفال الذي أقامه الفاشيون بيوم العنصر (١٢ أكتوبر سنة ١٩٣٦م). وسرعان ما وضع تحت رقابة البوليس وطُرد من منصبه!
ولم يطل به الأجل، فقد ودعه الناس وهم يودعون ذلك العام (١٩٣٦م)، إذ مات وحيدًا في آخر يوم من أيامه.
من أشهر أعماله التي كان لها أثرها على الفكر الوجودي المعاصر كتابه عن العاطفة التراجيدية للحياة (مدريد ١٩١٣م)، ومن أظهرها دلالة على إيمانه المطلق بمكانة إسبانيا في العالم واقتناعه بدورها المتميز في الحضارة الإنسانية كتابه المشهور عن حياة دون كيشوت وسانخو بانزا (مدريد ١٩٠٥م).
من أعماله الشعرية
«أشعار» (مدريد ١٩٠٧م)، «باقة أغنيات» (مدريد ١٩٢٠م)، «تجولات ورؤًى إسبانية» (١٩٢٢م)، «ألحان من الأعماق» (فاللا دوليد ١٩٢٣م)، «كتاب الأغاني، أو يوميات شعرية» (من ١٩٢٨ إلى ١٩٣٦م) وقد نشره في سنة ١٩٥٣ في بونيس أيرس وعلق عليه فيديريكو دي أونيس، من فوير تفنتورا إلى باريس.
و«يوميات السجن والمنفى» وقد نُشر في باريس سنة ١٩٢٥م. هذا وقد ظهرت أعماله الكاملة سنة ١٩٥١م في أربعة عشر جزءًا في مدريد.
(٢) أنطونيو ماتشادو أي رويز
شاعرٌ إسباني. ولد سنة ١٨٧٥م في إشبيلية ومات سنة ١٩٣٩م في كولليور بفرنسا. كان أبوه عالمًا مشهورًا في علم المأثورات الشعبية (الفولكلور). انتقل في سنة ١٨٨٣م إلى مدريد وقضى في سنتي ١٨٩٩ و١٩٠٢م فتراتٍ متقطعة في باريس حيث درس على يد برجسون، وعمل بعد حصوله على شهادة الدولة في تدريس اللغة الفرنسية في مدينة «زوريا». تزوج في سنة ١٩٠٩م من ليونورا أزكو يردو كويفاس التي ماتت بعد زواجه منها ثلاث سنوات فأثر موتها عليه تأثيرًا عميقًا تردد صداه في شعره. اشتغل من سنة ١٩١٢ إلى ١٩١٩م في مدن مختلفة وانتخب في سنة ١٩٢٧م عضوًا في الأكاديمية الإسبانية.
لم تكد الحرب الأهلية تشتعل في بلاده (١٩٣٦م) حتى ذهب إلى فالنسيا ليحارب في صفوف الجمهوريين، ثم سار في سنة ١٩٣٩م على قدمَية حتى وصل إلى فرنسا عبر جبال البرانس ولكنه لم يلبث أن مات من الإجهاد بعد وصوله إلى الحدود بقليل.
من أهم الشعراء الإسبان في القرن العشرين، ويمثل جماعة الأدباء التي سمت نفسها «جيل ١٨٩٨». يتميز شعره بالبساطة والنبرة العميقة المهموسة، والمضمون الفكري الرفيع، والخلو من النزعة البلاغية والخطابية. من أهم الموضوعات التي يعالجها في شعره: دورة الزمن، عالم الحلم الذي يلجأ إليه فرارًا من مرارة الحياة، ذكرى حبه وزواجه الحزين. تأثر بالطبيعة الخشنة في منطقة كاستيلان (قشتالة)، وأصبح شاعرها الأول، كما عبر في شعره عن قلقه على مصير بلاده وألمه لمحنتها. أعجب في أواخر حياته بالشعر الشعبي الأندلسي، وألَّف بالاشتراك مع شقيقه مانويل بعض المسرحيات التي لا تصل في قيمتها إلى مستوى شعره. من أعماله الشعرية: «ألحان وحيدة» (١٩٠٣م)، «ألحانٌ وحيدة وصور وقصائدُ أخرى» (١٩٠٧م)، «حقول قشتالة» (١٩١٢م)، «أغنياتٌ جديدة» (١٩٢٤م).
(٣) خوان رامون خيمينيث (١٨٨١–١٩٥٨م)
ولد في مدينة موجير بالأندلس، ومات في سان خوان في بورتوريكو. عاش منذ الحرب الأهلية الإسبانية حتى وفاته في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الأمريكية وحصل على جائزة نوبل للأدب في سنة ١٩٥٦م.
يُعدُّ من أكبر الشعراء المعاصرين في اللغة الإسبانية الذين حرروا الشعر من النغمة الخطابية والإسراف في الزخرف والوصف اللذين غلبا على أتباع النزعة الرومانتيكية والمذهب الحديث. وصف شعره ابتداءً من سنة ١٩١٧م «بالشعر الخالص» وجعله تعبيرًا عن عواطفه وحدها وبالأخص عاطفة الألم النابع عن إحساس «بتناقضات الحياة التي لا حل لها». وإلى جانب النغمة الشخصية التي تغلب عليه ارتبط جزءٌ كبير من شعره من الناحية الشكلية بالتراث الشعبي وتميز بالتركيز الشديد واستخدام كلمات تحدث بإيقاعاتها وأصواتها تأثيرًا موسيقيًّا، بحيث يرتبط جو القصيدة ولونها ونغمها بفنونٍ أخرى كالموسيقى والرسم الذي مارسه في شبابه، وكلها خصائص أثرت على شعر لوركا الذي يُعدُّ تطورًا له.
من مؤلفاته العديدة
«قصائد الربيع» (١٩١٠م)، «مذكرات شاعر تزوج حديثًا» (١٩١٧م)، «أغنية» (١٩٣٦م)، ومرثيته النثرية «أنا وبلاتيرو» (١٩٥٣م) (هي المقطوعات القصصية الغنائية التي نقلها الدكتور لطفي عبد البديع إلى العربية في ترجمةٍ رائعة ظهر في دار المعارف بالقاهرة تحت عنوان «أنا وحماري»).
(٤) خورخه جين (١٨٩٣م–؟)
شاعر إسباني. ولد سنة ١٨٩٣م في فالادوليد، درس الأدب والفلسفة في مدريد وغرناطة، عاش من سنة ١٩٠٩ إلى سنة ١٩١١م في سويسرا، وقام بالتدريس في جامعة السوربون من سنة ١٩١٧ إلى سنة ١٩٢٣م. حصل على الدكتوراه في سنة ١٩٢٤م وعين أستاذًا للأدب في مورسيا ثم في جامعتي أكسفورد وإشبيلية. عاش منذ سنة ١٩٣٨م في الولايات المتحدة الأمريكية، وقام منذ سنة ١٩٣٩م بتدريس اللغة والأدب الإسباني في كلية وليسلي في ماساشوتس. يعيش منذ سنوات في مدينة فلورنسة بإيطاليا.
يعد من رواد الشعر الإسباني المعاصر وأكبرهم أثرًا على الجيل الجديد من الشعراء، كما يعد من أكبر الممثلين للشعر الخالص أو الشعر المحض. ظهرت مجموعته الشعرية «أنشودة» التي ضم فيها كل ما كتب من قصائد في حياته في أكثر من طبعة وعلى أكثر من صورة، وأضاف إليها ونقح فيها عدة مرات بحيث احتوت طبعتها الأخيرة على ٢٦٠ قصيدةً قسمها إلى خمسة أقسام. تأثر تأثرًا مباشرًا بشعر خمينيث ومالارميه وفاليري ويكاد يكون من أشد الشعراء المعاصرين التزامًا بالأوزان والبحور التقليدية في الشعر. تعد مجموعة قصائده السابقة الذكر أنشودةً كبيرة يمجد فيها الحياة والإنسان. ويلاحظ القارئ لشعره أنه يبدأ دائمًا من أشياءَ واقعيةٍ محسوسة لا يلبث أن ينقيها ويرتفع بها إلى عالمٍ شاعريٍّ غير واقعي. وتذكر له ترجماته عن الشعر الفرنسي وبخاصة عن فاليري وكلوديل وسوبر فييي.
من أعماله الشعرية
«أنشودة» (وقد ظهرت في طبعاتٍ مختلفة من سنة ١٩٢٨ حتى ١٩٥٠م)، «لهب» (١٩٣١م)، «متنوعات على موضوعات لجان كاسو» (١٩٥١م).
(٥) فيديريكو جارثيا لوركا (١٨٩٩–١٩٣٦م)
ولد في فوينته فاكويروس وقتل على أيدي الفاشيين بالقرب من غرناطة، في أثناء الحرب الأهلية الإسبانية. من أنبل وجوه الأدب الإسباني الحديث الذين ساهموا في تطويره وأثروا على الشعر المعاصر أبلغ تأثير. أسس في سنة ١٩٣٦م بالاشتراك مع الشاعر ألبرتي وخوزيه برجامين اتحاد المثقفين المناهضين للفاشية، وفي أغسطس من نفس السنة قتله أتباع فرانكو. بدأ لوركا، متأثرًا بشعر خيمينيث، في «كتاب الأغاني» (١٩٢١م) بقصائدَ رقيقةٍ حساسة تشكو عذاب الفرد وأشواقه إلى الحب، ثم ما لبث أن ظهر تأثره العميق بالتراث الشعبي الإسباني وأغاني الغجر وشخصيتهم المعذَّبة المضطهدة التي تلتهب بالعواطف والأسرار (أغاني الغجر ١٩٢٨م، أغنية النشيد العميق ١٩٣١م) وقد أتاحت له كذلك أن يعبر عن احتجاجه على ظلم القانون والمتجمع لهم. سافر في سنة ١٩٢٩-١٩٣٠م في رحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتعرف على المجتمع الرأسمالي بكل ما فيه من فساد وآلية وتجرد عن الإنسانية، وعبر عن احتجاجه عليه في ديوانه «شاعر في نيويورك» (١٩٤٠م). أسندت إليه بعد تأسيس الجمهورية الإسبانية إدارة فرقةٍ مسرحية كتب لها بعض مسرحياته التي أحدثت ثورة في المسرح الإسباني (عرس الدم، يرما، بيت برنارد ألبا) وكلها تصور في نغمةٍ حادةٍ ملتهبة كيف تقف التقاليد البالية عقبة في طريق المحبين، وكيف تخنق شخصية الإنسان وتوقف نموها. واهتمام لوركا في هذه المسرحيات بمشكلات الحب وأقدار النساء بوجهٍ خاص وتصويره لها من الناحية الأخلاقية المثالية دون النواحي السياسية أو الاقتصادية لا يقلل من شأنه كشاعرٍ ثوريٍّ كبير أضاف إلى الأدب الإسباني والعالمي كنزًا من أغلى الكنوز التي يعتز بها القرن العشرون، ويستنكر من أجله الجريمة البشعة التي أودت بشبابه.
(٦) بيدرو ساليناس (١٨٩٢–١٩٥١م)
كاتب ودارس وشاعرٌ إسباني. ولد في مدريد ومات في بوسطون بالولايات المتحدة الأمريكية. درس الحقوق والأدب والفلسفة في مدريد، وقام بتدريس اللغة والأدب الإسباني في السوربون من سنة ١٩١٤ إلى سنة ١٩١٧م. أصبح أستاذًا للأدب الإسباني في جامعة إشبيلية، ثم في مورسيا وكامبريدج. قام برحلات في أوروبا وأمريكا وشمال أفريقيا وعاش من سنة ١٩٣٦م في الولايات المتحدة الأمريكية، كما قام بالتدريس في بويرتو ريكو وبالتيمور.
من أكبر الشعراء والنقاد وكتاب المسرح في الأدب الإسباني المعاصر، تتميز أعماله المختلفة بوحدة موضوعاتها وأساليب التعبير الفني فيها. بدأ يكتب قصائده ذات الخبرة الباطنة العميقة (نبوءات)، ثم مر بمرحلة من الشعر المجرد من النزعة البشرية، فكتب قصائد عن منجزات التكنيك الحديث (كالتليفون والآلة الكاتبة وأجهزة التسخين … إلخ). كما كتب قصائدَ عاطفية يصور فيها الأحباب وقد ارتفعوا من عالم الواقع إلى عالمٍ شاعري ومثاليٍّ رفيع. كتب قصائدَ كثيرة تحت تأثير الهجرة والحرب العالمية الثانية، عاد بعدها إلى أسلوبه الأول.
من أعماله الشعرية
«نبوات» (١٩٢٣م)، «صدفة مؤكدة» (١٩٢٩م)، «حكاية وعلامة» (١٩٣١م)، «حب هباء» (١٩٣١م)، «صوتك» (١٩٣٤م)، «سبب الحب» (١٩٣٦م)، «خطأ في الحساب» (١٩٣٨م)، مجموعة أشعاره (١٩٤٢م).
(٧) ثيثيليا ميريليس
من أبرز الشعراء المعاصرين في البرتغال. ولدت في ريو دي جانيرو سنة ١٩٠١م، بدأت حياتها الأدبية متأثرة بالمدرسة الرمزية ولكنها سرعان ما تخلَّصت من تأثيرها وارتبطت بالتراث الأدبي في بلادها، وبرزت ملامحها الفردية الواضحة. ألَّفت عددًا لا بأس به من المجموعات الشعرية، وكتبت في فنونٍ أدبية أخرى غير الشعر. وتذكر لها دراساتها في الفلكلور ومشكلات التربية، كما تعد من الثقات في أدب الأطفال. قامت برحلاتٍ عديدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا حيث حاضرت عن الأدب البرازيلي المعاصر.
(٨) رافائيل ألبرتي (١٩٠٢م–؟)
ولد في بويرتو دي سانتا ماريا بإسبانيا. بدأ حياته الأدبية في سنة ١٩٢٥م بمجموعة قصائد بعنوان (ملاح على اليابسة) يعبر فيها عن وحدة الفرد وعذابه بمتناقضات الحياة والمجتمع، ويجمع بين مهارة الرواد (من أمثال خيمينيث) وبساطة الألحان والموضوعات التقليدية، وأصالة العاطفة الذاتية التي لا شك فيها. وقد فاز عن هذا الديوان بالجائزة الأهلية للأدب، وأصبح شاعرًا مرموقًا وهو في سن الثالثة والعشرين. ورحب خيمينيث بالديوان ووجد فيه تعبيرًا عن «صوتٍ جديد وأندلسي جدًّا»، كما حيا النقاد هذا الشعر الجديد الذي يتميز بتفرُّده وتجديده ودقة أسلوبه وبهجة موضوعاته وتمكن صاحبه من الشكل وتحرره في استخدام الصور والكلمات وقدرته على استغلال الأوزان الشعبية. وبعد مجموعتَين أخريين (عن الملائكة، جير وأغنية)، اتجه ألبرتي إلى الموضوعات الاجتماعية، تحت وطأة الشعور بالصراع الطبقي وكفاح العمال في بلاده، (كما في قصيدته عن حياة وموت الثائر فيرمين جالان في سنة ١٩٣١م) حارب في صفوف الجمهوريين، وشارك مشاركةً فعالة في مقاومة الفاشية في بلاده، وكتب في أثناء الحرب الأهلية الإسبانية (١٩٣٦–١٩٣٩م) مجموعة من القصائد الثورية التي ذاع بعضها على لسان الشعب. اشترك مع لوركا وخوزيه برجامين في تأسيس اتحاد المثقفين المناهضين للفاشية (١٩٣٦م). قضى معظم سنوات حياته في المنفى بالأرجنتين، وقام برحلات إلى الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية، وكان من أول الشعراء الذين رحبوا بثورة كوبا.
يعيش الآن في روما ويشارك في حركة السلام العالمية.
من أهم أعماله الشعرية
«ملاح على اليابسة» (مدريد، ١٩٢٤م)، «الحبيبية، أغنيات» (ملقه، ١٩٢٦م)، «عن الملائكة» (١٩٢٧-١٩٢٨م، مدريد)، «الشاعر على الطريق» (١٩٣١–١٩٣٦م)، قصيدة «البحر الكاريبي» (مدريد، ١٩٣٦م)، «عاصمة المجد» (١٩٣٦–١٩٣٨م، مدريد)، «آه! الثيران» (بونيس أيرس، ١٩٤١م)، «الأشعار الكاملة» (بونيس أيرس، ١٩٦١م)، «من قال إننا كنا أمواتًا؟ قصائد الحرب والمنفى» (باريس، ١٩٦٤م).
(٩) أويخنيو فلوريت
ولد في مدريد سنة ١٩٠٣م من أمٍّ كوبية وأبٍ إسباني. انتقل في سن الخامسة عشرة مع عائلته إلى كوبا حيث بقي هناك حتى سنة ١٩٤٠م. اشتغل بعد تخرجه في جامعة هافانا في وزارة الخارجية ثم عمل في القنصلية الكوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، انضم بعد ذلك بخمس سنوات إلى كلية برنارد التابعة لجامعة كولومبيا لتدريس الأدب الإسباني فيها.
من أعماله الشعرية
٢٢ قصيدة قصيرة (١٩٢٧م)، «مناطق حارة» (١٩٣٠م)، «نبرة مزدوجة» (١٩٣٧م)، «مملكة» (١٩٣٨م)، بالإضافة إلى مجموعتَين من قصائده ظهرتا في سنة ١٩٥٦م بعنوان «قصائدي ومنتخباتٌ شعرية».
(١٠) دييجو ثندويا (خيراردو)
شاعرٌ إسباني. ولد في سنة ١٨٩٦م في سامنتاندر، درس الأدب والفلسفة في سالامانكا ومدريد، ثم اشتغل بالتدريس في عدة مدنٍ إسبانية، قام برحلاتٍ عديدة إلى فرنسا والبرتغال وأمريكا الجنوبية، وحصل في سنة ١٩٢٥م على جائزة الدولة في الأدب (بالاشتراك مع رافائيل ألبرتي) عن ديوانه «أشعار إنسانية». عضو في الأكاديمية الإسبانية منذ سنة ١٩٤٧م، وموسيقيٌّ مرموق. يعيش الآن في مدريد.
يعد من أهم ممثلي الشعر الإسباني المعاصر. تأثر في بداية حياته الأدبية بتياراتٍ عديدة وبالشاعرين ماتشادو وخيمينيث ومر بمرحلة جرب فيها ما يسمى بالشعر الخالص من النزعات البشرية (راجع الدراسة) حتى وجد طريقه ونفسه أخيرًا في شعرٍ رفافٍ منغَّمٍ صادق النبرة، نابض بالحرارة والإنسانية. وتذكر له سوناتة ألَّفها بعنوان «طائر الحقيقة» ويعدُّها النقاد من معالم الشعر المعاصر في إسبانيا، كما تذكر له مجموعةٌ منتخبة من الشعر الإسباني الحديث تُعدُّ من أهم المجموعات المعبرة عن تطور هذا الشعر في القرن العشرين.
من أعماله الشعرية
«صور» (١٩٢٢م)، «زوريا» (١٩٢٣م)، «قصائد إنسانية» (١٩٢٥م)، «حكاية أكويس وزيدا» (١٩٣٢م)، «قصائد مختارة» (١٩٣٢م)، «طائر الحقيقة» (سوناتة) (١٩٤١م)، «خياليات» (١٩٤١م)، «المفاجأة» (١٩٤٤م)، «القمر في الصحراء وقصائد أخرى» (١٩٤٩م)، «حب وحيد» (١٩٥٨م).
(١١) لويس ثرنودا (١٩٠٢–١٩٦٣م)
ولد سنة ١٩٠٢م في إشبيلية، ودرس الحقوق في جامعتها واستمع فيها إلى محاضرات الشاعر بيدرو ساليناس في تاريخ الأدب الإسباني. أنهى دراسته سنة ١٩٢٨، ولكنه رفض الاشتغال بالمحاماة وسافر إلى فرنسا حيث قام بالتدريس في جامعة تولوز، وزار باريس. رجع إلى وطنه بعد عامٍ واحد وأقام في مدريد واشتغل بالتدريس والنقد الأدبي حتى سنة ١٩٣٨م. ساهم في أثناء الحرب الأهلية بالكتابة في مجلة «لحظة إسبانيا» الناطقة بلسان الشعراء والمثقفين أعداء الفاشية. وسافر إلى إنجلترا حيث عمل في جامعة جلاسجو (١٩٣٩–١٩٤٣م) ثم في جامعة كامبريدج (١٩٤٣–١٩٤٥م) أستاذًا للأدب الإسباني، وتولى بعد ذلك الإشراف على المعهد الإسباني في لندن. غادر إنجلترا سنة ١٩٤٧م واشتغل بالتدريس في كلية مونت هوليواك بولاية ماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية. هاجر في سنة ١٩٥٣م إلى المكسيك وظل يعيش هناك إلى أن مات في سنة ١٩٦٣م.
ولم يكن ثرنودا شاعرًا بارزًا فحسب، بل كان كذلك من أكبر المترجمين، وتذكر له ترجماته العديدة لأشعار هولدرلين ومسرحيات شيكسبير.
من أعماله الشعرية
«أشعار أولى» (١٩٢٤–١٩٢٧م)، شعر، «حب» (١٩٢٩م)، «اللذات المحرمة» (١٩٣١م)، «توسلات» (١٩٣٤-١٩٣٥م)، «الدعوة للشعر» (مدريد ١٩٣٣م)، «حيث يعيش النسيان» (١٩٣٢-١٩٣٣م)، «الواقع والرغبة» (١٩٣٦م مدريد، وصدرت منه بعد ذلك طبعةٌ مزيدة في المكسيك سنة ١٩٤٠م، وطبعة ثالثة في مدريد سنة ١٩٥٨م)، «كمن ينتظر الفجر» (١٩٤١–١٩٤٤م، وصدر في بونيس أيرس سنة ١٩٤٩م).
هذا إلى جانب دراساته عن الشعر الإسباني المعاصر وتأملاته في الشعر الإنجليزي، وقصصه وأبحاثه الأدبية.
(١٢) أليخاندره، فيثنته أي ميرلو (١٩٠٠م–؟)
ولد سنة ١٩٠٠م بمدينة إشبيلية، وقضى سنوات طفولته وصباه في مالاجا (ملقا)، درس القانون والحقوق في مدريد والتحق بالمدرسة التجارية العليا. اضطر فترةً طويلة من حياته إلى كسب قوته من العمل في إحدى الشركات الصناعية، كما اضطره المرض إلى حياة الوحدة والانعزال. رفض كغيره من الشعراء الإسبان أن يشتغل بمهنة المحاماة التقليدية التي كانت قد ابتُذلت في الأعوام السابقة للحرب الأهلية؛ ولذلك تخلَّى عنها ووهب حياته للشعر. ظهرت أولى قصائده في «مجلة الغرب» التي كان يصدرها الفيلسوف الإسباني المشهور أورتيجا أي جاسيت سنة ١٩٢٦م، ونال جائزة الأدب الأهلية في سنة ١٩٣٣م. بقي على إخلاصه للجمهوريين على الرغم من أنه لم يغادر وطنه في أعقاب الحرب الأهلية كما فعل معظم زملائه. جمعت الصداقة الحميمة بينه وبين ثرنودا ولوركا، الذي كرم ذكراه بعد مصرعه على يد الفاشيين. انتخب في سنة ١٩٥٠م عضوًا بالأكاديمية الإسبانية، ويعيش الآن في مدريد.
من أعماله الشعرية
«طموح» (مدريد ١٩٢٨م)، «سيوف كالشفاه» (مدريد ١٩٣٢م)، «عاطفة الأرض» (المكسيك ١٩٣٥م)، «الدمار أو الحب» (١٩٣٢-١٩٣٣م، مدريد)، «ظلال الفردوس» (١٩٢٩–١٩٤٢م)، «الميلاد الأخير» (١٩٢٧–١٩٥٢م، مدريد)، «تاريخ القلب» (١٩٤٥–١٩٥٣م، مدريد)، «الأشعار الكاملة» (مدريد، ١٩٦٠م)، «في منطقة شاسعة» (مدريد، ١٩٦٢م).
(١٣) بابلو نيرودا (١٩٠٤–١٩٧٣م)
اسمه الحقيقي هو نيفتالي ريكاردو ريس. ولد في تيمو كو في شيلي، وكان أبوه عاملًا بالسكك الحديدية. بدأ كتابة الشعر في سنة ١٩٢٠ تحت تأثير النزعة الحديثة (المودرنيزم) ثم السيريالية، وتميز إنتاجه في هذه المرحلة بالغموض والتشاؤم والاهتمام بإبراز أوجه القبح والتناقض في رؤيته للعالم.
التحق في سنة ١٩٢٧م بالسلك القنصلي وعمل من سنة ١٩٣٤م إلى سنة ١٩٣٨م في مدريد، وعاصر كفاح الشعب الإسباني ومقاومته لحكم فرانكو الفاشي، وكانت هذه التجربة نقطة تحول في حياته وشعره (إسبانيا في القلب، ١٩٣٨م). تضامن مع الشعب الإسباني في كفاحه في سبيل الديمقراطية والحرية، وانضم إلى الحزب الشيوعي في بلاده وأصبح في سنة ١٩٤٥م عضوًا في برلمان شيلي. غلبت النغمة السياسية والاجتماعية على شعره حتى أصبح أكبر الشعراء المعبرين عن حركة التحرر الوطني في أمريكا اللاتينية وبخاصة في قصيدته الكبرى «النشيد العظيم، ١٩٥٠م» التي خرج فيها عن أسلوبه القديم وارتبط بتراث الأغاني والأناشيد الوطنية في أدب أمريكا اللاتينية التي أصبح من أهم ممثليها والناطقين بثورتها الوطنية والاجتماعية في العالم كله.
مات سنة ١٩٧٣م على أثر الانقلاب الرجعي الذي أطاح بحكومة سلفاتور اللندي الاشتراكية.
من أعماله
«عشرون قصيدة حب وأغنية يأس» (١٩٢٤م)، «إقامة على الأرض» (١٩٣١–١٩٤٧م)، «أناشيد أولية» (١٩٥٤–١٩٥٧م)، «العنب والريح» (١٩٥٥م).
(١٤) أمبرتو سابا (١٨٨٣–١٩٥٧م)
شاعرٌ إيطالي ينحدر من أصلٍ يهودي. تعلم مهنة التجارة وفتح في مدينة تريستا محلًّا صغيرًا لبيع العاديات والآثار القديمة، كان ملتقى الكتاب والفنانين. ساهم في شبابه في تحرير عددٍ كبير من الصحف والمجلات الأدبية. أقام في أثناء الحرب العالمية الثانية في باريس وروما، ثم رجع بعد انتهاء الحرب إلى تريستا، وحصل على درجة الدكتوراة الشرفية من جامعة روما.
يُعدُّ شاعر الوحدة المريرة في الأدب الإيطالي المعاصر، ويتميز شعره بالكآبة والتشاؤم العميق، كما يتميز بالتفتح لمؤثراتٍ عديدة، والمحافظة على التراث والتقاليد الشعرية في لغته. لا يكاد يشبهه أحد في رقَّته وحساسيته التي تقرِّبه من شعر باسكولي. كان أيضًا من كتَّاب القصة.
من أعماله الشعرية
«بعيني» (١٩١٢م)، «أشياء خفيفة وهائمة» (١٩٢٠م)، «الأغنيات» (١٩٢١م)، «صور وأغانٍ» (١٩٢٨م)، «تأليفات ثلاث» (١٩٣٣م)، «كلمات» (١٩٣٥م)، «أشياء أخيرة» (١٩٤٤م)، «البحر الأبيض» (١٩٤٦م).
(١٥) جوسيبي أنجارتي (١٨٨٨–١٩٧٠م)
ولد بالإسكندرية، ومات في الولايات المتحدة الأمريكية في النصف الثاني من سنة ١٩٧٠م. درس في باريس، ثم عاد إلى إيطاليا في سنة ١٩١٤م حيث اشترك في الحرب العالمية الأولى واشتغل بعدها بالصحافة. عمل أستاذًا للأدب الإيطالي في مدينة ساو باولو بالبرازيل، ثم في روما. نشأ شعر أنجارتي في أثناء الحرب وبتأثير كوارثها على نفوس الأفراد والشعوب. ويعد نقطة تحول في الشعر الإيطالي بوجهٍ عام، وإيذانًا ببدء مرحلةٍ جديدة تتخلى عن الخطابية الزاعقة عند شاعر مثل «دانو ننزيو» الذي راح يمجد البطولة والقوة ويملأ شعره بالصور الصارخة ويتغنى بالأساطير الغابرة. جاء شعر أنجارتي بنغمةٍ جديدةٍ هامسة لا تكاد تجد أذنًا تسمعها في بلاده، فهو بجمله القصيرة المتقطعة، وتخلِّيه عن الأشكال والأوزان القديمة، وعكوفه في معبد الروح المتأملة في أسرار الكون بعيدًا عن الأساطير والبطولات الأساليب البلاغية التي تبهر الشعب؛ يشبه راهبًا فرانسيسكانيًّا كرس حياته للتعبير عن معجزة الوجود وعذابه.
هذا وقد تأثر أنجارتي بشعر مالارميه، وأبوللينير، وفاليري، وسان-جون بيرس (الذي ترجمة إلى الإيطالية) وبالشاعر الإسباني القديم جونجورا. ومن أهم المجموعات التي أصدرها أنجارتي: «البهجة» (١٩٣١م)، و«عاطفة الزمن» (١٩٣٣م)، و«الألم» (١٩٤٧م)، و«الأرض الموعودة» (١٩٥٠م)، وقد نقلت الشاعرة إنجبورج باخمان معظم أشعاره إلى الألمانية (راجع مقالًا عنه لكاتب السطور في مجلة الفكر المعاصر، ديسمبر ١٩٦٨م).
(١٦) سلفاتور كوازيمودو (١٩٠١م–؟)
ولد في سيراقوزة، وهي ميناء يقع شرقي جزيرة صقلية، ويعد الشاعر الإيطالي تاسو (١٥٤٤–١٥٩٥م) مثله الأعلى، والمعروف أنه كان شاعرًا غريب الأطوار، هام على وجهه في أواخر حياته وانتهى إلى الجنون. ولد كوازيمودو لأبٍ كان يعمل موظفًا في السكك الحديدية. وقضى طفولته بين مدينتي باليرمو ومسينا في صقلية، ودرس الهندسة وفقه اللغة في روما، وتقلَّب في وظائفَ عديدة، واشتغل فترة من حياته بالنقد المسرحي، وعمل ابتداءً من سنة ١٩٣٩م رئيسًا لتحرير مجلة «الزمن» ويعيش الآن في مدينة ميلانو، حصل على جائزة نوبل في الآداب سنة ١٩٥٩م.
سجل كوازيمودو في شعره ذكريات طفولته في صقلية، وعبر عن جمالها الطبيعي وتراثها التاريخي، وتأثر بألحان الجنوب بكل ما فيها من غرابة وانسجام. وهو ينتمي إلى مدرسة الغموض في الشعر الإيطالي (الهيرميتزم) التي تهتم بسحر الكلمة والنغم وإيراد الصور والاستعارات غير المألوفة، دون اعتبار للمضمون أو حرص على المعنى الذي يستعصي على الفهم في أغلب الأحيان. ومن مجموعاته الشعرية في هذه المرحلة: «مياه وأراضٍ» (١٩٣٠م)، و«روائح الأويكاليبتوس» (١٩٣٣م)، و«قصائد» (١٩٣٨م)، و«سرعان ما جاء المساء» (١٩٤٢م). وقد اتجه كوازيمودو بعد الحرب اتجاهًا جديدًا في شعره يمكن أن نسميه بالشعر الاجتماعي، حاول فيه أن يخرج عن عزلته الذاتية ويتحدث إلى الناس في شكل أكثر بساطة، وقد تعرض لهذا في مقاله الذي كتبه عن الشعر في سنة ١٩٥٠م. وهكذا خرجت مجموعاته الجديدة: «يومًا بعد يوم» (١٩٤٧م)، و«الحياة ليست حلمًا» (١٩٤٩م)، و«الأخضر الكاذب والأخضر الصحيح» (١٩٥٦م)، و«البلد الذي لا نظير له» (١٩٥٨م).
وقد ترجم كوازيمودو بعض أعمال شيكسبير وبابلو نيرودا إلى الإيطالية، كما ترجم كثيرًا عن الأدب اليوناني والقديم.
(١٧) بول فاليري (١٨٧١–١٩٤٥م)
يعد قمة من أعلى وأعقد القمم في الشعر «العقلي» أو الشعر «المحض» في القرن العشرين. ولد في سيت، وكانت أمه إيطالية. أقامت أسرته في سنه ١٨٨٤م في مدينة مونبلييه، درس الحقوق وقرأ مالارميه وتحمس للكاتب الروائي الرمزي «هيزمان» عرض عليه بيير لويس، وكان إذ ذاك أديبًا شابًّا، في سنة ١٨٩٠م أبياتًا مكتوبة بخط اليد من قصيدة مالارميه المشهورة «هيرودياد» فأرسل إلى مالارميه في العشرين من أكتوبر من تلك السنة خطابًا يفيض بالإعجاب والحب، ثم التقى بأندريه جيد، واتجه إلى باريس في سنة ١٨٩١م حيث تتلمذ على مالارميه وظل وفيًّا له إلى يوم مماته (١٨٩٨م). أصابته في إحدى الليالي الممطرة العاصفة في مدينة جنوا أزمةٌ نفسيةٌ شديدة، كان لها أثرها الحاسم على حياته. عمل موظفًا في وزارة العدل تم سكرتيرًا لمدير وكالة أنباء «هافا». انقطع عن النشر في سنة ١٨٩٦م وظل ملازمًا للصمت — على الأقل من الناحية العامة — حتى سنة ١٩١٧م حين نشر قصيدته الطويلة «آلهة القدر الشابة» التي كتبت له المجد بين يوم وليلة.
اتصل بعد الحرب الأولى بشعراء الحركة السيريالية، وانهالت عليه ألوان التكريم الشعبي والرسمي ابتداءً من سنة ١٩٢٧م، فانتخب عضوًا بالأكاديمية الفرنسية وشغل منصب الأستاذية لكرسي فن الشعر في المعهد العريق «الكولليج دي فرانس»، من سنة ١٩٣٨ إلى ١٩٤٥م أي السنة التي مات فيها وشيعت جنازته باحتفالٍ رسمي وشعبيٍّ مهيب.
من أعماله الشعرية
«آلهة القدر الشابة» (١٩١٧م)، «المقبرة البحرية» (١٩٢٠م)، «فتون» (١٩٢٢م). إلى جانب أعماله النثرية العديدة مثل: «المدخل إلى منهج ليوناردو دافنشي» (١٨٩٥م)، «أمسية مع المسيو تست» (١٨٩٦م) (وقد زاده ونقَّحه في كتابه المسيو تست ١٩٢٧م)، «ألوان» (في خمسة أجزاء ظهرت من ١٩٢٤ إلى ١٩٤٤م)، «فاوست كما أراه» (١٩٤٦م)، ورسائل عديدة نُشِرت بعد موته.
(١٨) ماكس جاكوب (١٨٧٦–١٩٤٤م)
ولد في كويمبير في مقاطعة بريتاني، وذهب إلى باريس حيث راح يرسم ويكتب. اتصل ببيكاسو وأبوللينير وكوكتو، كما انضمَّ بعد الحرب إلى جماعة السرياليين وعلى رأسهم بريتون.
أعلن إيمانه بالمسيحية ودخوله فيها في اليوم السابع من أكتوبر سنة ١٩٠٥م (ويروي عن نفسه أن السيد المسيح تجلَّى له في ثوبٍ أصفر على جدار غرفته). انتقل في سنة ١٩٢١ إلى سان-بنوا-سير-لوار المشهورة بدير البندكتيين. غير أنه لم يطل الإقامة بها، فسافر عدة سنوات في رحلاتٍ مختلفة حتى رجع أخيرًا إلى باريس.
عاد للإقامة في سان-بنوا-سير-لوار حيث عكف على تأملاته وكتابة قصائده الصوفية.
ألقى الألمان القبض عليه في سنة ١٩٤٤م ومات في نفس السنة في معسكر الاعتقال في درانسي.
من مجموعاته الشعرية
«المعمل الرئيسي» (١٩٢٠م)، «التائبون في الرداء الوردي» (١٩٢٥م)، و«قصائد مورفان لي جايليك» (١٩٥٣م).
(١٩) جيوم أبوللينير (١٨٨٠–١٩١٨م)
اسمه الحقيقي هوجيوم أبوللينير كوستروفتسكي، ولد في روما كابنٍ غير شرعي من أمٍّ بولندية وأبٍ إيطالي، واعترفت الأم وحدها به.
دخل المدرسة الثانوية في موناكو وكان، ثم جاء إلى باريس وعمره ثمانية عشر عامًا حيث عاش حياةً مضطربة. عمل في سنة ١٩٠١ مدرسًا في منطقة الراين. واتصل بمجموعة من الرسامين والشعراء من أمثال بيكاسو وبراك وروسو وماكس جاكوب، وشارك بدورٍ فعال في تجارب أقطاب الفن الحديث، كالتكعيبيين (الذين ألف عنهم كتابًا بعنوان رسامو التكعيبية ١٩١٣م) والمستقبليين، كما نشر مجموعة من قصائده ومقالاته النقدية في عدد من مجلات الطليعة. تطوع في الحرب العالمية الأولى، وكتب من الميدان رسائل حب إلى «لو» ثم إلى «مادلين» تؤلف جانبًا هامًّا من إنتاجه الشعري، جرح في اليوم السابع عشر من شهر مارس ١٩١٦م جرحًا خطيرًا في رأسه وأجريت له عملية «تربنة»، مات قبل إعلان الهدنة بيومين، وبعد زواجه من جاكلين كولب بزمنٍ قصير، متأثرًا بجرحه القديم وبالأنفلونزا الإسبانية. ظهر مقاله المشهور «الروح الجديدة والشعراء» في سنة ١٩١٨م في مجلة «مر كير دي فرانس» وكان له أثرٌ كبير على الشعر الحديث. من أهم مجموعاته الشعرية:
«الكحولات» (خمريات، ١٩١٣م)، «كالليجرام» (خطوط) (١٩١٨م)، و«يوجد» (١٩٢٥م)، و«قصائد إلى لو» (١٩٥٥م)، ويحتوي بعضها على قصائد تدين الحرب والتقاليد الروحية والأخلاقية السائدة في المجتمع.
يعد رائدًا للشعر الحديث في فرنسا، كما يعتبره السيرياليون ممهدًا لمدرستهم الأدبية.
(٢٠) جول سوبرفييي (١٨٨٤–١٩٦٠م)
ولد في مونتيفيد عاصمة أوروجواي. عرف اليتم في سن مبكرة، وراح يتنقل من قارة إلى قارة. دخل المدرسة الثانوية في باريس، وحصل في سنة ١٩٠٦م على درجة الليسانس في الأدب الإسباني. اتصل في سنة ١٩١٩م بأندريه جيد وبول فاليري وجماعة الأدباء في «المجلة الفرنسية الجديدة» والتقى بالشاعر الألماني رلكه الذي كتب إليه آخر رسائله. سافر في سنة ١٩٣٦م في صحبة هنري ميشو إلى أوروجواي، وعندما نشبت الحرب في سنة ١٩٣٩م رجع مرةً أخرى إلى هناك، ولم يعد إلى فرنسا إلا بعد انتهاء الحرب.
شارك في تحرير مجلة «فرنسا الحرة» ونشر مجموعة قصائده «قصائد فرنسا التعيسة» في سويسرا والأرجنتين.
عمل بعد الحرب ملحقًا ثقافيًّا في سفارة أوروجواي في باريس، وتلقى منذ سنة ١٩٤٦م حتى وفاته عددًا كبيرًا من الجوائز الأدبية من فرنسا وغيرها من البلاد.
دفن في أولورون-سانت-ماري. من أعماله: «جاذبيات» (١٩٢٥م)، «الأصدقاء المجهولون» (١٩٣٤م)، «خرافة العالم» (١٩٣٨م)، إلى جانب عددٍ كبير من القصص والمسرحيات.
(٢١) سان-جون بيرس (١٨٨٧م–؟)
من أعظم الشعراء المثقفين الذين تغنوا بالطبيعة الخالدة وقدموا إلى معبدها أغلى وأطهر قرابين الحب والإجلال والوفاء، وأشادوا بعظمة الإنسان وتاريخه المجيد في كل الأزمان وعند كل الشعوب، وراحوا — بصوت الأنبياء والملهمين القدماء — ينشدون جمال الأشياء الخالدة أمام عالمٍ محطَّمٍ خالٍ من النعمة والقداسة، في أسلوبٍ شديد الإحكام والكثافة والتعقيد.
اسمه الحقيقي هو ألكسيس ليجير. ولد في «جواد يلوب» إحدى جزر الأرخبيل الفرنسية (وهي الجزر الواقعة بين أمريكا الشمالية والجنوبية) وقضى طفولته وصباه الباكر بين الغابات والنباتات الاستوائية، وتوثَّقت صلته بالبحر حيث عاش على جزيرةٍ صغيرة كان يملكها أبواه (وهي جزيرة سان ليجير لوفيي).
اضطرت أسرته تحت وطأة أزمةٍ اقتصاديةٍ مدمرة إلى التخلي عن الجزيرة والعودة إلى فرنسا، وكان عمره إذ ذاك أحد عشر عامًا. دخل المدرسة الثانوية في «باو» ثم التحق بجامعة «بوردو» لدراسة الحقوق، وأتاحت له الجامعة كذلك أن يُشبع رغبته في الإلمام بالفلسفة اليونانية وعلم النفس المرضي. التحق قبل اشتعال الحرب العالمية الأولى بقليل بالسلك الدبلوماسي الفرنسي، وظل يعمل فيه من سنة ١٩١٤م حتى سنة ١٩٤٠م.
أرسل في سنة ١٩١٦م إلى بكين، كما اشترك بصفته خبيرًا سياسيًّا في المؤتمر الدولي الذي عقد سنة ١٩٢١م في واشنطون. وربما كانت خدمته الطويلة في السلك الدبلوماسي الفرنسي سببًا في امتناعه أو تحرجه من نشر إنتاجه، حتى إن القصيدة الوحيدة التي نشرت له في تلك الفترة، وهي قصيدة «أنا باز»، نشرها أصدقاؤه سنة ١٩٢٤م تحت اسمه المستعار الذي عرف به وبغير رغبته، ثم احتجب بعد ذلك عن الناس حوالي عشرين عامًا. أعفي في سنة ١٩٤٠م من منصبه بوزارة الخارجية بناءً على طلبه، وغادر فرنسا في ١٦ يونيو إلى إنجلترا ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية فلم يعد إلى بلاده إلا في سنة ١٩٥٩م. جردته حكومة فيشي — وهي الحكومة التي قامت في ظل الاحتلال الألماني — من الجنسية، وصادر الجستابو أملاكه في فرنسا، وكان من بينها أعمالٌ كثيرة لم يسبق نشرها. سعى له أصدقاؤه للحصول على وظيفة مستشار بمكتبة الكونجرس في واشنطون. أعيدت له حقوقه بعد تحرير بلاده، وحصل على جائزة نوبل للآداب في سنة ١٩٦٠م، وهو يقضي حياته منذ بضع سنوات ما بين أمريكا وجنوب فرنسا.
من أعماله الشعرية
«مدائح» (١٩١١م)، «أنا باز» (١٩٢٤م)، «منفى، تتلوها قصيدة للغريب، أمطار، سحب» (١٩٤٥م)، «رياح» (١٩٤٦م)، «كرونيك» (١٩٦٠م). ومما يجدر بالذكر أن الشاعر الإنجليزي الأشهر توماس إليوت قد ترجم ديوانه «أنا باز» إلى الإنجليزية، وفي هذا شهادةٌ أخرى على وحدة الشعر والشعراء المحدثين.
لا أعلم إن كان قد ترجم شيء من إنتاجه إلى العربية، ولكني أحب أن أُنبِّه القارئ إلى المقال القيِّم الذي كتبه عنه الدكتور أنور لوقا بعنوان «دنيا سان جون بيرس» وظهر في مجلة «المجلة»، العدد ٦٥، يونيو (حزيران) ١٩٦٢م.
(٢٢) بول إلوار (١٨٩٥–١٩٥٢م)
ولد في سان-دنيس؛ إحدى ضواحي باريس. كان أبوه موظفًا في مكتبة، وكانت أمه خياطة. اشترك في الحرب العالمية الأولى من سنة ١٩١٥م إلى سنة ١٩١٨م وأصيب بتسمم خطير من الغازات السامة. صدر له كتاب «الواجب والقلق» في سنة ١٩١٧م وعبر عن كراهيته للحرب وجمود المجتمع البرجوازي في «قصائد للسلام» (١٩١٨م)، وانضم بعد نهاية الحرب إلى جماعة الداديين والسيرياليين وشارك في حركتهما الأدبية مشاركةً فعالة. كتب في هذه المرحلة مجموعة من القصائد (الموت من عدم الموت ١٩٢٤م) التي تحمل سخطه على الظلم الاجتماعي وعدم الاكتراث بالشقاء الإنساني. سافر في سنة ١٩٢٤م في رحلة إلى شرق آسيا. أصدر مجموعة من الأشعار تتضمن أجمل قصائد الحب التي كتبها: «عاصمة الألم» (١٩٢٦م) و«الحب، الشعر» (١٩٢٩م)، واشترك في المؤتمر الدولي الثاني للكتاب الثوريين (١٩٣٠م) في خاركوف، ووصل إلى ذروة إنتاجه في كتاب «الحياة المباشرة» (١٩٣٢م) الذي يحتوي على بحثه الهام «نقد الشعر».
انتقل تحت تأثير الحرب الأهلية الإسبانية من التمرد الفردي إلى الإيمان بضرورة الكفاح المشترك (نوفمبر ١٩٣٦م، انتصار جويرنيكا، درس طبيعي) وقطع صلته نهائيًّا بالسيرياليين في سنة ١٩٣٨م. اشترك في الحرب العالمية الثانية (من سنة ١٩٣٩م إلى سنة ١٩٤٠م) التي عبر عن احتجاجه عليها في «الكتاب المفتوح ١٩٤٠م، ١٩٤٢م» كما اشترك في حركة المقاومة السرية للاحتلال الألماني لبلاده. انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي في سنة ١٩٤٢ وظل عضوًا فيه حتى وفاته في سنة ١٩٥٢م. أثرت قصائده التي كتبها في ظل الاحتلال على الشعب الفرنسي وأثبتت أن الشعر يستطيع أن يكون من أهم أسلحة التحرير، وبخاصة قصيدته المشهورة «الحرية» (وقد نشرت في مجموعته الشعر والحقيقة ١٩٤٢م) وسبع قصائد حب في الحرب (١٩٤٣م) وموعد مع الألمان (١٩٤٧م). اشترك بعد الحرب في حركة السلام العالمية (وجه السلام، ١٩٥١م). وعلى الرغم من صعوبة شعر إلوار وشدة تركيزه إلا أنه يعبر عن تعاطف وحب غير محدود للبشر، وحرص على سلامهم وسعادتهم التي كافح طوال حياته في سبيلها.
(٢٣) أندريه بريتون (١٨٩٦–١٩٦٧م)
ولد في سنة ١٨٩٦م في قرية تينشبري «بمقاطعة أورن». ظل من سنة ١٩٢١ إلى سنة ١٩٢٦م على صلةٍ وثيقة ببول فاليري.
بدأ دراسة الطب ولكنه قطعها بسبب الحرب. اكتشف فرويد، والتقى بجاك فاشيه الذي سماه «السخرية في شخص إنسان» في نانت سنة ١٩١٦م.
اتصل بالشاعر أبوللينير، وشارك مع زميلَيه أراجون وسوبو بدورٍ فعَّال في الحركة الأدبية المعروفة «بالدادية».
أسس سنة ١٩٢٤م في باريس «مكتبًا للأبحاث السيريالية»، كان يصدر دورية باسم «الثورة السيريالية». قام برحلاتٍ عديدة إلى جزر كاناريا والمكسيك (حيث التقى بالزعيم الشيوعي تروتسكي)، ولندن وبراغ… إلخ مرافقًا لمعارض الفن السيريالية.
هاجر في سنة ١٩٤١م إلى أمريكا وبقي هناك حتى سنة ١٩٤٦م. من أعماله: «المجالات المغنطيسية» (١٩٢٠م)، «بيان السيريالية» (المانيفستو المشهور) (١٩٢٤م)، «نادية» (١٩٢٨م)، «البيان الثاني للسيريالية» (١٩٣٠م)، «الحب المجنون» (١٩٣٧م)، «أركان ١٧» (١٩٤٥م)، «قصائد» (١٩٤٨م)، «أحاديث» (١٩٥٢م).
(٢٤) لوي أراجون (١٨٩٧م–؟)
ولد في باريس، ودرس الطب واشترك في الحرب العالمية الأولى من سنة ١٩١٦ إلى ١٩١٨م. انضم بعد انتهاء الحرب إلى جماعة «الدادا» التي أسسها تريستان تزارا في سويسرا سنة ١٩١٦م وكان من أعضائها أندريه بريتون وبول إلوار، ثم شارك بعد ذلك بدورٍ فعال في حركة السيريالية. أصدر من مجموعاته الشعرية في هذه الفترة «الحركة الدائمة» (١٩٢٥م) ورواية «فلاح باريس» (١٩٢٦م) وبحثه عن الأسلوب (١٩٢٨م). انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي في سنة ١٩٢٧م، وهو الآن عضو لجنته المركزية.
قطع صلته بالسيرياليين في سنة ١٩٣١م، وبخاصة بعد التقائه بزوجته إلزاتريوليه ابنة الشاعر الروسي الكبير ماياكوفسكي التي وجَّه إليها كل أشعار الحب التي كتبها، وتحت تأثير رحلاته المتكررة إلى الاتحاد السوفيتي. بدأ نشاطه السياسي في سنة ١٩٣٠م ضد الحرب والفاشية فاشترك في تحرير جريدة الشيوعيين المشهورة «الأومانيتية» (١٩٣٣-١٩٣٤م) وأصبح عضوًا في اتحاد الكتاب الثوريين، وانضم إلى هيئة تحرير جريدة «سي سوار» المسائية (١٩٣٧م). سجل إيمانه بالواقعية في رباعيته الروائية «العالم الواقعي» التي ظهرت أجزاؤها: «أجراس بازل» (١٩٣٣م)، و«أحياء الأغنياء» (١٩٣٦م)، و«مسافرو الطبقة العالية» (١٩٤٢م)، و«أرليان» (١٩٤٥م).
جند في سنة ١٩٣٩م، وحاز على جوائز عديدة عن خدماته في القسم الطبي للجيش الفرنسي. شارك من سنة ١٩٤٠م إلى سنة ١٩٤٤م في حركة المقاومة السرية للاحتلال الألماني لبلاده، وتنظيم جبهة الكتاب المكافحين للفاشية ورئاسة تحرير جريدته الأسبوعية «الآداب الفرنسية» التي ظل يرأس تحريرها حتى توقفت عن الصدور في العام الماضي، وبكتاباته الغزيرة وأشعاره التي ذاع معظمها على لسان الشعب وبخاصة في مجموعته «القلب الكسير» (١٩٤١م). واصل أراجون نشاطه السياسي بعد انتهاء الحرب وبخاصة في حركة السلام العالمية وحصل على جائزة لينين للسلام في سنة ١٩٥٧م. نشر بين سنتي ١٩٤٩ و١٩٥١م روايته الطويلة «الشيوعيون» في ستة أجزاء وهي تقدم صورةً تاريخية للأحداث التي جرت في فرنسا من فبراير ١٩٣٩م إلى يونيو ١٩٤٠م وأكملها «بالإنسان الشيوعي» في سنة ١٩٤٦م، كما أعلن سخطه على الحرب في الهند الصينية في كتابه «ابن شقيق المسيو دو فال» (١٩٥٥م). كتب قصة حياته في «الرواية التي لم تتم» (١٩٥٦م)، وأصدر مجموعةً كبيرة من الروايات والأبحاث والمجموعات الشعرية التي جعلت له مكانةً رفيعة في الأدب الفرنسي المعاصر.
(٢٥) هنري ميشو (١٨٩٩م–؟)
ولد في نامور من أبوَين بلجيكيَّين. بدأ في دراسة الطب ثم قطع دراسته. عمل بحارًا من سنة ١٩٢٠م وتعرف بعد عودته إلى بروكسل على شعر لوتريمو (١٨٤٦–١٨٧٠م) وبدأ يكتب أولى محاولاته الأدبية.
ذهب إلى باريس في سنة ١٩٢٤م ولم يعد إلى بلجيكا منذ ذلك الحين.
سافر إلى الأكوادور في سنة ١٩٢٩م وتجول في أمريكا الجنوبية ثم سافر في رحلةٍ طويلة زار فيها آسيا كلها وأثرت على إنتاجه الأدبي تأثيرًا كبيرًا. (بربري في آسيا ١٩٣٣م).
بدأ يرسم من سنة ١٩٣٧م (وقد بدأ يكتشف موهبته في الرسم وحبه للرسامين من أمثال كليه، وماكس أرنست، وكيريكو ابتداءً من سنة ١٩٢٥م).
يشغل نفسه منذ سنوات بوصف أحواله وتجاربه الغريبة مع المخدرات.
من أهم أعماله
«الشخص الذي كنته» (١٩٢٧م)، «ريشة ما» (١٩٣٠م)، «رحلة في جارا بانيا الكبرى» (١٩٣٦م)، «تجارب وتعاويذ» (١٩٤٥م)، «في مكانٍ آخر» (١٩٤٨م)، «معرفة عن طريق الهاوية» (١٩٦١م).
(٢٦) جاك بريفير (١٩٠٠م–؟)
ولد في نوبي-سين-سين. شاعر ومؤلف كتب أطفال وكاتبٌ سينمائي. اشتهرت قصائده وأغانيه التي جمعها في ديوانه «كلمات» (١٩٤٦م) في الأوساط الشعبية، وقد عبر في كثير منها عن وقوفه في صف الفقراء والمضطهدين، وتغنَّى بجمال الحياة وبهجتها. اشتهر شهرة عالمية بتأليفه السيناريو فيلم «أطفال الفردوس» (١٩٤٤م) الذي اشترك في تمثيله الفنان الكبير جان لوي بارو، وفيلم «ميناء الضباب» (١٩٣٨م)، و«عشاق فيرونا» (١٩٤٨م). ومن أعماله الأخرى: «الأسد الصغير» (١٩٤٧م)، و«رقصة الربيع الكبرى» (١٩٥١م).
رينيه شار (١٩٠٧م–؟)
ولد في إيل-سير-لا-سورج (مقاطعة أفينيون بفرنسا). كان لفترةٍ طويلة من حياته عضوًا في جماعة السيرياليين. اشترك في حركة المقاومة السرية للاحتلال الألماني.
قال عنه الكاتب المفكر الكبير ألبير كامي — وكان صديقه الحميم — إنه أعظم عبقرية ظهرت في الشعر المعاصر في فرنسا. يعيش في موطنه الأصلي.
من مجموعاته الشعرية
«مطرقة بلا سيد» (١٩٣٤م)، «غضب وسر» (١٩٤٨م).
(٢٧) شتيفان جئورجه (١٨٦٨–١٩٣٣م)
ولد في بودسهايم في مقاطعة هسن، ومات في مينوزيو بالقرب من لوكارنو. كان أبوه تاجر نبيذ وصاحب فندق. دخل المدرسة الثانوية في مدينة دار مشتات من سنة ١٨٨١م إلى سنة ١٨٨٨م. لم تضطره الحياة إلى اختيار مهنةٍ معينة؛ فأتاح له هذا أن يقوم برحلاتٍ عديدة في أنحاء أوروبا (سويسرا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا وإنجلترا والدنمارك) وألا يرتبط بموطنٍ ثابت. درس الفلسفة وتاريخ الفن وعلم اللغة في باريس وميونيخ وبرلين وفيينا. اتصل في ربيع سنة ١٨٨٨م بحلقة الأدباء والفنانين الذين التفوا حول الشاعر الفرنسي الكبير مالارميه. كما تعرف على الشاعر فيرلين والمثَّال رودان، وانضم إلى جماعة الرمزيين.
سافر من أغسطس إلى سبتمبر سنة ١٨٨٩م إلى إسبانيا، وعقد صداقةً قصيرة في ديسمبر ١٨٩١م مع الشاعر النمسوي الكبير هوفمنستال. تعرف في بلجيكا على مجموعة من الأدباء والشعراء منهم فيرفي وإميل فيرهيرن وفان ليبرج والتقى في إنجلترا بمجموعة الأدباء والرسامين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم السابقين على رافائيل ومن بينهم سوينبيرن ودوسون.
بدأ يعيش منذ سنة ١٩٠٠م حياةً منظمةً صارمة، قضى معظمها في ألمانيا، وبالأخص في ميونيخ وبحر الشمال وجبال الألب، وبرلين وهيدلبرج. التقى في سنة ١٩٠٣م في مدينة ميونيخ بماكسميليان كرونبرجر، وهو صبي كان يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا (مات سنة ١٩٠٤م) فكان ذلك بداية تجربةٍ دينية وعاطفيةٍ شاذة أثرت على شخصية وإنتاج الشاعر الذي رأى في هذا الشاب الرائع تجسيدًا للجمال الإلهي.
أسس في سنة ١٨٩٢م مجلة «صحائف الفن» بالاشتراك مع س. أ. كلاين وجمع حوله طائفةً من صفوة العلماء والشعراء والفنانين يربط بينهم نوع من التقدير لشخص الشاعر بلغ حد التقديس والعبادة، كما يجمع بينهم الشذوذ الجنسي والنرجسية المفرطة، ومن بين هؤلاء الأدباء والعلماء أسماء اشتهرت بعد ذلك شهرةً كبيرة (مثل الفيلسوفَين زيمل وكلاجيس، والنقاد كوميريل وجوندولف وسالين).
وفي سنة ١٩٣٣م هاجر جئورجه إلى سويسرا احتجاجًا على النازيين الذين أساءوا تفسير شعره وحاولوا أن يستغلوه لصالحهم.
يعد جئورجه رأس الحركة الرومانتيكية الجديدة في ألمانيا. وقد جمع بين الشعور الأرستقراطي بالحياة وإرادة البطولة والعظمة وبين لون من عبادة الجمال متأثرًا بالأدب الكلاسيكي القديم وأدب عصر النهضة، ورأي في الفن من أجل الفن يؤمن برسالة الشاعر الإلهية ويبعده عن العالم كما يبعده عن شتى العواطف والانفعالات المتطرفة. وقد تميز جئورجه بطريقةٍ جديدة في الكتابة تستغني عن التنقيط كما تسقط رسم الحروف الكبيرة التي اعتاد الألمان أن يبدءوا بها الأسماء وأوائل الجمل.
تمثل السنوات الخمس من ١٨٩٠م إلى ١٨٩٥م «مرحلة الشكل» في حياة الشاعر، فقد اهتم باختيار الكلمة النبيلة وإحكام الشكل ودقة الوزن ومعاداة كل ما هو تقليدي أو صارخ أو وضيع أو حوشي مما جاءت به النزعة الطبيعية في الأدب. ولذلك فقد كان من البديهي أن تتوثق صلته بالمدرسة الرمزية الفرنسية، وأن يصبح من أكبر المنادين «بالفن للفن» المجرد عن كل هدفٍ أخلاقي أو اجتماعي.
ولغة جئورجه لغةٌ محسوبةٌ مختارة تغلب عليها نغمة الاحتفال إلى حد التصلب والجمود، وصوره نبيلةٌ غنية بالمؤثرات الموسيقية والتعبيرات الشعورية، وإن كانت تجربة الشكل عنده تطغى على التجربة النفسية الأصيلة التي يفرغها في أبياتٍ منسقةٍ منحوتة باردة كالبللور.
مر بفترة من الاكتئاب والوحدة (من سنة ١٨٩٧–١٨٩٩م) انتقل بعدها إلى مرحلة كلاسيكية (١٩٠٣م وما بعدها). وكان لتجربته الغريبة مع ذلك الفتى ماكس دورٌ كبير فيها، فقد غادر الشاعر برجه العاجي واستغرق في تأملاتٍ ميتافيزيقية وصوفية وراح يدعو إلى عقيدةٍ تربوية جديدة وأخلاق قائمة على المثل الأعلى في الجمال وينصب نفسه قاضيًا يدين فوضى العصر ووحشيته. وأثر هذا على الأسلوب والشكل في شعره فصار أكثر تحررًا وبساطة وصدقًا. وحاول الشاعر في أواخر حياته أن يوثق صلته بالرأي العام ويحقق في نفسه ذلك المثل الأعلى للشاعر القديم الذي كان يعدُّ نفسه رسولًا وقائدًا وعرافًا يتنبأ بالغيب ويبشر بمستقبلٍ جديد ومملكةٍ روحية جديدة؛ الأمر الذي أغرى النازيين بمحاولة استغلاله والزعم بأن رؤيا الشاعر قد تحققت في دولة الرايخ الثالث. هذا ويذكر لجئورجه تأثيره الكبير على الحياة العقلية في ألمانيا في الفترة من ١٩١٤م إلى ١٩٣٣م وتأسيسه لمدرسةٍ شعرية كانت في حقيقتها دعوةً إلى عبادة الفن والتضحية بكل شيء من أجله، كما تذكر له ترجماته القيمة عن الرمزيين الفرنسيين وجماعة الأدباء الإنجليز السابقين على رافائيل وشيكسبير ودانتي.
من أعماله
«أناشيد» (١٨٩٠م)، «حج» (١٨٩١م)، «الجابال» (١٨٩٢م)، «كتب قصائد الرعاة ومدائح الخرافات والأغاني والحدائق المعلقة» (١٨٩٥م)، «بساط الحياة» (١٩٠٠م)، «أعمال وأيام» (١٩٠٣م)، «ماكسيميليان، كتاب تذكاري» (١٩٠٧م)، «الخاتم السابع» (١٩٠٧م)، «نجم الاتحاد» (١٩١٤م)، «المملكة الجديدة» (١٩٢٨م).
(٢٨) رينيه ماريا رلكه (١٨٧٥–١٩٢٦م)
ولد في مدينة براغ ومات في فال مونت (بالقرب من مدينة مونتريه في سويسرا) ينحدر من ناحية أبيه (الذي كان موظفًا بالجيش ثم بالسكك الحديدية) من عائلة من المزارعين في شمال بوهيميا، ومن ناحية أمه من عائلةٍ برجوازية في مدينة براغ. عرف في صباه بالحساسية المفرطة التي صاحبته في إنتاجه الأدبي ووصلت في معظم الأحيان إلى حد المرض. دخل معهد التربية العسكرية في سان بولتن من سنة ١٨٩١م إلى سنة ١٨٩٢م ليتخرج ضابطًا ولكنه أُخرج منه بعد أن عرف عنه انطواؤه الشديد وعدم صلاحيته للحياة العامة.
دخل بعد ذلك الأكاديمية التجارية في «لنز» ثم درس الفن وتاريخ الأدب في براغ من سنة ١٨٩٧م إلى سنة ١٨٩٩م. وقرر — بعد رحلة إلى ميونيخ وبرلين — أن يتفرغ للشعر. قام برحلات إلى إيطاليا وروسيا (التي سجَّل انطباعاته عنها في مجموعته الشعرية كتاب الساعات ١٩٠٥م) وهناك التقى بتولوستوي وتأثر بالطبيعة وبالروح الصوفية المتديِّنة عند الشعب الروسي.
أقام في سنة ١٩٠٠م في فوربسفيده وتزوج من المثَّالة كلارا فستهوف ولكنه لم يلبث أن افترق عنها ورحل إلى باريس وإيطاليا والدنمارك والسويد.
عاش منذ سنة ١٩٠٥م في باريس وهناك تعرف على المثال الفرنسي الشهير «رودان» وعمل سكرتيرًا خاصًّا له لمدة ثمانية شهور كان لها تأثيرها الكبير عليه. كتب في باريس روايته الشهيرة «مذكرات مالت لوريد زبرجه» التي يسجل فيها بأسلوبٍ شاعري رائع خواطره النفسية البالغة الحساسية على لسان شاعر دنماركي.
عاد إلى حياة التجوال بعد أزمةٍ نفسية حادة فسافر في سنة ١٩١٠ / ١٩١١م إلى شمال أفريقيا ومصر وإسبانيا. أقام في سنة ١٩١١ / ١٩١٢م في قصر دوينو (بالقرب من مدينة تريستا) ضيفًا على الأميرة ماري تورن وتاكسيس، وهناك كتب مراثيه المشهورة التي تجد أولاها في هذا الكتاب، وتعبر عن تجاربه الفلسفية والصوفية في لغةٍ عسيرةٍ غامضة. أقام في أثناء الحرب العالمية الأولى في ميونيخ وعمل فترة في أرشيف الحرب في فيينا ثم أعفي من الخدمة لسوء صحته. أخذ يتنقل بعد انتهاء الحرب من قصر إلى قصر بدعوة من الأمراء والنبلاء في سويسرا حتى مات متأثرًا بمرض اللويكامية (تزايد كريات الدم البيضاء) ودفن في رارون بسويسرا.
يعد رلكه من أكبر الشعراء الأوروبيين في النصف الأول من القرن العشرين وأعظمهم أثرًا على حركة الشعر الجديد. وهو من القليلين الذين استطاعوا أن يفتحوا آفاقًا جديدة للتعبير الشعري ويقربوه من تلك الحدود التي تعجز فيها اللغة عن كل تعبير. تأثر شعره بالجو الضبابي الغامض الذي أحاط بشبابه الباكر في براغ وبتجربته في روسيا وانطباعه بأخلاق الشعب الروسي وطبيعة أرضه الشاسعة غير المحدودة، كما تأثر بالمدرسة الرمزية الفرنسية التي اتصل بروادها صلةً وثيقة، كما أخذ عن الفنون التشكيلية دقة الشكل وإحكام الصياغة وبخاصة بعد تعرفه على المثال الكبير رودان.
بدأ كتابته للشعر في صياغةٍ دقيقة على أسلوب مدرسة الانحلال في نهاية القرن التاسع عشر في أوروبا (فان-دو-سييكل) بكل ما فيها من تشاؤم وعذاب وشغف بتصوير الأحوال النفسية المعقدة الشاذة، وبلغ ذروة هذه المرحلة في قصته الشعرية «حب وموت كورنيه كرستوف رلكه». ثم وصل في «كتاب الساعات» إلى قمةٍ شعريةٍ أخرى تميزت بجوها الرومانتيكي الجديد الغني بالصور والألحان الحالمة.
ولكنه استطاع — تحت تأثير رودان — أن يتخلص في كتاب «الساعات» (١٩٠٥م) من العاطفية المائعة الفضفاضة ويتَّجه إلى تصوير عالم الأشياء في صيغٍ موضوعيةٍ دقيقة، ويبتعد عن الأحزان الدائرة حول «الأنا» المعذبة ليترك الأشياء نفسها تعبر عن ماهيتها.
وأصابته أزمةٌ نفسيةٌ شديدة جعلته يتجه إلى قراءة أب الوجودية (كيركجارد) ويتخلى عن نظرته الكونية التي كانت تفيض حتى ذلك الحين بالاطمئنان إلى وجود الله والثقة فيه (وقد عبر عن ذلك في روايته السابقة مالته برجه) فاتَّجه إلى كتابة شعرٍ فكري يتميز بالجسارة والقوة والتحرر في الشكل والوزن، ويحلق إلى آفاقٍ أسطوريةٍ نائية، ويتسم في معظمه بالغموض والوحشة، وقد تمثل ذلك في «مراثي دوينو» التي سبق ذكرها، وفي أناشيد أورفيوس أو بالأحرى «سوناتات إلى أورفيوس» التي تعد قمة إنتاجه الشعري كله.
هذا وقد فشلت كل محاولات رلكه المسرحية في أثناء حياته وإن كان قد قام بعدة ترجماتٍ قيمة عن اللغات الفرنسية والإيطالية والإنجليزية تؤكد كلها وحدة الشعر والشعراء في مطالع هذا القرن (عن مالارميه، وفاليري، وأندريه جيد، وإليزابيث براوننج وميكيل أنجلو) كما ألَّف هو نفسه بعض القصائد باللغة الفرنسية.
(٢٩) هرمان هسه (١٨٧٧–١٩٦٢م)
اسمه الحقيقي هو إميل سينكلير. ولد في كالف (مقاطعة فيرتمبورج) ومات في مونتانيولا (بالقرب من لوجانو بسويسرا). كان أبوه واعظًا من المبشرين المسيحيين وكانت أمه ابنة أحد المبشرين في الهند. دخل في خريف سنة ١٨٩١ معهد مارلبرون البروتستنتي ليدرس اللاهوت تحقيقًا لرغبة والدَيه، ولكنه هرب منه في ربيع سنة ١٨٩٢م، ثم تقلَّب بعد ذلك في مهنٍ عديدة كبيع الكتب وصناعة الساعات والحرف اليدوية، وراح يبحث عن نفسه سنواتٍ طويلة سجل ذكرياتها في قصته «تحت العجلة (١٩٠٦م)» التي قرر بعد نجاحها أن يتفرغ للأدب وأقام في منطقة «البودن زيه» في جنوب ألمانيا. ضاق صدره بالمدنية الغربية فقام برحلة إلى الهند سنة ١٩١١م ليكتشف عالم الشرق الأقصى وكان لهذه الرحلة أثرٌ كبير على إنتاجه.
ساعد في أثناء الحرب العالمية في أعمال التمريض بالصليب الأحمر والعناية بأسرى الحرب في «برن» بسويسرا. أقام في مونتانيولا بالقرب من بحيرة لوجانو وحصل على الجنسية السويسرية في سنة ١٩٢٣م، كما حصل على جائزة نوبل للآداب في عام ١٩٤٦م عن روايته الكبرى «لعبة الكريات الزجاجية» (١٩٤٣م).
يعد من أهم ممثلي الأدب التقليدي في ألمانيا سواء في الشعر أو في القصة الذين تمتعوا بشهرةٍ كبيرة في النصف الأول من هذا القرن. تأثر بالرومانتيكية الألمانية تأثرًا كبيرًا ظهر في كتاباته الروائية التي تفيض بروحٍ شاعرية وإنسانية تؤمن بالسلام والإخوة بين البشر. ومعظم رواياته تسجل ذكريات شبابه والأزمات العديدة التي عاناها كشاعرٍ حساس يعيش في مجتمعٍ قاسٍ غبي لا يفهمه، كما تدور حول الصراع بين الروح والحس أو بين العقل والعاطفة وتحاول عن طريق الشخصيات العديدة التي تجسدها أن تصل إلى التجانس والوحدة. وهي شخصيات تجمع بين الفنانين والمتشردين الهائمين على وجوههم الذين يتغنون بحب الطبيعة ويعبرون عن حنينهم إلى الاطمئنان الروحي في نسيجٍ صاف يجمع بين الأحلام والخرافات وحكمة الهند.
اتسع أفقه على أثر المحن التي هزَّت كيانه في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وكشفت له عن أزمة الروح الغربية بوجهٍ عام، فاتجه أسلوبه إلى مزيد من الموضوعية، وراح يقابل بين شخصية الإنسان «الأخلاقي» والإنسان «الجمالي» وبين المفكر والفنان وبخاصة في روايته «نارسيس وجولدموند» التي تعد آية في جمال الأسلوب، وإن كان يعيبها الإفراط في العاطفية. وتعدُّ روايته التي سبق ذكرها «لعبة الكريات الزجاجية» قمة أعماله؛ فقد حاول فيها تحقيق المثل الأعلى الذي يؤلف بين الفن والعلوم الطبيعية والإنسانية في وحدةٍ روحيةٍ شاملة تجمع بين حكمة الشرق وتقدم الغرب، ومن حسن الحظ أن القارئ العربي يستطيع أن يطلع عليها في ترجمة الدكتور مصطفى ماهر (صدرت عن دار الكاتب العربي بالقاهرة).
يتميز شعره بلغته البسيطة النقية وموسيقاه الهادئة وقربه من الأغنية الشعبية الصادقة العميقة، وإن لم يكن من ممثلي الشعر الجديد بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة؛ إذ يعده النقاد من الرومانتيكيين الجدد ذوي النزعة الإنسانية التي كان لها بالطبع أثرها الكبير على الجيل الجديد.
من أعماله الشعرية
«أغنيات رومانتيكية» (١٨٩٩م)، «قصائد» (١٩٠٢م)، «في الطريق» (١٩١١م)، «موسيقى الوحيد» (١٩١٥م)، «قصائد رسام» (١٩٢٠م) (كان الشاعر يقوم بالرسم ويصور أعماله بنفسه)، «إيطاليا» (١٩٢٣م)، «عزاء الليل» (١٩٢٩م)، «قصائد جديدة» (١٩٣٧م).
(٣٠) هانز كاروسا (١٨٧٨–١٩٥٦م)
ولد في باد تولز (في بافاريا العليا) ومات في ريتشتايج (بالقرب من مدينة باساو). كان أبوه طبيبًا بالأرياف درس الطب في ميونيخ وفيزتز بورج وليبزج، واشتغل به في مدينتي باساو ونورمبرج إلى أن استقر منذ سنة ١٩١٤م في ميونيخ.
التحق بإحدى الفرق الحربية كطبيبٍ عسكري في خلال الحرب العالمية الأولى. ويعد كاروسا — الذي تختلف الآراء حول شخصيته ومواقفه الفكرية والسياسية من النازية أشد الاختلاف — ممثلًا عظيمًا لأفضل ما في التراث الغربي من قيمٍ فنية وإنسانية. فهو في أشعاره وكتاباته الروائية — ومعظمها يدور حول ذكريات طفولته وشبابه — يحافظ على الاعتدال والشكل الكلاسيكي ويبتعد عن كل البدع و«المودات الأدبية». أما من ناحية المضمون فقد تأثر في بداية حياته بالشاعرَين الكبيرَين جئورجه ورلكه ثم بالشاعر الأكبر جوته والروائي اشتيفتر. يتميز أسلوبه بالبساطة والاتزان والوضوح الشديد الذي يعبر عن فكرٍ نقيٍّ ناضجٍ منظم. إن الأدب في رأيه والشعر بوجهٍ خاص هو نوع من الكشف عن الحكمة والنظام الإلهي وسط الفوضى الظاهرة في الحياة. وكثيرًا ما يعبر كاروسا في كتاباته عن إجلاله لأسرار الحياة واحترامه لشقيقه الإنسان وشعوره التقي بآثار العناية الإلهية في كل مظاهر الكون. تتميز شاعريته بالعمق والتمكن من الشكل والإنسانية الحقة، وهو من الكتَّاب القليلين الذين يملكون القدرة على تحويل التجربة الذاتية إلى رمزٍ شاعريٍّ صاف يفيض بالتأمل العميق الذي ينبع من نفس أنضجها الزمن، ويتجاوز حياة الفرد ليصبح تجربةً كونيةً عامة.
وتعبر ذكريات حياته عن المتاعب النفسية التي عاناها في ظل النظام النازي، وكيف استطاع أن يخلق لنفسه ولغيره جزيرةً آمنة هادئة من التأمل والصفاء النفسي وسط عواصف العصر الوحشي المضطرب؛ الأمر الذي جعل البعض يمتدحه من أجله كمظهر لصدقه وأمانته على التراث الروحي لبلاده، كما جعل البعض الآخر يلومه على انعزاله وإيثاره الصمت في وقت كان يتطلب منه الشجاعة الكافية لإدانة الوحش الفاشي.
من أعماله الشعرية
«قصائد» (١٩١٠م)، «الهروب» (١٩١٦م)، «عيد الفصح» (١٩٢٠م)، «قصائد» (١٩٣٢م). ومن أهم أعماله الروائية:
«طفولة (ذكريات)» (١٩٢٢م)، «الطبيب جيون» (١٩٣١م)، «أسرار الحياة الناضجة» (١٩٣٦م)، «سنة الأوهام الجميلة (ذكريات)» (١٩٤١م).
(٣١) جوتفريد بن (١٨٨٦–١٩٥٦م)
ولد في مانسفلد (منطقة فستبريجنتس) ومات في برلين. كان أبوه قسيسًا. درس الأدب واللاهوت في جامعة ماربورج ثم تحول إلى دراسة الطب في برلين، وعمل طبيبًا عسكريًّا في الحربَين العالميتَين، ثم مارس علاج الأمراض الجلدية والتناسلية منذ سنة ١٩١٨م في برلين.
رحب بالنظام النازي في بدايته، واعتقد أنه سيخلص العالم الغربي من العدمية والانحلال والركود الروحي، فلما اكتشف خطأه الرهيب لزم الصمت ابتداءً من سنة ١٩٣٦م، وطرده النظام أيضًا من اتحاد كتابه وشهَّر بأعماله «المنحلة».
عاد إلى النشر منذ سنة ١٩٤٨م فكتب القصيدة والمقالة والمسرحية والقصة، وتميز بأسلوبه الغريب الذي يزخر بالمصطلحات العلمية والطبية والفلسفية، ونظرته العدمية الصريحة، واهتمامه البالغ بالشكل، وتأثيره الحاسم على الجيل الجديد من الشعراء والمثقفين.
بدا متأثرًا بالمدرسة التعبيرية، وراح يسجل بأسلوبٍ تهكميٍّ بارد ولغةٍ قويةٍ متفجرة مشاهد المرض والفساد في الحضارة الغربية الحديثة، ويكشف بمبضع الجراح وموضوعية العالم الطبيعي مظاهر الانهيار المختفية وراء قناع المجتمع. ومع ذلك فإن شغفه بهذه الصور الوحشية المفزعة ينطوي على حنينٍ رومانتيكي إلى البراءة والنقاء، ولغته مليئة بالصور القوية الموحية التي يرصُّها إلى جانب بعضها البعض على طريقة المونتاج في الأفلام السينمائية.
استطاع في أواخر حياته أن يتغلب على نزعته العدمية الصارخة وأسلوبه المتهكم المرير عن طريق الكلمة الساحرة والشكل الكامل.
يتميز إنتاجه القصصي الشحيح بالتركيز التام، وكراهية الأيديولوجيات، والنزعة الفلسفية الذاتية. يمكن أن يوصف شعره بأنه «شعرٌ ذهني» يميل إلى التشاؤم ويتنبأ بانهيار الجنس الأبيض، وإنتاجه الذي يجمع بين العلم والفن يدعو إلى ما يسميه النقاد «بالعدمية الخلاقة»، التي تحاول عن طريق الشكل الفني أن تجد معنًى لعالم خالٍ في رأيه من المعنى ومن العناية الإلهية.
من أعماله الأدبية
«مشرحة» (قصائد) (١٩١٢م)، «أبناء» (قصائد) (١٩١٣م)، «أمخاخ» (قصص) (١٩١٦م)، «لحم» (قصائد) (١٩١٧م)، «مرحلة، إيتاكا» (مسرحيتان) (١٩١٩م)، «الأنا الحديثة» (مقال) (١٩١٩م)، «أنقاض» (قصائد) (١٩٢٤م)، «صدع» (قصائد) (١٩٢٥م)، «الذي لا يتوقف» (أورتاريوم لحنه الموسيقي هندميت) (١٩٣١م)، «بعد العدمية» (مقال) (١٩٣٢م)، «الدولة الحديثة والمثقفون، الفن والقوة» (مقالان) (١٩٣٣، ١٩٣٤م)، «قصائد استاتيكية (ساكنة)» (١٩٤٨م)، «طوفان السكر» (قصائد) (١٩٤٩م)، «مشكلات الشعر» (مقال) (١٩٥١م)، «الصوت خلف الستار» (تمثيلية إذاعية) (١٩٥٢م)، «خاتمة موسيقية» (قصائد) (١٩٥٣م).
(٣٢) يوهانس بشر (١٨٩١–١٩٥٨م)
ولد في مدينة ميونيخ ومات في برلين الشرقية. كان أبوه قاضيًا. درس الطب والفلسفة في ميونيخ ويينا وبرلين. انضم في سنة ١٩١٧م إلى حزب الديمقراطيين الاشتراكيين المستقل، ثم دخل الحزب الشيوعي الألماني في سنة ١٩١٨م. زار الاتحاد السوفيتي في سنة ١٩٢٧م، وهاجر إليه في سنة ١٩٣٣م على أثر استيلاء النازيين على السلطة، وهناك رأس تحرير مجلتَين ألمانيتَين كانتا تظهران في الاتحاد السوفيتي وهما «الأدب العالمي» و«صحائف ألمانية».
رجع إلى بلاده في سنة ١٩٤٥م حيث رأس اتحاد المثقفين للتجديد الديمقراطي لألمانيا، كما انتخب في سنة ١٩٥٣م رئيسًا لأكاديمية الفنون، وعُيِّن في سنة ١٩٥٤م حتى وفاته وزيرًا للثقافة في حكومة ألمانيا الشرقية.
يعد بشر الممثل الصريح للواقعية الاشتراكية في الأدب الألماني الحديث. وهو شاعر وروائي وكاتبٌ مسرحي وكاتب مقال. بدأ حياته الأدبية كواحد من أكبر ممثلي النزعة التعبيرية، وراح بلغته القوية المؤثرة يوجه الاتهام إلى عصره ويبشر بالأخوَّة العالمية والخلاص على أيدي الطبقة العاملة. أسهم في تحطيم التركيب اللغوي التقليدي، كرمز لانهيار العالم البرجوازي، وتميز بلغته المتدفقة وصيغه المتقنة، وشغفه بالصور الصارخة عند تصويره لحياة المدينة الكبيرة.
اشتهر عددٌ كبير من أناشيده التي يتغنى فيها بالثورة الاشتراكية وزعمائها، وذاعت على ألسنة الجماهير. اتجه في أثناء إقامته في المهجر الى البساطة الشعبية التقليدية، وإن كان حرصه على النزعة التعليمية وإثارة الجماهير وإكثاره من قصائد المناسبات الهادفة قد أوقعه في سخفٍ خطابيٍّ كثير، ونزل به في بعض الأحيان عن المستوى الفني اللائق. ومع ذلك فقد يغفر له سقطاته الفنية العديدة أنه ظل يتغنَّى في شعره بالأخوة البشرية ويكافح من أجل مستقبلٍ عادل لا ظلم فيه ولا استغلال.
من أعماله الشعرية
«المكافح» (١٩١١م)، «إلى أوروبا» (١٩١٦م)، «أخوة» (١٩١٦م)، «نشيد ضد العصر» (١٩١٨م)، «الموكب المقدس» (١٩١٨م)، «قصائد الشعب» (١٩١٩م)، «إلى الجميع» (١٩١٩م)، «تمرد إلى الأبد» (١٩٢٠م)، «أنغام الآلات» (١٩٢٦م)، «رقص الموتى الألماني» (١٩٣٣م)، «ألمانيا» (١٩٣٤م) (ملحمة) «الباحث عن السعادة والأعباء السبعة» (١٩٣٨م)، «العودة للوطن» (١٩٤٦م)، «شعب يتعثر في الظلام» (١٩٤٨م)، «النشيد الوطني» (١٩٤٩م)، «نجوم بريق لا محدود» (١٩٥١م)، «الوطن الألماني الجميل» (١٩٥٢م)، «سوناتا ألمانية» (١٩٥٢م)، «حب بلا راحة» (١٩٥٧م).
(٣٣) أرنست بنسولت (١٨٩٢–١٩٥٥م)
ولد في مدينة أرلانجن، ومات في ميونيخ.
كان أبوه أستاذًا جامعيًّا. درس في أكاديمية الفنون في مدينتي فيمار وكاسيل، وتفرغ للنحت والكتابة في حي الفنانين بميونيخ (شفابنج).
اشتغل بالتمريض في خلال الحربَين العالميتَين. عين في سنة ١٩٥٣م مستشارًا لمسرح «الرزيدنس» في ميونيخ. كتب، الشعر والمسرحية والقصة والرواية وتميز بأسلوبه الرقيق الشفاف الذي يفيض باللطف والرشاقة والدعابة ويدل على تمكن من الشكل وخصوبة في الخيال وروحٍ عامرة بالطيبة والحكمة والذكاء.
تأثر بالأديب الألماني جان باول كما تأثر بديكنز ومونتني ولشتنبرج وبلاتن.
من مجموعاته الشعرية
«الرفيق» (١٩٢٢م)، «اثنتا عشرة قصيدة» (١٩٣٧م)، أمَّا رواياته فمن أشهرها: «أدولينو»، «سكويرل»، رواية «البطاطس»، «دودة الأرض الصغيرة»، «القزم»، «شاتر تون المسكين».
(٣٤) برتولت برخت (برشت) (١٨٩٨–١٩٥٦م)
ولد في مدينة أوجسبورج بالغابة السوداء في جنوب ألمانيا، ومات في برلين الشرقية. نشأ في أسرةٍ غنية وكان أبوه صاحب مصنع للورق. درس الطب والعلوم الطبيعية في ميونيخ في سنة ١٩١٧م وعمل في سنة ١٩١٨م في أحد المستشفيات العسكرية المتنقلة، فأثرت تجارب الحرب المفزعة على إنتاجه. ترك دراسة الطب وعمل في أحد مسارح ميونيخ.
انتقل في سنة ١٩٢٤م إلى برلين وعمل فترة مع المخرج المسرحي الشهير ماكس رينهارت في المسرح الألماني. بدأ في دراسة الماركسية في سنة ١٩٢٨م في مدرسة العمال ببرلين. فرَّ من بلاده بعد استيلاء النازيين على السلطة إلى براغ ومنها إلى فيينا ثم إلى الدنمارك عن طريق سويسرا وفرنسا.
اشترك من سنة ١٩٣٦م إلى سنة ١٩٣٩م في تحرير مجلة «الكلمة» التي كانت تصدر بالألمانية في الاتحاد السوفيتي بالاشتراك مع الكاتبَين ليون فويشتفنجر وفيلي بريدل، كما كتب قصائد لراديو ألمانيا الحرة يسخر فيها من الفاشية. هاجر في سنة ١٩٤٠م إلى فنلندا ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق موسكو. وصل في سنة ١٩٤٧م إلى زيورخ ومنها إلى برلين الشرقية حيث أسَّس فرقته المسرحية الشهيرة، «برلينر انسمبل» التي تخصصت في عرض إنتاجه المسرحي.
يعد من أكبر الشعراء وكتاب المسرح في القرن العشرين الذين التزموا بالواقعية ودعوا إلى تغيير المجتمع البرجوازي عن طريق الثورة الاشتراكية. وترجع أهميته في الشعر الحديث إلى سخريته المُرة من الصيغ والأشكال التقليدية السائدة في الشعر والمجتمع على السواء.
عرف بنظرياته في المسرح الملحمي — الذي لم يكن أول المنادين به، وإن كان من أكبر مؤسِّسيه والداعين إليه كبديل للمسرح التقليدي أو الأرسطي — وهو مسرح لا يهتم بتسلية المتفرج بل بإشراكه في الأحداث التي تروى أمامه على خشبة المسرح وحثه على اتخاذ موقفٍ إيجابي يدفعه إلى تغييرها والثورة عليها؛ فهو مسرح الحجة لا الإيحاء، والموقف لا العاطفة؛ ولذلك فهو يستعين بما يسميه «أثر الإغراب» عن طريق استخدام الكورس والأغاني والأقنعة والحديث المباشر إلى الجمهور ومطالبته باستمرار أن يفتح عينَيه ويفكر ولا يستسلم للأوهام أو يندمج في الأحداث المعروضة عليه. وقد بدأ برخت حياته الأدبية متأثرًا بالمدرسة التعبيرية التي سادت في العشرينيات من هذا القرن وغلبت النزعة العدمية والفوضوية على إنتاجه في هذه الفترة. ثم لم يلبث أن انتقل إلى أسلوبٍ موضوعيٍّ متطرف يجمع بين السخرية اللاذعة والنقد الاجتماعي المؤلم وبين العاطفة والكآبة والتهكم. كتب المسرحيات التعليمية التي تدعو صراحة إلى الثورة الماركسية ثم مال في إنتاجه المتأخر إلى نوع من المسرحيات «التأليفية» التي تحاول البحث عن الطريق الصحيح بعيدًا عن المذاهب والنزعات المتزمِّتة، وفي سبيل ذلك اختار مادته من مختلف الآداب العالمية واقتبس كثيرًا ولم يتورع عن السرقة الأدبية في بعض الأحيان!
يتميز شعره بالتركيز والإيجاز واللهجة التعليمية التي تستخدم لغةً حادةً جارحة وتجمع بين المفارقات الغريبة والشفقة الغامرة على الإنسان المعذَّب في المجتمع وفي الكون على السواء، وهو يؤثر الأغاني والقصص الغنائية الشعبية (البالاد) والحكم الموجزة (الأبيجرام) (راجع أيضًا لكاتب السطور: قصائد من برخت، مع دراسة لشعره وحياته، دار الكاتب العربي ١٩٦٧م بالقاهرة).
من أعماله الشعرية
«تبتلات البيت» (١٩٢٧م)، «مائة قصيدة» (١٩٥١م)، «قصائد وأغانٍ» (١٩٥٦م)، «أغنيات وأناشيد» (١٩٥٧م) (وقد بدأ الناشر زور كامب في مدينة فرانكفورت في نشر مجموعة أشعاره مع منتخبات من القصائد والأغاني المتناثرة في مسرحياته وأوبراته، وقد ظهر منها خمسة مجلدات حتى الآن).
(٣٥) أريش كستنر (١٨٩٩م–؟)
اسمه الحقيقي هو روبرت نوينر. ولد في مدينة درسدن. اشترك في الحرب العالمية الأولى ورجع منها وقد اشتد عليه مرض القلب. عمل موظفًا ببنك وصحفيًّا ثم درس الأدب الألماني في برلين وليبزج وروستوك حتى حصل على الدكتوراة في سنة ١٩٢٥م. تفرغ للكتابة الحرة منذ ١٩٢٧م، ولما جاء النظام النازي منعه من النشر وأحرق كتبه فيما أحرق من إنتاج ما يزيد على مائتي أديب ومفكر (ويروي كستنر أنه كان حاضرًا بنفسه عندما أُحرقت كتبه وسمع الجماهير تُهلِّل وتهتف بسقوطه …) عمل من سنة ١٩٤٥م إلى سنة ١٩٤٨م محررًا أدبيًّا بالجريدة الجديدة في ميونيخ. أسس مجلة للأطفال والشباب «طائر البنجوين» (البطريك) وهو رئيس فرع نادي القلم الدولي (البن) بألمانيا ويعيش الآن في مدينة ميونيخ.
شاعر وقصاص وكاتب أطفال يتميز بأسلوبه الموضوعي المعقول. بدأ يكتب قصائدَ خفيفةً ساخرة ينقد فيها النفاق الاجتماعي والحماسة العاطفية الكاذبة والروح العسكرية الغبية التي انتشرت على عهد النازيين في لغةٍ بسيطةٍ خالية من التنمية والانفعال، بل تكاد تخلو من كل طموحٍ أدبي. ويعتمد أسلوبه على الشكل التقليدي ويمتلئ بالعبارات والشعارات المأخوذة من أفواه الناس؛ ولذلك شاعت سخرياته اللاذعة في «الكباريهات الأدبية» وبين الجماهير وقدر الجميع روحه الإنسانية ودعوته الأخلاقية والتربوية الأصيلة، وحرصه على تخليص الألمان من عيوبهم التقليدية، وتعليمهم التواضع والبساطة والبعد عن الطموح والتعالي الفكري والضجيج بالكلمات الطنانة التي طالما سببت لهم ولغيرهم الكوارث والحروب! … اشتهر كستنر برواياته، كما عُرف في العالم كله بقصص الأطفال الذي يعد من أعظم كتابها في العصر الحديث.
من أعماله الشعرية
«قلب على المقاس» (١٩٢٧م)، «ضجة في المرآة» (١٩٢٩م)، «رجل يعطي معلومات» (١٩٣٠م)، «غناء بين الكراسي» (١٩٣٢م)، «صيدلية البيت الشعرية» (١٩٣٥م)، «هموم كل يوم» (١٩٤٩م)، «الحرية الصغيرة» (١٩٥٢م)، «الشهور الثلاثة عشر» (١٩٥٥م). ومن أشهر روايات الأطفال التي كتبها: «إميل والمخبرون» (١٩٢٩م)، «الفصل الطائر» (١٩٣٣م)، «مؤتمر الحيوانات» (١٩٤٩م).
(٣٦) جنتر أيش (١٩٠٧–١٩٧٢م)
ولد في ليبوس على نهر الأودر، وقضى شبابه في منطقة براندنبورج البروسية. درس الحقوق واللغة الصينية في برلين وليبزج وباريس. عاش منذ سنة ١٩٣٢م في برلين حياة كاتبٍ متفرغ ثم اشترك في الحرب العالمية الثانية من سنة ١٩٣٩م إلى ١٩٤٥م وأسر في معتقلٍ أمريكي. تزوج في سنة ١٩٥٣م من الكاتبة القصصية إلزه أيشنجر. شاعر يتميز بتفرغه وتشاؤمه واهتمامه بوصف أمور الحياة اليومية البسيطة، مع نغمةٍ غنائيةٍ فطرية. يختار صورًا جديدةً غريبة ولغةً قويةً مقتصدة، ويكثر من الرموز والإشارات إلى معانٍ غير محددة أو يصعب التعبير عنها.
اشتهر بكتابة التمثيلية الإذاعية حتى لتعدُّ تمثيليته «أحلام» (١٩٥٣م) بداية عصرٍ مزدهر للأدب الإذاعي في ألمانيا، أضاف إليه إمكانياتٍ صوتيةً جديدة وخلع عليه روحًا شاعريةً مؤثرة وعالج مشكلات العصر ومآسيه بطريقة التزاوج بين الحلم والواقع، بحيث يبدو الواقع المؤلم كأنه عالمٌ خداع لا وجود له إلا في الكوابيس والأحلام.
من أعماله
«قصائد» (١٩٣٠م)، «فرسان الحظ» (كوميديا) (١٩٣٣م)، «سنة الاحتفال» (تمثيلية إذاعية) (١٩٣٦م)، «أحواش بعيدة» (١٩٤٨م)، «أحلام» (١٩٥٣م) (تمثيلية إذاعية)، «رسائل المطر» (قصائد) (١٩٥٥م)، «حريق سيتوبال» (تمثيلية إذاعية) (١٩٥٧م)، «لله مائة اسم» (تمثيلية) (١٩٥٨م)، «أصوات» (١٩٥٨م).
(٣٧) كارل كرولوف (١٩١٥م–؟)
ولد في مدينة هانوفر، وكان أبوه يعمل موظفًا إداريًّا. درس الأدب الألماني واللغات الرومانية والفلسفة وتاريخ الفن في جامعتَي جوتنجن وبرسلاو، ويعيش متفرغًا للأدب منذ سنة ١٩٤٢م (في جوتنجن وهانوفر إلى أن استقر الآن في مدينة دارمشتات). كما يعمل أيضًا بالصحافة والنقد الأدبي والترجمة عن الفرنسية والإسبانية. شغل في الفصل الدراسي من سنة ١٩٦٠م / ١٩٦١م كرسي الشعر الذي تعودت جامعة فرانكفورت أن تدعو إليه كبار الشعراء ليحاضروا الطلبة عن تجاربهم الذاتية في الفن. شاعرٌ خصب الإنتاج، تأثر بشاعرَين من الجيل السابق عليه هما أوسكار لوركه وفيلهم ليمان، كما تأثر بالسيرياليين الفرنسيين، ولا يخطئ الإنسان في ألحانه نغمةً بكائية أخذها عن الشاعر «تراكل». يتصل شعره من الناحية الشكلية بالثورة الجديدة، وبالأخص عند لوركا وإلوار، وإن كان ذلك لا يقلل من قدرته على التعبير الذاتي الأصيل. يتميز شعره بالخفة وسهولة الشكل والإيقاع الراقص واللغة الموسيقية والصور التي تكون في بعض الأحيان شديدة الشفافية أو شديدة الخشونة.
بدأ بشعر الطبيعة الخالصة وقصائد الحب والمناسبات التي تفيض حزنًا وسخرية ثم زاد اتجاهه إلى القصائد التجريبية الخالية من القافية مع الإكثار من الاستعارات المجردة.
من أعماله
«البلد المحمود الطيب» (١٩٤٣م)، «قصائد» (١٩٤٨م)، «مطاردة» (١٩٤٨م)، «على الأرض» (١٩٤٩م)، «علامات الكون» (١٩٥٢م)، «الريح والزمان» (١٩٥٤م)، «الأيام والليالي» (١٩٥٦م)، «أجسام غريبة» (١٩٥٩م)، «ملامح من الشعر الألماني المعاصر» (١٩٦١م)، «الأيدي الخفية» (١٩٦٢م).
(٣٨) يوهانس بوبروفسكي (١٩١٧–١٩٦٤م)
ولد في مدينة تيلسيت وقضى طفولته في منطقة ميميل (ليتوانيا) وشارك في الحرب في الجبهة الروسية، ثم اشتغل بالفحص الأدبي في إحدى دور النشر ببرلين الشرقية.
يمتاز بشعره الذي تتردد فيه أنغام الكآبة والشوق، وذكريات حياته وتجاربه في أوروبا الشرقية.
ترك وراءه مجموعة من القصائد والقصص القليلة ذات قيمةٍ فنيةٍ عالية. ولم تزل المعلومات قليلة عنه حتى الآن.
من أعماله الشعرية
«زمن سارمائي» (١٩٦١م)، و«أنهار بلاد الظل» (١٩٦٢م)، ومجموعته القصصية التي ظهرت بعد موته «عيد الفيران»، وروايته «طاحونة لفين».
(٣٩) باول تسيلان (١٩٢٠–١٩٧٠م)
ولد في شيرنوفيتس في منطقة بوكو فينا (على الحدود الرومانية السوفيتية) من أبوين ألمانيَّين. درس الطب في باريس وبوخارست ثم لجأ إلى فيينا في سنة ١٩٤٧م وبعدها إلى باريس (١٩٤٨م) حيث درس الأدب الألماني وعلم اللغة واشتغل بالتدريس والترجمة (ترجم إلى الألمانية أشعارًا من إلسكندر بلوك وازينين ورامبو وبازان وكوكتو ورينيه شار).
حصل على جائزة «بوشنر» الأدبية سنة ١٩٦٠. يُعدُّ من أهم الشعراء الذين كتبوا بالألمانية بعد الحرب. تأثر بالرمزية والسيريالية، ويتميز شعره بالبناء المحكم والصور الفنية والنغم الموحي واللحن الأسيان. يكثر من استخدام الاستعارات الجريئة التي لا تربط بينها رابطةٌ منطقية، ويصل في ذلك إلى نوع من «الشعر المحض» الذي يمتاز بموسيقى الكلمة المجردة، وغموض المعنى.
قوبل ديواناه «الرمل (المنساب) من أوعية الفخار» (١٩٤٨م) و«خشخاش وذاكرة» (١٩٥٢م) بالترحيب الشديد، وكشفا عن شاعر «جرحه الواقع وراح يبحث عن الواقع.» وعرف زيف المجتمع وأرَّقه الشوق إلى الإنسانية الحقة. ومهما اختلف النقاد في تفسير أشعاره التي تحتمل تفسيراتٍ عديدة فلا يكاد أحد ينازع في موهبته وأصالته، ولا في روعة ترجماته الشعرية عن الفرنسية والروسية. وقد جاءني نبأ موته أثناء العمل في هذا الكتاب، إذ أغرق نفسه في نهر السين يأسًا من الحياة أو من الحب!
من أعماله
«رمل من أوعية الفخار» (١٩٤٨م)، «خشخاش وذاكرة» (١٩٥٢م)، «من عتبة إلى عتبة» (١٩٥٥م)، «قصائد مختارة» (١٩٦٢م).
(٤٠) أنجيورج باخمان (١٩٢٦م–؟)
ولدت في مدينة كلاجنفورت بالنمسا، بدأت بدراسة الموسيقى ثم تحولت عنها إلى دراسة الفلسفة في فيينا وانزبروك وجراتس (من سنة ١٩٤٥ إلى ١٩٥٠م) حيث حصلت على الدكتوراه في فلسفة هيدجر من جامعة فيينا. اشتغلت في إحدى محطات الإذاعة في فيينا (١٩٥١–١٩٥٣م) ثم تفرغت للتأليف منذ سنة ١٩٥٣م حيث أقامت ما بين روما وميونيخ لتستقر أخيرًا في مدينة زيورخ. من أبرز أعضاء جماعة اﻟ ٤٧ الأدبية (نسبة إلى سنة ١٩٤٧م التي تألفت فيها لإحياء الأدب الألماني بعد الحرب وبعث القيم الحقة في التراث العقلي والخلقي الذي جنى عليه النازيون، وشق طريق مستقل لا يزج بالألمان في صراع الشرق والغرب، والوقوف في وجه إعادة التسليح، وتكاد الآن أن تكون هي الجماعة الرسمية المعبرة عن الحياة الأدبية). كرمت عدة مرات ومنحت جوائزَ أدبيةً عديدة.
من أكثر شعراء هذا الجيل أصالةً وتفردًا في الأسلوب واختيار الكلمات الموحية المنغمة التي تتصف بشيء من البرود والتحفظ والخشونة والعاطفة التي تذكرنا بعاطفة «هولدرلين». شعرها شعرٌ فكريٌّ مجرد يميل إلى الموضوعات الميتافيزيقية، وينتخب صورًا غريبة ورموزًا لا تقنع القارئ دائمًا. كتبت تمثيلياتٍ إذاعية تمتاز بالروح الشاعرية والشكل المبتكر، كما ترجمت شعر «أنجارتي» عن الإيطالية.
من أعمالها
«المهلة» (١٩٥٣م)، «دعاء الدب الأكبر» (١٩٥٦م)، «إله مانهاتن الطيب، والجنادب» (وهما تمثيليتان إذاعيتان)، «العام الثلاثون» (قصص قصيرة) (١٩٦١م) (راجع المقال الذي نشره عنها كاتب السطور في مجلة الفكر المعاصر، عدد يونيو ١٩٦٥م، وظهر في كتاب «البلد البعيد»، دار الكاتب العربي، القاهرة، ١٩٦٧م).
(٤١) هانز ماجنوس انسنزبرجر (١٩٢٩م–؟)
ولد في كاوفبويرن في مقاطعة الألجوي، ألحق في سنة ١٩٤٤، ١٩٤٥م بفرق العاصفة، ثم أتم دراسته الثانوية بعد الحرب. درس الأدب والفلسفة في جامعات هامبورج وفرايبورج وأرلانجن وباريس، وحصل على الدكتوراه في سنة ١٩٥٥م برسالة عن فن الشعر عند الكاتب الشاعر الرومانتيكي برنتانو، ثم اشتغل فترةً بالعمل المسرحي والعمل الإذاعي وكتابة المقالات النقدية في الصحف والمجلات وقام برحلات وأسفارٍ عديدة (وقد زار القاهرة على ما أذكر في سنة ١٩٦٦م وقرأ بعض أشعاره في معهد جوته) يعيش متنقلًا بين إيطاليا وألمانيا والنرويج التي يقيم فيها.
شاعر يتميز بنزعته السياسية الحادة ونقده المرير للمجتمع الحديث والحياة المعاصرة وبخاصة حياة الطبقة الوسطى الخاملة المتبلدة، وتوحي أشعاره بالتأثر ببرشت في شعره الساخر العدمي في وقتٍ واحد. فهو يهاجم التقاليد والأفكار الشائعة والعواطف الحماسية السخيفة هجومًا مؤلمًا يهدف إلى إقلاق من نسميهم بأوساط الناس، وإثارة التقزز في نفوسهم من الحياة الغبية التي يحيونها أو قل يقضونها في النوم والجبن والنفاق. يتميز بأسلوبه الفني الذي يلجأ إلى التضمين والمونتاج واستخدام الشعارات والعبارات الثقافية المتحذلقة وصيغ الإعلانات التجارية والاستعارات والصور المركَّبة. ومع ذلك فلا تخلو قصائده من الإحساس الرهيف الرقيق، وإن كان جمالها هو الجمال العقلي البارد. من أعماله الشعرية: «دفاع الذئاب» (١٩٥٧م)، «لغة الريف» (١٩٦٠م)، «قصائد وكيف تنشأ القصيدة» (١٩٦٢م)، كما نشر مجموعةً رائعة من الشعر الأوروبي تحت عنوان «متحف الشعر الحديث».
(٤٢) هورست بينيك (١٩٣٠م–؟)
ولد في مدينة جليفتس في منطقة شيلزين أوسيلزيا (على جانبي نهر الأودر) اشتغل فترةً قصيرة مساعدًا للشاعر والكاتب المسرحي برتولت برشت في مسرحه المعروف ببرلين الشرقية، ثم ألقي القبض عليه في سنة ١٩٥١م واعتقل في معسكرات العمل في سيبيريا حتى أواخر سنة ١٩٥٥م.
هرب إلى ألمانيا الاتحادية وعمل منذ سنة ١٩٥٧م في دار الإذاعة بمدينة فرانكفورت (على نهر الماين)، ثم التحق في سنة ١٩٦١م بدار نشر الجيب في مدينة ميونيخ حيث لا يزال يعمل في فحص الكتب. شاعر وكاتب يتميز بلغته البسيطة الموجزة الخالية من كل انفعال. وتدور كتاباته حول الدعوة إلى المحافظة على جوهر الإنسان وصونه من التمزق والدمار، والإبقاء على حريته الباطنة وسط الأخطار البشعة التي تهدده في هذا العصر.
نذكر من كتبه «كتاب أحلام سجين» وهو مجموعة من القصائد والخواطر النثرية (١٩٥٧م)، «قطع ليلية» (قصص) (١٩٥٩م)، «أحاديث مع أدباء» (١٩٦٢م).
(٤٣) إليوت، توماس ستيرنز (١٨٨٨–١٩٦٥م)
ولد في مدينة سانت لويس بولاية مسوري (الولايات المتحدة الأمريكية). درس في جامعة هارفارد والسوربون وأكسفورد. عاش في إنجلترا منذ سنة ١٩١٥م وتجنس بالجنسية الإنجليزية سنة ١٩٢٧م، وتحول بعد ذلك بعامٍ واحد إلى الكاثوليكية.
اشتغل في لندن بالتدريس وعمل في مجلاتٍ أدبيةٍ عديدة، ثم تولى الإشراف على دار النشر المعروفة «فابر وفابر» التي أصدرت جميع أعماله، وبقي حتى وفاته في هذا المنصب. وجِّهت إليه دعواتٌ عديدة لإلقاء المحاضرات كأستاذٍ زائر في جامعاتٍ مختلفة داخل الجزر البريطانية وخارجها، ومنحته عدة جامعات درجة الدكتوراه الفخرية، وحصل على جائزة نوبل سنة ١٩٤٨، وجائزة جوته من مدينة هامبورج. يعد من أعظم الشعراء على الإطلاق، وأحد مؤسسي الحركة الشعرية الجديدة في القرن العشرين، وتأثيره على شعرائنا الجدد أشهر من أن يذكر. ظهر ديوانه الأول (بروفروك) في سنة ١٩١٧م، كما ظهرت قصيدته الشهيرة «الأرض الخراب» سنة ١٩٢٢م.
أما مجموعة قصائده التي اعتمدتُ عليها في القصائد التي اخترتها له، فقد صدرت سنة ١٩٣٦م، كما صدرت «الرباعيات الأربع» سنة ١٩٤٤م. وإليوت كاتبٌ مسرحيٌّ قدير وناقدٌ أدبيُّ واسع الثقافة، وقد تُرجم عددٌ كبير من أعماله الشعرية والمسرحية والنقدية إلى العربية، كما ترجم الأستاذ ماهر شفيق فريد معظم إنتاجه.