الفكر العربي وسوسيولوجيا الفشل
«سؤالان منهجيان أساسيان: متى نقول إن لأمةٍ أو لقطاعٍ منها فِكرًا؟ وما منهجنا لدراسةِ ونقدِ هذا الفِكر الاجتماعي؟ بدايةً الفِكرُ هو الفاعلية الجدلية بين الذاتِ (الإنسان/المجتمع) والموضوعِ في تشابُكٍ لا انفصامَ بينهما؛ حيث لا فِكر بدون مجتمع في التاريخ؛ ذلك أن الإنسان لا يفكِّر إلا في المجتمع، وفِكرُ المجتمع حصادُ تاريخيةِ الفعل أو النشاط الاجتماعي. وهكذا يكون الواقعُ الموضوعي متَّحدًا مع النشاط الإنساني الاجتماعي .. ويشكِّلان معًا كلًّا واحدًا لاحتمالاتِ حركةٍ لا حصرَ لها.»
الشعوب العربية في حالةِ سكونٍ منذ القرن الخامس عشر، وبات السؤال الحضاري أمرًا مُلِحًّا: لماذا اختفى الدور العربي في بناء الحضارة الحديثة؟ ولماذا اغترب «الخوارزمي» و«البيروني» و«ابن خلدون» في مَوطنهم، بينما احتفَت بهم واستفادَت من إنتاجهم المعرفي مجتمعاتٌ أخرى؟ يناقش هذا الكتاب أزمةَ الفِكر العربي باعتباره أحدَ أهمِّ المنتَجات الحضارية والاجتماعية، ويسلِّط الضوءَ على معوِّقات تحرُّره؛ كالنظر إلى التراث باعتباره الموروثَ الثقافي المقدَّس، والفَهمِ المغلوط للهُوِية الإسلامية باعتبارها كينونةً متجانِسة، بدلًا من الوعي بالصيرورة التاريخية بكل تفاعُلاتها وتناقُضاتها، وإخفاق الخطاب اليساري نتيجةَ استخدامه الآلياتِ القديمة؛ كما يسلِّط الضوءَ على سماتِ كلٍّ من المجتمعات الزراعية والصناعية، وأثَر ذلك على الفِكر، مُؤكِّدًا على ضرورة عقلانية الفِكر، وتفكيك طرق التفكير التقليدية، وأن يكون نسقًا مفتوحًا يُؤمِن بأن جميع الحقائق قابلةٌ للنقد والتفنيد، ومستوعبًا نظرياتِ الفكر الإنساني وتياراته.