مهند رحمه مع القراء
مرحبًا بك.
ربما تُفضِّل، أو تُفضِّلين فعل أيٍّ من هذا، عِوَضًا عن إنفاق مالك في كتاب، لكن دعني أقل لك، لا بدَّ للمؤلف من جنْي بعض الجنيهات، ألا تظن؟
لا بدَّ من حفظ ماء الوجه قليلًا أمام الرفاق الذين ضاقُوا ذرعًا من تطفُّلي على جُيوبهم في جلسات السمر وخروجات شارع النيل، كما بدأ يَنتابُني شعورٌ مُبهَم أن «أمَّ محمد» ست الشاي لم تعد على ما يُرام، لاحظتُ أنها دومًا ما تَقلب شفتَيها في امتعاض كلما رأتْني قادِمًا، وتُدمدم شيئًا من بين أسنانها عن الفقر والفقراء، وحظها «الزفت»!
ربما لأن مديونيَّتي معها شارفت أن تفوق مديونية البلاد الخارجية، أو ربما لدَيها أسبابها الخاصة، وهو ما أُرجحه بكل تأكيد.
أما الأهم من هذا كله، أنني سأُحافظ على حياتى!
بعد كلِّ شيء، لا أعرف إلى متى سأَستطيع الهرب من «عم حسبو» الجزار!
لا زلتُ أُلازِم بيتي بعد المرة الأخيرة التي كادَ أن يُمسك بي فيها، ولولا لطف الله، وأنني أطلقت ساقي للريح في الوقت المناسب، لكنتُ من معروضات الجزارة حاليًّا!
لكنني لن أستطيع أن أراهن على سرعتي في الجري إلى الأبد، ثمَّة لحظة غفلة ما، أراه يسدُّ الطريق بجسدِه الضخم كأشنع كوابيسي طرًّا، ويُلوِّح بالساطور اللامع العملاق في وجهي بابتسامة وحشية مُنتصرة.
ستقرأ خبر الجريمة في صحيفة اليوم التالي، عندها، أرجو أن تتذكَّر أنك/ي قد بخلت بالمال من أجل حذاء أو أحمر شفاه، ولم تشترِ الكتاب.
والآن، بعد أن فرغنا من فاصل التسوُّل هذا، لننسَ كل شيء، ونعود للجزء الأهم من الكتاب، والذي يُهمني شخصيًّا.
خطاباتكم.
تلقَّيتُ العديد من رسائل البريد الإلكتروني، من قراء أعزاء، عقب معرضَي الكتاب الأخيرَين بالخُرطوم والشارقة، سأقُوم بعرض بعضها والرد عليها ها هُنا، بإيجاز سأُحاول — قدر الإمكان — أن لا يكون مخلًّا.
الرسالة الأولى، من الصديق: كمال الدين صديق (أمدرمان):
أصبحتَ مُكرَّرًا وسمجًا أكثر من اللازم أخ مهند، كل قصصك مكررة، كل نهاياتك متوقعة، توقعت كل أحداث رواية «هيبنوسيس» من صفحة الغلاف، عرفت أن عمار والطبيب هما نفس الشخص، وأن «الفصام» هو اسم اللعبة.
أشعر أنك ستكتب لاحقًا كتابًا بعنوان «قصص مملة جدًّا» وستجد في نفسك الجرأة الكافية لنشره على أنه عمل أدبي، ثم تنسبه لراوٍ وهمي هربًا من غضبة القراء، نصيحتي لك بأن تترك الكتابة وتتفرغ لبيع الفول والطعمية ما استطعت إليهما سبيلًا.
•••
– الصديق: عبدالباقي حكاك (الدويم):
أعرف أنك لصٌّ، وأشكُّ أنك تسرق قصص كُتَّاب آخرين.
كتبت في أحد كُتبِكَ من قبل «قال عمار: …» هذه الجزئية مقتبسة بالكربون من رواية الأديب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز مائة عام من العزلة «قال أوريليانو: …» هل لاحظت التشابه؟! هه؟ هل لاحظت؟ نفس الشيء بتغيير الاسم فقط!
وعلى سبيل تكرار المعلومة للحمقى، سأؤكد لك مجددًا، أعرف أنك لص، وأشك أنك تسرق قصص كُتَّاب آخرين!
سأحاول أن أكف عن هذه العادة الذميمة مستقبلًا.
•••
– الصديقة: تينا العسولة العسولة (بحري):
•••
– الصديقة: د. نهال الركابي (باريس):
قرأت رواية «فطومة»، وبرغم تحسُّري على العشرة دولارات التي أنفقتها عليها، إلا أنها ليست سيئة إلى هذا الحد، قصص الحب والخذلان مشوقة دائمًا، إنَّ دور المظلوم الأبدي ممتع دومًا ويمنح شعورًا حريفًا بجلد الذات، فالنساء هيستيريات مازوخيات بطبعهن، يتلذذن بشعور اللوعة وتعذيب أنفسهن، حتى لتَشعُر أن الواحدة منَّا إذا لم تجد ما تؤلم به نفسها تختلق الألم إختلاقًا، وكل الصور المنتشرة في السوشيال ميديا للعيون الدامعة والقلوب الممزقة تمنحك فكرة لا بأس بها عن العقل الجمعي النسوي.
أما فيما يخص الرواية فأعتقد أنها تغرق في الرمزية في كل شيء، وكلا بطلَيها — الراوي وصديقه «أحمد» — أيقونات رمزية لثنائية نفس الكاتب؛ العاطفية والعقلية، لكن نهايتها سمجة بعض الشيء، لم أفهم ما هو الشيء العظيم والمأساوي من عودة البطل إلى الخرطوم كما صورت الخاتمة، يُمكنه أن يعود للقرية مجدَّدًا في أيِّ وقتٍ لاحقٍ بأقرب بص سفري من الميناء البري.
هو التهويل إذن!
الخاتمة لم تكن موفقة بأيِّ حالٍ من الأحوال.
•••
– الصديق: سيف الإسلام عجبنا (بري المحس):
نبتت نابتةٌ في عصرنا الحديث تُشكِّك في الدين، وسنة نبينا الغراء، وهي هجمة شرسة غاشمة، لم نسمع بمثلها من قبل، تكاتفَت لها كلُّ قوى الشر والبغي من الشيوعيين الملاحدة، والصليبيين، والصهاينة، وقد لاحظت في كل كتاباتك دعواك المبطَّنة للفجور والانحلال الجنسي والأخلاقي، وترويج الإلحاد والكفر للشباب الغافل، وايم الله إنك لرويبضة حقير، وبوق قذر، تُحاول تمرير أجندة الماسونية العالمية والملاحدة الصليبيين الذين يدفعون لكم من الأموال أكثرها، ولبئس ما يفعلون، فلتعلَم أيها الزنديق الأشر، أننا سنظل نذبُّ عن ديننا الحنيف، وعن سنة المصطفى ﷺ، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
أنا لك بالمرصاد يا عدو الله، وأدعوك لمناظرة ساحِقة ماحقة تدحض فكرك السقيم، وتثلج صدور قوم مؤمنين.
•••
– الصديق: ش. ط. ش. (القضارف):
أنت أفلست يا أخوي، ههههههههههه، عليَّ الطلاق أفلست، وااااااهاهاهاههههههاي، راحت ليك يا ولدنا، هيهيهيهيهيهي … عليَّ النعمة يا جصلي أنت آخرك جوكي ركشة في الحاج يوسف … ده لو في عدالة في الدنيا.
سيب العيش لخبازو يا حبيبنا وبطل العولاق.
•••
– الصديق: أنس. ع (أمدرمان – بيت المال):
لم أَستطِع قط ابتلاع كتاباتك، هي مصائب أدبية بكل المقاييس، لقد بصقت في وجه «الطيب صالح» و«بركة ساكن» وكل هؤلاء العظماء الذين شرفوا السودان في المحافل الأدبية، فليُعوضني الله في المائة جنيه التي أنفقتها على «هيبنوسيس» في معرض الكتاب السابق، فيمَ كنتَ تُفكِّر وأنت تتحفنا بكل هذا الهراء؟ يا أخي عيب عليك!
وعلى سبيل التشفِّي — فلتعلم — قمت بتمزيق الرواية، ثم تبوَّلت عليها مع صديقي محمد، ثمَّ تغوطنا عليها، أنا ومحمد، انضمَّ إلينا ياسين صاحب البقالة لاحقًا، ثم أضرمنا فيها النيران ورقصنا حول اللهب المُشتعِل عَراه، كقبائل الماساي البدائية في أحراش إفريقيا، ثم نثَرنا الرماد في الصحراء، ورددنا بعض التعاويذ الفرعونية لصرف الأذى.
دعك من الصدمة العصبية، والتكوُّر في وضع الجنين، ونوبات البكاء الهستيري لأسبوع كامل من فرط الاشمئزاز.
شكرًا للا شيء.
•••
– الصديقة: جوري الرشيد (مدني):
السلام عليكم أستاذ مهند، أنا من أشد المتابعين لقصصك، وأحب أسلوبك السردي المميز. أرجوك لا تتوقف عن الإبداع.
•••
حسن، أعتقد أنني سأكتفي بهذا القدر من البريد الوارد، وسأحاول الرد على المزيد من رسائلكم المشجعة كلما أتيحت لي الفرصة لذلك.