الفصل الثالث
الأسر
(مضرب في معسكر الطماح.)
المشهد الأول
(عاديا وحده)
هذا قد غدوت أسيرًا في مضاربهم
الناس حولي وما في الناس من سند
أبِيت وحدي ودمع العين يخنقني
والحزن أشبه بالنيران في كبدي
نزلت أبغي سباق القوم ممتطيًا
متن الجواد تهزُّ السمهري يدي
فجلتُ في حلبة الميدان مندفقًا
أسابق الريح أرجو الفخر للأبد
رنا إليَّ أبي والناس تحدقُ بي
ولاحَ مني التفاتُ الشبل للأسد
وكدت أحرزُ تاج الفوز مبتهجًا
وأكسبُ المجد في قومي وفي بلدي
فانقضَّ وغدٌ ذميم تلَّني ومضى
فأعجزَ القوم هذا الوغدُ عن مددي
فصرتُ منفصلًا عمَّن أُحبهم
وليس شغلي غير الهم والكمدِ
المشهد الثاني
(عاديا – علقمة)
علقمة
:
قضيتَ يا مولاي سحابة يومك في مضربك وأنت في كآبة لا أرى ما يدعو
إليها.
عاديا
(بأنفة)
:
ومن أنبأك أني كئيب؟
علقمة
:
لا أدري … هذا ما توهمته. ألا يريد سيدي أن يخرج ليروِّح النفس؟
عاديا
(يهم بالخروج ثم يلتفت قائلًا بتهكم)
:
بربكم ألا تخشون أن أفر؟
علقمة
:
لا؛ فالمرء لا يفرُّ من المكروه والأمير هنا في أتم نعيم (بمعنى) وزدْ أن رجالنا كلهم أعين ساهرة
عليك.
عاديا
:
أنا أشكر لهم هذه العناية (وهو خارج)
هيَّا نحمِّل النسيم سلامًا ينقله إلى الأحباب.
المشهد الثالث
(علقمة وحده)
عجيب الطماح في أعماله وللهِ هو ما أشد دهاءه! فقد انتشلْنا عاديا أثناء السباق،
ولستُ أشك أن في الأمر لَنفعًا لنا.
المشهد الرابع
(الطماح – علقمة)
الطماح
:
إن الدهر يفترُّ لنا عن ثغر باسم والأيام تواطئنا على نيل المرام. أرأيت كيف
أن حيلتي قد تمت فأصبح الولد في قبضة يدي يمكنني من الوصول إلى أربي.
علقمة
:
فما سوف تصنع وقد وقع الولد في شَرَكنا؟
الطماح
:
سعيٌ بلا عدة قوس بلا وتر؛ فإن الولد يا علقمة يكون لنا خير عدة لإدراك
المطلوب، فسأهدد السموأل بقتل ولده إن لم يسلِّم إليَّ الوديعة، ولا إخاله إلا
يجيب سؤلي ويذعن صاغرًا في سبيل نجاة ولده.
علقمة
:
لله درك من مدبر حكيم عنده لكل أمر تدبير!
الطماح
:
وقد أوفدت رسولًا إلى قيصر الروم أقول: إن امرأ القيس غوي فاجر، وقد فعل
وصنع، فاستحل المنكرات واستباح المحرمات، فيستكبر الرومي الأمر ويعمل على
الإيقاع بحليفه.١ أما الآن فاذهب وأحضر الأسير ثم وافني إلى مضربي لأعلمك بما يبقى
علينا أن نفعل.
علقمة
:
أنا ممتثل أمر مولاي.
المشهد الخامس
(الطماح)
تهللْ الآن يا قلبي وافرحي يا نفسي وابتهجي؛ فالفوز قد كاد يكلل مساعيَّ، وعن قريب
يقع عدوي في يدي، ويتسنى لي الانتقام من قاتل أخي، وأنال لدى المنذر حظوة ورفعة.
ما أحلى الانتقام وما ألذَّ على القلب إدراك الثأر، بل ما أبهج الرفعة، وما أشهى إلى
النفس تسنُّم المراتب والمناصب!
أقول لنفسي حققي الظن إنني
إذا قلت يومًا حقَّق الفعل أقوالي
أيا نفس طيبي إن ظنك لم يخِب
فعمَّا قريب أدرك الوطر العالي
ولو أنني أسعى لأدنى معيشة
كفاني بلا سعي قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
بلى يدرك المجدَ المؤثل أمثالي
ها الأسير وافى فلنعد إلى السكينة (علقمة يُدخل عاديا
ويذهب).
المشهد السادس
(عاديا – الطماح)
الطماح
:
السلام على الأمير الفتى.
عاديا
:
أوَيأتي عدوي يزورني في سجني ويشمت في بلائى؟ لعمري ليس هذا من شيم
الكرام.
الطماح
(متظاهرًا بالدهشة)
:
إنني أستغرب هذا الكلام يا بن الأطايب؛ فإنه لا يليق بمن كان مثلي صادق النية
صافي الطوية؛ فقد رأيتكم على شفير الهلاك فأحببت أن أمدَّ إليكم يد المساعدة
فأنتشلكم من الهاوية، وإذا كان ظاهر عملي يدع مجالًا للريب والظنون فسوف تنكشف
لكم الرغوة عن الصريح فتتأكدوا صدق نيتي وصفاء سريرتي.
عاديا
:
وما تكون التهلكة التي تتهددنا ونحن في حصننا المنيع بمأمن من الدواهي
والخطوب.
الطماح
:
إن أباك قد عرَّض نفسه لغضب ملك العراق بإجارته أحد أعدائه.
عاديا
(بحمية)
:
نعم أجرناه ونبذل في سبيله كل غالٍ ونفيس.
الطماح
:
اترك الحدة يا فتى واسمع: قد جاء المنذر يطلب من صاحب الأبلق وديعة عدوه،
فعلى أبيك أن يجيب سؤله ويترك للبازي فريسته فيكسب رضاه وينال مجدًا
وشأنًا.
عاديا
:
بئس المجد، ولا حبذا الشأن المكتسب بالخيانة وتدنيس العرض.
الطماح
:
ما في الأمر من خيانة يا ابن الكرام.
عاديا
:
كيف لا، وتدعي بعد هذا الصدق والإخلاص؟ أتريد يا طماح أن نُوصَم بوصمة العار
ويُصبح اسمنا سُبَّة في أفواه الناس.
الطماح
:
لا وحقِّي لا أرضى لكم بذلك، بل ينظر الناس إليكم دائمًا نظرهم إلى أكرم
العرب وأوفاهم.
عاديا
:
إذن لم أفهم معنى كلامك. أما أشرت صريحًا بوجوب تسليم الوديعة؟
الطماح
:
نعم أشرت … (على حدة) وعن قريب
آمر.
عاديا
:
وأي شرف إذن لمن يسلم وديعة جاره؟!
الطماح
:
وعلى ذلك أعملت الحيلة بتوفيق النقيضين.
عاديا
:
لله ما أطول باعك في استنباط الحيل! أما أنا فلا أرى بابًا للتنصل.
الطماح
:
إنك حديث السن يا عاديا ولا خبرة لك في تدبير الأمور وسياسة الناس.
عاديا
:
لا حبذا سياسة تقوم بالمواربة والتخفي.
الطماح
(على حدة)
:
كاد صبري يضيق. (لعاديا): انتشلتك من حصن
أبيك فأوهم الناس أني أريد قتلك — وأنت عندي أعز من ولدي — إن لم يسلم أبوك
الأدرع. وليس في العرب ولا العجم من يفضل المال على الروح فيعذره الجميع؛ لأنه
سلم الوديعة لإنقاذ نفس من الهلاك، فيكون صان عرضه وشرفه، ونال لدى المنذر حظوة
بتسليم الأدرع.
عاديا
(على حدة)
:
أوَهكذا نعرِّض هندًا للعار؟ (للطماح) وهل
فاوضت أبي بهذا الشأن؟
الطماح
:
أرسلت إليه من ينذره علنًا بقتل ولده إن لم يلبِّ طلب المنذر.
عاديا
:
وبمَ أجاب؟
الطماح
:
أجاب أنه يصعب عليه تسليم الوديعة، لكنه يرضخ مضطرًّا، فحياة ابنه أبدى من
وديعة الجار.
عاديا
:
كذبت يا رجل، فليس هذا بجواب من يجري في عروقه من دمنا الكريم، وليس أبي يفوه
بمثل هذا الكلام المُحِطِّ، ولو ذاق العذاب ألوانًا، فشهامته تحمله على تضحية
كل عزيز في سبيل الوفاء.
الطماح
(على حدة)
:
لقد طاش هذا السهم، ولكن لم يزل في الجعبة سهام. (لعاديا) أكرِمْ بك من شهم كريم! فما قلت لك ذلك إلا لأعجم عودك
وأقف على جلية أفكارك، فأحسِنْ بها من أفكار كريمة شريفة! أما رسول أبيك فإنه
بالحقيقة لم يأتِ، ونحن الآن بانتظاره، وقد أعطيت الأوامر حتى يُؤتى به إلينا
حين مجيئه.
عاديا
:
لم أكن قط لأشك بمروءة والدي، وليس هو ينطق بما قلت.
الطماح
:
وإذا افترضنا أنني جعلتُ تهديدي حقيقة، وأبرزت قولي إلى حيز العمل فأردت قتلك
— ذلك دائمًا من قبيل الافتراض — أفلا يسلم حينئذٍ أبوك الوديعة؟
عاديا
:
لا والله!
الطماح
:
وأنت ألا تسأله ذلك خوفًا عليك من الموت، وشفقة على زهرة شبابك من الذبول في
ربيع الحياة؟
عاديا
:
لا لعمري، بل أثبته في عزمه وأنا أموت سعيدًا في سبيل الجار ولا
أتزعزع.
الطماح
(على حدة)
:
سنرى ذلك إذا ما سيق إلى ساحة العذاب.
(يدخل علقمة.)
علقمة
(إلى الطماح)
:
على مدخل المعسكر رسول يطلب مواجهتك.
الطماح
:
فليدخل. (يخرج علقمة)، (لعاديا): هذا رسول أبيك يا عاديا.
عاديا
:
ربي كن عون أبي ولا تدعه ينقاد لمسالمة الأشرار. هب رسوله حكمتك فلا ينطق إلا
بما يقتضيه الشرف.
الطماح
:
ترى ما عساه أن يحمل إلينا؟ تذللت طويلًا، فإن لم يلبِّ طلبي …
(يدخل شيبوب.)
المشهد السابع
(الطماح – عاديا في مؤخَّر الخيمة – شيبوب)
شيبوب
:
على الكرام سلام. أتيتك حاملًا جواب سيدي السموأل، وهو يقول لك: ردَّ الآن
الولد ثم يرى في شأن الدروع.
عاديا
(في مؤخر الخيمة)
:
يا رب السماء ثبت أبي في الوفاء.
الطماح
:
أوَيحسبني سيدك ولدًا أنقاد لإرادته، فليعلم أن ابنه لا يرد إليه إلَّا إذا
سلم إليَّ الوديعة، فاذهب وأخبره بما رأيت من استعداد جنودنا وعددهم، وأنا مرسل
إليه عن قريب من يحمل إليه جوابي الأخير.
عاديا
(يتقدم إلى الأمام)
:
وقل له أيضًا: إن ولده لا يكترث للعذاب، بل يرحب بالموت في سبيل الشرف
والوفاء.
الطماح
:
قلت فامتثل أمري.
(يخرج شيبوب.)
المشهد الثامن
(الطماح – عاديا)
عاديا
:
أوَسمعتَ جواب أبي وتيقنت ثباته على البر بقسمه والاحتفاظ بوديعة
جاره؟
الطماح
:
أوَسمعت أنت تهديدي بقتلك إن لم أنل المطلوب؟
عاديا
:
سمعته ولا أعبأ به.
الطماح
:
أوَتطن ذلك من قبيل الوعيد فتضحك من الموت؟ لا لا! بل تيقن أني سأقرن القول
بالفعل وأضحيك بل أضحيكم جميعكم في سبيل غايتي، فالويل لكل من تعرَّض لي وحال
دون إدراك ثأري، فسأجعله موطئًا لقدمي ومرقاة أرتقيها لبلوغ مطامعي.
عاديا
(بأنفة)
:
لأنت في حالة الغيظ ترغي وتزبد أفضل عندي منك في حالة السكينة تسعى في الظلام
وتزحف كالأفعى، هكذا أقف على أفكارك وأحاربك بسلاح الحزم والثبات. فطالما كنتَ
ممتطيًا صهوة المكر متدرعًا بدرع المواربة كنت أخافك وأخشاك وأخشى على نفسي من
الوقوع في حبائلك الشيطانية؛ لأن افكاري لم تكن لتدركها. فليهج هائجك وليحتدم
غضبك ما شئت فلست أعبأ بك.
الطماح
(على حدة)
:
فلنعد إلى السكينة. (لعاديا): إن الذي
دفعني إلى الحدة في اللهجة هو خوفي عليك يا ولدي.
عاديا
:
بالله عليك أسألك واحدة، وهي ألا تدعوني بهذا الاسم فما أنا إلا ابن أحرار
كرام.
الطماح
(متابعًا أفكاره بتكلف)
:
أجل خوفي على حياتك؛ فإن المنذر قد أخذ على نفسه الأيمان المحرجة بقتلك أو
بالأدرع، فأشفق على نفسك وارحم شبابك ولا تسلم نفسك إلى الموت.
عاديا
:
الموت! أهلًا به إن كان يخلصني من شَرِّكَ.
الطماح
:
أوَتعرف ما هو الموت فترحب به؟ الموت كأس صعب شربها مرٌّ مذاقها! الموت يفصلك
عن أهلك وخلانك، تموت وأنت في ربيع العمر، تذوي زهرة شبابك وتذبل، تودِّع آمالك
في هذه الحياة، تغادر هذه الدنيا الجميلة وتصبح ظلمة القبور مثواك.
عاديا
:
إن ابن الأحرار لا يهاب الموت في سبيل الشرف، بل هو يفضل المنية على
الدنية.
الطماح
(غَضبًا)
:
وسنشن الغارة على أبيك وندمر الحصن، فتطأكم الجيوش وتنتاشكم السيوف. يستحرُّ
بكم القتل ويطبق عليكم الذل.
عاديا
:
لا تحسبنَّ إذا هممت بحربنا
أنَّا لدى الهيجاء غير كرام
ولقد علمت وأنت فينا شاهد
وسيوفنا تفري فروع الهام
أنا لنمنع بالطعان جوارنا
والطعن تحسبه شهاب ضرام
ضمنت لنا أرماحنا وسيوفنا
بهلاك كل مخادع ضرغام
وإذا الكرامُ تذاكرت أيامها
كنتم على الأيام غير كرام
الطماح
:
على رِسلك يا فتى، فإذا كان نصل السيف لا يرعب فرائصك فإننا سننزل بك عذابًا
مبرحًا قبل أن يمزق الحسام لحمانك، ويا ما أفظع الميتة التي ستموتها!
عاديا
:
ويا ما أقبح الحياة في الذل والعار! ويا ما أحلى هذا العذاب وعذاب الدنيا
بأسرها في سبيل الوفاء!
موت الكريم حياة لا نفاد لها
قد مات قومٌ وهم في الناس أحياء
الطماح
:
لا تدع نزق الشباب يستولي عليك يا عاديا فيقودك إلى ما لا تحمد عقباه،
تَبَصَّرْ في أمرك، ترى أن أباك مرتاب في أمر الوديعة، وكلمة منك تكفي
لاسترجاعك بتسليم الأدرع، فاكتب طالبًا منه ذلك حرصًا على حياتك؛ لأن موتك
بإصراره.
عاديا
:
وهل أسعى وراء ما كنت أخشاه، كنت جزعت من أن يستفزَّ الحنوُّ أبي فيدفعه إلى
خفر الذمة، وأتيت أنت تطلب ما لا ترضاه نفسي الأبية، فاغرب عني، فلا التهديد
يروعني ولا الوعيد يزعزعني، ولو تيسرت لي الكتابة لكتبت إلى أبي أثبِّته في حفظ
الوديعة.
الطماح
:
إني نصحتك دع ما أنت طالبه
واقصر فإنك في هذا على خطر
وإن رجعت إلى هذا الكلام فقد
أتاك مني عذاب زائد الضرر
وحقِّ من خلق الإنسان من عدم
ومن أنار ضياءَ الشمس والقمر
لئن رجعت إلى ما أنت ذاكره
لأصلبنك في جذع من الشجر
عاديا
:
الموت عندي يا طماح وردُ هنا
فالموت في شرف عزٌّ وتمجيد
إن رمت تقتلني فالله ينصرني
وعند رب العلا عونٌ وتأييد
والعيش في ذلة تأباه أنفسنا
ونؤثر الموت إذ بالموت تخليد
لا تجهد النفس في إخفار ذمتنا
هذا جوابي فلا يجديك تهديد
الطماح
:
لا يجديني تهديد، فسوف نرى إذا كان إتباع القول بالفعل يجديني. أدعك الآن
تتروى في أمرك ولا تنسَ أن بين نعم ولا موتُك وحياتك (يخرج).
المشهد التاسع
(عاديا وحده)
نعم اذهب ودعني وحدي أبكي نحس طالعي وأندب سوء حظي، فلا تشهد بكائي فتشمت في بلائي.
بين نعم ولا موتُك وحياتك. آه كنت أحسبني لا أخاف الموت ولا أخشاه، وإخالني أبقى أمامه
ثابتًا لا أتزعزع. أما الآن فقد أصبح لهذه الكلمة وقعٌ هائل في فؤادي دوَّى صداها
الرائع في أذني فحرَّك ساكن عواطفي. إن فرقة الأحباب تروعني، وظلمة القبور تهولني، آه
يا أبي هم يريدون قتلي ولكنك ستهب لنجدتي فتفرَّق جموعهم وتخلصني من أيديهم.
إلى الله أشكو محنتي وكآبتي
لعل إله العرش يزهقهم رعبَا
يُريدون قتلي يا أُبَيَّ تعمدًا
وحفظُ عهودي كان عندهم ذنبَا
فلا تترك الأعداء تملك مهجتي
وتأخذني قهرًا وتأسرني غصبَا
وقد عرف الأقوام أنك فارسٌ
وأشجع من حلَّ المشارق والغربَا
آه يا طالما أغاث أبي الملهوف وعزَّى البائس وأمَّن الخائف، وليس من يُخلِّص له ولده
من الهلاك … (سكوت) ولكن ما لي أدع أفكار الجزع
واليأس تستولي عليَّ فتضعف عزيمتي! إليكِ عني أيتها الأفكار، فما قلب عاديا ليرهب الموت
في سبيل الحب والوفاء. أما وفي موتي نجاة هند وخلاصها من المحن فيا ما أعذب
الموت!
أنا أموت جريءَ القلب مغتبطًا
يقضي بذاك غرامي ثم إيماني
هواي يقضي كما يقضي به شرفي
ما أعذب الموت إذ يقضي به اثنان!
حبيبة القلب إني في هواك على
عهد الوفاء ولو حبيك أضناني
أرى مماتي بعين الحب يعذب لي
كما أراه بصدقي رافعًا شاني
تسعر الشوق في صدري فذبت كما
ذاب الرصاص إذا أصلي بنيران
فلو تريني وأشواقي تقلبني
عجبتِ يا هند من صبري وكتماني
يا هند مَوتي فداكم فارحمي دنفًا
وشيعيني إلى قبري برضوان
واستمطري الغيث تهتانًا على جدثي
وروِّحيني بدمعٍ منك هتان
(غناءٌ عن بعد) ماذا أسمع؟ ما أعذب هذا الصوت! وما
أرق هذه الألحان! فقد أخذت بمجامع قلبي. (يقترب الصوت شيئًا
فشيئًا) إن هذا الغناء يذكرني أيام الوصل والصفاء حيث كنت في قومي بالقرب
ممن أهواه؛ فسقيًا لأيامٍ مضت ما كان أحلاها، مضت ولم يبقَ إلا ذكراها، مضت فأبقت في
الفؤاد لوعة وحسرة، مضت كحلم رائع مرَّ طيفه كبرق لمع، فيا أيام هنائي أما من عودة؟ أما
من عودة إليك يا ديار؟ ألن تنظر عيني حمانا وربوع نعيمي أم يودِّع قلبي عن بعد الأهل
والمنازل الوداع الأخير؟ (غناء: يقترب الصوت) إن هذا
الصوت ينسيني أسري وأحزاني وينفي عني عنائي وأوجاعي وأشجاني. يخيل لي أني في الأبلق
المنيع وهند تطربني بألحانها الشجية، لست أستغرب هذا الصوت ولا تخفى عليَّ هذه
النغمة.
(يدخل الربيع وهند متنكرين بصفة منشدين.)
المشهد العاشر
(عاديا – هند – الربيع)
هند
(بتحفظ)
:
السلام على الأمير الكريم. هل لك بالغناء فأنشدك بعض أشعار؟
عاديا
:
أهلًا بقدومك أيها المنشد (على حدة) هذا
صوتها أوَتكون هي؟
هند
(ناظرة في كل أطراف الخيمة)
:
وهل الأسير وحده؟
عاديا
:
نعم وليس ما يسليه في كربته سوى ذكر أحبابه.
هند
(ترفع اللثام)
:
وقد أتوا يزورونه في سجنه.
عاديا
:
هند!
هند
:
عاديا!
عاديا
:
وكيف عرضتِ نفسك فأتيتِ معسكر الأعداء؟
هند
:
هذا أقلُّ ما أُقدم عليه في سبيل نجاتك.
عاديا
:
رفيقكِ إن لم يخطئ ظني هو الربيع الفزاري.
الربيع
(يكون في غضون ذلك ينظر في الخيمة متفحصًا)
:
أنا بعيني … فإني لما لم أرَ بُدًّا من مجيء ابنة امرئ القيس لم تطاوعني
النفس على تركها وحدها عرضة للمخاطر.
هند
:
وقد كان لي نعم الرفيق؛ فقد وجدنا في جماعة الطماح أناسًا من فزارة مهدوا لنا
الدخول بين المضارب بصفة منشدين متسوِّلين إلى أن اهتدينا إلى مقرِّك.
الربيع
:
لا سبيل إلى الوقوف طويلًا فتدركنا العيون، سيما ونحن في خيمة الأسير.
فعجِّلا وأنا واقف هنا بالمرصاد أترقب المارين خشية أن يداهمنا أحد (يتمشى في مؤخر الخيمة).
عاديا
:
باللهِ عليك يا هند أن تصدُقيني الخبر عنك وعن الحمى؛ فإن قلبي مذ فصلوني
عنكم لا يزال يذوب شوقًا إلى الديار وساكنيها.
هند
:
أوَتسأل عن حالنا؟ منذ فراقك صارت أفراحنا أتراحًا، واستحال صفاؤنا كدرًا،
والعدو أمامنا ينذرنا بالويلات إن لم ينل المرغوب.
عاديا
:
منذ برهة كان هنا فأتاني من كل أبواب التمليق والدهاء، فلما أن أخفق مسعاه
أخذ يُبرق ويُرعد، وتوعدني بالموت بعد مُرِّ العذاب إن لم أساعده على نيل
أمانيه وذهب.
هند
:
ألم تُجِبْ طلبته؟
عاديا
:
أوَلم تعرفينا بعدُ يا هند؟ أرأيت فينا أناسًا يخونون الذمام حتى يبقى لك من
ريب في جوابي؟ لا لم أُجِبْ إلى طلبه ولم أرهب تهديده.
هند
:
ويلي عليك، وويلي منك يا عاديا! ليس كلامهُ من باب التهديد، فهو ينذر بقتلك
أو بتسليم الوديعة.
عاديا
:
وبمَ أجاب أبي؟
هند
:
أبى تسليم الأدرع كل الإباء.
عاديا
:
هذا تراث أجدادنا وهذه شمائل صاحب الأبلق.
هند
:
فطلبنا إليه أنا وعمي يزيد أن يفتديك بدروعنا ومالنا — ونحن نفديك بالأرواح —
ولكن لم يصادف كلامنا إلا آذنًا صماء، فسار عمي يستقدم أبي وأتيت أنا متنكرة
إلى هنا أستطلع طلع أخبارك. أما الآن فليس من سبيل إلى الإبطاء ويجب خلاصك
عاجلًا.
عاديا
:
وكيف السبيل إلى النجاة؟
هند
:
الفرار.
عاديا
:
وأي سبيل إلى الفرار والجنود تُحْدِقُ بنا من كل جانب؟
هند
:
الأمرُ أهون مما تتوهم.
عاديا
:
وكيف ذلك؟
هند
:
أن تأخذ ثيابي وتتنكر بزيي.
عاديا
:
وأنتِ؟
هند
:
أقوم مقامك.
عاديا
:
لا والله لا يكونَنَّ ذلك أبدًا.
هند
:
ولكن لا بدَّ من ذلك.
عاديا
:
لا ورب السماء، إن نفسي تنفر مما تعرضين عليَّ ولا ترضاه!
هند
:
بالله عليك يا عاديا لا تُضِعِ الوقت بالكلام فالفرصة لا تسنح لنا مرتين …
أسرع … ارتدِ ردائي ورافقتك السلامة ودعني أموت مكانك.
عاديا
:
يعلم الله يا هند أنني لا أبخل عليك إلا بهذا، هنا يقضي عليَّ الحب والوفاء
أن أكون، فهنا أبقى؛ فلا تجهدي النفس.
هند
:
لا لا، بل تسمع لي، بل تستجيب رجائي وتفرُّ هاربًا.
عاديا
:
وهل أتخلى عنكِ في وقت الضيق، لَبَذلُ روحي أسهل عليَّ.
هند
:
بالله عد إلى أبيك، أنت ركن شيخوخته وعماد عشيرته، ودعني أموت مكانك.
عاديا
:
بحقي عليك عودي إلى الأبلق وانتظري رجوع أبيك واتركيني أموت في
سبيلكم.
هند
:
لا، إن الوفاء لا يطلب ذلك، فقد رأينا فيكم من إعزاز الجار وحفظ الذمام ما
ليس بعده بعد.
عاديا
:
إن لم يطلب الوفاء ذلك فالحب يقضي به.
هند
:
وأنا أستحلفك بهذا الحب أن تجيب طلبي فتفرَّ حبًّا بك أو حبًّا بي.
عاديا
:
بل أبقى هنا حبًّا بكِ وحبًّا بي، فأصون حياتك يا حياتي، وهي أحب إليَّ من
روحي. وأحفظ شرفي يا هند، وهو أغلى ما لديَّ.
هند
:
أهذا ما عزمت عليه؟
عاديا
:
قد قلت ولست أرجع عن عزمي.
هند
(تخلع النقاب تمامًا وتهم بالخروج)
:
إذن …
عاديا
(يعترضها)
:
ما أراكِ تفعلين؟
هند
:
إني أذهب توًّا إلى الطماح وأعرفه نفسي وبما إني أنا بغيته لا أنت، فإنه يطلق
سراحك ويعتقلني بدلًا منك أو يتركني أموت معك.
عاديا
:
هذا تورط وجنون ما وراءهما جدوى، وعملكِ هذا يُمكِّن عدونا من سهولة
الانتقام.
هند
:
جنوني لا يعادله إلا ازدراؤك بالموت … أنا ذاهبة.
عاديا
:
قسمًا بربي لن تفعلي.
الربيع
:
كونا على حذر؛ أرى أحد رجال الطماح قاصدًا إلينا.
هند
:
أهلًا به فهو يكفيني مؤنة التفتيش طويلًا.
عاديا
:
بالله عليكِ، أعيدي اللثام وإلا هلكت لا محالة!
هند
:
وهذا ما أطلبه فما الحياة بعد الحبيب بحياة.
عاديا
:
أستحلفكِ يا هند بأبيك وبحبك لي! استري أمرك وأنا أفعل ما تريدين.
هند
:
أوَتعطيني ميثاقًا على انقيادك لي؟
عاديا
:
أُشهد عليَّ الله (تسرع هند إلى اللثام فتتلثم،
وتأخذ الربابة وتجلس والربيع في زاوية الخيمة: غناء).
المشهد الحادي عشر
(الأشخاص ذاتهم – علقمة)
علقمة
:
جئتُ لأرى مَن عند الأمير.
عاديا
:
منشد غريب مرَّ من هنا فدعوته ليسليني بنغماته، فالغناء تعزية الحزين وتسلية
السجين.
علقمة
:
أرى المغني على حداثة سنه ضليعًا من
أبواب الغناء، ماهرًا في الضرب على آلات الطرب، فلا شك أن سيدي الطماح يسر
بسماعه فسأعلمه به. عفوًا يا كرام (يخرج).
المشهد الثاني عشر
(الأشخاص ذاتهم ما عدا علقمة)
عاديا
:
كاد يُفضح أمرنا بما عزمتِ أن تصنعي.
هند
:
ويا حبذا لو كان بذلك نجاتك.
عاديا
:
لم يكن بذلك إلا هلاكنا وغبطة عدونا.
هند
(يدها على كتفه)
:
أما الآن فقد أعطيتني ميثاقًا على نفسك أنك تفعل ما أريد، ولولا ذلك لفضحتُ
أمري وكشفتُ سري، فأنجزِ الآن ما وعدت.
عاديا
:
أيا هندُ مهلًا بعض هذا التدلل
وإن كنتِ قد أزمعتِ ذلي فأجملي
فما ذرفتْ عيناكِ إلا لتضربي
بسهميكِ في أعشار قلب مقتل
أغرَّكِ مني أن حبكِ قاتلي
وأنكِ مهما تأمري القلبَ يفعل
٢
أجل يا هند أفعلُ كل ما تريدين، ولكن أستحلفكِ بكل ما يعز عليك ألا تسوميني
خطة العار، فتطلبي مني ما لا ترضاه نفسي الأبية.
هند
:
لا أطلبُ منك إلا ما يقتضيه العدل والتعقل. فإما أن ترتدي ثيابي وتفرَّ
هاربًا وأنا أقوم مقامك. وإما أن تكتبَ إلى أبيك أن يسلم إلينا وديعتنا ويترك
لنا حق التصرف بها. هذا ما أريد، فاختر لنفسك ما تحب.
عاديا
(بعد سكوت)
:
روحي فداكِ يا هند. أما أن أهرب وتقومي مقامي، فذلك تورط ما وراءه جدوى، فإن
الطماح لا يلبث أن يقفَ على جلية الأمر، فيرسل في أثري من يدركني قبل وصولي إلى
الحصن، فيكون سهمه أصاب طريدتين. وأما أن أكتب إلى والدي أحثه على تسليم
الأدرع، فهو رأي أقرب إلى الصواب.
هند
:
أدعك تختار، ولكن عجِّل قبل مجيء الطماح.
عاديا
(يكتب – على حدة)
:
لستُ أجد وسيلة لإنقاذ هند وصيانة الشرف أفضلَ من هذه.
الربيع
:
هو الطماح يقصدنا.
عاديا
(يدفع الرسالة إلى هند)
:
أسرعا وإلا هلكتما. اخرجا من الجهة الشرقية حيث مربط الخيل فتأخذا لكما
جوادين … أستودعك الله يا هند.
هند
(وهي خارجة)
:
على أمل اللقاء القريب إن شاء الله (تخرج
والربيع).
المشهد الثالث عشر
(عاديا وحده)
إن شاء الله … ولكن هذا هو الوداع الأخير … (إلى
الخارج) احملي سلامي إلى أبي وأمي وأخي الصغير، حيي عني الأهلَ والخلان.
احملي تحياتي الأخيرة إلى المنازل والربوع فلن تنظرَها عيني فيما بعد.
سيري رعاكِ اللهُ مَن رفع السما
واقري السلام على المنازل والحمى
واقري السلام على الأحبة كلهم
فحبيبهم لفراقهم يبكي دما
حيي السموأل واخبريه بأنني
عند المنية في الوفا لن أُحجما
رام الأعادي أن يدنس عرضنا
وأنا أجود بما لديَّ ليسلما
لا تقطعوا أمل اللقاء فإنه
سيكون يومًا ملتقانا في السما
شكرًا لكِ يا حبيبتي فإن منظرك قد أعاد إليَّ ثباتي وقوتي، فأقابل عدوي بعزيمة أمضى
وقلب أقوى، واعرفي يا هند أننا قوم إذا أحبوا ماتوا في سبيل الحبيب.
إنا نحييكِ قبل الموت حَيِّينا
قولي سلام على من مات يفدينا
وإن دعوتِ إلى جلى ومكرمة
كان السوابق منا والمجلونا
إنا لنُرخِص يوم الحرب أنفسنا
ولو نُسام بها في الأمن أُغلينا
نذود بالطعن عمن يستجير بنا
نفدي بأرواحنا عرضَ المحبينا
لذا أموت فدا المحبوب عن شغف
يا هند يومًا على الأحباب تبكينا
المشهد الرابع عشر
(عاديا – الطماح – علقمة)
الطماح
:
سمعتُ أن عندك منشدًا ماهرًا، فأتيت طمعًا بسماعه.
عاديا
(ناظرًا إلى الخارج – على حدة)
:
لم يبتعدا بعد. (للطماح) مرَّ من هنا
فأنشدني بعض أبيات وذهب.
الطماح
:
لا بأس. ما لنا وللغناء؟ فلنعد إلى ما يهمنا أكثر. فأعذبُ الأوتار رنةً وألطف
الآلات نغمة هي التي تعود علينا بالنفع.
عاديا
(إلى الخارج)
:
قد خرجا من بين المضارب.
الطماح
:
عسى أن يكون التفكير أولاك حسن التدبير. فعلامَ عولت إذن؟ (سكوت) هل أنت مُصِرٌّ على عنادك فتذوق مُرَّ
العذاب أم تكتب إلى أبيك تحضه على تسليم الأدرع الكندية فتصبح موضع أنظار
المنذر؟
عاديا
(إلى الخارج)
:
قد ابتعدا (للطماح) بل رأيت الكتابة إلى
أبي أفضل.
الطماح
(متهللًا)
:
ونعم الرأي يا عاديا. ألم أقل لك: إن التروي يخفض من حدتك ويُغيِّر أفكارك.
فاجلس واكتب الرسالة فتخلص من المحن.
عاديا
:
قد كتبتها.
الطماح
:
ما أقدمك على العمل عندما تريد! وأين هي فنرسلها حالًا إلى صاحب الأبلق فيكون
لك بها النجاة.
عاديا
:
لا أحب أن أحملَ رجالك تعبًا في سبيلي؛ فقد أرسلتها.
الطماح
(بدهشة)
:
ومع مَن؟
عاديا
:
ملاكٌ من السماء زارني في سجني وأخذ الرسالة إلى أبي.
الطماح
:
بل شيطانٌ من الجحيم. أين الرسالة وما مضمونها؟
عاديا
:
أيها الطماح، سرّحِْ نظرك في أطراف هذا السهل.
الطماح
:
أرى فارسين جادين في السير.
عاديا
:
إحداهما هند بنت امرئ القيس عدوك، صاحب الأدرع بغيتك، أتت وجالت في معسكرك
وزارتني في سجني ونفَت عني شدتي وحزني حاملة إليَّ الأخبار عن الأهل والحمى،
وقد دفعت إليها الرسالة لأبي.
الطماح
(لعلقمة)
:
وكيف خفي عليك أمر المنشد فغفلت عنه؟
علقمة
:
أوَيأمر مولاي أن نطاردهما؟
الطماح
(لعلقمة)
:
أرسل بعض الفرسان في أثرهما. (يذهب علقمة ثم يعود
بعد هنيهة – وفي هذه الغضون يتابع الطماح مع عاديا) وما تقول في
تلك الرسالة؟
عاديا
:
أوَعندك من ريب؟ أقول لأبي: إني لا أخشى العذاب ولا أخاف الموت في حرمة
الذمة. وأستحلفه أن يبرَّ بوعده ويحتفظ بعهده.
الطماح
:
إذن لم يبقَ في القوس منزع فستُساق إلى النِّطع وتذوق العذاب ألوانًا.
عاديا
:
إني قوي القلب أسخر بالردى
في موقف الموت الزؤام وبالعدى
موتي حياة في سبيل عهودنا
من مات حرًّا فهو حيٌّ سرمدا
لا تسعَ في إغواء من رام الوفا
إن الوفاء لدى الأكارم مفتدى
إن الوفاءَ ورثته عن والدي
لا يلبثنَّ شعارنا والمحتدا
الطماح
:
اذهب يا علقمة بأوامري إلى أصحاب الألوية، فلتقوَّض المضارب وليتهيأ رجالنا
للمسير. ثم سر إلى السموأل وبلغه عزمي الأخير: يسلم الوديعة وابنة امرئ القيس،
وإلا هلك ولدُه لا محالة. ونحن سائرون نضرب الخيام على رمية حجر من الأبلق
فنصنع بصاحبه وقومه ونفعل.
عاديا
:
أوَيتبادر إلى ذهنك أن أُسود الأبلق تعبأ بكتائبكم يا ثعالب؟
يا ويل أمكمُ من جمع سادتنا
كتائبًا كالرُّبى والسيل ينسكب
فإن سلمنا فإنا سائرون لكم
بكل هندية في حدها شطب
وكل جرداء مثل السهم يكنفها
من كل ناحية ليث له حسب
لا تحسبوا أننا يا قوم نُفلتكم
أو تهربون إذا ما أعوز الهرب
الطماح
:
قيدوا الأسير ريثما نُنزل به أشد العذاب على مرأى من أبيه وآله (يقيدون عاديا).
عاديا
(مقيدًا)
:
لا أرهب الأسلَ الذوا
بل والمهندة البواترْ
والقيد بات محببًا
مثل الخلاخل والأساورْ
تأبى المروءة أن أكو
ن لذمة الجيران خافرْ
والقلب يأبى أن يكو
نَ بدين من يهواه كافرْ
والموت عندي في الوفا
شرفي لدى أهل المفاخرْ
الطماح
:
طمحَتْ إلى كيد العداة مكايدي
وكذا تكون مكايد الطماحِ
لأدمرنَّ حصونكم ورجالكم
لأبددن جموعهم برماحِ
ولأقلبن صفاءكم كدرًا وأُبـْ
ـدل رغدكم وهناءكم بنواحِ
ولأقبضنَّ حياة كل معاند
فيقال هذا قابض الأرواحِ
لا بدَّ من إرداء من أردى أخي
فيرى السموأل خيبة بنجاحي
مهلًا سموأل لا تظلَّ معاندي
واتركْ ثُكِلْتَ فريسة الطماحِ
هوامش