الفصل الثالث
منظر الفصل الأول والثاني
المشهد الأول
(الباشا – عزيزة هانم)
الباشا
(جالسًا يقرأ جريدة)
:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
عزيزة
:
إيه يا باشا إيه يا باشا؟
الباشا
:
ولد قتل أبوه، ولما سألوه عن السبب. قال لهم: إن أبوه بلغ سبعين سنة، وإنه
شبع من الدنيا، وعلشان كده موته.
عزيزة
:
أعوذ بالله. يا رب ماتورينا سوء أبدًا.
الباشا
:
ده شيء فظيع (يعود للقراءة، ثم يضحك مرة
واحدة).
عزيزة
:
إيه يا باشا؟
الباشا
:
ها. ها.
عزيزة
:
ما تقول لي إيه يا باشا.
الباشا
:
يا شيخة خليني أضحك شويه.
عزيزة
:
والنبي تقول.
الباشا
:
شيخ بعمه بيلعب الباتيناج. موش حاجة تضحك. يا شيخه دي الناس قعدت تضحك عليه
لما قالت بس.
عزيزة
:
عندهم حق.
الباشا
(يعود لتلاوة الجريدة، ويقول وهو يضحك)
:
قال شيخ بعمه يلعب الباتيناج (يعاود القراءة، ثم لا
يلبث أن يرفع رأسه ويتنهد) الحمد لله. الحمد لله.
عزيزة
:
إيه يا باشا؟
الباشا
:
آن الأوان ياختي. رجب باشا سقط في الانتخابات في مجلس المديرية. الحمد لله.
الحمد لله. بدي بقى أقوم أقابل حسن باشا رضوان. أظنك عارفه السبب. على الله
السنه الجايه ينفع انتخابي، ونرجع بلدنا بعد ما قعدنا هنا تمن سنين في غلب
وعذاب أحمر.
عزيزة
:
ماقرتش حاجة عن السياسه؟
الباشا
:
ما لنا وما لها يا اختي السياسه. لأ. خلينا بعيد عنها اعملي معروف. أمَّا
اخرج بقى ألحق حسن باشا. (حسن داخلًا، ومعه كتاب
فعندما يرى والده يقف مكانه) أهلًا وسهلًا كنت فين ياسي
حسن؟
المشهد الثاني
(الباشا – عزيزة – حسن)
حسن
:
كنت في أودتي باذاكر.
الباشا
:
طيب وجاي هنا تعمل إيه؟
حسن
:
أذاكر برضو.
الباشا
:
وإيه اللي معاك ده؟
حسن
:
تاريخ نابليون.
الباشا
:
تاريخ نابليون والا مرجريت؟
عزيزة
:
يا باشا إعمل معروف.
الباشا
:
وناوي السنة دي تنجح في البكالوريا والا تسقط زي عمنول.
حسن
:
إن شاء الله رايح أنجح.
عزيزة
:
إن شاء الله ياباشا ينجح. أنا شايفه حسن بيذاكر دروسه كتير السنه دي.
الباشا
:
آه بيذاكر السنه دي. طبعًا ما هو عمنول كان عنده شاغل تاني.
عزيزة
:
يا باشا ليه بس!
الباشا
:
اسكتي. اسكتي. ده اللي عمله حسن مايتعملش. القصد أما أقوم أخرج أقابل صاحبك
على الله النوبه دي تنفع المسأله. (يهم
بالخروج) ذاكر يا حسن دروسك. يكفي اللي حصل (يخرج).
حسن
:
أف. أف. أف.
عزيزة
:
ما لك يا حبيبي النهاردة زعلان قوي؟
حسن
:
ولا زعلان ولا حاجة يا نينه.
عزيزة
:
هوا انا يا بني ما اعرفكش لما تزعل!
حسن
:
والله يا نينتي مافيش حاجه.
عزيزة
:
يا بني يا حبيب ريَّح قلبي اعمل معروف.
حسن
:
وبس ح أقول لك ايه يا نينه.
عزيزة
:
طيب تخليني أقول أنا؟
حسن
:
قولي.
عزيزة
:
يظهر إنك رجعت تفتكر في صاحبتنا.
حسن
:
يا سلام يا نينه. يا سلام. يعني لازم تنكدي عليَّ إنت وابويه كل يوم بالسيره
دي. هو أنا يا ناس بجيب لكم سيرتها. أنا يا ناس بتكلم؟ موش تسكتوا عني زي مانا
ساكت عنكم.
عزيزة
:
بس يا بني مش عاوزه أشوفك زعلان.
حسن
:
طيب يا ستي أديني موش زعلان.
عزيزة
:
طيب هات بوسه.
حسن
(يقدم لها خده)
:
هيه.
عزيزة
:
إخص عليك يا حسن. برضو كده. طيب معلهش (تخرج).
حسن
:
أف. أف. أروح فين؟ (يرمي بالكتاب الى الكرسي
ويجلس).
المشهد الثالث
(حسن – محمود)
محمود
(داخلًا بسرعة)
:
حسن.
حسن
:
محمود. جيت في وقتك يا أخي.
محمود
:
جرى إيه يا أخي. إن شاء الله خير. إيه معنى الجواب اللي بعته ليه النهارده
الصبح تستعجلنى فيه بالحضور.
حسن
:
مصيبة كبيرة يا أخي.
محمود
:
لا سمح الله يا شيخ.
حسن
:
والله مصيبه كبيره خالص. أقول لك الواحد يموت روحه ويخلص أحسن.
محمود
:
بس موش تقول لي إيه اللي جرى؟
حسن
:
إسكت. مرجريت.
محمود
:
ما لها؟ ما فات على حكايتها خمس تشهر. إيه اللي جدد العباره تاني؟
حسن
:
إسكت أنا خبيت عنك تلات جوابات بعتتهم ليَّه.
محمود
:
تلات جوابات؟ وفيهم إيه؟
حسن
:
فيهم إن مرجريت حامل.
محمود
:
حامل يادي الداهيه. ماتقولش كده يا شيخ، وقالت لك إيه في الجوابات؟
حسن
:
الأولاني أخبرتني فيه بالمسأله، والتاني طلبت مني فيه المساعده، والتالت
هددتني فيه بالحضور.
محمود
:
وريني جوابها التالت.
حسن
:
خد.
محمود
(يتناول الخطاب ويقرؤه)
:
خطاب صغير خالص. يظهر إنها متضايقة قوي، وبعدين؟ امتى وصلك الجواب ده؟
حسن
:
إمبارح.
محمود
:
على كده يظهر انها تجي النهاردة. يا أخي ليه بس ما قلتليش على السر من الأول.
كان الواحد كلفت المسأله وانتهت.
حسن
:
أنا عارف يا أخي. أديني عمال أسأل روحي مش عارف أعمل إيه؟
محمود
:
شوف. المهم إن أبوك ما يعرفش المسأله. أما مرجريت الواحد يقدر يراضيها
بشيء.
حسن
:
وأجيب لها فلوس منين؟
محمود
:
أقولك. أول حاجة لازم تقول لنينتك على كل شيء.
حسن
:
ماأقدرش يا أخي (يشهق بالبكاء).
محمود
:
بتعيط. إنت عيل صغير يا حسن. إخص عليك يا شيخ. كنت اظنك راجل.
حسن
:
اسكت يا بن خالتي. دي مصيبة كبيره قوي. أنا ملزم بتربية الولد والصرف عليه،
وضميري ما يسمحش ليه أبدًا إني أسيبه. لكن قولي. أجيب له فلوس منين؟ هو أنا
حيلتي حاجه.
محمود
:
يا أخي قلت لك لازم تقول لوالدتك قبله.
حسن
:
ما أقدرش أقول لها.
محمود
:
أقول لها أنا. فيه أحسن من كده؟ القصد إن أبوك ما يعرفش حاجه.
حسن
(صارخًا)
:
أبويه. أبويه. موش هو سبب المصايب دي كلها. مش هو سبب المصايب دي
كلها.
محمود
:
هدي روحك يا شيخ.
حسن
:
والله يا شيخ الواحد عاوز يموت ويخلص، أيوه والله عاوز أموت، عاوز أموت. آه
ياريتني مت يا شيخ.
(يدخل أمين.)
المشهد الرابع
(حسن – محمود – أمين ثم فيروز أغا)
أمين
:
تموت. تموت! بونجور محمود بك. تموت يعني إيه يا راجل؟
محمود
(سرًّا لحسن)
:
ماتقولش حاجة أبدًا. سامع.
أمين
:
مصيبة كبيرة قوي؟ موش معقول.
حسن
:
موش معقول إزاي؟
أمين
:
عشان مافيش في الدنيا مصايب أبدًا.
محمود
:
انت عاوز نقلب المسأله هزار، والا ايه ياسي أمين؟
أمين
:
أبدًا. أنا بتكلم جد إذا كان الواحد يبص للدنيا بعين الفلسفه ما يتعبش أبدًا
ولا تجيش له مصايب بالمرة.
حسن
:
لكن مصيبتي كبيرة قوي. البنت مرجريت اللي كانت هنا.
أمين
:
ما لها؟
حسن
:
حامل.
أمين
(يذهب ويمسك يد حسن)
:
حامل … برافو عليك يا أبو علي.
محمود
(لنفسه)
:
كويس خالص.
أمين
:
وفين يا أخي المصيبه الكبيرة اللي عمال تدور عليها؟
حسن
:
يا أخي سيب الهزار. الولد ده مين حايربيه.
أمين
:
أمه، والا أبوه، والا أي واحد. القصد يتربى والسلام، وكلام في سرك لما أبوك
راح يسمع بالمسألة.
حسن
:
يطردني من البيت.
أمين
:
أبدًا يا عبيط. ده حاينبسط منك قوي لما يعرف انك واد تمام، جدع.
محمود
:
تمام إيه وجدع ايه يا شيخ.
أمين
:
معلوم تمام وجدع. على الأقل أجدع مني. دا أنا بقى لي يجي خمس سنين مع يجي
سبعين واحده ولا عرفتش أعمل كتكوت، والواد المفعوص ده في ظرف خمس تشهر يعمل
عملته ديه. أما براوة عليك صحيح يا ابو علي.
حسن
(لمحمود)
:
وبعدين بقى يا محمود يظهر إن أمين ح يسوقها هزار للآخر.
محمود
(لحسن)
:
ماهو الحق عليك انت. ليه يعني كنت بحت له بالسر.
حسن
:
أنا عارف.
أمين
(لحسن)
:
قولي بقى يا حسن بيه وإيه اللى نويت تعمله؟
محمود
(محتدًّا)
:
يا أمين بيه أقول لك الحق إحنا ماحناش عندنا وقت نسمع فيه هزارك البارد ده.
إعمل معروف تخلينا شوية لوحدنا.
أمين
:
أنا رايح أقعد خمس دقايق بس.
محمود
:
لا. لا، ولا دقيقه واحده.
أمين
(ممتعضًا)
:
طيب رايح أقعد عشر دقائق.
محمود
:
من فضلك يا أمين بك تخلينا لوحدنا.
أمين
(يقف غاضبًا)
:
يا سلام يعني قصدك تطردني والا إيه؟
حسن
:
لأ. موش قصده كده بس يعني …
محمود
(مقاطعًا على حسن الكلام)
:
إفهم كلامي زي ما إنت عاوز أنا بقول لك اننا عاوزين نقعد لوحدنا. فاهم والا
لأ.
أمين
:
فاهم قوي (لحسن) إنت شاهد يا حسن بيه. لو
كنت تلاقيني مرة تانيه أكلم الجدع ده إبقى تف في وشي. نهاركم سعيد (وهو خارج لحسن) أهنيك للمرة التانية أما صحيح
ولد تمام جدع خالص (يخرج).
محمود
:
الحمد لله اللي انزاح عنا.
حسن
:
لكن يظهر إنه زعل.
محمود
:
ينفلق ده شيء يجنن. يا سيدي اللي في ايدنا أهم منه.
حسن
:
عندك حق قول لي تعمل ايه؟
محمود
:
إسمع أنا فهمت من جواب مرجريت إنها حتيجي النهارده، وتبقى مصيبه كبيره لو جت
وشافها أبوك وعرف الحقيقه.
حسن
:
آه يا محمود لو عرف الحقيقه مايبقاش فاضل إلا اموت.
محمود
:
سيبك من الكلام ده يا شيخ. سيبك موت إيه وبتاع إيه، أول حاجة لازم تقول
لنينتك.
حسن
:
ماأقدرش أبدًا ما يمكنش.
محمود
:
إسمع الكلام ياحسن بلاش مناقشة دلوقت، موش وقته.
حسن
:
ما أقدرش أقول لها.
محمود
:
أنا أقول لها يا سيدي. أنا اللي رايح أقول لها.
حسن
:
لكن.
محمود
(مقاطعًا عليه الكلام)
:
إعمل معروف ماتضيعش الوقت (يذهب ويدق
الجرس).
حسن
:
وبعدين، وبعدين. آه يا ربي آه يا ربي.
فيروز
(داخلًا)
:
أفندم.
محمود
:
روح للست وقول لها إننا عاوزين نكلمها في مسأله مهمه قوي.
فيروز
:
حاضر (يخرج).
حسن
:
دلوقتي حتيجي يا محمود ده شيء ما أقدرشي عليه أبدًا.
محمود
:
أما انت خوَّاف صحيح، إستنى يا أخي هو حد في الدنيا يقول إن الأم تيجي على
ابنها. دلوقت من غير نزاع تساعدنا.
حسن
:
صحيح؟
محمود
:
مؤكد! (تدخل عزيزة هانم).
المشهد الخامس
(حسن – محمود – عزيزة هانم)
عزيزة
(في حالة انزعاج)
:
إيه اللي جرى؟
محمود
:
ولا حاجة يا خالتي.
عزيزة
(تنظر لوجه حسن)
:
ما لك ياحسن؟ كنت بتعيط؟
حسن
:
عندي صداع.
عزيزة
:
يستحيل هو اللى عنده صداع تبقى عينه حمرة كده ما تقول لي يا بنى ما
لك؟
محمود
:
اسمعى يا خالتي، المسألة مهمه صحيح. مهمه جدًّا.
عزيزة
:
طيب قول لي إيه هي يا محمود بك؟
محمود
:
وعاوزين إنك تساعدينا فيها.
حسن
(لنفسه)
:
آه.
عزيزة
:
خير إن شاء الله.
محمود
:
خير إن شاء الله إنت تعرفي بالطبع البنت مرجريت …
عزيزة
:
عارفه إننا طردناها من بيتنا لكن ما اعرفش إيه اللي جرى لها بعد كده.
محمود
:
ولا حاجة بعتت جواب لحسن تقول له فيه إنها حامل منه.
عزيزة
:
حامل منه (تندهش) كلام فارغ كدابه البنت
دي.
محمود
:
يجوز إنها تكون كدابة لكن المهم إنها ح تجي النهارده هنا.
عزيزة
:
وإيه يعني نطردها من البيت؟
حسن
:
إزاي؟
عزيزة
:
معلوم نطردها. إزاي نعرف إن اللي في بطنها ابنك؟
حسن
:
أنا متأكد من كده.
محمود
:
مش المهم ده كمان. تقولي إيه يا خالتي لو شافها الباشا؟
عزيزة
:
يطردها كمان.
حسن
(بشهامه)
:
ويطردني معاها.
عزيزة
:
حسن إختشي إيه الكلام اللى بتقوله ده.
حسن
:
إذا كنت يا نينتي تقدري إنك تطرديني من بيتك وتتخلى عني. أنا برضو أقدر أطرد
مرجريت وأتخلى عن الولد اللي في بطنها.
محمود
:
ياتيزه أنا عاوزك تدبري معانا شوية في المسأله دي. المسأله موش سهلة أبدًا،
والفضيحة موش كويسه.
عزيزة
:
فضيحة إيه وعار إيه، واحده بنت جايه تدعي علينا دعوه زور إيه الداعي إننا
نصدقها.
حسن
:
يا نينتي إن ما كنتيش رايحه تساعدي مرجريت أنا مستعد إني أخرج من البيت ده،
وأربي ابني بأي وسيلة كانت، والا أموت روحي (يخرج
مسدس من جيبه).
عزيزة
(صارخة في وقت واحد مع محمود)
:
حسن.
محمود
(يخطف من يده المسدس)
:
يا مجنون عاوز تعمل إيه؟
حسن
:
أعمل إيه يا نينتي؟ آه يا نينتي، والله الموت أحسن (يبكي) والله يا ناس الموت أحسن.
عزيزة
(تلاطفه)
:
ما تزعلش يا بني هون عليك أنا أصلح كل حاجه (لمحمود) انتم متأكدين إن مرجريت حتيجي النهارده؟
محمود
:
أيوه؟ لأنها بعتت لحسن تلات جوابات. الأول شرحت له فيه المسأله، والتاني
إترجته فيه، والتالت هددته بالحضور النهارده. بالله قولي لي لو عرف الباشا يعمل
إيه في حسن؟
عزيزة
:
المهم إن الباشا ما يشفش مرجريت.
محمود
:
كده برضو. يا رب تجي قبل حضور الباشا عشان نوضب المسألة وننهيها.
عزيزة
:
يا رب تسمع منا أنا مستعدة أساعدها بس عاوزه حسن يعقل ولا يعملش حاجه يفهم
منها الباشا سر المسأله.
حسن
:
أحلف لك يا نينتي براسك إني أكون تحت أمرك.
عزيزة
:
الحمد لله. يا رب تأخر حضور الباشا.
المشهد السادس
(المذكورون – الباشا)
الباشا
(من الخارج)
:
مصيبه كبيره. مصيبه كبيره (يدخل) مصيبه
كبيره قوي يا هانم وقعت على دماغنا النهارده. اتخرب بيتنا.
عزيزة
:
جرى إيه يا باشا. (لنفسها) خايفه لتكون
قابلته مرجريت وعرف الحقيقه.
محمود
:
جرى شيء يا باشا؟
الباشا
:
لا مؤاخذة يا ابني. ماسلمتش عليك. لكن المصيبة اللي وقعت على دماغي النهارده
ماخلتش فيَّ عقل ولا فكر.
محمود
:
العفو يا سعادة الباشا. بس إيه جرى؟
الباشا
:
جرى إيه. جرى إيه (لحسن صارخا) بس انت
اللي ماتسألش أبوك ايه اللي جرى له. كأنك يعني مانتش من العيله ولا تقعش
المصيبه على دماغك إنت راخر.
حسن
:
جرى إيه يا بابا؟
عزيزة
(لنفسها)
:
لازم تكون قابلته مرجريت، وعرف كل حاجة. سترك يا رب.
الباشا
:
أهو الواحد كده دايما منصاب في الدنيا. أنا عارف الواحد يموت إمتى!
محمود
(لنفسه)
:
لازم تكون قابلته مرجريت.
حسن
(لنفسه)
:
مابقاش فيه أمل. لازم تكون قابلته مرجريت.
عزيزة
:
موش تقول لنا يا باشا؟ بس يعني إيه اللي جرى.
الباشا
:
اللي جرى إني وانا جي من عند حسن باشا رضوان قابلت واحد شحات في السكه. قمت
بدال ما اديله قرش تعريفه إديته خمس قروش صحيحة. يا اخوانا خمس صاغ عمله فضه،
يا ناس راح مني خمس صاغ النهارده.
عزيزة
:
فداك يا باشا.
الباشا
:
فدايه؟ إيه الكلام ده! ده بقى موش كفاية إني أروح لحسن باشا رضوان أقوم ما
ألقاهوش في البيت، وكمان أدي لواحد شحات حتة بخمسة. يا خبر اسود. يا خبر
اسود.
محمود
:
معلهش يا باشا.
الباشا
:
معلهش ازاي! دي حتة بخمسه الواحد يشترى بها رطل لحمه آه يانا آه يانا، وقعدت
أنده على الشحات عشان آخد منه الخمس قروش ما أمكنش أبدًا. بقى يجري زي الوابور
ابن الكلب.
محمود
(لعزيزة)
:
لازم الواحد يفكر في مسأله تخليه يخرج عشان ما يقابلش مرجريت.
عزيزة
:
برضوه كده.
محمود
:
يا سعادة الباشا. لازم سعادتك تخرج حالًا وتبلغ البوليس.
عزيزة
:
أيوه يا باشا. لازم سعادتك تخرج بنفسك، وتبلغ البوليس في القسم. عشان يعملو
للمسألة أهميه.
الباشا
:
عندكم حق (يهم بسرعة) والله ماني عاتقه
ابن الكلب (يصل الى الباب ثم يقف).
حسن
(قبل أن يصل الباشا للباب)
:
الحمد لله.
عزيزة
:
أيوة أهه حايخرج.
الباشا
(يقف عند الباب)
:
والا على إيه. أبقى أقول لعلي أفندي الكاتب بتاع دايرتنا إنه يبقى يروح يبلغ
في البوليس. أحسن أنا حاسس بشوية تعب، وشوف المصيبة كمان. قال اروح لحسن باشا
رضوان أقوم مالاقهوش في البيت.
عزيزة
:
موش كان يا باشا لازم تستناه شوية.
محمود
:
حقه كان لازم يا باشا تستناه.
عزيزة
:
معلوم. بقى كده دايمًا تضيع فرص انتخابك في مجلس المديرية.
الباشا
:
ايه يعني؟ كان لازم أستناه هناك؟
حسن
:
أيوة يا بابا. كان لازم تستناه.
الباشا
:
طيب واعمل إيه دلوقت؟
محمود
:
تقوم تاني تروح تقابله. لازم سعادتك تخرج وتروح تقابله.
عزيزة
:
أيوه يا باشا لازم تخرج حالًا.
حسن
:
أيوه يا بابا عشان يعاد انتخابك في مجلس المديرية.
الباشا
:
برضو كده (يهم واقفًا) أما أقوم حالًا
وأروح أقابله. موش حاجه لما أتعب لي شوية.
عزيزة
:
الحمد لله.
حسن
:
أيوه الحمد لله.
الباشا
(يصل إلى الباب ويقف)
:
لكن ده قالو لي في البيت إنه خرج بعد الظهر وموش حايرجع إلا بعد العشا عشان
معزوم عند عبد الله باشا يسري.
محمود
:
وفيها إيه لو عملت زيارة دلوقت حالًا لعبد الله باشا يسري، وهناك تقابل حسن
باشا رضوان، وإن شاء الله تنفع مسألة انتخابك في مجلس المديرية.
عزيزة
:
مافيش أحسن من الطريقة دي. ياللا يا باشا حالًا. أدحنا صفاري شمس.
الباشا
:
برضو كده رأيكم هو الصواب. السلام عليكم (يصل عند
الباب فتقابله مرجريت وهي داخلة، ويقف الباشا مبهوتًا عند
دخولها).
المشهد السابع
(المذكورون – مرجريت)
حسن
(لنفسه)
:
ضاع الأمل.
محمود
:
يا خبر!
عزيزة
:
يا مصيبتي!
الباشا
:
شيء جميل! أنا في حلم والا في علم (لمرجريت) جاية تعملي إيه يا بنت (بشدة) جاية هنا تعملي إيه؟
مرجريت
:
إسأل ابنك.
الباشا
(مندهشًا)
:
أسأل ابني؟
حسن
:
ماتسألهاش يا بابا. إسألني أنا. الحق موش عليها. الحق عليَّ.
الباشا
:
إيه هو اللي جرى؟
عزيزة
:
مافيش حاجه؟ دي بس …
حسن
(يقطع عليها الحديث)
:
إسكتي يا نينا. ماحدش حيتكلم غيري.
محمود
(لحسن سرًّا)
:
إسكت يا حسن. إسكت خلينا إحنا اللي نتكلم.
حسن
(لمحمود بصوت مرتفع)
:
أنا موش عيل يا محمود. لازم الحقيقة تتعرف.
الباشا
:
إيه هي الحقيقة؟
حسن
(بصوت فيه رنة المقدم على شيء كبير)
:
الحقيقة إن مرجريت حامل.
الباشا
:
حامل! من سيادتكم؟
حسن
:
أيوه مني أنا، والواجب يدفعني إني أساعدها.
الباشا
(للجميع)
:
ده كلام فارغ. بقى بنت زي دي تضحك علينا كلنا، إطلعي برة يا بنت. إطلعى بره
لحسن أخبط وشك في الأرض.
حسن
:
إذا طردتها يا بابا رايح أطلع أنا وراها.
الباشا
:
بطلوا ده واسمعوا ده!
عزيزة
:
يا باشا إستنى شوية. الولد حسن ده مجنون، وطالع فيها مره واحده. لازم نعقله.
موش كده يا محمود بيه؟
محمود
:
معلوم. لازم نعقله. بدل ما ندفعه لعمل حاجات موش كويسه.
الباشا
:
أنا بدى أعرف سي حسن عاوز يعمل إيه؟
حسن
:
عاوز أربي الولد اللي في بطن مرجريت. عاوز أطلعها من هوة العار اللي رميتها
فيها عاوز …
الباشا
:
إخرص يا قليل الأدب. إخرص وإلا اطلع بره إنت وهي.
حسن
:
يكون أحسن.
محمود
:
إسكت يا حسن.
الباشا
:
لازم أطرده هو وهي حالًا. حالًا.
عزيزة
:
يا باشا أبوس إيدك ورجلك.
مرجريت
:
يا باشا ما تخافش. كنت أظن إن الأغنياء في قلبهم رحمه على الفقرا. كنت أظن
الباشوات يعرفوا الواجب. كنت أظن إن الرحمه والشفقه لسه موجودة في الدنيا. لكن
دلوقت عرفت الحياة عبارة عن غش وخداع وظلم. ماتآخذنيش يا سعادة الباشا اللي جيت
وقلقت راحتك، وانت يا حسن دلوقت عرفت انك راجل صحيح. خليك يا حسن مع أبوك وأمك.
ما يصحش انك تسيبهم عشان بنت مسكينة زيي. أما أنا عندي رب ما ينساش حد.
حسن
(يسرع ويقف بجوارها)
:
إستني يا مرجريت. يستحيل تطلعي من هنا من غير ما أكون معاك. إنت بتحسبيني
راجل متوحش ماعنديش شفقه ولا رحمه. أبدًا. لازم أعيش معاك ونربي سوا الولد اللي
لسة ماشفش نور الدنيا.
الباشا
(ينظر لزوجته)
:
أنا ما أقدرش على الحال ده أبدًا. هو أنا بيتى معرض فسق يا محمود بك. أنا
بقولك للمره الأخيرة: اني مانش عاوز أشوف وش البنت دي ولا وش الحمار ده (مشيرًا لمرجريت وحسن) ياللا بره، اخرجوا
بره.
عزيزة
:
يا باشا أترجاك. أبوس إيدك (لحسن) يا حسن
أنا أمك ارحم أمك.
محمود
:
يا حسن شوف أمك وأبوك.
حسن
:
يستحيل. آه عاوزين إني أرحم أمي، ولا ارحمش ابنى مستحيل.
الباشا
(محتدًّا جدًّا)
:
إطلع بره إنت وهي. إطلع أحسن والله بعدين أخسف بكم الأرض، ياللا بره
حالًا.
حسن
:
ياللا يا مرجريت. الوداع يا أمي (يخرج ومعه
مرجريت).
عزيزة
:
آه. محمود بيه روح معاه. خليك معاه لحد ما تنفض المسأله. روح يا
حبيبي.
محمود
:
حاضر يا خالتي أديني رايح (يخرج).
عزيزة
(تجلس على كرسي وتضع رأسها بين يديها)
:
آه يا غلبي. يا غلبي يانا.
الباشا
:
غلب إيه، وبتاع إيه. الحمد لله اللي استريحنا منه ومنها كنا يا ترى حانقبل
على نفوسنا المصيبه دي.
(عزيزة لا ترد عليه بل تجلس وهي واضعة رأسها بين يديها.)
الباشا
(لنفسه)
:
ودلوقت وجب إني أنظم حساب بيتي بشكل تاني بعد ما طردت الملعون ده. بنجيب في
اليوم تلات ترطال لحمة. نجيب رطلين ونص، وبنجيب بستة صاغ خضار. نجيب بخمسة،
وبنجيب أربع وقات عيش. نجيب تلاتة ونص. أيوه كده تمام (يذهب الى الشباك ويفتحه وينادي) يا عبد السلام أفندي. يا كاتب
سعادة محمد باشا علي الزفتاوي.
(صوت عبد السلام أفندي من الحوش: أفندم.)
الباشا
:
تعالى تحت الشباك وامسك الدوايه والقلم واكتب.
(صوت عبد السلام أفندي من الحوش: أيوه يا افندم.)
الباشا
:
الآن وقد طردنا ولدنا العزيز حسن بك علي من منزل سعادتنا. أمرنا بما هو
آت:
- أولًا: إنزال مرتب اللحمه من تلاتة أرطال الى رطلين ونص.
- ثانيًا: إنزال مرتب الخضار من ستة قروش لخمسه.
- ثالثًا: إنزال مرتب العيش من تلات وقق الى وقتين ونصف.
- رابعًا: إنزال مرتب …
(ستار)