أصل الديانة اليهودية
كانت الديانة الكنعانية ذات طابع سامي متعددة الآلهة، فكان لكل مدينة، بل لكل حقل، بل لكل كَرْمة عِنَب، ولكل بئر وينبوع سيدها «بآل. أدون»، أو سيدتها «بآله»، وهو مالكها وحاميها المقدَّس. وكانت مراسم الحياة الجنسية تحت رعاية الآلهة استارته «أو أشيره»، ويقابلها عند البابليين «إستار»، وكان يخدمها أتقياء وتقيات منحوا أجسامهم تكريمًا لقداستها.
وإلى هؤلاء الآلهة الرئيسيين — ثُمَّ آلهة أقل مرتبة، وهي أرواح — كانت الصور المزخرفة تقدم احترامًا للعابدين وللمعبودين. وإلى جانب المذبح تقام عماد من الخشب «آشيرة»، أو عامود من الحجر «مازبة». أما المذبح فهو مائدة الإله توضع عليه الهدايا شكرًا لوفرة المحصول أو غزارة الماشية، وكانت هناك كئوس تستقبل دم الضحايا من الحيوان أو يصب فيها النبيذ، ويدخل العابدون مع الإله مشتركين في الوليمة المقدسة. وكان الحيوان يوضع أحيانًا على المذبح لكي يفنى على النار ويصعد البخار كرائحة طيبة نحو الإله، والمفروض أن مقامه في السماء، وكان يحتفل بالمواسم الزراعية الدورية وجمع الفاكهة في مرح صاخب، ويصحب هذا رقص على نغمات الموسيقى الصاخبة، وإسراف في شرب الخمر واللذات والطعام، مُغمِدين السيوف والحراب في أجسامهم إلى أن يسيل الدم منها. وكانت الألقاب الفخرية المقدسة تُمنح إلى أرواح الموتى، وكذلك كان الطعام يقدم إلى المدفن، وكان في الوسع الحصول على الأخبار عن طريق السير ليلًا في المقابر أو مناجاة أرواح الموتى، كما كانت الأولاد تُحرق، سواءٌ لأغراض مقدسة أو تضحيةً من أجل باعث غير عادي.
وكان اليهود في بداية إقامتهم في كنعان يروعهم هذه التضحيات. غير أنهم مع الأيام، انتهوا إلى محاكاتها وإدخالها بتفصيلاتها كلها إلى طقوسهم، على أنهم ارتدوا إلى صفاتهم الأولى حيال ما شهدوا من صنوف الفساد وعواقبه البغيضة الناشئة عن حضارة آسنة.
غير أنه قد بقي أثر مظاهر تلك الطقوس الكنعانية كالمازبة «الدعامة»، الذي يوجد إلى جانب المذبح، الذي حل محله الآن «الطيبة»، وهي ما يشبه المصطبة التي يقف عليها الكاهن. وكذلك النبيذ الذي يوضع الآن في كأس ويشرب في المعبد هو أثر لدم القرابين، والكبش الذي كان يُضحى به ويحرق على المذبح كان موضع تكريم الإسرائيليين إلى أن أُلغي على أثر تدمير معبد القدس.
ثم إن لغة اليهود — كما سنوضحها — كانت ذات لهجة آرامية أقرب إلى العربية. والآرامية تنسب إلى آرام بن سام، وترجع إلى بعض القبائل السامية، التي نزحت طائفة منها إلى أرض كنعان التي عرفت باسم فلسطين منذ القرن الثالث عشر ق.م. كما نزحت طائفة أخرى إلى العراق في القرن العاشر ومنهم الكلدانيون. أما من بقي منهم هناك فقد لبثوا يتكلمون هذه اللغة منذ العصر العباسي، ومنهم أيضًا الآشوريون. وثمة طائفة ثالثة أقامت في الشام وقضت على الحيثيين.
جاء اليهود «الآراميون» إلى أرض كنعان «فلسطين»، وتكلموا لغتها الكنعانية، كما كتبوا بها مع تأثر بالآرامية، فاختلفت لغة اليهود التي أطلق عليها عندئذٍ اسم العبرية عن الكنعانية بعض الاختلاف.
ولعل الكتاب المقدس هو أكبر مصدر عن اليهود تاريخًا وأدبًا عبريًّا، والكتاب المقدس يشتعب العهد القديم «التوراة» والعهد الجديد «الإنجيل»، وهو كتاب دين وتاريخ وأدب. فأما التوراة فهي أساس الديانة اليهودية والأدب اليهودي، وهي — إلى هذا — أساس الديانة المسيحية؛ ذلك أنه بينما يؤمن المسيحيون بالتوراة وبالإنجيل، يؤمن اليهود بالتوراة والتلمود.
التوراة
التوراة كلمة عبرانية معناها: الشريعة، أو الناموس، وهي تطلق عند اليهود على خمسة أسفار «كتب» يقولون إن موسى كتبها. وهي سفر التكوين — بدء الخلق — وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر تثنية الاشتراع كما سنوضحه بعد.
ويطلق «النصارى» لفظ التوراة على جميع الكتب التي يسمونها العهد العتيق؛ وهي كتب الأنبياء، وتاريخ قضاة بني إسرائيل وملوكهم قبل المسيح، ومنها ما لا يعرفون كاتبه. أما التوراة، في عرف القرآن، فهي ما نزل من الوحي على موسى ليبلغه قومه. وعند مؤرخي العرب وغيرهم أنه قد فسد بنو إسرائيل بعد موسى، وأضاعوا التوراة التي كتبها، ثم كتبوا غيرها، ثم إن «عزرا» الكاهن، وهو الموصوف في التوراة المكتوبة الآن بأنه هيَّأَ قلبه لطلب شريعة الرب، والعمل بها، وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء — عزرا هذا كتب لهم التوراة، بأمر «أرثحشستا» — ملك فارس — الذي كان قد أذن لهم في العودة إلى فلسطين.
وعلى هذا يذهب هؤلاء المؤرخون إلى أن جميع أسفار التوراة التي عند اليهود والنصارى قد كتبت بعد السبي في ٥٣٧ قبل الميلاد، ويدل على ذلك كثرة الألفاظ البابلية فيها. وإنما جاءتهم البابلية أثناء إقصائهم عن وطنهم، وسبيهم في بابل.
هذا؛ وقد اعترف علماء اللاهوت من النصارى بفقد توراة موسى التي هي أصل دينهم وأساسه.
قال صاحب «خلاصة الأدلة السنية، على صدق أصول الديانة المسيحية»: «والأمر مستحيل أن تبقى نسخة موسى الأصلية في الوجود إلى الآن، ولا نعلم ماذا كان من أمرها، والمرجح أنها فُقدت مع «التابوت» لما ضرب بختنصر الهيكل، وسبى بني إسرائيل، وأن عزرا الكاتب الذي كان نبيًّا بعد موسى جمع النسخ المتفرقة وكتبها.»
أما اليهود فيقولون: إن عزرا كتب ما كتب بالإلهام.
ثم إن بعض علماء الفرنجة قد أوضحوا: «أن أسفار التوراة قد كتبت بأساليب مختلفة، فلا يمكن أن تكون كتابة واحد.»
قال الأستاذ الشيخ محمد عبده: «إن التوراة التي يشهد لها القرآن، هي ما أوحاه الله إلى موسى ليبلغه قومه. وأما التوراة التي عند القوم اليوم، فهي كتب تاريخية مشتملة على كثير من تلك الشريعة المنزَّلة؛ لأن القرآن يقول في اليهود: إنهم أوتوا نصيبًا من الكتاب، كما يقول: إنهم نسوا حظًّا مما ذُكِّرُوا به. ولأنه يستحيل أن تنسى تلك الأمة بعد فقد كتاب شريعتها، جميع أحكامها، فما كتبه «عزرا» وغيره مشتمل على ما حفظ منها على عهده، وإن كان فيه تخليط وتحريف.» (جزء ٣ تفسير القرآن للشيخ محمد عبده).
هذا؛ وقد كان خروج موسى مع بني إسرائيل من مصر، ثم نشر تعاليمه في التوراة سنة ١٢٢٠ قبل الميلاد.
وجاء في التفسير المشار إليه الجزء الخامس عند شرح قوله تعالى: مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ بأنه قد أثبت العلماء تحريف كتب العهد العتيق «التوراة» والعهد الجديد «الأناجيل» بالشواهد الكثيرة، وفي كتاب «إظهار الحق» للشيخ رحمة الله الهندي رحمه الله، مائة شاهد على التحريف اللفظي والمعنوي.
قال (هورن) في المجلد الأول من تفسيره لسفر «تثنية الاشتراع» من التوراة: لا يمكن أن تكون تلك الفقرات من كلام موسى، وإن (عزرا) الكاتب زاد بعض العبارات في التوراة.
هذا؛ وقد جاء في دائرة معارف لاروس تحت كلمة توراة ما يأتي: «العلم العصري — ولا سيما النقد الألماني — قد أثبت بعد أبحاث مستفيضة في الآثار القديمة والتاريخ وعلم اللغات، أن التوراة الحالية لم يكتبها موسى، وأنها عمل أحبار لم يذكروا اسمهم عليها، ألَّفُوها على التعاقب، معتمدين في تأليفها على روايات سماعية، سمعوها قبل سبي بابل.»
تلك هي جملة ما قيل عن «التوراة»، أوردناها لكي يقف القارئ على منزلة هذا الكتاب لا ككتاب دين وحسب، بل ككتاب تاريخ، وخاصة تاريخ اليهود، وهو — إلى هذا — كتاب أدب.
جاء العبريون — كما قدمنا — من الصحراء عابرين الأردن، وهبطوا فلسطين. وكانت لغتهم الآرامية؛ أي لغة آرام بن سام، وهي جماعة القبائل السامية التي تفرَّقت في أنحاء شتى، فمنها ما استوطن كنعان «فلسطين» بين القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، ومنها ما نزل العراق حول القرن العاشر قبل الميلاد، كالكلدانيين والآشوريين، وثمة قبائل عاشت في شمال سوريا وقوضت حكم الحيثيين. وقد اتخذ اليهود لغة الكنعانيين — سكان فلسطين الأصليين — لغة عبرية لهم مع تأثُّرهم باللغة الآرامية، فجاءت اللغة اليهودية مختلفة بعض الاختلاف مع الكنعانية كما أشرنا إلى هذا في ما تقدم.
أقسام الكتاب المقدس والتوراة
يشتعب الكتاب المقدس التوراة «العهد القديم» وهو عمدة الدين اليهودي والأدب المسيحي. والتلمود لليهود والإنجيل «العهد الجديد» للمسيحيين.
أما «التلمود» فهو مجموع قوانين وتقاليد مقدسة هادية، شرحها رجال الدين اليهودي، وتناقلها اليهود إلى عهد النبي موسى. وقد جُمع التلمود في ثلاثة قرون من القرن الرابع إلى السادس، وهو قسمان: (١) مِشنا — بكسر الميم — وهو أحكام شرعية، بالعبرية، مقيسة على «التوراة». و(٢) جِمارا — بكسر الجيم — بالعبرية والآرامية.
هذا؛ والتوارة ٣٩ سفرًا في ٣ مجموعات: أسفار القانون «الشريعة»، وأسفار الأنبياء، ومتنوعات.
وفي الفصول الأربعة الأولى من سفر التكوين ذكرت قصة الخلق في الجنة وآدم وحواء، وقابيل وهابيل. وفي بقية السِّفر، ذكرت سير نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وإخوته وغيرها.
أما سفر الخروج، فيتحدث عن خروج بني إسرائيل من مصر وتجلي الله لموسى في سينا وسيرة موسى، التي تمثل تاريخ بني إسرائيل في أسفار موسى الخمسة.
أما سفر اللاويين — المنتسبين إلى لاوي أو ليفي — فيتحدث عن الشعائر الدينية في القرايين وهارون وابنيه. وأما سفر العدد الذي يعدد القبائل ويبيِّن أنصباءها في الغنائم، فيتحدث عن خروج بني إسرائيل من سينا إلى شرق الأردن واضطراب الشعب. وأما سفر تثنية الاشتراع فيتحدث عن إعادة التشريع مرة أخرى بتطهيره من بعض الشعائر، وتعيين مكان للعبادة.
وفي سفر يوشع «خليفة موسى» أن يوشع عَبَرَ بالإسرائيليين الأردن من غير أن تبتل أقدامهم، واحتل مدينة أريحا بالنفخ بالأبواق والصياح، ووقفت الشمس والقمر عن المسير حين أشار إليهما، وقد أراد يوشع أن يتمم ما بدأ به موسى، وهو عبور الأردن والاستيلاء عليه، فجمع الإسرائيليين للفتح، وأرسل جاسوسين نزلا على بَغِيٍّ اسمها «راحاب» التي أبت أن تسلمهما إلى ملك أريحا بأن خبأتهما في سطح منزلها، ثم عاهداها على أن يستحييها الإسرائيليون هي وأباها وأمها وإخوتها وأخواتها إذا فتح يوشع وقومه «أريحا». وقد وَفَّى يوشع بالعهد ثم أحرق المدينة.
وفي سفر القضاة قامت «بورة» بمثل ما قامت به «جان دارك» الفرنسية؛ ذلك أن بورة كانت نبية إسرائيلية، وكانت تجلس تحت نخلة للحكم بين المحتكمين إليها، وحين دعت «باراق» أن يقود الإسرائيليين لمحاربة كنعان ليتحرروا من سلطانها، اشترط عليها أن تصحبه، ففعلت وانتصروا، ووضعت أنشودة النصر، وفيها: «اسمعوا — أيها الملوك — وأصغوا — أيها العظماء — إني أغني لله، إله بني إسرائيل. يا إلهي، لقد تجليت للجبال فدكت، للأرض فزُلزلت، وللسماء فانشقَّت، وللسحب فأمطرت.»
وفي سفر القضاة: قصة شمشون، الذي أعدته القدرة الإلهية، منذ كان جنينًا لهلاك أعداء الإسرائيليين، وقد أحب شمشون فتاة كنعانية «فلسطينية»، وتزوَّجها على الرغم من معارضة والديه في بداية الأمر، ولما سافرا معه لإتمام الزواج، فتك شمشون بأسد هاجمه، ولم يعرف والداه هذا الحادث، ثم عاد إلى مكان الأسد فوجد في جوفه خلايا أكل من نحلها. ولما تزوج شمشون أقام وليمة لثلاثين من الشبان، وسألهم عن الأسد والعسل في الصيغة الغامضة التالية: «ما شيء كان آكلًا فنتج منه الأكل، وكان جافًّا فخرجت منه حلاوة؟» ووعدهم بأن يمنحهم ٣٠ ثوبًا و٣٠ قميصًا إذا ما حلوا اللغز. فلما عجزوا عن الحل، نهضت زوج شمشون بحله. فقال: «لولا ما احتلتم على نعجتي ما عرفتم أُحجيتي.» ثم إنه لما أحب بغيًّا في غزة، أغلق سكانها أبواب المدينة وحبسوه إلى الصباح ليقتلوه، غير أنه خرج في منتصف الليل إلى الجبل. ثم أحب أخيرًا امرأة تدعى «دليلة» أغراها الكنعانيون بمعرفة سر قوته، فعرفت منه بعد لأي أن شَعره هو مصدر قوته؛ فحلقوه وقلعوا عينيه وسجنوه في غزة تمهيدًا لقتله، غير أن الشعر عاد فنبت ثانية، وعادت إليه قوته، وبينما كانوا في بيت أمسك بعموديه فسقط البيت عليهم، وعليه فكان مَنْ قَتَلَهُم في موته أكثر ممن قتلهم في حياته. وقد صاغ «ملتون» الشاعر الإنجليزي هذه القصة في قصة جديدة، مطلقًا عليها اسم «شمشون الجبار»، وكذلك فعل «سانت سانيس» الفرنسي في رواية تمثيلية.
هذا؛ وفي سفر روث أو «راعوث» أربعة فصول قصيرة ١٠٠ سطر، وبها قانون للمرأة وللميراث.
وفي أسفار الملوك — وعددها أربعة — ذكر الإسرائيليون في مجد دولتهم، فلما غفلوا عن ذكر الله سيموا العذاب والهزيمة والأسر، فقد دبت في صمويل المتدين الباسل الشيخوخة بعد أن صارع الأعداء، وضعف بنوه الفاسدون عن الصراع، فاستنجد الإسرائيليون بشاءول الذي خضع لضعفه، وأعقبه يوناثان الذي لم يكن يصلح للقيادة مع أنه أشجع من أبيه، فنهض داود القائد الحكيم بالعبء وقتل جولياث، وقد عزت التوراة إلى داود صفات خارقة لطبائع البشر إلى جانب أحزانه وغضبه وجوانب ضعفه.
وجاء بعد داود ابنه سليمان الحكيم العظيم في دولة المجد والثراء، وهو إلى ما عزته إليه التوراة من الحكمة، كان منحرف المسلك، خاصة في شيخوخته، فارتد إلى الوثنية والغرام بالنساء تاركًا ملكًا متصدع البناء، متهدم الأركان. وكان خلفاؤه ضعافًا.
ثم ظهر من بعدهم «الياهو» وأحد أتباعه «اليسع» لهما معجزات الأنبياء، فقد انحسر لهما ماء «الأردن»، وانفتح أمامهما الطريق، وأعادا الحياة إلى الموتى، وأضافا إلى طعام الأرملة الفقيرة طعامًا من لا شيء، على أنهما قد أرغما الناس على الإيمان بهما في قسوة، كان من آياتها الفتك بأربعين يافعًا سخروا من اليسع كما يسخر الأطفال.
ثم إن أمور الإسرائيليين قد سارت من سيئ إلى أسوأ إلى أن استولى ملك بابل «بختنصر» على أورشليم «القدس»، فسبى نساءها، وشرد أبناءها، وأزال دولتها كما ذكرنا قبلًا.
وفي سفريْ عزرا ونحميا أن اليهود عادوا من بابل وجددوا بناء أورشليم، ونفخ لها نحميا فيها روحًا جديدة، وأعادوا قوانينها، ونشر عزرا وخمسة من الكتاب في أربعين يومًا، مائتي كتاب وأربعة.
وفي سفر «إستير» أن «إستير» كانت امرأة يهودية فارسية، وسعها أن تسيطر بجمالها على ملك فارس، فاستطاعت مع مربيها اليهودي «مردوخاي» أن توقع بالوزير «هامان» الذي كان يضطهد الإسرائيليين ويسفك دماءهم، وأن يقتل هؤلاء من الفارسيين ٧٥٨٠٠ في يوم واحد، وأصبح يوم عيد اسمه «بوريم».
وفي سفر «أيوب» أنه كان شقيًّا فَقَدَ أبناءه، وكان يطيع ربه، وعاش شيخوخة مطمئنة سعيدة غنية، ورزق بنين وبنات.
وفي كتاب «قصة الأدب في العالم» أن النقاد قد أجمعوا على أن أشعار أيوب والمزامير ونشيد الأناشيد قد كتبت كلها شعرًا جيدًا ممتازًا، وأن سفر الأناشيد سفر غرامي، يظن أنه مجموع من الأغاني التي كان الشعب الإسرائيلي يرددها عند الزواج أو أنها أغانٍ دينية رمزية.
ومن نشيد الأناشيد، سفر أشعيا؛ وهو نبي مؤمن متشائم لإثم الإنسان، جاء بشيرًا ونذيرًا للإسرائيليين، ويعلن قدرة «يهواه» على إنقاذ أورشليم، ثم يتنبأ بقدوم المسيح هاديًا ومخلصًا.
وفي سفر أرميا الذي يصف العصر المظلم لليهود قبيل سَبْيهم، يتجلى تشاؤم أرميا، ومراثيه لما حل باليهود من القوارع، وثورته على فساد الدولة وديانتها التي أصبحت لا حياة فيها ولا روح.
وفي سفر حزقيال — الشغوف بالرمز في التصوير الرائع — أن ملك مصر قد تحطم بشجرة دب في جذوعها السوس ونخرت منها الفروع.
وفي سفر دانيال، معجزات وتفسير أحلام، وأن دانيال أُلقِي في عرين الأسد فخرج منه سليمًا من الأذى، وأن النار كانت بردًا وسلامًا على دانيال حين قذف به في أتون مُستَعِر، وقد حث اليهود على طلب المعالي مع وصف نكباتهم.
هذا؛ وقد كانت رسالة أرميا موجهة إلى العالم أجمع لا الإسرائيليين، حين كان للآشوريين السلطان العالمي، فكانت مصر وبلاد أخرى خاضعة لهم. وكان أرميا شاعرًا ثائرًا.
الأدب
في الأدب العبري شعر غنائي أو عاطفي، والرثاء أشعار شعبية حزينة تتحدث عن مجد صهيون الغابر والبكاء عليه.
المزامير
«المزامير» عند العرب «الزبور»، ومن أقسامها: ما يتصل بالعبادة وبالأغاني الدينية وبالمراثي، وبالشكر والمدائح الملكية، وهي من وضع مؤلفين عديدين في عصور متوالية. أما نشيد الأناشيد فهو غرامي. وعند بعضهم أنه غزل رمزي، وعند آخرين أنه غزل دنيوي.
ومن الشعر العبري الشعر التعليمي في كتاب الأمثال، الذي يشمل مجموعة متفرقة من الحكم والأمثال وضعها كثيرون. أما في سفر الجامعة فيبدأ «باطل في باطل، وكل شيء باطل.» وواضعه حكيم عظيم خبير ومتشائم شاكٌّ في قيمة كل شيء.
أما سفر أيوب فهو كتاب نفيس في الأدب العبري والأدب عامة، أسلوبه شعري رائع، وموضوعه فلسفي جيد قوي عميق يتصل بالجزاء.
أنبياء بني إسرائيل
الإنجيل
الإنجيل هو تاريخ حياة المسيح وحياته في أشخاص حوارييه ورسله، خاصة بولس الذي نشر نبوغُه المسيحية في أوروبا، ووردت قصة عيسى في الأناجيل الأربعة: أناجيل متى، ومرقص، ولوقا، وحنا.
كان المسيح وأصحابه يعظون الناس بالقول، فلم يكونوا كاتبين.
هذا؛ وينتهي الإنجيل بسفر الرؤيا، وهي قصيدة غامضة ملأى بالرؤى والتشبيه، ومحورها الوعد بمدينة مقدسة طاهرة للمؤمنين وحدهم، تعقب هذا العالم المدنس بالخطايا منذ القديم إلى عهد موسى. وفيه حكمة وهداية، وهو مترجم، وقد نيف جمعه على ثلاثة قرون منذ القرن الرابع الميلادي، وهو مجموعة أحكام شرعية بالعبرية مقاسة على ما جاءت به التوراة. و٢ جِمَارا — بكسر ففتح — بالعبرية والآرية.