اثنان
وقفتْ مُمسكةً في يدها بالكأس المتألقة كاللؤلؤة. كم كانت حافة هذه الكأس الرقيقة النحيلة تُشبه فمها الرقيق وذقنها الدقيق. كانت قد لمحتْه من بعيدٍ وهو يتحسَّس بحنان رقبة فرسه البني الرشيق، واتَّجهت نحوه بخطى خفيفةٍ واثقةٍ، كأن يدًا خفيةً تشدها إليه فتمشي كالسائر في نومه. مع ذلك لم ترتجف الكأس في يدها، ولا سقطت منها قطرة واحدة على الأرض.
أما الفارس فكانت يدُه خفيفةً وراسخة. وبهذه اليد وضع السرج البهيج الألوان على ظهر فرسه الشاب، ثم قفز عليه قفزةً سريعة لم تكد تستغرق لحظةً واحدة. وباليد نفسها، بإشارة غير ملحوظةٍ وإيماءة غير مقصودةٍ، أمر الفرس أن يقف في مكانه، بينما كان جسده يختلج وساقاه ترتعشان.