العمامة والقبعة
«قال لي جاستون إن أعضاءَ المجمع استمعوا إلى خطاب من المواطن لانكريه يعلن فيه اكتشافَ نقوشٍ في رشيد محفورةٍ بإزميل في كتلة ضخمة من البازلت، مكتوبةٍ بالحروف اليونانية والهيروغليفية وخطٍّ ثالث مجهول. وكان جاستون منفعلًا كما لو كانوا قد اكتشفوا حاصلًا من الذهب. ولم أفهم السبب.»
كان اهتمام «صنع الله إبراهيم» بالعَلاقة بين الشرق والغرب، كاهتمامه بالتاريخ بصفته ظهيرًا زمنيًّا، وفاعلًا رئيسيًّا للكثير من أحداث رواياته، ويَتجلَّى ذلك في هذا العمل الذي يناقش فيه حدثًا تاريخيًّا مهمًّا، وهو الحملة الفَرنسية على مصر، وهي أوَّل عَلاقةٍ للمصريين مع الآخَر بصورةٍ مباشرة، ولكنها كانت عَلاقةً مختلفة؛ فهي على أرضٍ مصرية، والآخر هنا مُحتَّل. وقد نجح «صنع الله إبراهيم» في نَسج الحَبكة الروائية بإبداعٍ فريد؛ يَتمثَّل في شخصيةِ البطل الذي لم يَمنحه اسمًا، والذي جاء من صعيد مصر، وجاوَر الأزهر، وصار من تلاميذ المؤرِّخ الكبير «عبد الرحمن الجبرتي»، وكانت معرفته للُّغة الفَرنسية قد مكَّنته من الاقترابِ من الأحداث وتسجيلِ كلِّ ما شاهده، فقدَّم تاريخًا موازيًا عن أعوام الحملة الثلاثة، كما يثير سؤالًا مهمًّا حول مدى صِدق الكتابة التاريخية حول هذه الأحداث.