الْخَوَّارُ
(١) الْحُجْرَةُ الْبَاقِيَةُ
اسْتَطَاعَتْ «رَبَابَةُ» زَوْجَةُ «أَبِي الْغُصْنِ» — بَعْدَ زَمَنٍ قَلِيلٍ — أَنْ تَجْعَلَ مِنَ الْمَسْكَنِ الْحَقِيرِ مِثَالًا حَسَنًا لِلدَّارِ الْمُنَظَّمَةِ الْمُرِيحَةِ.
قَسَمَتْهُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: قَاعَةً لِلِاسْتِقْبَالِ، وَقَاعَةً لِلْأَكْلِ، وَقَاعَةً لِلْمَطْبَخِ، وَقَاعَةً لِلنَّوْمِ. لَقِيَتْ «رَبَابَةُ» مُسَاعَدَةً كَرِيمَةً مِنْ جَارَتِهَا «زُبَيْدَةَ».
(٢) الْأُسْرَةُ الْحَزِينَةُ
فَتَحَ «أَبُو الْغُصْنِ» بَابَ دَارِهِ، فَمَاذَا رَأَى؟
رَأَى وَلَدَيْهِ «جَحْوَانَ» وَ«جُحَيَّةَ» يَنْظُرَانِ إِلَيْهَا، بِعُيُونِهِمَا الْأَرْبَعِ الْوَاسِعَةِ، تَنْبَعِثُ مِنْ نَظَرَاتِهَا الدَّهْشَةُ، ثُمَّ يَسْتَسْلِمَانِ لِلْحُزْنِ. كَأَنَّمَا كَانَا يَسْتَعْطِفَانِ أُمَّهُمَا؛ إِذْ يُحَدِّقَانِ فِي وَجْهِهَا — بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ — لَعَلَّهَا تَكُفُّ عَنِ الْبُكَاءِ.
كَانَا يَجْلِسَانِ الْقُرْفُصَاءَ تَحْتَ قَدَمَيْ أُمِّهِمَا.
أَيُّهَا الصَّغِيرُ الْعَزِيزُ: أَتَعْرِفُ مَعْنَى الْقُرْفُصَاءِ؟
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْرِفْهَا مِنْ قَبْلُ فَاعْرِفْهَا الْآنَ، فَهِيَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ، لَا تَسْتَغْنِي عَنْهَا فِي حَدِيثِكَ وَكِتَابَتِكَ، وَسَأَرْسُمُ لَكَ كَيْفَ جَلَسَا الْقُرْفُصَاءِ: جَلَسَ أَحَدُ وَلَدَيْهِ لَاصِقًا فَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى سَاقَيْهِ. جَلَسَ الْآخَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، مُنْكَبًّا، لَاصِقًا بَطْنَهُ بِفَخِذَيْهِ، جَاعِلًا كَفَّيْهِ تَحْتَ إِبْطَيْهِ.
هَا أَنْتَ ذَا تَرَى لِلْقُرْفُصَاءِ جِلْسَتَيْنِ: اخْتَارَ «جَحْوَانُ» إِحْدَاهُمَا، وَاخْتَارَتْ «جُحَيَّةُ» الْجِلْسَةَ الْأُخْرَى مِنْهُمَا.
(٣) الْغَرِيمُ الْقَاسِي
أَبَى أَنْ يَلِينَ قَلْبُهُ الصَّخْرِيُّ. انْتُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ. أَقْسَمَ «الْعُكْمُوسُ» لَيَبِيعَنَّ كُلَّ مَا بَقِيَ لَنَا مِنْ مَتَاعٍ وَأَثَاثٍ وَمَسْكَنٍ، إِذَا لَمْ نُؤَدِّ إِلَيْهِ دَيْنَهُ غَدًا.»
(٤) رَجَاءُ الصَّابِرِ
أَتَعْرِفُ كَيْفَ كَانَ جَوَابُ «أَبِي الْغُصْنِ»؟
(٥) ضَلَالُ الْحَاقِدِ
صَمَتَ «أَبُو الْغُصْنِ» لَحْظَةً. اسْتَأْنَفَ بَعْدَهَا قَائِلًا: «مَاذَا يُجْدِيهِ أَثَاثُ الْبَيْتِ؟! لَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا.
أَنَا أَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهَذَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، وَيَسْتَرِدَّ حَقَّهُ. إِنَّمَا يَقْصِدُ إِلَى إِسَاءَتِي وَأَذِيَّتِي، وَيَتَوَخَّى إِلْحَاقَ الضَّرَرِ بِي، وَتَسْوِيءَ سُمْعَتِي. كَلَّا، لَنْ يُظْفِرَهُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَلَّا.»
(٦) وَاجِبُ الضَّيْفِ
يَجِبُ أَنْ نَكُفَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. مَاذَا يَعْنِي سِوَانَا مِنْ أُمُورِنَا؟ هُمُومُنَا تَخُصُّنَا وَحْدَنَا. هُمُومُنَا لَا تَعْنِي سِوَانَا فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ.»
قَالَتْ «رَبَابَةُ»: «صَدَقْتَ، يَا «أَبَا الْغُصْنِ»، وَبِالْحَقِّ نَطَقْتَ.»
خَفَّتْ جَارَتُهَا «زُبَيْدَةُ» لِمُسَاعَدَتِهَا. أَعَدَّتْ مَائِدَةً حَافِلَةً بِلَذَائِذِ الْأَطْعِمَةِ، أَحْضَرَتْهَا مِنْ بَيْتِهَا. أَكَلُوا وَشَرِبُوا هَنِيئًا مَرِيئًا.
(٧) حَدِيثُ الْمَائِدَةِ
انْتَهَزَ «أَبُو الْغُصْنِ» تِلْكَ الْمُنَاسَبَةَ. قَصَّ عَلَيْهِمْ قِصَّةَ ضَيْفِهِ «أَبِي شَعْشَعٍ»، وَمَا حَدَثَ لَهُ، وَكَيْفَ كَتَبَ اللهُ سَلَامَتَهُ عَلَى يَدَيْهِ.
هَنَّأَتْهُ «رَبَابَةُ». تَمَنَّتْ لَهُ أَطْيَبَ الْأَمَانِيِّ.
شَكَرَ «أَبُو الْغُصْنِ» وَ«رَبَابَةُ» لِجَارَتِهِمَا «زُبَيْدَةَ»؛ كَرَمَهَا. دَعَوَا اللهَ أَنْ يَجْزِيَهَا عَنْهُمَا وَعَنْ ضَيْفِهِمَا خَيْرَ الْجَزَاءِ.
قَالَتْ «زُبَيْدَةُ»: «لَوْ عَلِمْتُمَا مِقْدَارَ مَا أَسْلَفْتُمَا إِلَيْنَا فِي أَيَّامِ الشِّدَّةِ مِنْ حَسَنَاتٍ وَمَكْرُمَاتٍ، لَتَضَاءَلَ مَا قَدَّمْتُهُ إِلَيْكُمَا، وَلَظَهَرَ تَقْصِيرِي أَمَامَكُمَا وَاضِحًا جَلِيًّا.»
(٨) وَاجِبُ الشُّكْرِ
قَالَ «أَبُو الْغُصْنِ»: «صَدَقْتَ، يَا «أَبَا شَعْشَعٍ». مَا رَأَيْتُ أَبْقَى وَأَدْوَمَ لِلنِّعَمِ، مِنْ شُكْرِ اللهِ عَلَيْهَا!»
(٩) قَبْلَ الْحَرِيقِ
تَشَعَّبَ الْحَدِيثُ. انْتَهَى بِالشَّيْخِ «أَبِي شَعْشَعٍ» إِلَى سُؤَالِ «أَبِي الْغُصْنِ» عَمَّا أَثْقَلَهُ مِنْ دَيْنٍ.
(١٠) الدَّائِنُ الْخَبِيثُ
كُنْتُ عَلَى ثِقَةٍ مِنَ الْوَفَاءِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ. لَمْ يَطُلْ تَرَدُّدِي فِي قَبُولِ اقْتِرَاحِهِ. دَهَمَنِي الْحَرِيقُ. عَكَسَ آمَالِي. لِلْمَرَّةِ الْأُولَى أَعْجِزُ عَنِ الْوَفَاءِ، فِي حَيَاتِي.
هَا أَنْتَ ذَا: سَمِعْتَ قَبْلَ دُخُولِكَ مَا قَالَهُ — فِي غَيْبَتِي — غَرِيمِيَ الشَّيْخُ «الْعُكْمُوسُ»: ذَلِكَ الدَّائِنُ الْقَاسِي الَّذِي لَا يَرْحَمُ.»
قَالَ «أَبُو شَعْشَعٍ»: «مَنْ كَانَ لَهُ مِثْلُ يَقِينِكَ وَإِيمَانِكَ، وَصَبْرِكَ وَإِحْسَانِكَ، لَا يَخْذُلُهُ اللهُ، وَلَا يَتْرُكُ مَعُونَتَهُ وَلَا يَنْسَاهُ.»
(١١) صُورَةٌ مُزْعِجَةٌ
فُتِحَ بَابُ الدَّارِ فَجْأَةً بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ!
هَذِهِ صُورَةُ «الْخَوَّارِ» — كَمَا قَرَأْتُهَا فِي مُذَكِّرَاتِ «جُحَا» — أَنْقُلُهَا إِلَيْكَ — أَيُّهَا الصَّدِيقُ الْعَزِيزُ — لِأَرْسُمَ لَكَ صُورَةً وَاضِحَةَ الْقَسِمَاتِ لذَلِكَ الْجَارِ السَّمِيجِ، الَّذِي دَفَعَهُ حِقْدُهُ عَلَى جَارِهِ «أَبِي الْغُصْنِ» إِلَى إِحْرَاقِ بَيْتِهِ دُونَ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ، تَارِكًا جِوَارَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِقَ بَيْتَهُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ.
(١٢) حَدِيثُ «الْخَوَّارِ»
قَالَ «الْخَوَّارُ» بِصَوْتٍ أَجَشَّ، مُتَقَطِّعٍ مُنْكَرٍ: «كَيْفَ أَنْتُمْ، أَيُّهَا الصِّحَابُ؟ مَا شَاءَ اللهُ! طَيَّبَ اللهُ زَادَكُمْ. لَكِنْ خَبِّرْنِي، يَا «أَبَا الْغُصْنِ»: كَيْفَ عَثَرْتَ عَلَى هَذَا الطَّعَامِ الْفَاخِرِ؟ إِنِّي أُهَنِّئُكَ بِهِ! كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّكَ سَتَمُوتُ جُوعًا أَنْتَ وَأَوْلَادُكَ وَزَوْجَتُكَ.
أَنَا حَزِينٌ عَلَى دَائِنِكَ «الْعُكْمُوسِ». لَهُ اللهُ، يَا أَخِي! شَدَّ مَا سَوَّأْتَ حَالَهُ، بَعْدَ أَنْ سَلَبْتَهُ مَالَهُ!»
(١٣) خَوْفُ الصَّغِيرَيْنِ
رَأَى الصَّغِيرَانِ «الْخَوَّارَ» أَمَامَهُمَا. بَدَا الْخَوْفُ عَلَيْهِمَا. أَخْفَيَا رَأْسَيْهِمَا فِي ثَوْبِ أُمِّهِمَا، هَرَبًا مِنْ صَوْتِهِ الْمُزْعِجِ الْكَرِيهِ.
(١٤) فَزَعُ «الْخَوَّارِ»
حَاوَلَ «الْخَوَّارُ» أَنْ يَتَمَادَى فِي سُخْرِيَتِهِ. الْتَقَتْ عَيْنَاهُ الْخَضْرَاوَانِ بَعَيْنَيْ «أَبِي شَعْشَعٍ» الزَّرْقَاوَيْنِ.
كَأَنَّمَا الْتَقَتْ عَيْنَا فَأْرٍ بِعَيْنَيْ قِطٍّ! دَبَّ الرُّعْبُ فِي مَفَاصِلِ «الْخَوَّارِ». انْعَقَدَ لِسَانُ الْجَبَانِ مِنَ الْخَوْفِ. انْتَظَمَتْهُ الرِّعْشَةُ مِنْ فَرْطِ الرُّعْبِ. كَأَنَّمَا كَانَتْ نَظْرَةُ «أَبِي شَعْشَعٍ» تَيَّارًا كَهْرَبِيًّا، انْبَعَثَ مِنْ عَيْنَيْهِ إِلَى عَيْنَيِ «الْخَوَّارِ»، عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ سَابِقَةٍ بَيْنَهُمَا.
اشْتَدَّ بِهِ الْخَوْفُ. عَقَدَ لِسَانَهُ الذُّعْرُ، أَصَابَتْهُ قُشَعْرِيرَةٌ. لَمْ يَجِدْ — فِي غَيْرِ الْفِرَارِ — خَلَاصًا وَلَا مَهْرَبًا مِنْ ذَلِكَ الْمَأْزِقِ الَّذِي زَجَّ بِنَفْسِهِ فِيهِ. أَغْلَقَ الْبَابَ. أَسْرَعَ مُوَلِّيًا مَذْعُورًا. خُيِّلَ إِلَى الْحَاضِرِينَ أَنَّ حُمَّى صَرَعَتْهُ، أَوْ أَفْعَى لَدَغَتْهُ.
(١٥) فِرَارُ الْجَبَانِ
قَالَ «جَحْوَانُ» ﻟِ «جُحَيَّةَ»: «ذَهَبَ الْعِفْرِيتُ الْإِنْسِيُّ. ذَهَبَ إِلَى غَيْرِ عَوْدَةٍ، إِنْ شَاءَ اللهُ.»
أَجَابَتْهُ «جُحَيَّةُ»، وَهِيَ تَخْتَلِسُ النَّظَرَاتِ، لِتَتَحَقَّقَ مِنْ ذَهَابِ «الْخَوَّارِ»: «صَدَقْتَ، يَا أَخِي: ذَهَبَ الْعِفْرِيتُ. الْحَمْدُ للهِ.»
(١٦) حَاكِمُ الْمَدِينَةِ
قَالَ «أَبُو شَعْشَعٍ»: «مَا أَشَدَّ صَفَاقَةَ هَذَا الْجَبَانِ! مَا بَالُكُمْ لَا تَرْفَعُونَ أَمْرَهُ إِلَى حَاكِمِ الْمَدِينَةِ؟»
لَمْ يَتَمَالَكْ «أَبُو الْغُصْنِ» أَنْ أَغْرَقَ فِي الضَّحِكِ.
أَقْبَلَ عَلَى ضَيْفِهِ يَقُولُ: «لَوْلَا ظُلْمُ الْحَاكِمِ وَمُحَابَاتُهُ، لَمَا امْتَدَّتْ يَدُ «الْخَوَّارِ» بِالْأَذَى وَالْإِسَاءَةِ إِلَى كُلِّ إِنْسَانٍ.»
(١٧) كَرَمُ الْفَقِيرِ
اعْتَذَرَ «أَبُو الْغُصْنِ» لِضَيْفِهِ «أَبِي شَعْشَعٍ» عَنْ حَقَارَةِ الْبَيْتِ.
قَاطَعَهُ «أَبُو شَعْشَعٍ»، قَالَ: «إِنَّ الْقَلِيلَ الَّذِي يَبْذُلُهُ الْفَقِيرُ، خَيْرٌ مِنَ الْكَثِيرِ الَّذِي يَبْذُلُهُ الْغَنِيُّ! الْأَوَّلُ يَجُودُ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ، عَلَى حِينَ يَجُودُ الْآخَرُ بِمَا لَا يُحِسُّ فِقْدَانَهُ، وَلَا يُبَالِي ضَيَاعَهُ.»
ظَلَّ «أَبُو الْغُصْنِ» وَصَاحِبُهُ يَسْمُرَانِ …
(١٨) نَوْمٌ هِنِيءٌ
بَسَطَ اللَّيْلُ عَلَى الْمَدِينَةِ جَنَاحَيْهِ الْكَبِيرَيْنِ.
أَعَدَّتْ «رَبَابَةُ» حُزَمًا مِنْ قَشِّ الذُّرَةِ، لِيَنَامَ عَلَيْهَا صَاحِبُ الدَّارِ وَضَيْفُهُ الَّذِي اشْتَعَلَ رَأْسُهُ شَيْبًا، فَأَكْسَبَهُ ذَلِكَ مَهَابَةً وَجَلَالًا.
اسْتَسْلَمَا لِلرُّقَادِ هَانِئَيْنِ. أَنْسَتْهُمَا لَذَّةُ الْكَرَى مَا مَرَّ بِهِمَا مِنْ أَحْدَاثِ الزَّمَنِ وَمَصَائِبِهِ، وَمُدْهِشَاتِ الدَّهْرِ وَعَجَائِبِهِ!
أَقَامَتْ «رَبَابَةُ» لِوَلَدَيْهَا؟ «جَحْوَانَ» وَ«جُحَيَّةَ» أُرْجُوحَةً جِيءَ بِهَا مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ، كَانَا يَصْطَحِبَانِهَا فِي أَسْفَارِهِمَا وَرِحْلَاتِهِمَا. أَسْرَعَ الطِّفْلَانِ إِلَيْهَا لِيَنَامَا فِيهَا. لَوْ رَأَيْتَهُمَا؛ لَخُيِّلَ إِلَيْكَ — لِوَفْرَةِ نَشَاطِهِمَا، وَصِغَرِ جِسْمَيْهِمَا — أَنَّكَ تَرَى قِرْدَيْنِ صَغِيرَيْنِ.
اشْتَبَكَتْ أَذْرُعُهُمَا، لِيَنْدَمِجَا فِي الْأُرْجُوحَةِ الصَّغِيرَةِ لِكَيْ تَتَّسِعَ لِنَوْمِهِمَا. جَلَسَتْ «رَبَابَةُ» عَلَى خَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَمَامَ الْأُرْجُوحَةِ. طَفِقَتْ تَهُزُّهَا فِي رِفْقٍ وَانْتِظَامٍ.
ظَلَّتْ تُغَنِّي طِفْلَيْهَا، بِصَوْتٍ يَفِيضُ حَنَانًا وَحُبًّا:
•••
عَلَى هَذِهِ الْأُغْنِيَةِ الْمُبْدَعَةِ الْجَمِيلَةِ نَامَ الطِّفْلَانِ.
نَامَتْ «رَبَابَةُ» عَلَى أَثَرِهِمَا، وَنَامَ كُلُّ مَنْ فِي الدَّارِ.