من حولنا
تَربَّت نفوسنا العربية على الشغف بالحكاية وعِشق السَّمر؛ فأتى فن القصة القصيرة قريبًا من النفس، يَرصد وقائع المجتمع بصورتها الحية البسيطة، ويَمنح الخلودَ للتفاصيل الدقيقة التي تعطي الحكايةَ مذاقَها، والمُخيِّلةَ زادَها، فتستحيل بها بعضُ الذكريات والأفكار المجردة إلى مَشاهد مرئية ممتعة. من هنا كان «محمد سعيد العريان» قاصًّا مصريًّا مُحنكًا، صنع ببراعةِ تفاصيله ومَشاهده المُتقَنة تراثًا قصصيًّا تصعب محاكاته؛ فبالرغم من حرصه على كمال اللغة واهتمامه بترسيخ القِيم العربية الأصيلة، فإن نصوصه ابتعدت تمامًا عن الخطاب الوعظي ورَتابة النُّصح المباشر، بل ستجد فيها عينين خبيرتين في اللَّحظ والتفسير، تَرقبان دقائق الأمور بعناية، فتمنحان القارئ المتعة والفائدة معًا. جمع الكتابُ الذي بين أيدينا مجموعةً مختارة من التراث القصصي للأديب، تترابط حكاياتها برابطٍ خفي؛ فجميعها قد حدث يومًا بيننا، ومن حولنا.