النقد المنهجي عند العرب: ومنهج البحث في الأدب واللغة
«والذي نقصده بعبارة النقد المنهجي هو ذلك النقد الذي يقوم على منهجٍ تدعمه أسسٌ نظرية أو تطبيقية عامة، ويتناول بالدَّرس مدارسَ أدبية أو شعراء أو خُصومات، يُفصِّل القول فيها، ويَبسط عناصرها، ويُبصِّر بمواضع الجَمال والقُبح فيها.»
يرى هذا الكتاب أن سبيلنا لتأسيسِ أدبٍ جيد هو وجود حركة نقدية سليمة ذاتِ إطارٍ منهجي يدرس النصوصَ موضوعيًّا، ويُميِّز بين الأساليب؛ وذلك على ضوء المناهج والنظريات النقدية الأوروبية الحديثة. وهنا ينشأ التساؤل: هل النقد الأدبي فنٌّ جديد على الثقافة العربية؟ في الحقيقة، إن العرب عرَفوا أطوارًا من النقد الأدبي ظهرَت منذ بدايات القرن الثالث الهجري، الذي وُضعَت فيه أولى التجارِب النقدية من خلال كتاب «طبقات الشعراء» ﻟ «ابن سلَّام»، فبدأت بالذَّوقي التأثُّري الذي لا يعتمد على معاييرَ ثابتة، بل يخضع لحاسَّة المتلقِّي الأدبية، وتطوَّرت ذاتيًّا خلال قرون. كما تأثَّر النقد الأدبي بالأفكار الفلسفية اليونانية، فتبلورَت مناهجه وأدواته تِباعًا؛ ليُصبح فنًّا مستقلًّا عن علوم اللغة وتاريخها.