العزلة والأساليب الإدارية الحديثة
لا أدري في الواقع أسبابَ الانتشار الكبير للهيكل الإداري الذي يكون فيه للموظف الواحد أكثرُ من مدير أو مشرف في المؤسَّسات المختلفة. وقد يتوقَّع البعض أن هذا الأسلوب في الإدارة يؤدي إلى مرونةٍ في التعامل وتعاونٍ من قِبل المشرفين المختلفين، ولكن الأمر على أرض الواقع يتحوَّل إلى جبهات داخلية متصارعة ويؤدي إلى ارتباك شديد بين الموظفين. ولم يسهم هذا الهيكل الإداري في التخلُّص من العزلة بين الأقسام والقضاء على الصراعات الداخلية، ولكنه أضاف إليها عنصرَ الانقسام داخل القسم الواحد، وبالطبع العديد من المشكلات والارتباك بالنسبة للموظفين الذين يتكبَّدون مشقةَ العمل تحت رئاسة مشرفَين لا يتَّفقان في الأسلوب، فيقود كلٌّ منهما العملَ في اتجاه مختلف مما يؤدي إلى تمزيق المؤسسة من الداخل.
ولكن هذا الأسلوب في الإدارة لن يختفي؛ لذا فمن الضروري أن نعرف كيف يمكن أن ننجح في تحقيق الأهداف المرحلية في ظل مثل هذه النُّظم. ولحسن الحظ، اتضح أن تحديد هدف مرحلي هو العلاج الفعَّال الذي نحتاج إليه لتحويل هذا الهيكل الإداري من أداة للصراع والارتباك إلى وسيلة للتعاون، ومن ثَمَّ النجاح.
تكمُن المشكلة الأساسية في هذه النُّظم في أنها تضع الموظفين في مواقفَ صعبة، إن لم تكن مستحيلة، وذلك بتكبيدهم مشقةَ العمل تحت رئاسة شخصين مختلفَين ومحاولة إرضاء كليهما، في حين أن هذين الشخصين غير متفاهمَين على الإطلاق. ولكن عن طريق توضيح الهدف الأول الذي يحتل الصدارةَ في قائمة أولويات الشركة في هذه المرحلة، وكذلك عوامل تحقيق هذا الهدف، إلى جانب الحفاظ على الأهداف التشغيلية الثابتة للمؤسسة سيكون في إمكان الشركات أن تقلِّص من فرص قيام موظفيها بعملهم وهم بين شِقَّي الرَّحى.
وإذا بدأ أحد الموظفين يشعر أنه يواجه هذا الموقف العصيب، فستكون هذه فرصة عظيمة للمسئولين عن الشركة لإدراك أن هناك صَدْعًا بدأ يتخلل صفوفهم، وأن أحدًا منهم بدأ الإخلالَ بالخطة الموضوعة. وسيكون وجودُ هذا الموظف المرتبك إشارةً إلى أن الموظفين لم يتفهموا جيدًا الهدفَ المرحلي الذي تسعى الشركة لتحقيقه، وكذلك العوامل التي ستساعد على تحقيقه، والأهم من ذلك، أن الإدارة لا تستطيع الالتزامَ بالخطة التي وضعتها وتطبيقها في أسلوب إدارتها للشركة.