عناصر خُطة العمل
-
الهدف المرحلي
-
عوامل تحقيق الهدف المرحلي
-
مجموعة الأهداف التشغيلية الثابتة التي يسعى المشروع إلى تحقيقها
-
أسس تقييم وقياس النتائج التي حُقِّقت
وبعد أن نتناول بالشرح كلَّ عنصر من هذه العناصر، ستجِد العديدَ من الأمثلة المختلفة لتوضيح كيفية تطبيق هذه الخطة على أرض الواقع.
(١) الهدف المرحلي
- التعريف: هو هدفٌ واحد مشترَك تتركَّز عليه جهود الفريق التنفيذي — وبصفةٍ عامة جهودُ موظفي المؤسَّسة بالكامل — لتحقيقه على أكملِ وجه، من حيث الكيف وليس الكم فقط، وكونه مرحليًّا يعني أنه يرتبط بمرحلةٍ محدَّدة فقط تمرُّ بها الشركة، أي إنه ليس مطلقًا.
وقبل أن نسهب في توضيح طبيعة الهدف المرحلي بالضبط، قد يكون من المفيد أن نحدِّد السِّمات التي لا تنطبق عليه:
إنَّ الهدف المرحلي ليس رؤيةً طويلة المدى عن وضع العمل في المؤسسة، أو كما يشير إليه جيم كولينز وجيري بوراس في كتابهما الرائع الذي يحمل عنوان «عوامل نجاح المؤسَّسات واستمرارها» هو «هدفٌ عظيم وصعب وجريء». كما أنه ليس وحدةَ تقييم لأسلوب الإدارة المتَّبع في الشركة، أو هدفًا يمكن قياس تأثيره على النجاح الذي تحقِّقه الشركة.
ومع أنه من الرائع أن يكون لدى الشركات رؤيةٌ بعيدة المدى لكي تكون بمثابة دافع للموظفين، ومع أنه من الرائع أيضًا أن يكون لدى الشركات مجموعةٌ من الأهداف العامة المقصود بها تحقيق النجاح الذي تسعى إليه الشركة لتوجيه أنشطتهم اليومية، وهو ما تفعله معظم الشركات بالفعل؛ فإن الهدف المرحلي الذي أعنيه هنا يقع في منزلةٍ بين هذه الرؤية وتلك الأهداف، ولديَّ من الأسباب ما يجعلني أعتقد أنه يفوقهما في الأهمية. ترجع تلك الأهمية إلى أنه يربط الاثنين معًا عن طريق جعلِ هذه الرؤية ملموسةً بدرجةٍ أكبر وليست مجرد نظرية، وعن طريق توفير سياق واقعي لتطبيق هذه الأهداف العامة بما يناسب كلَّ مرحلة وتبعًا للاحتياجات المتغيرة للشركة.
دعنا الآن ننظر إلى السِّمات الأساسية التي تميز الهدفَ المرحلي لكي نفهم جيدًا آليات العمل وَفْقًا لهذا الأسلوب.
(١-١) هدفٌ واحد
يجب أن تسعى المؤسَّسة إلى تحقيق هدف واحد فقط في فترة محدَّدة من الوقت. وهذا لا يعني أنها لا تريد تحقيقَ أشياءَ أخرى أو ليس لديها آمال أخرى، ولكن لا يمكن الشروع في تحقيق أيٍّ من هذه الآمال على حساب تحقيق الهدف المرحلي.
تحتاج كلُّ مؤسسة إلى تحديد هدف تكون له الأولوية المطلَقة. وحين تُغرى الشركة بإضافة هدف أو اثنين آخرين إلى الهدف المرحلي — وهذا ما يحدُث كثيرًا — فإنها بهذا تجرِّد الهدفَ المرحلي من الغرض الأساسي منه وهو توضيح الشيء، وليست الأشياء، الأكثر أهميةً للمؤسسة في هذه المرحلة. وقد يكون خير إيجاز لهذا هو القولُ المأثور الرائع: «إذا كان كل شيء مهم، فلا شيء مهم.» لذا، يجب أن يكون هناك شيءٌ له الأولوية والأهمية القصوى.
(١-٢) كيفًا وليس كمًّا
الهدف المرحلي ليس رقمًا ولا يمكن قياسه بالكم. ولكنه عبارةٌ عامة تعبِّر عن الإنجاز الذي تسعى المؤسسة إلى تحقيقه. ويجب أن يكون هذا الهدف شيئًا ملموسًا يجد الموظفون والرؤساء أنه نقطةُ قصور في مجال أو قطاع معيَّن. لذا فإنه غالبًا ما يبدأ بإحدى الكلمات التالية أو مثيلاتها: «تحسين، تقليل، زيادة، تنمية، تغيير، تأسيس، الحد من، تعجيل».
أما بالنسبة للتنفيذيِّين الذين يشعرون بالقلق إزاء طبيعة الهدف المرحلي، التي تركِّز على نوعية النجاح الذي يحقِّقه هذا الهدف وليس مقدار هذا النجاح، فعليهم ألا يقلقوا؛ فقريبًا سيجدون أن عنصرَ الكَم قد دخل إلى المعادلة، وأنهم سيحتاجون إلى قياس مقدار النجاح الذي حقَّقوه، وتعزيز نتائجهم بوضع أرقام وتواريخ لِمَا حُقِّق، ومتى يتوقَّعون التوصُّل إلى النتيجة المرغوبة. ولكن هذا يحدُث بعد مرحلتين تقريبًا من مرحلة تحديد الهدف المرحلي، ولا يجب أن يحدُث قبل هذا.
(١-٣) الارتباط بمرحلة محدَّدة
يرتبط الهدف المرحلي بفترة محدَّدة من الوقت لا يستمر بعدها حيث إن هذا قد يعني أنه هدفٌ أساسي قائم ومستمر. ولكنه وعلى العكس من هذا إنجازٌ مهمٌّ وضروري لهذه الفترة بالتحديد؛ لذا فمن الضروري أن يتحقَّق في الإطار الزمني المحدَّد له. وهذا الإطار الزمني يتراوح ما بين ثلاثة أشهر واثني عشر شهرًا، اعتمادًا على طبيعة دورة عمل المؤسَّسة ووضعها الخاص الذي يختلف عن المؤسسات الأخرى.
فعلى سبيل المثال: غالبًا ما يكون الإطار الزمني للهدف المرحلي لإحدى الجامعات طويلًا نسبيًّا مقارنةً بشركة جديدة لا يمكنها في العادة تحمُّل هذه الرؤية البعيدة المدى. كما أن بعض الأعمال يكون لها تكاليفُ محدَّدة وعوائقُ للتنافس تمنح الهدفَ المرحلي لها إطارًا زمنيًّا أطول، في حين أن بعض الشركات الأخرى قد تفقد القوةَ الدافعة لها أو حصَّتها في السوق بين ليلة وضحاها؛ ولذا فطبيعة عملها تجبرها على التفكير على مدًى زمني أقصر.
(١-٤) هدفٌ مشترك
يشمل الاهتمامُ بالهدف المرحلي كلَّ شخص في الفريق الإداري بغضِّ النظر عن مجال عمله أو خبرته أو القسم الذي يعمل به. ومع أن بعض الأهداف المرحلية ستناسب المجالَ الخاص بأحد التنفيذيين على وجه الخصوص، فمن الضروري أن يتحمَّل جميع التنفيذيين مسئوليةَ محاولة تحقيق هذا الهدف، والاستعداد للقيام بأي شيء في إمكانهم القيام به لدفع الشركة — وليس الأقسام التي يعملون بها — إلى الأمام، ومساعدتها على تحقيقِ هذا الهدف.
ويعني هذا أنه على المسئولين التنفيذيين أن يتخلَّوا مؤقتًا عن مجال تخصُّصاتهم، وأن ينظر كلٌّ منهم إلى المواقف التي تتعرَّض لها الشركة بعين المسئول التنفيذي الذي يسهم في إدارة الشركة كليًّا وليس فقط قسم التسويق أو قسم المبيعات أو غير ذلك. كما يجب أن يتحلى كلٌّ منهم بالشجاعة اللازمة لإعطاء اقتراحات وطرح أسئلة عن مجالات عمل الآخرين حتى إذا كانت معلوماته عن هذه المجالات محدودةً للغاية.
ومع أن طرح الكثير من الأسئلة من قِبل غير المتخصصين قد يعني للبعض غيابَ الثقة بين أعضاء الفريق الواحد، فإنهم سريعًا ما سيدركون أن أفضل الأفكار تأتي من الأشخاص الذين تكون وجهاتُ نظرهم عن الموضوع موضوعية، وفي بعض الأحيان ساذَجة، أكثرَ من الخبراء الذين يتعاملون مع هذه الموضوعات في كل لحظة من يومهم.
ولكن وجود الهدف المرحلي وحدَه دون أي مقوِّمات توضيحية بجواره يترك المؤسسات في حَيرة من أمرها لا تدري بالضبط ما الذي يجب عليها أن تفعله لتحقيق هذا الهدف. وهنا يأتي دورُ مجموعة العوامل التي تساعد على تحقيق الهدف المرحلي.
(٢) عوامل تحقيق الهدف المرحلي
وعلى غِرار الهدف المرحلي، فإن هذه العوامل أيضًا تهتم بقيمة النجاح ومدى تأثيره وليس فقط بمقداره، كما أنها مشتركة بين أعضاء الفريق بالكامل. ونظرًا لأنها تعمل على تحديد الهدف المرحلي، فإنها ستكون مرتبطةً بعامل الوقت؛ أي تستمر فترةً محدَّدة فقط. وبالطبع، تستحق العوامل التي ستساعدنا على تحقيق الهدف المرحلي نظرةً أكثرَ تفصيلًا.
(٢-١) كيفًا وليس كمًّا
دائمًا ما يكون لدى المسئولين التنفيذيين رغبةٌ في وضعِ أكبرِ عدد ممكن من أحجار بناء الهدف المرحلي لدرجةٍ زائدة عن الحاجة، حيث إن هذا يمنحهم إحساسًا بأنهم قد ألمُّوا بجميع جوانب الهدف وأحاطوه بسياج من العوامل التي ستساعدهم على تحقيقه، خاصة بعد أن تقبَّلوا بصعوبة فكرةَ أهمية أن يكون الاهتمام بالهدف المرحلي من حيث الكيف وليس الكم. وعلى كل حال، يؤدي استخدام الأرقام والتواريخ مع عوامل تحقيق الهدف المرحلي فقط إلى الحدِّ من مشاركة أعضاء الفريق التنفيذي الذين لا يفهمون جيدًا كيف يمكنهم التأثير مباشرةً على هذه الأهداف الرقمية، ولكن على كل حال، يأتي استخدام هذه الأرقام في مرحلة قريبة.
(٢-٢) عوامل مشتركة
مع أن عوامل تحقيق الهدف المرحلي تبدو وكأنها موجَّهة خصِّيصَى لأعضاء الفريق التنفيذي ممن لهم خبرةٌ في المجالات المرتبطة بهذه العوامل، فعلى سبيل المثال تبدو زيادة المبيعات وكأنها مهمة رئيس قسم المبيعات فقط؛ فإنه من الضروري أن يؤمن الآخرون أن لهم دورًا يلعبونه ومسئوليةً يتحملونها من أجل توفير هذه العوامل، ومن ثَمَّ تحقيق الهدف. حتى بالنسبة للمسئولين الإداريين الذين لديهم خبرة تقنية محدودة في أحد مجالات هذه العوامل، أو حتى مَن ليست لديهم خبرة على الإطلاق يستطيعون أن يلعبوا دورًا حيويًّا في التأكد من أنه قد تمَّت دراسة الأمر من جميع الزوايا، وتُجُنِّبت العوامل التي قد تشتِّت الانتباه، بل ويجب عليهم ذلك. كما يجدُر التأكيد هنا على أن أفضل الأفكار والاقتراحات من الممكن أن تأتيَ من أشخاص لا يعملون مباشرة في هذا المجال. فهم ينظرون للأمر بموضوعية مفيدة للغاية، وربما يرون الصورةَ العامة دون الانشغال بالتفاصيل المشتِّتة.
(٢-٣) الارتباط بمرحلة محدَّدة
ترتبط هذه العوامل بمرحلة العمل من أجل تحقيق هدف مرحلي معيَّن، فعندما ينتهي السعي وراء تحقيق هذا الهدف، الذي يرتبط بمرحلة معينة بدوره، وتتجه الشركة إلى وضع هدف آخر؛ تتغير هذه العوامل لكي تتناسب والهدف الجديد.
(٣) الأهداف التشغيلية الثابتة
تتضمَّن الأهداف التشغيلية الثابتة في معظم الأوقات موضوعاتٍ مثل: العائدات السنوية والنفقات، بالإضافة إلى أهدافٍ أخرى مثل: إرضاء العملاء، وزيادة القدرة الإنتاجية، والمكانة في السوق، وجودة وكفاءة المنتجات. وقد تتعرَّض الشركة للخطر إذا ما أخطأت في النظر إلى أحدِ هذه الأهداف التشغيلية الثابتة، مثل: زيادة العائدات، أو التحكم في النفقات؛ واعتبرته الهدفَ الذي يسعى إليه فريق العمل. ويرجع هذا إلى أن معظم الموظفين سيجدون التعامل معه صعبًا، كما أنهم يدركون جيدًا أنه أمرٌ مستمر لا يرتبط بالفترة الحالية فقط، ولكنه سيظل دائمًا ما تسعى الإدارة إلى تحقيقه.
ولكن هذا لا يعني أن الهدف المرحلي لا يمكن أن يتضمن أحدَ هذه الأهداف في فترة من الفترات. فإذا كان محورُ تركيز إحدى الشركات في فترة معينة هو زيادة نمو العائدات سريعًا لتأمين استمرار الشركة، فمن الممكن أن يكون هذا هو الهدف المرحلي للفريق التنفيذي. أو قد يكون هذا الهدف المرحلي هو العمل على رفع مستوى الخدمة لإرضاء العملاء من جرَّاء تعرُّض الشركة لخسارة عدد كبير من العملاء الأساسيين. هذا ممكن.
ولكن يجب أن يحاول الفريق التنفيذي تجنُّب استحواذ فكرة الاهتمام بالعائدات فقط على أذهانهم مبرِّرين ذلك بأنه إذا لم ترتفع هذه العائدات فلن يكون لأي شيء آخر قيمة. فمع أن هذا قد يكون صحيحًا من الناحية الواقعية، فإنه لا يصلح أن يكون هدفًا مرحليًّا حيث إنه أخل بشرطِ أن يقتصر فقط على فترة معينة من الوقت، وبذلك لم يَعُد مرحليًّا. وبدلًا من ذلك، يمكن أن نعتبره أكثرَ الأهداف التشغيلية أهمية.
أما عندما يستخدم الفريق التنفيذي للشركة أحدَ هذه الأهداف التشغيلية الثابتة على أنه ناقوس الخطر لتنبيه الموظفين وجمْعهم على تحقيق هدف واحد، فإنه بذلك يفقد مصداقيته عند التعرُّض لأزمة حقيقية؛ حيث إن هذه الأهداف التشغيلية موجودة طوال الوقت وليست في وقت الأزمات فقط، ويؤدي هذا إلى تولُّد لا مبالاة لدى الموظفين عند التعرُّض لأزمة حقيقية. وبالطبع فإن اعتبار زيادة العائدات هدفًا تشغيليًّا ثابتًا لا يعني تقليلَ قيمته وأهمية تحقيقه. بل على العكس، فهو يرسل لهم رسالةً مُفادها أن بذل الجهد في هذا المجال أمرٌ مهم طوال الوقت، ولكنه ليس كافيًا وحدَه لتحقيق النجاح.
(٤) أسسُ تقييم وقياس النتائج التي حُقِّقَت
بمجرد الانتهاء من تحديد الهدف المرحلي وعوامل تحقيقه والأهداف التشغيلية الثابتة، من الممكن أن يبدأ الفريق التنفيذي في الحديث عن تقييم النتائج وقياسها. ولكن تذكَّر، دون هذه المقوِّمات الأخرى لن يكون لعملية القياس أو التقييم مجالٌ أو سياقٌ مناسب. حتى أكثر الموظفين اهتمامًا بتحقيق النجاح، ويشمل ذلك المسئولين التنفيذيين، لن يهتموا بالتقييم والقياس بالقدْر نفسِه إذا لم يتفهموا جيدًا الدور الذي يلعبونه في الصورة الكاملة للشركة وفي تحقيق النجاح المرجوِّ.
وضَعْ في اعتبارك أن عملية التقييم لا تعني دائمًا قياسَ النتائج بالأرقام. ففي الغالب تكون عبارة عن تواريخَ للانتهاء من عمل محدَّد. ومحاولةُ تحديد أرقام أو تواريخ معينة لأنشطةٍ لا يمكن قياسها أو تقييمها خطأٌ يقع فيه الكثير من التنفيذيين، وأمرٌ يفتقر إلى الحكمة لأنه يشجِّع تحقيقَ نتائجَ عشوائيةٍ غيرِ مدروسة، قد تشارِك أو لا تشارك في تحقيق الهدف المرحلي.