أهمية التركيز على الهدف المرحلي
بمجرد أن يحدِّد الفريق التنفيذي الهدفَ المرحلي الذي سيركز عليه جهوده في الفترة التالية وكذلك عوامل تحقيق هذا الهدف والأهداف التشغيلية الثابتة، فإنه سيحتاج إلى إبقاء التركيز منصبًّا على هذه النقاط أثناء عملية إدارة المؤسسة. ودائمًا ما تتم متابعة هذه الأهداف ومناقشتها خلال اجتماعات مجلس الإدارة (التي غالبًا ما تكون أسبوعية).
وفي أحدِ كتبي السابقة عن الاجتماعات ويحمل عنوان «الاجتماعات القاتلة» أشرتُ إلى أنه من الأفضل ألا يكون لدى الفريق التنفيذي للشركة جدولُ أعمال مُعَدٌّ مسبقًا للاجتماعات، وأنه من الأفضل أن يكون هناك جدول أعمال آني يتغير وفقًا للمعطيات الجديدة التي تتغير في ظروف العمل المختلفة. ويُنشَأ جدول الأعمال الآني في خطوتين، ويجب ألا تستغرق عملية إنشائه بالكامل أكثرَ من عشر دقائق.
في البداية، اجعل كلَّ فرد من المشاركين في الاجتماع يحدِّد أهم ثلاثة أشياء تحتل قائمة أولوياته في الأسبوع المقبل، وذلك خلال ثلاثين ثانية فقط. فإذا كان عدد أعضاء الفريق التنفيذي اثني عشر عضوًا، فلن يستغرق الأمر أكثرَ من ست دقائق.
قُم بعد ذلك بمراجعةِ ما دوَّنه الأعضاء، الذي لن يتعدَّى أن يكون قائمة ستُرتَّب من حيث الأولوية، لتكون عواملَ تحقيق الهدف المرحلي والأهداف التشغيلية الثابتة.
ستجد أن الألوان التي عُيِّنت لكل عنصر عبارة عن تقييم كيفي بسيط لهذا العنصر مبني على حكم أعضاء الفريق التنفيذي. ومع أن السماح للفريق التنفيذي بتقييم أنفسهم دون استخدام أرقام محدَّدة يبدو شيئًا غريبًا، فإن الهدف من هذا التدريب هو أن تلمَّ جيدًا بما يدور في أذهان مَن يديرون الشركة، وتتعرَّف حكمَهم على العناصر التي تسير بمعدَّل جيد أو سيئ في الشركة.
لا تقلق، سيكون من المستحيل تمامًا أن يقول مدير المبيعات إنه يرى أن العوائد يجب أن تلوَّن باللون الأخضر، إذا لم تكن كذلك بالفعل. لأن رئيس الإدارة المالية سوف يقول: «مهلًا، مهلًا. لا أظن أننا يمكن أن نعيِّن لها اللون الأخضر.» وهذا هو الهدف من التدريب؛ أن يتحدَّث أعضاء الفريق التنفيذي بعضهم إلى بعض عن الأهداف التي حدَّدوها، ويتوصلوا إلى صورة عامة توضِّح مدى نجاحهم في تحقيق هذه الأهداف.
وهنا يظهر دور الرئيس التنفيذي جليًّا عندما يتدخل لتسوية الخلافات التي تنشأ أثناء التقييم، مثل أن يقول: «حسنًا، فلنعيِّن لهذا العنصر اللونَ البرتقالي» عندما لا يستطيع أعضاء الفريق التنفيذي تحديدَ ما إذا كان عنصر محدَّد سيُلوَّن باللون الأصفر أم الأحمر. وهنا تجدُر الإشارة مرةً أخرى إلى أن الهدف العام من هذه المناقشة ليس التحديد الدقيق ولكن التقييم العام للأداء. ولا تواجه معظم فِرق العمل صعوبةً في الاتفاق على تقييم معيَّن لكل عنصر من العناصر.
وبمجرَّد أن تُقيَّم العناصر — وغالبًا ما يستغرق هذا الأمر خمس دقائق — سيكون الفريق جاهزًا لتحديد العنصر الذي يحتاج إلى التركيز عليه في بقية وقت الاجتماع. وفي هذا الوقت، قد يحدُث أن يختلف مسئولان يعملان في الفريق نفسِه، يحاول أحدهما إهدارَ وقت طويل في مناقشة ودراسة موضوع إما لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالهدف المرحلي الذي اتَّفق عليه المجلس، أو يرتبط بجزء آخر يسير العمل فيه جيدًا. ويُعَد هذا النوع من محاسبة الزملاء بعضهم بعضًا فيما يخص تحديدَ أولويات مجلس إدارة الشركة المفتاحَ الرئيسي لتنظيم قدرة المؤسسة على التركيز على شيء معيَّن في سياق الهدف المرحلي.
وعلى الجبهة الأولى، يبدو أن الجهد المبذول فيما يخصُّ تغيير العلامة التجارية يأتي بعد الدعاية وإعادة تصميم المطعم. لذا، يحتاج كل مسئول، وليس فقط رئيس قسم التسويق، لأن يعرف أبعادَ الموقف جيدًا، حتى تتضح له الصورة تمامًا حول ما يحتاجون إلى القيام به لعلاج المشكلة، وللمساعدة أيضًا في الجهود المبذولة من أجل إعادة تعيين العلامة التجارية. وقد يستطيع البعض المشاركةَ مباشرةً في المشروع، في حين يسهم البعض الآخر فقط بتوفير الموارد التي تساعد على البدء بفعالية في تنفيذ المشروع. وأيًّا كان الوضع، فالمفتاح الرئيسي هو أن يدرك الجميع أن أحدًا منهم لن ينجح فيما يفعل إلا إذا تمكَّن الجميع من تحقيق هذا الهدف.
وعلى كل حال، لا يجب أن يختلط علينا الأمر في التفريق بين المشاركة غير المباشرة وتواني بعض أفراد الفريق الواحد أو فشلهم في القيام بالمهام المنوطة بهم. وكما أنهم يشتركون في تحمُّل مسئولية السعي وراء تحقيق الهدف المرحلي الذي يعملون من أجله، يجب أن يعتبر كلٌّ منهم الآخر مسئولًا عن تنفيذ مهامه بأداء قوي يصل إلى المستوى المطلوب.
أما الموضوع الآخر الذي يحتاج المسئولون إلى دراسته فهو تطوير الأيدي العاملة؛ حيث إن هناك مشكلتَين متعلقتَين بهذا الجانب: تتمثل المشكلة الأولى في أن عددًا كبيرًا للغاية من الموظفين يتركون العمل، والثانية هي أن الكثير من الذين يستمرون في العمل لا يتلقَّون التعليمَ المناسب حول كيفية تمثيل الاتجاه الجديد الذي تتبعه الشركة. وبالطبع لا يتحمل قسم الموارد البشرية وحدَه المسئولية الكاملة عن هذا الأمر.
يحتاج الجميع، بدءًا من مسئولي العمليات التشغيلية إلى مسئولي التسويق، أن يشاركوا في التعامل مع مشكلتَي الاحتفاظ بالموظفين وتدريبهم، حتى إذا كان هذا يعني إبطاءَ عملية التطوير في مجالٍ ما (كبناء مطاعم جديدة على سبيل المثال) من أجل تعجيلها في مجال آخر (تدريب الموظفين لتنمية قدرتهم على فهْم الاتجاه والأهداف الجديدة للشركة).
يحتل الموضوعان السابقان أهميةً بالغة بالنسبة لمستقبل سلسلة المطاعم؛ لذا يجب مناقشتهما حتى إذا لم تتم مناقشة أي شيء آخر أثناء الاجتماع. ولا يجب إهدار الوقت في مناقشة قائمة الطعام والوجبات الجديدة التي ستضاف أو اختبارات الجهات المعنية بالصحة والأمان.
ومع أن هذا الأمر قد يبدو واضحًا للغاية، فإنه يمثِّل مشكلة شائعة للغاية يقع فيها العديد من المسئولين. ففي الغالب، يقسم المسئولون التنفيذيون وقتَهم بالتساوي على جميع الأقسام والموضوعات، ويمنحون اهتمامًا متساويًا لكل موضوع، بغضِّ النظر عن ترتيبه من حيث الأهمية أو دوره في عملية التطوير. وبذلك تصبح الاجتماعات جلساتٍ مطوَّلة لسرد الأحداث، مصمَّمة بحيث تمنح الجميع وقتًا للحديث عن أقسامهم والأنشطة التي يقومون بها. وبالطبع، لا يفيد هذا في شيء سوى تعزيز العزلة والانقسام بين الأقسام المختلفة، ويزيد من احتمال أن تلقى الموضوعات المهمة والحيوية قليلًا من اهتمام وتركيز المسئولين جميعًا.
ودون تحديد عوامل تحقيق الهدف المرحلي والأهداف التشغيلية الثابتة بوضوح، سيكون من الصعب للغاية تجنُّب الوقوع في هذا الشَّرَك. وكذلك دون الاعتماد على وجود هدف مرحلي، ستصبح العملية كلُّها مستحيلة.