الخضوع!
أصبح داخل المستعمرة أربعة شياطين … هم «عثمان» و«قيس» وخلفهم «أحمد» و«إلهام» … ولكن كل منهم في اتجاه … هذا هو أسلوب عملهم … حتى يحققوا أفضل نتيجة في وقت قياسي.
غير أن عملاء «سوبتك» استفادوا جيدًا من هذا الأسلوب … وتمكنوا من القبض عليهم كل على حِدَة، وكانت لديهم تعليمات صارمة بالتخلص منهم وحين سرت أدق موجة كهرومغناطيسية في ساعة «إلهام» كانت موجة مثلها تتسلل إلى ساعة «أحمد» وكذلك «قيس» و«عثمان».
لقد كانت رسالة أرسلها إليهم «باسم» من خارج المستعمرة … يقول لهم: لقد تركوني أخرج لكي يصطادوا بي المزيد منا … وسأستفيد من رغبتهم هذه في الإيقاع بهم.
انتهت الرسالة … ولكنها كانت ناتجة لمزيد من الرسائل التي تبادلها الشياطين … وتم فيها الاتفاق فيما بينهم على الالتقاء في قاعة قريبة من الباب الخلفي … وفي التوقيت المحدد … كان الجميع موجودين وأغلقت القاعة تلقائيًّا … فمن الذي أغلقها؟ وهل هناك مَن يراقبهم؟ وما هدفه من غلق الباب الآن؟ لم يتركوهم كثيرًا نهبًا للظنون والتساؤلات … فقد انفتح باب داخلي … ثم دخل منه رجلان يحمل كلٌّ منهما بندقية … وجه الأول بندقيته إلى «إلهام» ثم أعطاها الرجل الآخر بندقيته … وطلب من بقية الزملاء الجلوس متجاورين وبعد أن استقروا في جلستهم أصدر الأمر ﻟ «إلهام» أن تطلق النار عليهم.
أثار هذا الأمر «إلهام» للغاية … فاستدارت بالبندقية في مواجهة الرجلين فضربها أحدهما بكعب البندقية في رقبتها … فوقعت على الأرض … فأجلسوها بجوار زملائها … ثم أحضروا «قيس» وفعلوا معه مثلما فعلوا مع «إلهام» فرفض بإباء … فأجلسوه بجوار زملائه … وقاما بتوجيه بندقيتهما إليهم.
وانطلقت رصاصة … أسقطت البندقية من يد الرجل … فسحب الآخر أمان بندقيته … وأطلق دفعة رشاش كاملة في اتجاه مصدر الرصاصة ثم وجه البندقية إلى الشياطين.
في هذه اللحظة … دخل عليهم ثلاثة من الماكينات البشرية … وتحادثوا قليلًا مع الرجل، ثم طلبوا أن يصارعوا الشياطين واحدًا تلو الآخر … فرفض «أحمد» بشدة قائلًا: هؤلاء ليسوا بشرًا … وأنا لا يمكنني أن أصارع دبابة.
فقال له الرجل ليستفزه: ولكنه من لحم ودم.
ففطن «أحمد» لغرضه وأجابه قائلًا: ليس لي نفس اللحم ولا نفس الدم.
فأجابه الآخر في حزم: ليس لك حق القبول أو الرفض … فأنت محكوم عليك بالإعدام.
فقال له في محاولة لإنقاذ «إلهام»: من المفهوم أن تصارعني أو تصارع «عثمان» أو «قيس» لكن أن تصارع فتاة!
تداولوا قليلًا ثم عاد يقول لهم: لن يُستثنى أحد من هذا القرار … فمن سيبدأ أولًا.
قرر «عثمان» أن ينازله وهو بكامل قوته، حتى لا يؤذي بقية زملائه … غير أن «أحمد» طلب وأصر أن ينازله هو أولًا.
فنظر له باحتقار وقال له: أنت لا تطلب ولا تبدي رأيًا … أنت تنفذ ما يُطلب منك فقط.
تماسك «أحمد» درءًا للمخاطر التي يتعرض لها زملاؤه … وعاد يقول له: شرف لي أن أبدأ اللعب معك.
صاح الرجل في غيظ: هذا ليس لعبًا … إنه قتال … ويجب أن يقتل أحدنا الآخر.
فالبقاء دائمًا للأقوى.
صرخ «أحمد» قائلًا: من قال لك هذا … إنه قانون حيواني يحكم العلاقة بين الحيوانات في الغابة.
صرخ الرجل قائلًا: أنا لست حيوانًا … أنا إنسان متميز … أنا إنسان أعلى.
وفي قرف شديد سألته «إلهام» قائلة: أعلى ممَّن؟
فقال مزجرًا: أعلى من البشر.
فقالت في برود: ومن قال لك ذلك؟
فقال في صدق: كل من حولي، في كل وقت وكل مكان يجرون فيه فحوصات لنا وتحليل دم وغيره يقولون لنا ذلك.
وهنا بدرت إلى ذهن «أحمد» فكرة جبارة … فقد قال له باستعلاء: بل أنا الإنسان الأعلى … ولا يوجد إنسان أعلى مني.
صرخ الرجل بشراسة … وكأنه يدافع عن وجوده … ومد يده ﻟ «أحمد» يطلب منه أن ينازله فوافق «أحمد».
وقبل أن ينتبه له … كان قد قفز في الهواء قفزتين لم تمس رجلاه الأرض فيهما ثم نزل على يديه وأطلق قدميه صاروخين إلى صدر الرجل … فترنح للخلف … ثم عاد إليه … فدار حول مشط قدمه دورتين … ثم أطلق مشطه الآخر صاروخًا في وجهه … وتناولت الضربات في سرعة وخفة ورشاقة وقوة … غير أن الرجل لم يتأثر، بل لم تخرج منه حتى آهة ألم.
ولم ييأس «أحمد» … وتوالى في تسديد الضربات لهذا الإنسان السوبر … وأصاب الإرهاق «أحمد» فصرخ قائلًا: هذا ليس عدلًا … كيف أُنازل إنسانًا … اختيرت له كل صفات القوة … وعُدلت به رغباته لتوافق ميول جماعة إجرامية دولية؟!
كان «أحمد» يشعر باليأس … فما جدوى كل ما يكيله من ضربات للرجل … مادام لا يتأثر بها؟!
غير أنه وفجأة … سقط الرجل على الأرض مغشيًّا عليه … وقتها … حمله زملاؤه وخرجوا به من القاعة … ثم عاد كبيرهم وقال ﻟ «أحمد»: إنك الأقوى … وأنت تستحق الطاعة.
فقال له «أحمد»: نحن نريدكم جميعًا للاجتماع بالقائد العام للمنظمة … هل يمكنك تنفيذ ذلك؟
قال الرجل في خضوع: على الرحب والسعة!
فقال «أحمد» في راحة: إذن ليس بيننا وبينكم حرب … وعليك بشرح ذلك لمَن معك!
فقال الرجل في حيرة: نعم سأقول لهم.
فتنفس «أحمد» الصعداء … وأمسك بتليفونه المحمول … واتصل برقم «صفر» وقال له: المهمة انتهت … نحن في الطريق!
فقال له رقم «صفر»: إنكم شباب سوبر … بدون هندسة وراثية.
فضحك «أحمد» وضحك رقم «صفر».