(في ساحة الانتخاب جمهور من الناس في حركة وحديث وضوضاء ويكون بينهم
ثلاث أو أربع نساء حاملات أطباقًا عليها شرائط بعضها زرق وهي لحزب ريشار، وبعضها صفر
وهي
لحزب خصمه، وكل واحدة من البائعات تنادي على بضاعتها، واحدة تقول الأصفر الأصفر، وواحدة
تقول الأزرق الأزرق، وفوق الساحة بلكونان مشرفان عليها أو نافذتان.)
المشهد الأول
(يدخل ريشار في وسط حزبه ويكون حوله رجال معلقين بقبعاتهم وعرى
ثيابهم الشرائط الزرق التي هي علامة حزبهم، ويكون ثلاثة منهم حاملين أعلامًا مكتوب على
أحدها (ليحيى ريشار) وعلى الثاني (ريشار دون سواه) وعلى الثالث (ريشار والإصلاح)،
فيلتفت أحد أصحابه إلى ريشار ويقول.)
أحد الأصحاب
:
هل زرت أصدقاءنا يا مستر ريشار؟
ريشار
:
نعم وسأنال الأكثرية إن شاء الله، هلموا بنا داخل الحانة أيها السادة.
(ثم يدخلون من جهة مقابلة للجهة التي دخلوا منها … فيدخل حينئذ
ستنسون خصمه في موكب كموكب ريشار وحوله أنصاره وعلى قبعاتهم شرائط صفر وهم حاملون
أعلامًا على واحد منهم (ليحيَ ستنسون) وعلى الآخر (ستنسون دون سواه) وعلى الثالث
(ستنسون والشرف) فيلتفت أحد أصحابه إليه ويقول.)
أحد الأصحاب
:
هل زرت أصدقاءنا أيها السيد؟
ستنسون
:
نعم وسأنال الأكثرية إن شاء الله، ولكن هلموا بنا لنستريح أيها
السادة.
(ثم يدخلون من المكان الذي دخل منه ريشار إلى داخل الحانة
المشرفة على الساحة ويقف ريشار وستنسون كل واحد منهما في بلكون أو نافذة مشرفة على
الشعب المجتمع في الساحة، ثم يكون في الساحة مائدة يجلس عليها مأمور الانتخاب من
قبل الحكومة ومعه مساعدان وعلى مائدة أخرى صندوق الانتخاب ليضع فيها المنتخبون
أوراقهم.)
تومسون
(داخلًا)
:
اسمعوا، اسمعوا أيها السادة الإنكليز، فإن أخطب الخطباء وأبلغ البلغاء، السير
ريشار يريد الخطابة.
(يصيح بعض حزبه.)
بعض الحزب
:
هس، هس، اسمعوا ريشار، هس، هس.
(هنا ينصت الشعب قليلًا وعند ذلك يدخل الدكتور غراي ومبراي
وچاني وأنَّا فينتظرون ريشار في البلكون فيشاورون إليه بمناديلهم ويشير إليهم بيده
ثم يتأهب للخطابة.)
ريشار
:
أيها السادة الكرام.
(صراخ حزب الأزرق قائلين.)
حزب الأزرق
:
برافو، برافو، هس، هس.
(صفير من الحزب الأصفر.)
ريشار
:
لا شك أن بعضًا منكم يستغرب إقدامي على مزاحمة المستر ستنسون المتربع في كرسي
النيابة عن هذه المقاطعة في مجلس العموم منذ ٣٥ عامًا، وحقهم أن يستغربوا ذلك
ما دامت عائلة دربي تدعي ملكية كراسي البرلمان ادعائها ملكية البلاد.
(حزب الزرق والصفر بعضهم يصرخ: برافو، برافو، تمام،
تمام.)
(وبعضهم يقول: لا لا، بس بس، بقى هس.)
ريشار
:
لا تحاولوا إنكار هذه الحقيقة الثابتة، فإن للمقاطعة سبعة كراسي في مجلس
النواب وعائلة دربي تجلس عليها سبعة أرواح شيطانية كأنها جهنم تمثلها الخطايا
السبع الأصلية.
(تصفيق عظيم من الزرق واستهجان من الصفر.)
ولكن قد أفل نجمهم وسقط حكمهم، إني أنا ابن الشعب أخوكم وابنكم أتيت أستنجدكم
على أعدائكم.
الزرق
:
برافو، برافو (تصفيق).
ريشار
:
فإن ساعدتموني رفعت شأنكم وحفظت حقوقكم.
الزرق
:
أيوه كده أُمال.
ريشار
:
وأنا أطلب مساعدة الزرق لا الصفر، أيها الصفر تريدون الذهاب فاذهبوا إلى
عائلة دربي فإنه لونهم وشعارهم.
الزرق
:
ههه، ههه (تصفيق).
ريشار
:
ويا أيها الزرق تريدون رد حقكم المسلوب ومالكم المنهوب فامنحوني أصواتكم،
انتخبوني نائبًا عنكم أكن لكم سيفكم الذي به تضربون وتكونون لي درعي التي بها
أتقي، ولا تنسوا أن يد الله مع الجماعة وأن صوت الشعب صوت الله.
أحد الزرق
:
ههه، برافو برافو، والله عال، كمان يا أخويا، هس، هس.
(عندما يفرغ ريشار من الخطابة يلتفتوا الجميع إلى المستر ستنسون
الذي يكون واقفًا في البلكون الثاني.)
ستنسون
:
يا سكان دار لنكتون (صفير قليل) بيانًا
لسوء نية هذا الطالب الجديد (صفير وتصفيق) (ويعيد الكلام ثانيًا) بيانًا لسوء نية هذا
الطالب الجديد، لا أوجه أنظاركم إلى ما هو جاري الآن في هذا المكان (أصوات تصرخ فيه).
الصفر
:
أبويا أخويا.
الزرق
:
بس دا الكلام الفارغ خبر إيه.
الصفر
:
هس، هس بس بقى اسمعوا المستر ستنسون كما سمعنا المستر ريشار.
ستنسون
:
قابلوا بينما كان في الهدو والسكينة في الانتخاب الماضي وبين الجلبة والنزاع
في هذا الانتخاب.
(الزرق تضحك ضحكًا شديدًا.)
ستنسون
:
فهل تسمحون لكل رجل ولو كان وضيع الشأن أن يكدر صفو هذه المقاطعة.
(استهجان من الزرق وصراخ.)
ستنسون
:
ومتى صار الناس يستطيعون إهانة عائلة دربي التي هي فخر إنكلترا
وزينتها.
الصفر
:
برافو، برافو (تصفيق).
أحد الزرق
:
وأية فائدة لنا منها.
ستنسون
:
قد مضت ثلاثة قرون وأبناء هذه العائلة أسياد هذه البلاد.
أحد الزرق
:
لا نعرف أسيادًا، لا نعرف أسيادًا نحن أحرار، نحن أحرار.
(صراخ عظيم وملاكمات بين الصفر والزرق فيهجم الزرق على أعلام
الصفر ويرمونها وينقلبون عليهم فيقول حينئذ ستنسون.)
ستنسون
(بصوت قوي جدًّا)
:
عودوا إلى رشدكم أيها الإنكليز، فإن هذا الشاب يخدعكم، أتصدقون أن هذا الفتى
يطلب أصواتكم للدفاع عن حقوقكم وعيالكم وأموالكم، بل سلوه قبلًا هل هو ذو مال
لينوب عن أصحاب الأموال، له عائلة لينوب عن العيال، إنه لقيط لا يُعرف له حسب
ولا نسب، وهذا الدكتور غراي الذي يزعم أنه أبوه شاهد حق على ما أقول.
الزرق
:
أنت الكذاب، أنت اللئيم، أنت اللقيط.
(صفير تصفيق قهقهة ثم يظهر الدكتور غراي أنه يريد الكلام فيصغى
الجميع إليه.)
الدكتور
:
نعم ليس السير ريشار بابني (تصفق الصفر وتضحك
فيستاءوا الزرق) لكنه صهري، زوج ابنتي.
(تصفق الزرق وتضحك فيستاءوا الصفر.)
ستنسون
:
يعني الدكتور بهذا القول أنه تبناه ولكن هل أعطاه شيئًا من فضائله. إن هذا
الشاب شديد الطمع والكبرياء، وصل إليكم وبالكبرياء يخويكم بالكبرياء …
(هنا يضع صوته بين أصوات الشعب ويظل هو صارخًا والشعب يصرخ فيقف
مأمور الانتخاب ويشير بيديه علامة السكوت فيسكت الجميع … في أثناء الخطابة يكون
تومسون نصر ريشار مهتمًّا بجميع أوراق الانتخاب وهو ينتقل من واحد إلى آخر يحرضهم
على انتخاب ريشار والشعب يتناول من حين إلى حين أوراقًا فيضعها في صندوق الانتخاب
الظاهرة أمام الناس.)
مأمور الانتخاب
:
لقد مضى ربع ساعة ولم يتقدم أحد للاقتراع فبناء على ذلك أعلن إقفال صندوق
الانتخاب لإطلاعكم على النتيجة.
(سكوت عميق، المأمور يعد الأوراق التي تكون في الصندوق هو
ومساعداه.)
المأمور
(معلنًا رسميًّا)
:
نتيجة الانتخاب أن المستر ريشار نال ١٤٢ صوتًا والمستر ستنسون ١٣٧ صوتًا،
وبناء عليه أعلن المستر ريشار نائبًا عن دار لنكتون.
(هنا تنفجر أصوات الفرح من صدور الزرق، فيصرخون ويهجمون على
الصفر، فينزلون أعلامهم ويطردونهم، وينزل ريشار إلى المرسح فيحيط به أصحابه وهو
بهيئة الانتصار بعد أن يسلِّم على الدكتور ومبراي وچاني وأنَّا وجميع الحاضرين
مصافحة بالأيادي ثم يصبح صاغٍ بين الحاضرين ويقول.)
أحد الحاضرين
:
حفلة الكرسي.
غيره
:
نعم حفلة الكرسي، حفلة الكرسي.
(يخرج بعض الحاضرين ويعودون بكرسي جميل إلى المرسح فيتقدم
تومسون من ريشار ويأخذ ذراعه ويقترب به إلى الكرسي وحوله الجمهور ويقول.)
تومسون
:
اصعد إلى الكرسي إنك بيننا
أولى به يا أعظم الرؤساء
ريشار
:
الآن أصعد واثقًا أني به
سأنال ما أبغي من العلياء
هو سلم أرقى عليه إلى الذي
يرقى إليه معاشر الشرفاء
أيدتموني يا رفاقي فاغنموا
شكر الجميل أبثه وثنائي
الجميع
(لحن)
:
الشكر يا رب العلا لك لا لنا
إذ كان منك بذاك حسن رضاء
إنا كفا أن تكون رئيسنا
شرفًا فإنك صيرت الأكفاء
ريشار
:
قد جاء يوم النصر فلنفرح بما
نلناه من فوز على النبلاء
وأنا عليهم بالمصائب قادم
ويل لهم مني ومن نصرائي