في الوقت المناسب
اندفع «عثمان» و«فهد» إلى المكان الذي خرج منه «يوناسيرا» … أدركا أنه ما دام رجل «المافيا» الأول «كاميني جاتوا» كان يستجوب «رشيد»، فلا بد أن «يوناسيرا بونانو» أو «ب. ب» كان يستجوب «أحمد» … اندفعا إذن إلى الغرفة التي خرج منها «يوناسيرا» وصَدَقَ ما توقعاه … كان «أحمد» يجلس على كرسيٍّ من الصُّلْب اللامع، وقد أحاطت بيديه ورجليه السيور الحديدية، وعلى رأسه برزت أسلاكٌ متعددة … كانوا يحاولون استجوابه تحت تأثير الصدمات الكهربائية. وكان الرجل المسئول عن الكهرباء يقف بجوار لوحة التوزيع … وسمع خُطُوات «فهد» و«عثمان» وهما يقتربان، فضغط على زر أمامه، وإذا بالباب يُغلَق تدريجيًّا … ولم يتردد «فهد»، أطلق رصاص مسدسه على اللوحة نفسها فتوقف الباب. ورفع مقبض مسدسه وهوى به على رأس الرجل، بينما كان «عثمان» يحلُّ وثاق «أحمد» …
كان «أحمد» شبهَ مُغمًى عليه من أثر الصدمات العنيفة التي أُجريت عليه … فوقف متخاذلَ الساقين بينما عشرات الأقدام تجري هنا وهناك … كان موقفًا حرجًا، فأمسك كل منهما بإحدى ذراعَيْ «أحمد» واندفعا خارجين.
وفي هذه اللحظة ظهرت مجموعة من الحراس تحمل المدافع الرشاشة … وكان واضحًا أن مصير الشياطين الثلاثة سيتقرَّر في لحظات … فإذا أطلق هؤلاء الرجال المدافع الرشاشة فلا شيءَ يمكن أن يوقفَهم … ولكنهم بدلًا من أن يطلقوها صاحوا بالشياطين الثلاثة يطلبون منهم رفع الأيدي، وامتثل الشياطين للأمر … رفعوا أيديَهم إلى فوق وأسقطوا مسدساتهم … كان هذا هو الحل الوحيد للإبقاء على حياتهم، دقائق أو ساعات أخرى …
قال أحد الحراس: خُذوهم فورًا إلى الدكتور «كلاوسي».
وبدأ الحراس يشدُّونهم إلى مصعد صغير في جانب من الجدار الصخري، وسرعان ما كانوا ينزلون واحدًا واحدًا في المصعد … ومع كل منهم حارسه … نزل «أحمد» الذي كان واضح الإعياء أولًا، ثم نزل «فهد»، وبعده نزل «عثمان» … وبدا الثلاثة سيرهم بين شاشات التليفزيون التي كانت تنقُل مشاهد من العواصم العربية بواسطة القمر الصناعي.
وبعد نحو عشرين مترًا دخلوا إلى قاعة واسعة، وطلب منهم الحراس الجلوس حول مائدة كبيرة، ثم خرج الحراس وتركوهم، ووقف «عثمان» قائلًا: لقد تركونا ويمكن أن ننصرف.
ولكن قبل أن يتحرك خُطوةً واحدة ارتفع صوت من جانب الغرفة يقول: من الأفضل أن تجلس مكانك! … إن جدران الغرفة كلها فُوَّهات لمدافعَ رشاشةٍ يمكن أن تحصُدَكم في لحظات!
وجلس «عثمان» … وعاد الصوت يقول: أقدم لكم نفسي … أنا الدكتور «كلاوسي» مخترع الجاسوس الخارق … الجاسوس الذي يرى كل شيء في المنطقة العربية، ويسمع كل كلمةٍ تُقال فيها!
وصمت «كلاوسي»، ثم قال: لقد قضينا عشرة أعوام في بناء هذا المشروع الذي يقوم على قاعدةٍ أرضيةٍ مزودة بأجهزة استقبال بالغة الحساسية، وعلى قمر صناعي يدور في الفضاء ويرصد كلَّ شيءٍ في العالم العربي … وقد نجحنا في الاستماع إلى كل كلمة تُقال بواسطة التليفون أو اللاسلكي. وقد عرفنا بوجود منظمتكم؛ منظمة الشياطين اﻟ «١٣»!
وضحِكَ «كلاوسي» وقال: وقد دُهشنا عندما استطعتم خِداعنا بواسطة أحد زملائكم … ولم تكن هذه غلطتنا، بل غلطة رجال «المافيا» الأغبياء!
وساد الصمت لحظات وقال «كلاوسي»: وقد دُهِشْنا أكثر أنْ وجدناكم مجموعةً من الأولاد … فمن الذي يقودكم؟
لم يردَّ أحد … فقال «كلاوسي»: من الأفضل لكم أن تتحدثوا، فمن السهل جدًّا حَمْلُكم على الكلام!
ثم صاح «كلاوسي» بضيق: إذا كنتم تعتمدون على أصدقائكم الثلاثة الباقين فقد قبضنا على اثنين منهم …
وأحسَّ الشياطين الثلاثة أن ماسًا كهربائيًّا باردًا يجتاحهم بعد هذا الخبر … ولكن في هذه اللحظة حدث ما لم يكن في الحسبان، انطلق انفجارٌ مكتوم من الدور الأسفل، ثم تلاه انفجار ثانٍ، وبدت الغرفة كأنها تميل تدريجيًّا. وصاح «كلاوسي» لا تتحركوا من أماكنكم!
وسمِع الشياطين الثلاثة صوت أقدامٍ تبتعد … وفي هذه اللحظة ارتفع صوتُ انفجارٍ قويٍّ … ثم اشتعلت النيران في أنحاء الغرفة … ولم يتردد الشياطين الثلاثة … اندفعوا مسرعين من الباب، وأخذوا يجرون … وقابلوا عددًا من الحراس، كلٌّ منهم يجري في اتجاه … بينما استمرت الانفجارات تتوالَى …
وعند حافة الجبل، توقف الشياطين لا يعرفون ماذا يفعلون بعد ذلك … ولكنهم سمِعوا بجوارهم صوتًا يقول: تعالَوْا من هنا. والتفتوا إلى مصدر الصوت … كان «باسم» المسئول عن كل هذه التفجيرات يقف على رأسِ سُلَّم، فقال له «عثمان»: ولكن أين الباقون؟ قال «باسم»: لقد أنقذت «رشيد» و«إلهام» وسبقوكم في النزول …
أسرع الشياطين ينزلون السلم على سفح الجبل. كان طويلًا جدًّا … ولكنه في النهاية انتهى بهم إلى الأرض. ووقفوا يشهدون القاعدة الأرضية وهي تنفجر وتنفجر، والنيران تشتعل فيها …
وتنهَّد عثمان طويلًا ثم قال: كيف حدث كل هذا؟
باسم: لقد انفصلتُ عن «إلهام» و«رشيد» وأخذتُ أضعُ المتفجراتِ في كلِّ مكان أقف فيه … وفي الوقت المناسب فجَّرتُها!
قال «أحمد»: إننا فخورون بك يا «باسم»!
ردَّت «إلهام»: وسيكون رقم «صفر» أكثر فخرًا عندما يسمع بهذا الانتصار العظيم.