البطارية الكهربائية والكهرومغناطيسية: اكتشافان من ملاحظة رِجْل ضفدعة وبوصلة
(١) البطارية الكهربائية
يُنسَب إلى اختصاصي علم وظائف الأعضاء الإيطالي لويجي جلفاني (١٧٣٧–١٧٩٨) اكتشافات كانت بمنزلة الشرارة الأولى لاكتشاف التيار الكهربائي. ففي عام ١٧٨٦، لاحظ أثناء تشريح ضفدعةٍ أن إحدى أرجلها تتحرك أثناء وضعها على طاولة بالقرب من مولِّد كهروستاتيكي. (لاحظ ذلك أيضًا فلوريانو كلداني قبله بثلاثين عامًا.) أتبع جلفاني ملاحظتَه بدراساتٍ لما أسماه «الكهرباء الحيوانية». علَّقَ رِجْل ضفدعة في سور شرفة حديدي بكُلَّاب من النحاس الأصفر، ولاحظ أن الجزء السفلي من الرِّجل انقبض عندما تلامس مع جزء آخَر من السور. (مرةً ثانية، يبدو أنه لم يكن يدرك أن هناك مَن لاحَظَ ذلك قبله بقرن تقريبًا في هولندا، وهو جان سوامردام.)
أثارت ملاحظات جلفاني اهتمام عالِم إيطالي آخَر، وهو الفيزيائي أليساندرو فولطا. اعتقد فولطا أن رِجْل الضفدعة المعلَّقة في سور الشرفة انقبضت ليس بسبب الكهرباء الحيوانية، ولكن بسبب فرق الجهد بين معدنين غير متماثلين (النحاس الأصفر المكوَّن أساسًا من النحاس وهي المادة المصنوع منها الكُلَّاب، والحديد المصنوع منه سور الشرفة)، وقد تلامَسَا مصادفةً مع النسيج الحيواني. يرى فولطا أن أعصاب الضفدعة وعضلاتها تمثِّل مكشافًا كهربائيًّا غاية في الحساسية، سمح بالكشف عن تيار أضعف بكثيرٍ من أي شيء خضع للدراسة بواسطة جهازٍ كان متاحًا في ذلك الوقت.
أثبت فولطا نظريته فيما يتعلق باختلاف الجهد الكهربائي بين المعادن غير المتماثلة باختراع أول بطارية يمكن الاعتماد عليها، وهي التي وصفها في خطاب أرسله إلى الجمعية الملكية في لندن في عام ١٨٠٠. استُخدِمت في بطارية فولطا «خلايا» مصنوعة من معدنين مختلفين، مثل الفضة والزنك، يتم الفصل بينهما بأقراصٍ من الورق المقوَّى مُبلَلة بالماء المالح ومتصلة على التوالي. ومن مزيج تلك الخلايا (الجلفانية) صُنِعتْ بطارية تعتمد قوتها (فولطيتها) على عدد تلك الخلايا.
كانت البطاريات المنتَجة على هذا النحو هي أولَ مصدر لتوليد تيار كهربائي فعَّال يمكن الاستفادة منه. قبل ذلك، كانت توجد فقط المولِّدات الكهروستاتيكية التي كانت تنتج تفريغًا كهربائيًّا بفولطية عالية، ولكنها كانت لا تستطيع توفير تيار مستمر. وحتى في شكلها البدائي الأوَّلي، مهدت بطارية فولطا الطريقَ أمام اكتشافات كهروكيميائية مهمة مثل اكتشاف السير همفري ديفي لعنصرَي الصوديوم والبوتاسيوم.
(٢) الكهرومغناطيسية
بنهاية القرن الثامن عشر، اكتشَفَ شارل أوجستان دي كولوم قانون التربيع العكسي للقوة، ولاحظ جلفاني التأثير الكهربائي للمعادن غير المتماثلة (لكنه فسَّره على نحو غير صحيح)، ونجح فولطا في تقديم تفسير صحيح لهذا التأثير. لكن الصلة بين المغناطيسية والكهرباء ظلت غير معروفة. واستطاع الفيزيائي الدنماركي هانس كريستيان أورستد اكتشاف تلك الصلة في عام ١٨٢٠.
لاحَظَ أورستد أن التيار الكهربائي المار في سلك فوق بوصلة يجعل إبرتها المغناطيسية تنحرف. ولم يوضح أورستد في كتاباته إن كان قد اكتشف هذا بالفعل في إحدى محاضراته أم أنه أعلَنَ عنه لأول مرة في تلك المناسبة. على أية حال، أدَّى هذا مباشرةً إلى اختراع ويليام ستيردجن في ١٨٢٥ للمغناطيس الكهربائي التطبيقي (ستيردجن كان صانع أحذية إنجليزيًّا)، فضلًا عن التحسينات التي أُدخِلت عليه من قِبَل الفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري في عام ١٨٣١. وقد أثَّرَ المغناطيس الكهربائي في حياتنا على نحو كبير من خلال الاستخدامات العديدة التي تتراوح من جرس الباب والتلغراف إلى المحركات الكهربائية.