من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
«وتعني القراءةُ تأويلَ التاريخ وإعادةَ صياغته، وصبَّ حضارةِ الوافد داخل حضارة الموروث، وإدخالَ ثقافة الآخَر في ثقافة الأنا من أجل تجاوز ثُنائية الثقافة، وتحقيقًا لوَحْدة الحضارة البشرية في بدايتها ومَسارها.»
يبدأ الدكتور «حسن حنفي» محاوَلته تلك بالحديث عن «التدوين»، لإعادة بناء علم أصول الدين بعد محاوَلته الأولى التي عَنوَنها ﺑ «من العقيدة إلى الثورة». ويتتبَّع في هذه المحاوَلة مراحلَ تدوينِ علوم الحكمة عند مُؤرِّخيها، بدءًا من دراسة تاريخ الفلسفة (وليس مجرد رصد زمني لأعلامها)؛ ثُم انتقالًا إلى قراءة هذا التاريخ قراءةً تجمع بين الموضوعية والذاتية، تُؤوِّله وتُعيد صياغتَه، بغرضِ دمجِ ثقافة الوافد في ثقافة الموروث القديم لتجاوُز قضيةِ ثنائية الثقافة؛ ثُم انتهاءً برصد حركة الانتحال، وتحليل النصوص اليونانية المترجَمة أو العربية المؤلَّفة للوقوف على آليَّات هذا الانتحال ومنطقه بوصفه شكلًا من أشكال التفاعل الحضاري. ويتوصَّل الدكتور «حنفي» في نهاية هذا الجزء إلى نتيجةٍ مُفادُها أن التاريخ بذرةٌ بلا زرع، والقراءة هي الزرع الناتج عن هذه البذرة، والانتحال هو الثمار.
تُمثِّل سلسلة «من النقل إلى الإبداع» المرحلةَ الثانية من المشروع الفكري الضخم للدكتور «حسن حنفي» المُعنوَن ﺑ «التراث والتجديد». وتشمل هذه السلسلة ثلاثةَ عناوين كُبرى، يضم كلٌّ منها ثلاثةً أخرى فرعية؛ الأول «النقل»، ويحوي «التدوين» و«النص» و«الشرح»؛ والثاني «التحوُّل»، ويحوي «العرض» و«التأليف» و«التراكم»؛ والثالث «الإبداع»، ويحوي «تكوين الحكمة» و«الحكمة النظرية» و«الحكمة العملية».