يقولون تحيا …
لأحببتُ لو أن في القلب بُقيا
— ولقد لفَّه الليلُ — للمشرقِ،
يقولون: «ما زلت تحيا» … أيحيا
كسيح إذا قام أعيا
به الداءُ فانهار، لم تخفقِ
على الدرب من الخطى؟ يا أساه
ويا بؤس عينيه مما يراه؟
يقولون: «تحيا» فيبكي الفؤادْ
فلو لم يكن خافقًا لاستراح،
كطيرٍ رميٍ يجرُّ الجناح
وقد مَدَّ، عبر الربى والوهاد،
بعينيه: في دوحةٍ خلف تلك الظلالْ
سجا عشُّه، فيه زُغبٌ جياعْ
إذا حجب الغيمُ ضوءَ الهلال
يقولون: «هذا جناح أبينا وقد عاد بعد الصراع
بزهره،
بقطره
من الطلِّ» … حتى يُطلَّ الصباح.
كطيرٍ رميٍّ يجرُّ الجناح،
أقضِّي نهاري بغير الأحاديث، غير المنى،
وإن عسعس الليلُ نادى صدًى في الرياح:
«أبي … يا أبي.» طاف بي وانثنى،
«أبي … يا أبي.»
ويجهش في قاع قلبي نُواح:
«أبي … يا أبي.»
«أبي … يا أبي» في صفير القطارْ
«أبي … يا أبي» في صياح الصغارْ
(خفاف الخُطى يعبرون الدروبْ
بلا غايةٍ، يقطفون الثمار
ولا يُطعمون ابنةً جائعه.
ولي منزل في سهول الجنوب
إذا كنتُ أسعى، من السابعه
إلى أوبة الطير عند الغروب،
فكي أُطعمَ الجائعين
وراء نوافذه شاخصين
إلى الدرب: «أين الأبُ المُطعمُ؟»)
«أبي … يا أبي» والدُّجى مظلمُ
وجيكور خلف الدجى والدروب وخلف البحار.
لندن، ٢٣ / ٢ / ١٩٦٣