أسير القراصنة
أجنحةٌ في دوحةٍ تخفق
أجنحةٌ أربعة تخفق
وأنتَ لا حبٌّ ولا دارُ،
يُسلمك المشرقُ
إلى مغيبٍ ماتت النارُ
في ظلِّه … والدرب دوَّار
أبوابه صامتةٌ تُغلقُ!
جيكور في عينيك أنوارُ
خافتةٌ تهمسُ:
«مات الصبى!»
لم تبقَ آثارُ
من فجره، وانفرط المجلسُ،
فالتل لا ساقٍ ولا سامرٌ باقٍ وسمارُ:
وأراهمُ في سفحه الموحش المهجور حفَّار!
وتحسدُ الشحاذ إن لاحا
يمشي على عكازه البالي.
مشلولة رجلاك مشدودة عيناك بالآل
وألف دربٍ دونك انداحا
يدعوك أن تقطعه في الدجى
وتقطف الأثمار عن جانبيه
وأنت لا تملك غير الشجى
ودمعة تجري اشتياقًا إليه.
عامان من نزع بلا موتِ
وأنت ما كنت سوى صوتِ،
صوتٍ يدوي في قلاع الرياحْ.
يا ليتك المشاء في صمتِ
لا عازف القيثار باسم الجراح؟
وأنت في سفينة القرصان
عبدٌ أسيرٌ دون أصفادِ
تقبع في خوفٍ وإخلادِ
تُصغي إلى صوت الوغى والطعَّانْ:
سال الدم،
اندقت رقاب ومال
ربَّانها العملاقْ
وقام ثانٍ بعده ثم زالْ
فامتدت الأعناقْ
لأي قرصان سيأتي سواه
وأي قرصانٍ ستعلو يداه
حينًا على الأيدي؟!
«وليأت من بعدي …
من بعديَ الطوفان.»
تسمعها تأتيك من بُعدِ
يحملها الإعصار عبر الزمان!
البصرة، ٢٩ / ١٠ / ١٩٦٣