متى نلتقي؟
ألا يأكلُ الرعبُ منا الضلوعْ
إذا ما نظرنا إلى ظلِّ تينه،
فلاحتْ لنا، من ظلامٍ، قلوع
تهدهدها غمغماتٌ حزينه؟
ألا يأكل الرعبُ منا الضلوع؟
ألا تتحجَّرُ منا العيونْ
إذا لاح في الليل ظل البيوتْ
هزيلًا كما ينسج العنكبوت
ألا تتحجَّر منا العيون
ويلمع فيها بريقُ الجنون؟
وبالأمس كنَّا يُذيبُ العناقْ
دمًا في دمِ،
كنورٍ ونارٍ، سنًا واحتراقْ
يجولان في منزلٍ مظلمِ
ولكنَّ ما بيننا كان بحر
تغنِّيك أمواجه العاتيه:
«سنرعاكِ من قلعةٍ شدَّ منها حديد وصخرُ
فما الحب هدمٌ لجدرانكِ العاليه.»
ولكن ما بيننا كان بحرُ
وصحراء تنشجُ فيها النجومْ
ولا نلتقي في دجًى أو صباحْ،
تموت على رملها عاصفاتُ الرياحْ
وتأكل عين الدليل التخوم
وصحراءُ تنشج فيها النجومْ
وطارتْ بي الريحُ عبرَ البحار
إلى الليل والثلج والمجهلِ،
فصرنا إلى واقعٍ لا نحار
بألغازه فاسألي،
وطارت بي الريحُ عبر البحارْ:
«أما من لقاءٍ لنا في الزمان؟»
بلى … حينما تفهمين اللقاءْ
فيأوي إلى اللوحة المُغرَقان
يشدانها، يرفعان الدعاء:
«ألا نجِّنا يا إله السماء!»
ألا يأكل الرعب منا الضلوع
إذا ما نظرنا إلى ظلِّ تينه
فلاحت لنا، من ظلام، قلوع
تهدهدها غمغمات حزينه؟
ألا يأكل الرعبُ منا الضلوع؟
لندن، ١٠ / ٣ / ١٩٦٣