لوي مكنيس
أتى نعيُه اليوم، جاب الديارْ
وجاب المحيطات حتى أتاني،
فلم تجر بالأدمع المقلتان
فقد غلغلتْ من دمي في القرار.
(أبي مات لم أبكِ حزنًا عليه
وإن جنَّ قلبي
من الهمِّ وانهد شوقًا إليه.)
نعته إلينا مجله،
نعاه مقالٌ حزينْ
نعته لنا آدميًّا مؤله
سماواته الشعر يصرخ بالغافلين،
وأحسستُ بالشوق (كالمدمنينْ
إلى جرعة من طلى ظامئين)
إلى شعره …
لأحرق، قربانَ وجدٍ وحبِّ،
فؤاديَ في جمره.
ولكنَّ ديوانه
دفينًا غدا بين أكداس كتبِ
تلص العناكبُ ألوانه
ويقرأه الصمتُ للآخرين.
ومن لي بإخراج كنز دفينْ
تهاوى عليه الحجارْ؟
كسيحٌ أنا اليوم كالميتين
أُنادي فتعوي ذئاب الصدى في القفار:
«كسيحْ
كسيحٌ وما من مسيحْ.»
وتقرع — للصدى في خيالي —
نواقيس من شعره في الضبابْ
أمن بعد عشرين مثل الحرابْ
يمزِّقن جنبيَّ. مثل النضالِ
أرجي ادكارًا لأبياته؟
وهل يتذكر طفلٌ ملامح أمواته
وقد بعثرتها صروف الليالي؟
«وبين المحبين، زوجين عادا،
يُدحرج شايُ الصباحْ
صحارى يضيع الصدى في دجاها الفساحْ،
وعند المساء تقوم الجريده
جدارًا يدقانه بالأكفِّ الوحيده
فتضحك، إذ يضربان، الرياح!»
وما بين زوجي وبيني خواءْ،
فليت الصحارى وليت الجدارْ
توحِّد ما بين زوجي وبيني ببرد الشتاءْ
وصمت الحجار!
ويا ليتني مت. إن السعيدْ
من اطَّرح العبء عن ظهره
وسار إلى قبره
ليولد في موته من جديد!
البصرة، ٩ / ١ / ١٩٦٤