في الليل
الغرفةُ موصَدَة البابِ
والصمتُ عميقْ
وستائرُ شبَّاكي مرخاةٌ …
رُبَّ طريق
يتنصَّتُ لي، يترصَّدُ بي خلفَ الشبَّاك، وأثوابي
كمفزِّعِ بُستان، سودُ
أعطاها البابُ المرصودُ
نَفَسًا، ذرَّ بها حسًّا، فتكاد تفيقْ
من ذاك الموت، وتهمس بي، والصمتُ عميق:
«لم يبقَ صديق
ليزورك في الليل الكابي
والغرفةُ موصدةُ البابِ.»
ولبسْت ثيابيَ في الوهْمِ
وسريتُ: ستلقاني أُمِّي
في تلك المقبرةِ الثكلى،
ستقول: «أتقتحمُ الليلا
من دون رفيق؟
جوعانُ؟ أتأكل من زادي:
خرُّوبِ المقبرة الصادي؟
والماءُ ستنهله نهلا
من صدر الأرض:
ألا ترمي
أثوابك؟ والبسْ من كَفَني،
لم يبْلَ على مرِّ الزمنِ،
عزريلُ الحائكُ، إذْ يبلى،
يرفوه، تعالَ ونَمْ عندي:
أعددتُ فراشًا في لَحْدي
لكَ يا أغلى من أشواقي
للشمس، لأمواه النَّهْرِ
كسلى تجري،
لهُتاف الدِّيكِ إذا دوَّى في الآفاقِ
في يوم الحشْرِ.»
سآخذُ دربي في الوَهْمِ
وأسير فتلقاني أمِّي.
لندن، ٢٧ / ٢ / ١٩٦٣