رسالة
رسالةٌ منكِ كاد القلبُ يلثمها
لولا الضلوع التي تثنيه أن يثبا
رسالة لم يهبَّ الورد مشتعلًا
فيها، ولم يعبق النارنج ملتهبا
لكنها تحمل الطيِّب الذي سكرت
روحي به ليل بتنا نرقب الشهبا
في غابةٍ من دخان التبغ أزرعها
وغابةٍ من عبير منك قد سربا
جاءت رسالتكِ الخضراء كالسَّعَفِ
بلَّ الحيا منه والأنسام والمطرُ
جاءت لمرتجفِ
على السرير، وراء الليل يُحتَضَرُ
لولا هواك وبُقيا فيه من أسفِ
أنْ لم يروِّ هواه منك فهو على الشطَّين ينتظرُ
سفينة يتشهَّى ظلها النهرُ
فيها الشفاءُ هو الربان، والقدرُ
فيها المغني
لكان مما عراه الداء ينتحرُ!
جاءت تحدِّثني عني
عن شهقة الصيف في جيكور يُحتضرُ
عن صوت أغربة تبكي، وأصداءِ
تذرذر الظلمةَ الصفراء في السَّعَفِ
وعن بناتٍ لآوى خلف منعطفِ
تعوي فتهتف أم: «أين أبنائي؟»
وتنفض الدرب عيناها وتهتف:
«يا محمود … علوان!»
لا ردٌّ ولا خبرُ!
ويا حديثك عن «آلاء» يلذعها
بعدي فتسأل عن بابا «أما طابا»
أكاد أسمعها
رغم الخليج المدوِّي تحت رغوته
أكاد ألثم خدَّيها وأجمعها
في ساعديَّ …
كأنيَ أقرع البابا
فتفتحين …
وتُخفي ظلَّنا السُّترُ!
الكويت، ٣ / ٨ / ١٩٦٤