عام ١٨٦٣م
وجاء في التقارير الفرنسية عنها أنها كانت ذات ملابس حسنة، وسلاح جيد، وهيئة أنيقة، واستعداد عسكري يُثِير إعجاب كل من يراها، إلا أن سلاحهم كان يختلف عن أسلحة الجنود الفرنسية؛ فنجم عن ذلك متاعب وعراقيل من جهة الذخيرة، فوزعت القيادة الفرنسية عليهم أسلحة فرنسية، وأودعت أسلحتهم في المخازن، ثم أعادتها إليهم عند رجوعهم إلى مصر، كما أن التفاهم معها في بادئ الأمر كان متعذرًا لجهل أفرادها اللغة الفرنسية؛ فدعت الحالة إلى استخدام بعض الجنود الجزائريين الذين كانوا معهم في حرب المكسيك للترجمة بينهم وبين سائر الجنود الفرنسية هناك؛ فأمكن بذلك معرفة احتياجاتهم والاستفادة من أهليتهم وكفاءتهم.
وقام جنود هذه الأورطة بأعظم الخدم وأجلها؛ لشجاعتهم وبراعتهم في الرماية وضرب النار. وبذلك أمكن التعويل عليهم في المواقع التي كانت الجنود الفرنسية لا تستطيع المقام فيها؛ فصدوا غارات العصابات التي كانت تجوس خلال هذه الديار، وتشنُّ الغارات على قوافل المئونة والذخيرة، وعلى المخافر التي بها قليل من الحرس.
-
ترقية اليوزباشي محمد الماس أفندي إلى رتبة الصاغ.
-
ترقية الملازم الأول حسين أحمد أفندي إلى رتبة اليوزباشي.
-
ترقية الملازم الثاني فرج عزازي أفندي إلى رتبة الملازم الأول.
-
ترقية الباشجاويشين محمد سليمان وصالح حجازي إلى رتبة الملازم الأول.
-
ترقية الجاويش فرج الزيني إلى رتبة الملازم الأول.
-
ترقية الجاويشية خليل فني والفود محمد ومحمد علي وعبد الرحمن موسى إلى رتبة الملازم الثاني.
الضباط الذين ترقوا بمكسيكا لسد فراغ النقص الذي حدث بين ضباط العساكر السودانية المصرية المرسلة في العهد السابق إلى مكسيكا، وهم: صاغقول أغاسي، ويوزباشي، وثمانية ملازمين، وإن كانت ترقيتهم قد تمَّت هناك، إلا أنهم التمسوا بعريضة مرسلة منهم عرضَ الأمر على الحضرة الخديوية لتشريفها بالاعتماد، ولدى عرض أمرهم على الحضرة الفخيمة صدر الأمر شفويًّا بتجهيز العرائض اللازمة لذلك وتقديمها.
وبناءً عليه نرسل عريضتهم العربية والكشف الوارد معها ببيان ترتيبهم وأسمائهم لإجراء اللازم.
بما أن ضباط العساكر السودانية المصرية السابق إرسالهم في العهد الماضي إلى مكسيكا نقصوا صاغقول أغاسي ويوزباشي وثمانية ملازمين، فإنه وإن كان قد تمَّ ترقية آخرين بدلًا منهم هناك، إلا أنه لأجل عرض الأمر على الحضرة الخديوية لتشريفها بالاعتماد طبقًا للتبليغ الصادر إلينا لتنظيم العرائض اللازمة لذلك لإرسالها إلى السدة السنية، كما اتَّضَحَ ذلك من الخطاب الوارد من سعادتكم بتاريخ ٧ جمادى الأولى سنة ١٢٨١ھ/٨ أكتوبر سنة ١٨٦٤م نمرة ١٣ المرفق به الكشف الموضح به بيان أسماء الضباط المذكورين، قد تمَّ تحرير العرائض اللازمة حسب الأصول، وأُقِرَّتْ من الجهات المختصة، وأُرسِلت إلى سعادتكم مزينة بالفرمان العالي من حضرة ولي النعم.
ونظرًا لأن الضباط المذكورين حازوا تلك الرتب من تاريخ ٢١ رمضان سنة ١٢٧٩ھ/١١ مارس سنة ١٨٦٣م كما علم ذلك من الاطلاع على الكشف، فلأجل إجراء اللازم لاعتماد ترقيتهم إلى الرتب والمرتبات من التاريخ المذكور كمُقتضَى الأمر الصادر إلينا قد أجرينا اللازم لاعتماد ذلك. وللعلم حُرِّرَ هذا إشعارًا بما ذُكر.
عُلم من إفادة ديوان الجهادية الواردة بتاريخ ٩ جمادى الأولى سنة ١٢٨١ھ/١٠ أكتوبر سنة ١٨٦٤م نمرة ٢٠ أن عرائض الترقية الخاصة بالصاغقول أغاسي واليوزباشي والثمانية الملازمين السابق ترقيتهم ليحلوا محل الناقصين من ضباط العساكر السودانية المرسلة في العهد الأول إلى مكسيكا، عُرِضت على الحضرة الخديوية ووافقت عليها، وقد أُرسِلَت إلى مكسيكا، وهذا للعلم.
وما كادت الأورطة تستقر ببلاد المكسيك حتى صدرت الأوامر لها، وللكتائب الأجنبية، وفرق المتطوعين من المكسيكيين الفرنسيين، بتطهير الأراضي الحارة من زُمر اللصوص الذين كانوا يعيثون فيها فسادًا.
فكانت الأورطة السودانية المصرية أهم قوات صيانة المواصلات في الأراضي الحارة، حتى قال القائد العام في فيراكروز عن جنودها أن ليس لديه ما يبديه بشأنهم إلا الإطراء والثناء من كل الوجوه.
ثم استُخدم قسم من الذين وقعوا في الأسر في بويبلا في أشغال السكة الحديد، وكان كثيرًا ما يزعجهم المكسيكيون؛ فدعت الحالة إلى تكليف بلوك ونصف بلوك من الأورطة السودانية لحراستهم والذَّبِّ عنهم، فقاموا بذلك خير قيام، وتقدمت الأعمال تقدمًا سريعًا.
وفي مايو سنة ١٨٦٣م، فُجِعت الأورطة المصرية بوفاة قائدها البكباشي جبر الله محمد أفندي على إثر إصابته بالحمى الصفراء؛ فخلفه القائد الثاني لها الصاغ محمد الماس أفندي بعد أن مُنِحَ رتبة البكباشي.
وكان لوفاة هذا الضابط العظيم رنة أسًى عند الجميع. وجاء في تأبين السلطة الفرنسية له أنه كان على جانب كبير من دماثة الأخلاق والتحلِّي بصفات عسكرية نادرة، وأنه كان محترمًا من الجميع؛ لسلوكه الحسن، وقيامه بواجباته على الوجه الأكمل، وتقديره ما على عاتقه من المسئوليات.
وبلغت قيمة تركته ٥٦٦٧ فرنكًا أرسلتها السلطات الفرنسية فيما بعد إلى الحكومة المصرية لتسلمها إلى ورثته، مع مبلغ ٥٠٠٠ فرنك على سبيل المنحة منها لهم.
ويدرك المرء مقدار وخامة الأراضي الحارة وفساد مناخها إذا علم أنه مع متانة بنية جنود الأورطة السودانية المصرية ومقاومتها لوخامة ذلك الجو أكثر من المكسيكيين أنفسهم؛ كان لا يوجد في كل بلوك منها أقل من ٤٢ مريضًا على الدوام: ٣٠ في المستشفى و١٢ في الثكنات.
ومع أن هذه النسبة كبيرة بالنظر لمجموع عدد الأورطة، إلا أنه عند مقارنتها بنسبة عدد مرضى فرق الجيوش الفرنسية الأخرى نجدها أقل منها بكثير.
ولما احتلَّت الجيوش الفرنسية مدينة مكسيكو عاصمة المكسيك، أقيمت احتفالات باهرة في كافة المدن التي في قبضة هذه الجيوش.
وفي ٢١ يونيو سنة ١٨٦٣م أقيم في فيراكروز قُدَّاس حضره القائد العام، ومثلت فيه جميع السلطات العسكرية والمدنية، فعُهِدَ إلى الأورطة السودانية المصرية القيام بمهام التشريفات. وبعد انتهاء الاحتفال استعرضتْ في أكبر ميادين المدينة.
لقد كلَّلَ هذا القتال رءوس السودانيين المصريين الذين قاموا بأعبائه بأسمى أكاليل الفخر؛ فإنهم لم يبالوا بالنار المنصبَّة عليهم من الأعداء، وردوهم — وهم يزيدون في العدد عليهم تسع مرات — على أعقابهم مدحورين.
وقد بلغ عدد الوقائع التي خاضت هذه الأورطة غمارها في عام ١٨٦٣م ثمانيًا.