الفريسة السهلة!
رجع الشياطين الأربعة من رحلة الصيد المثيرة في تمام السابعة صباحًا … كان الريس «علي» ينتظر على الشاطئ ليطمئنَّ على الطلاب الأربعة، هل وُفِّقوا في رحلة الصيد أم لا؟
وما إن توقَّف القارب بجوار الشاطئ حتى أقبل الريس «علي» على الجميع، وقال: حمدًا لله على السلامة … كيف الحال يا ريس «جمعة»؟
فردَّ الريس «جمعة»: أحسن حال يا ريس … خير كثير ورجال ما لهم مثيل.
فاطمأن الريس «على» ومسح بيده على صدره، وقال: الحمد لله.
وتولَّى بقيةُ الرجال إنزالَ السردين على العربة، بينما غادر الشياطين الأربعة القارب، واتخذوا طريقهم إلى المقر.
حين دخل الشياطين الأربعة المقر، كان باقي الشياطين في يقظة تامة وانتظار، كأنهم هم القادمون من رحلة الصيد، وسلَّم الشياطين على بعضهم … وقبل أن يتكلموا في أي شيء … أشار عليهم «باسم» أن يأخذ كلٌّ منهم «حمامًا دافئًا» أولًا، ثم مشروبًا ساخنًا قبل الإفطار.
لم يكن هناك وقتٌ للانتظار، فاتجه «أحمد»، بعد خروجه من «الحمام» إلى الغرفة السرية ومعه بقية الشياطين، ثم وضع شريط «الفيديو» في جهاز العرض، وأخذ كلٌّ من الشياطين مكانَه، وأطفأ «فهد» المصابيح … ثم ضغط «أحمد»، على زرِّ التشغيل.
جلس الشياطين مأخوذين بالفيلم في هدوء وسكون تام … كان بعضهم من شدة الترقب واللهفة على الأحداث قد توتَّرت أعصابُه بعضَ الشيء وقد مرَّت لحظات وكل شيء عاد … أسماك السردين تظهر وتختفي، وقناديل البحر تقترب ثم تبتعد … لتظهر بصورة رائعة على هذه الشاشة الكبيرة … ثم فجأة يظهر جزءٌ كبير من سمكة ضخمة على الشاشة. ثم شيئًا فشيئًا تبدو ملامحها كاملة … في هذه اللحظة قفز الشياطين من أماكنهم وهبُّوا واقفين … والكل في صوت واحد: «أحمد» … ثبِّت الصورةَ من فضلك.
ثبَّتَ «أحمد» الصورة … فبدَا «الدلفين» شيئًا مهولًا مروعًا … جثة ضخمة … فاتحًا فمه كأنه كلب مسعور … وجهاز الرادار مثبَّت بأسلاك متداخلة على جانب فمه وخياشيمه …
اقترب الشياطين أكثر من الشاشة ليدقِّقوا النظر … كانوا في ذهول مما يرون.
جلس «باسم» في حركة لا إرادية … ثم قال: هل هذا معقول؟!
ردَّ «فهد»: شيء خطير فعلًا …
وقال «خالد»: الشيء الخطير أن يبقى أكثر من ذلك.
قال «أحمد»: أرجو أن تهدءوا … فهناك مفاجأة أخطر من ذلك.
أدار «أحمد» الفيلم مرة أخرى … ورجع الشياطين إلى الخلف جلسوا على مقاعدهم … وسار الفيلم عاديًّا … وظهرت سمكة الدلفين مرة أخرى على الشاشة … لكن كان هذه المرة واضحًا تمامًا وهو يسير ببطء على الشاشة مبتعدًا عن القارب، بينما الكاميرا تُتابعه وهو يبتعد حتى اختفى … ثم ظهر مرة أخرى من بين تلك الكتل السوداء ليستقرَّ على بُعدٍ بمقربةٍ من جسم غريب يختلف لونُه عن بقية تلك الصخور السوداء، وقبل أن يتحرك أحد الشياطين من مكانه أو ينطق بكلمة كان «أحمد» قد ثبَّت الصورة ثم قرَّبها أكثر، وقال لهم: تأمَّلوا جيدًا … ودقِّقوا النظر.
مال «قيس» على مقعده إلى الأمام ثم قال: شيء فظيع …
قال «أحمد»: ما هو؟
قال قيس: إنها الغواصة.
قال «أحمد»: عظيم … نعم إنها الغواصة …
وقال «فهد»: إنها بمكان آمن فعلًا … يصعب كشفه … فهي ترَى كلَّ ما يمر بهذه المنطقة … ولكن لا يراها أحدٌ … في هذه اللحظة كأن «أحمد» قد وقف وترك الصورة مثبتة على الشاشة، وقال للشياطين: لأجل هذه لا بد من خطة جديدة وسريعة نقضي بها على الهدفَين في وقت واحد … إننا بحاجة إلى هذا الرادار الخطير، وفي نفس الوقت لا بد من تدمير الغواصة نهائيًّا …
قال «خالد»: وما المطلوب إذن؟
قال «فهد»: أعتقد أننا بحاجة إلى زورقٍ آليٍّ مجهَّز حتى تستطيع تنفيذ خطتنا.
مرَّت لحظاتٌ من الصمت … ثم قال «بو عمير»: قد حان وقتُ نوبتِنا … هل سنذهب الآن؟
قال «أحمد»: لا … يكفي هذا … لقد حصلنا على ما نحتاجه.
بو عمير: وماذا بعد ذلك؟
أحمد: سنرى الآن ماذا بعد ذلك.
وبسرعة اتجه «أحمد» إلى جهاز الإرسال الخاص بالشياطين … ثم بدأ يتصل بالزعيم رقم «صفر»: «من «ش. ك. س» إلى الزعيم رقم «صفر»: لقد وجدنا «كشف الحساب» بين القواقع، ورصدنا مكانه بالتحديد عند النقطة «أ»، نحتاج زورقًا مجهزًا لكي نتمكَّنَ من دفع الحساب.»
لحظات وجاءه الرد: «من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س»: سيتصل بكم أحدُ عملائنا في الثالثة، سيكون كلُّ شيء مجهزًا لا بد من دفع الحساب الليلة.»
انتهت الرسالة … وجمع «أحمد» بقية الشياطين في حجرة الاجتماعات ليضعوا خطة لكي يدفعوا الحساب الليلة كما طلب رقم «صفر».
بدأ «أحمد» الكلام، فقال: أرجو أن نفكر جيدًا بحيث نصل إلى خطة نتمكَّن بها من القضاء علي الدلفين والغواصة في وقت واحد.
خالد: صعبٌ جدًّا أن نقضيَ عليهما في وقت واحد.
أحمد: أنا لم أقصد في توقيت واحد، ولكن القضاء عليهما بحيث تنتهي المهمة، ولا يبقى لها أثرٌ.
وتكلَّم «عثمان»، فقال: رأيي أن نتمكَّن من «الدلفين» للحصول على هذا الجهاز الخطير، ثم بعد ذلك نقضي على الهدف الآخر ما دام مكانُه معروفًا ومحددًا.
ردَّ «بو عمير»: في هذه الحالة من المحتمل أن نخسر الهدف الآخر … لأنه في حالة صيد «الدلفين» سيشعرون بالخطر وأن أمرهم قد انكشف … وربما فكروا في الهروب قبل أن نصل إليهم.
قال «عثمان»: ولو ذهبنا لنقضيَ على الهدف الآخر … سنخسر الجهاز؛ لأن الوسيلة التي كانت تتحكم فيه قد انتهت، فسينطلق حرًّا … وربما وقع في يدِ غيرنا فأساءوا استخدامه.
قال «أحمد»: عندي فكرة … إذا حصلنا على الزورق سيكون من السهل علينا كشف الهدف الأول «الدلفين»، حينئذٍ نتبعه حتى يصل قريبًا من مكمنه، فنُطلق عليه «إبرة» مخدرة، فنتمكن منه ويكون أمامنا وقتٌ كافٍ لنتعامل مع الغواصة، قبل أن تفكِّر في الهرب.
هزَّ «بو عمير» رأسه، وقال: نعم هذا هو الكلام.
قال «باسم»: أعتقد أن هذا هو أساس الخطة، وأبدَى بقيةُ الشياطين موافقتَهم على هذه الفكرة، على أن يتولَّوا وضع الخطة بالتفصيل.
كانت الدقائق تمرُّ سريعة والشياطين منهمكون في وضع تفصيلات الخطة الجهنمية التي سيقضون بها على هذه الكارثة تمامًا.
كان «أحمد» يسجل كلَّ اقتراح ولا يترك أية ملحوظة؛ لأنها ستكون لها أهمية وقتَ الخطر … ثم بدأ يعرض عليهم الخطة مفصَّلة ووضع كل الاحتمالات الممكنة والتي يمكن حدوثها فجأة وكيفية مواجهتها.
كانت الخطة تقضي بأن يكون طاقمُ العملية «ستة شياطين» فقط … وتكون البداية أول الليل من النقطة «ب» لا «أ»، ويُقسَّم العمل إلى فترتَين؛ أول الليل وآخر الليل … وفي حالة ظهور الهدف الأول، تبدأ المتابعة حتى يقترب من النقطة «أ» بمقدار ثلاثمائة متر، ثم نفاجئه «بالإبرة المخدرة»، فيبقى أمامه مائة متر لكي تشلَّ حركته فيها … حينئذٍ يكون من السهل الحصول عليه واستخراجه بالسهم النفاث، وهو سهمٌ صلبٌ له ريشتان على جوانبه، وفي ذيله حبلٌ طويل آخر فوق ظهر القارب … كالذي يصطاد به المغامرون الحيتان الضخمة … لكن هذا السهم يعمل أوتوماتيكيًّا وهو حين ينطلق في الماء … يترك وراءه هالة بيضاء من شدة السرعة كالدخان الذي تتركه الطيارة النفاثة خلفها …
بعد ذلك يكون الهدف الآخر على بعد مائة متر … ويسهل التعامل معه قبل أن يفكِّر في الهرب.
لم يكن قد بقيَ من الزمن لتصبح الساعة الثالثة سوى ربع الساعة فقط … حين انتهى الشياطين من مناقشة الخطة، قام «أحمد»، إلى «الحمام»، وغسل وجهه … ثم خرج إلى «الصالة» واسترخى على كرسيٍّ … ووضع ذراعَه فوق رأسه … سابحًا في عالمٍ كلُّه مغامرات، يستحضر كلٌّ عمرَه الذي قضاه في المغامرات، ومع المخاطر في كل بقعة من بقاع الكرة الأرضية لم يخشَ مغامرة كهذه المغامرة؛ ليس لأنه خائف — بل إنه لا يعرف الخوف — ولكن لأنها محاولة لتدنيس أرض الوطن، طعنة غدر في صدر وطنه الحبيب، وحزين لأنه يعلم أن من بين هؤلاء أفرادًا وُلدوا على أرض هذا الوطن وتربَّوا فوق هذا التراب …
وأفاق من عالمه على رنين جرس التليفون، فقبض على «السماعة» في لهفة، وقبل أن يتكلم، كان الصوت الآخر قد بدأ الكلام: أهلا بكم … الجو مهيَّأ لأن تدفعوا ما عليكم من حساب … طلبُكم مُعَدٌّ … ورجلنا ينتظركم عند باب ٦، في تمام الساعة الثالثة.
ردَّ «أحمد»: سندفع الحساب الليلة بإذن الله … شكرًا.
وضع «أحمد»: سماعة التليفون … ونظر إلى الشياطين، وقال: الزورق مُعَدٌّ وجاهز في الميناء الغربي وعند باب ٦، وفي الساعة الثالثة تمامًا وبعد مضيِّ ثلاث ساعات من الآن، يعني في تمام الساعة السادسة لا بد أن تكون أمام باب ٦؛ لأن أحد الرجال سينتظرنا هناك، ليُتممَ باقي الإجراءات.
صمت «أحمد»، قليلًا ثم قال: علينا من الآن أن نجهِّز كلَّ أشيائنا … وأعلمُ أنكم تتمنون لو اشتركتم في هذه المهمة كلكم … وهذا يُسعدنا جميعًا … لكن حتى لا نُثيرَ الانتباه إلينا … سنكتفي بستة فقط يقومون بالمهمة البحرية … أنتم كذلك ستكونون معنا خطوة بخطوة … عن طريق جهاز الاتصال.
الشياطين الذين سيشتركون في المهمة البحرية هم «١، ٥، ٦، ٨، ٩، ١١».
ثم وجَّه كلامه إلى خالد: لا تنسَ الإبرة المخدرة.
وأنت يا «فهد»: أهم شيء … حقيبة «السهم النفاث» … أرجو ألَّا يتسببَ شيءٌ بسيط في فشل مهمتنا.
ثم نظر إلى «بو عمير»، وقال: أظن أنك لست في حاجة إلى تذكرة؛ فأنت متأكد أننا سنستخدم قذائف الأعماق.
ومهمتك يا «باسم» تتلخص في توصلينا أنت و«رشيد» حتى باب الميناء، ويجب ألَّا يغيبَ عن فكرك أن هناك طيورًا غريبة تحوم من حولنا، «فأرجو الانتباه جيدًا.»
باقٍ لنا من الوقت ساعة ونصف حتى الخامسة، موعد مغادرتنا للمقر … يمكن لنا أن نتناول بعض الطعام … فأنا شخصيًّا في حاجة شديدة إلى الطعام.
جلس الشياطين يتناولون الطعام، وتبادلوا أطراف الحديث وهم يأكلون … كانت روح التفاؤل تسيطر عليهم … ففي قرارة أنفسهم إحساسٌ بأنهم قد بذلوا وأعدوا كلَّ ما يقدرون عليه … ولم يبقَ إلا التنفيذ.
ولما فرغوا من الطعام، تفرَّقوا في الصالة، فاسترخي «أحمد»، كعادته فوق الأريكة … واتجه «باسم» إلى جهاز التسجيل وأدار المؤشر، حتى وصل إلى محطة بعيدة … فسمع موسيقى هادئة تنساب كأنها أنسامُ الصيف الساحرة اللطيفة … فأغمض عينَيه في نشوة، وقال: يا سلام … رائعة.
ثم قال ﻟ «رشيد»: رغم أننا نملك هذا الشريط … إلا أنك حين تسمعها من الراديو، تجد لها طعمًا خاصًّا ولا تريد أن تنتهيَ …
قال «رشيد»: إنها فعلًا موسيقى رائعة … وموسيقى خالدة؛ لأنها تُخاطب الحسَّ الإنساني العام … فالمتعلم وغير المتعلم يتأثرون بها وتَسْحرهم … رغم غموضها … وهذا سرٌّ من أسرار خلودها.
وكان «أحمد» مستغرقًا في قراءة إحدى الجرائد اليومية، ويقلِّب صفحاتها في سرعة أحيانًا كأنه يقرأ العناوين فقط … ثم وضعها جانبًا وهبَّ واقفًا، وقال: الآن نستعد … كل الشياطين انتباه.
قام «رشيد» ووقف منتبهًا مشدودَ القامة رافعًا يدَه بالتحية، وقال: تمام يا أفندم …
ثم صاح «خالد»: سرية الصيد … اجمع بالخطوة السريعة. فقال «أحمد»، ﻟ «خالد»: أيها الشاويش المتعب، أين الزي العسكري؟ ستُحوَّل إلى محاكمة عسكرية.
فقال «خالد»: أعتذر يا سيادة القائد … لكننا في راحة.
فردَّ «أحمد»: تقول في راحة أيها «الشاويش النائم»، ونحن في حالة الاستعداد القصوى … لا بد أن تُحاكَم فورًا … وتُعدَم رميًا بالطماطم.
استغرق الشياطين في الضحك …
ثم قال «أحمد»: انصراف وعُد لي بعد دقيقة واحدة، وأعطني «تمام».
لحظات قليلة … وكان الشياطين الستة قد أعدوا حاجاتهم، وارتدوا ما يُناسبهم من ملابس لهذه المهمة.
ثم قال «أحمد»: كل شيء جاهز؟
فردَّ «خالد»: كل شيء مُعَدٌّ وجاهز …
نظر «أحمد» لبقية الشياطين، وقال: دعواتكم …
نزل «باسم» و«رشيد» أمام الشياطين الستة ليجهزوا السيارة، ثم تَبِعهم «أحمد» وفريقه وأجهزتهم ومعدَّاتهم. وانتقل الشياطين الثمانية إلى السيارة المجهَّزة … وخرجوا إلى الطريق الرئيسي … لكن «أحمد» قال ﻟ «باسم»: اتخذ طريق إسكندرية مطروح، ثم اتجه إلى الطريق الصحراوي وعُد بنا إلى الإسكندرية.
قال «باسم»: ولماذا؟
قال «أحمد»: تحسُّبًا لما يمكن أن يحدث … إن صورة الرجل الذي كان يراقبني سيطرَت على ذهني الآن … وأظن أنه ليس وحده …
اتجه «باسم» فعلًا إلى الغرب حتى سار عدة كيلومترات، ثم انحرف شمالًا عند تقاطع بين بعض البنايات المتهدِّمة، متجهًا إلى الطريق الصحراوي … وهدَّأ من سرعته حتى تمرَّ بعضُ السيارات، ثم اتخذ طريق العودة إلى الإسكندرية.
ثم نظر في المرآة وقال: فعلًا … إنه طريق سهل الحركة وليس مزدحمًا كالطريق الآخر.
السيارات هنا قليلة … ومن خلال المرآة أستطيع أن أعدَّ السيارات التي تسير خلفي، إنها سيارة … سيارتان … ثلاثة … الأولى زرقاء، والوسطى بيضاء، والتي تسير خلفنا … حمراء.
ثم نظر مرة أخرى في المرآة، وقال: أصبح الوضع معكوسًا التي تسير خلفنا بيضاء … ثم الحمراء … ثم رفع «أحمد» بصرَه ونظر في المرآة المثبَّتة أعلى سقف السيارة، ثم نظر ﻟ «باسم» وقال له: هدِّئ قليلًا من السرعة … أريد أن أتأكد من أرقام هذه السيارة …
كانت السيارة فعلًا قد اقتربت … فقال «أحمد»: إنها هي … ما العمل إذن؟ إننا مراقَبون … لقد كان عندي إحساسٌ داخلي بأن شيئًا كهذا سيحدث.
ثم قال ﻟ «خالد»: حاول أن تعرف كم فردًا بهذه السيارة بهدوء … أريد ألا يشعروا أننا نراهم أو نعرفهم.
أمعن «خالد» النظر ثم تظاهر أنه ينظر على جانب الطريق، وقال بصوت خافت: أربعة.
قال «باسم»: نأخذ جانب الطريق ونتوقف.
قال «أحمد»: لا … لا نتوقف … لكن حين تصل إلى «وادي القمر» اتخذ طريق اليسار واتجه إلى البحر.
ثم قال: كم استغرقنا من الوقت؟
قال «خالد»: ثلث الساعة.
قال «أحمد»: الوقت ضيق … الباقي ثلثا الساعة … ولا ندري كيف ستمرُّ الأحداث؟
ثم نظر إلى «باسم»، وقال له: لا تُسرع … دَعْهم يتقدَّمون … هدَّأ «باسم» من سرعة السيارة حتى لحقَت به السيارة الأخرى وأصبحت بمحاذاته …
في هذه اللحظة قال «أحمد» ﻟ «باسم»: سِرْ في نفس الاتجاه.
سار «باسم» في نفس الاتجاه حتى عبَرَ ميدان «وادي القمر» متجهًا شمالًا إلى البحر … ثم الاتجاه غربًا ناحية «المكس» لكن قبل أن يتخذ الشياطين طريقَ اليسار إلى «المكس» كانت السيارة الأخرى قد تقدَّمَت بسرعة لتُغلق على سيارة الشياطين الطريقَ حتى تشلَّ حركتهم.
أوقف «باسم» السيارةَ بطريقةٍ مفاجئة حين وجد السيارة الأخرى تسُدُّ عليه الطريق قريبًا من البحر … لم ينتظر الشياطين حتى تُفسح السيارة عن طريقهم، أو يتفاهموا مع هؤلاء الرجال … ولكن من الناحية الأخرى كان الشياطين قد غادروا السيارة، لأنهم يعلمون جيدًا ماذا سيفعلون.
وبمنتهى السرعة كأنهم طيور جارحة تنقضُّ على فريسة أحاطوا بالرجال الأربعة وأوسعوهم ضربًا حتى أفقدوهم توازنهم.
رغم أن أحدهم أصاب «رشيد» بضربة قوية، أمر «أحمد» الشياطين أن يوثقوهم جيدًا بالحبال وأن يُكمِّموا أفواههم ويضعوا أشرطةً على أعينهم … ثم دفعوا بهم إلى سيارتهم، وطلب «أحمد» من «رشيد» أن يستقلَّ بهم السيارة ويعود بهم إلى مقر الشياطين ليكونوا رهينة حتى تنتهيَ المهمة.
واستقل الشياطين الستة السيارة يقودها «باسم» إلى حيث تكون النهاية، بينما اتخذ «رشيد» طريقَه بالرجال الموثوقين إلى مقر الشياطين … حيث توارَت السيارة تمامًا بحيث لم يَعُد يراها أحد بما فيها ومَن فيها.
ولما أصبح «رشيد» أمام بقية الشياطين في المقر قال لهم: لقد أحضرتُ لكم هدية ثمينة وغالية.