يُفكِّر معظم الناس في الرياضيات بوصفها مادةً تتعامل مع النتائج التامَّة
والدقيقة. ويتعلم المرءُ في المدرسة أن يتوقَّع أنه إذا صِيغَت مسألةٌ رياضية
بإحكام، فإنه ربما يكون لها ناتجٌ قصير، عادةً ما يُعطَى بصيغةٍ بسيطة. وهؤلاء
الذين أكملوا دراستهم الجامعية في الرياضيات، وعلى وجه الخصوص، الذين يُجْرون
أبحاثًا فيها، سرعان ما يكتشفون أن هذا أبعدُ ما يكون عن الحقيقة. فالعديد من
المسائل ستكون مُعجِزةً وغيرَ متوقعة تمامًا إذا وُجِدَت صيغةٌ دقيقة للحل؛ ذلك
أنه يُكتَفى في معظم الوقت بتقديم تقديرٍ تقريبي بدلًا من ذلك. وحتى نعتاد على
عمليات التقدير، فإنها تبدو لنا بشعةً وغير مُرضية. ومع ذلك، فمِن الجدير أن
نتعلَّمها؛ لأن إغفالنا لذلك معناه إغفالُ الكثير من أعظم النظريَّات والمسائل
غيرِ المحسومة الأكثر إثارةً للاهتمام في الرياضيات.
(١) متتابعةٌ بسيطة مُعطاة بصيغةٍ غير بسيطة
لنفترض أنَّ أعدادٌ حقيقية ناتجةٌ عن تطبيق القاعدة التالية. العدد الأول يساوي واحدًا، وكلُّ عددٍ تالٍ يساوي العددَ السابق له
مضافًا إليه الجذرُ التربيعي لهذا العدد. بعبارةٍ أخرى، لنفترض لكلِّ أنَّ . تثير هذه القاعدة البسيطة تساؤلًا بديهيًّا: ما العدد ؟
ولفهمِ السؤال، دعنا نحسب لبعض قيم الصغيرة. لدَينا . إذن:
وهكذا. يُلاحَظ أن التعبيرات في الطرف الأيمن لا يمكن تبسيطُها فيما يبدو،
وأن كلَّ تعبيرٍ جديد يكون طولُه ضِعفَ التعبير السابق له. نستنتج من هذه
الملاحظة أن من السهل تمامًا أن يَظهر العددُ في التعبير الخاص بالعدد بمعدل مرة، معظمها متضمَّنٌ في عددٍ من علامات الجذر التربيعيِّ
المتداخِلة. ومِثلُ هذا التعبير لا يُعطينا فهمًا أعمقَ للعدد .
هل يعني هذا أن نتخلَّى عن أي محاولةٍ لفهم المتتابعة؟ لا؛ لأنه على الرغم
من أنه لا يبدو أن هناك وسيلةً جيدة للتفكير في القيمة الفعلية للعدد ، إلا عندما يكون صغيرًا جدًّا، وهذا لا يستبعد احتمالَ الحصول على تقدير جيد.
في الواقع، ربما يكون التوصلُ إلى تقدير جيد هو الأكثرَ فائدة في النهاية. في
الجزء السابق، كتبتُ تعبيرًا صحيحًا تمامًا للعدد ، ولكن هل ساعدَك ذلك في فَهم على نحوٍ أفضل عن القول بأن تُساوي نحو سبعةٍ ونصف؟
دعنا إذن لا نسألْ عن ماهيَّة العدد ، ولنسأل بدلًا من ذلك عن مقدار تقريبًا. أي دَعْنا نحاول أن نجد صيغةً بسيطة تُعطينا
تقريبًا جيدًا لقيمة . يتضح في النهاية أن هذه الصيغةَ موجودة، وهي تساوي تقريبًا . وتُوجَد حيلةٌ بسيطة لإثبات هذا بدقة، ولكن لمعرفة السبب في
أن هذه القيمة التقريبية معقولة، لاحظ أن
أي إنه إذا كان ، فإن . وإذا استبعَدْنا «»، فهذا يُخبرنا أن العددَين ينتجان بالطريقة نفسِها التي ينتج بها . ولكن، عندما يكون كبيرًا، فإن يكون «مجرد تحريفٍ صغير»
(وهذا هو الجزء الذي سأتركه من البرهان)، وبذلك نكون قد حسَبْنا قيمة تقريبيًّا بطريقةٍ صحيحة، وهو ما يمكن أن نستنتج منه أن ، الذي هو ، تعطي تقريبًا جيدًا لقيمة ، كما سبق أن قلت.
(٢) طرقُ التقريب
من المهم أن نُحدِّد ما يُعَدُّ تقريبًا جيدًا عند وضع افتراضٍ كهذا؛ لأن
المعايير تختلف من سياقٍ لآخَر. وإذا كان المرءُ بصدد تقريب متتابعةٍ مكوَّنة
من أعدادٍ في ازديادٍ مطَّرد مثل إلى متتابعةٍ أخرى ، فإن أفضل نوعٍ من التقريب يمكن أن نأمُلَه، وإن كان من
النادر أن يتحقَّق، هو أن يكون الفرق بين و أقلُّ دائمًا من عددٍ ثابت معيَّن — كالعدد مثلًا. وعليه، عندما يصبح و كبيرَين، فإنَّ النسبة بينهما تقترب كثيرًا من . افترض، على سبيل المثال، أنه عند نقطةٍ ما ، و. وعليه، فإن ، وهو وإن كان عددًا كبيرًا، فإنه صغيرٌ بالمقارنة بكلٍّ من و. وبهذا المفهوم إذا كان يساوي تقريبًا، فإننا نقول إن و «متساويان بالمقارنة بثابتٍ جَمْعي معيَّن».
يُوجَد نوعٌ جيد آخَر من التقريب، وفيه تقترب النسبة بين و كثيرًا من بازدياد قيمة . يتحقق ذلك عندما يكون و مُتساويَين بالمقارنة بثابتٍ جمعي مُعيَّن، ولكنه يتحقق
أيضًا في حالاتٍ أخرى. على سبيل المثال، إذا و فإن النسبة تساوي ، وهو ما يكون قريبًا من في حال كان كبيرًا، حتى إذا كان الفرق بين و يساوي ، وهو عددٌ كبير.
حتى هذا غالبًا ما يفوق ما قد يأمُله المرء بكثير، حتى إنه لَيكتفي
بمفاهيمَ أضعفَ من التقريب. أحدُ هذه المفاهيم الشائعة أن نعتبر و مُتساويَين تقريبًا إذا كانا «متساوِيَين بالمقارنة بثابتٍ
ضربي مُعيَّن». وهذا يعني أنه إذا لم يَزِد أيٌّ من أو عن عددٍ ثابتٍ ما — مرةً أخرى، فسيكون عددًا مثل أحد الاحتمالات الممكنة، ولو أنه كلما كان أصغرَ كان أفضل.
بعبارةٍ أخرى، ليس الفرق بين و هو ما نجعله ضِمن حدودٍ مُعيَّنة، ولكن النسبة
بينهما.
قد يبدو من الخطأ أن ننظر إلى عددٍ ما على أنه يُساوي تقريبًا عددًا آخَر
أكبرَ منه بمعدَّل مرة. ولكن، هذا ما عليه الحال لأننا عادةً ما نتعامل مع
أعدادٍ صغيرة. وبالطبع، من السهل أن نُدرك أن العدد لا يساوي تقريبًا العدد ، ولكن ليس غريبًا أن نقول إن عددَين مثل
و
بوجهٍ عام، لهما نوعُ الحجمِ نفسُه. ومع أن الثانيَ أكبرُ
بما يَزيد عن مرة، فإن عدد الأرقام في كِلَيهما متساوٍ — ما بين و. وفي غياب خصائص أخرى مهمة، قد يكون هذا هو كلَّ ما نهتمُّ
له.
حتى عندما تتطلَّب هذه الدرجةُ من التقريب الكثيرَ للغاية، فإنه حريٌّ
بالمرء غالبًا محاولةُ إيجاد مُتتابعتَين و يمكنه أن يُبرهن فيهما على أنَّ أقل دائمًا من وأن أكبر دائمًا. وعليه، يمكن للمرء القولُ إن «حدٌّ أدنى» ﺑ ، و «حدٌّ أعلى». على سبيل المثال، ربما يقول عالِمُ رياضيات
يُحاول تقدير كميةٍ ما «لا أعرف، ولو حتى تقريبيًّا، ما قيمة ، ولكن يمكنني إثباتُ أنها تساوي على الأقل ولا تَزيد عن ». إذا كانت المسألة صعبةً بالقدر الكافي، فإن نظريةً كهذه
يمكن أن تكون إنجازًا مهمًّا.
(٣) كلُّ ما تحتاج إلى معرفته عن اللوغاريتمات والجذور التربيعية
وغيرهما
أحدُ الأسباب في أنَّ عمليات التقدير والتقريب المنتشرةَ في الرياضيات
ليست معروفةً خارج المقرَّرات، هو أنه لكي نتحدَّثَ عنها فإننا نستخدم عباراتٍ
مثل «بسرعةِ تزايُد منحنى تقريبًا» أو «الجذر التربيعي ﺑ ، حتى ثابتٍ ما»، وهو ما يعني القليلَ لمعظم الناس. ولحُسن
الحظ، إذا كان المرءُ مهتمًّا فقط بالقِيَم التقريبية للُّوغاريتمات أو الجذور
التربيعية للأعداد الكبيرة، فإنه يمكن فَهمُها بسهولةٍ تامة، وكذلك هذه اللغة.
إذا كان لدَيك عددان صحيحان كبيران موجَبان و وكنتَ ترغب في تقديرٍ تقريبي سريع لحاصل ضربهما ، فما الذي ينبغي أن تفعلَه؟ من الجيد أن تبدأ بعَدِّ أرقام وأرقام . إذا كان يتكوَّن من عدد من الأرقام وكان يتكوَّن من عدد من الأرقام، فإن يقع بين و، و يقع بين و، وهذا يعني أن يقع بين و. ومن ثَمَّ، يمكنك عن طريق عَدِّ الأرقام في كلٍّ من و أن تُعيِّن على أنه يقع «ضمن معامل »؛ وهذا يعني أنَّ يجب أن يقع بين و، وأن ) أكبرُ بمعدَّل مرة فقط من . أما إذا اخترتَ أن تقديرك هو ، فسيكون الفارق بين تقديرك و معامل على الأكثر.
بعبارةٍ أخرى، إذا كنتَ مُهتمًّا بالأعداد «حتى ثابت ضربي مُعيَّن»، فإن
عملية الضرب تصبح فجأةً سهلةً جدًّا: خُذْ و، عُدَّ الأرقامَ التي يتكوَّن منها كلُّ عددٍ منهما، اطرح
واحدًا (إذا كنتَ مهتمًّا)، واكتب عددًا به هذا العددُ من الأرقام. على سبيل
المثال، حاصل ضربِ العددَين (المكوَّن من أرقام) و (المكوَّن من رقمًا) يُساوي نحوَ ( رقمًا). إذا أردتَ تحرِّيَ مزيدٍ من الدقة، فيمكنك ملاحظةُ
أن العدد الأول يبدأ ﺑ والثاني ﺑ ، وهو ما يعني أن يمثل تقديرًا أفضل، ولكن لا داعيَ لهذه الدقة؛ لأغراضٍ
كثيرة.
بما أن الضرب التقريبيَّ سهل، فإن الجذر التربيعيَّ التقريبي سيكون سهلًا
كذلك (فقط عوِّضْ عن العدد بعددٍ جديد له ضِعفُ عدد الأرقام). وبناءً على ذلك،
فإن قسمة عدد الأرقام للعدد على تُقارب الجذرَ التربيعيَّ للعدد . وبالمثل، فإن قسمة عددِ الأرقام على تُقارب الجذرَ التكعيبي. وبوجهٍ أعم، إذا كان عددًا صحيحًا كبيرًا و عددًا موجبًا، فإن عدد الأرقام في سيَزيد عن عدد الأرقام في بنحوِ عدد من الأرقام.
وماذا عن اللوغاريتمات؟ من منظور التقريب، فإنها سهلةٌ جدًّا في واقعِ
الأمر: لوغاريتم العدد هو تقريبًا عددُ الأرقام التي يحتويها. على سبيل المثال،
لوغاريتم العدد ولوغاريتم العدد هما تقريبًا و على الترتيب.
في الواقع أن حساب عدد الأرقام في عددٍ ما يُقارب لوغاريتم هذا العدد
للأساس ، وهو العدد الذي تحصل عليه بالضغط على مِفتاح على حاسبة الجيب. عندما يتحدَّث علماءُ الرياضيات عن
اللوغاريتمات، فإنهم عادةً ما يقصدون إلى ما يُسمَّى باللوغاريتم «الطبيعي»،
وهو لوغاريتم للأساس . ومع أن العدد مُهم وطبيعي جدًّا، فإن كل ما نحتاج إلى معرفته عنه هنا هو
أن اللوغاريتم الطبيعيَّ لعددٍ ما، وهو العدد الذي تحصل عليه بالضغط على مفتاح على الآلة الحاسبة، هو تقريبًا عدد الأرقام المُكوِّنة للعدد
مضروبًا في . وعليه، فإن اللوغاريتم الطبيعيَّ للعدد يساوي تقريبًا . (إذا كنتَ على درايةٍ باللوغاريتمات، فستعرف أن ما ينبغي
الضربُ فيه هو .)
يمكن عكس هذه الطريقة. افترِض أن لدَيك عددًا ما وتعرف أنه اللوغاريتم الطبيعي لعددٍ آخَر . هذا العدد يُسمَّى دالة العدد أويلر مرفوعًا للقوة ويُكتَب . ما هو العدد تقريبًا؟ حسنًا، للحصول على من ، نحسب عددَ الأرقام التي يتكوَّن منها ، ونضرب في . وعليه، فإن عدد الأرقام للعدد يجب أن تساويَ تقريبًا . وهذا يُحدِّد لنا العدد ، على الأقل تقريبيًّا.
الاستخدام الرئيسي للتقديرات التقريبية التي أعطيتُها توًّا أنها تُتيح
للمرء إجراءَ مقارنات. على سبيل المثال، من الواضح الآن أن لوغاريتم عددٍ كبير
ما سيكون أصغرَ كثيرًا من الجذر التكعيبي لهذا العدد: إذا كان مكوَّنًا من رقمًا، مثلًا، فإن الجذر التكعيبيَّ له سيكون كبيرًا جدًّا —
يتكوَّن من نحو رقمًا — ولكن اللوغاريتم الطبيعي له سيكون نحو . وبالمثل، فإن دالة العدد أويلر مرفوعًا لقوة عدد ما سيكون أكبرَ كثيرًا من قوة مثل : على سبيل المثال، إذا كان مكوَّنًا من رقمًا، فإن يتكوَّن من نحوِ رقم، ولكن عدد الأرقام في نحوُ ، وهو أكبر بكثيرٍ من .
توضح القائمة التاليةُ النتائجَ التقريبية لتطبيق عمليات مختلفة على العدد . لم أُضف ؛ لأنني لو أضفتُه، لاضطُرِرتُ إلى تغيير عُنوان هذا
الكتاب.
(٤) نظرية الأعداد الأولية
العدد الأوليُّ هو عددٌ صحيح أكبر من ، لا يقبل القسمة على أيِّ أعداد صحيحة أخرى، وهذا بالطبع
باستثناء والعدد نفسه. الأعداد الأوليَّة الأقلُّ من هي و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و. جميع الأعداد الأخرى الأقل من يمكن تحليلها إلى عواملها الأولية: على سبيل المثال، . (ربما تنزعج من الاستبعاد الاختياري على ما يبدو للعدد من تعريف عددٍ أوليٍّ ما.) ولا يُعبر هذا عن حقيقةٍ
مُتعمِّقة عن الأعداد: إنه مجردُ اصطلاح مُفيد اختِير بحيث تُوجَد طريقةٌ واحدة
فقط لتحليل أيِّ عددٍ إلى أعدادٍ أوَّلية.
شغَلَت الأعدادُ الأولية أذهانَ علماء الرياضيات منذ الإغريق؛ لأنها على
ما يبدو تتوزَّع توزيعًا عشوائيًّا إلى حدٍّ
ما، ولكن ليس بشكلٍ كامل. لم يتوصل أحدٌ إلى قاعدة بسيطة تُخبرك بأكبرِ عدد
أوَّلي ترتيبه (يمكن بالطبع إعداد قائمة بأولِ عدد من الأعداد الأولية، ولكنها ليست بقاعدةٍ سهلة، وستكون غيرَ
عملية تمامًا إذا كان عددًا كبيرًا)، ومن المستبعَد غالبًا وجودُ هذه القاعدة. ومن
ناحيةٍ أخرى، فإن اختبار أولِ عددًا أوليًّا يُظهر بعضَ السِّمات المهمة. إذا حسبتَ الفروق
بين أعدادٍ أولية متتالية، فإنك تحصل على القائمة الجديدة التالية: . (أي إن: و و و وهكذا.) هذه القائمة ما زالت غيرَ مرتَّبةٍ إلى حدٍّ ما، لكن
الأعداد بها تسير في اتجاهٍ مُعين، يكاد يكون ملحوظًا، وهو أنها آخذةٌ في
التزايُد تدريجيًّا. ومن الواضح أنها لا تَزيد بانتظام، إلا أن أعدادًا مثل و لا تظهر إلا مُتأخرةً تمامًا، في حينِ أن أول بِضعة أعداد
تكون كلُّها أو أقل.
إذا كتبتَ أولَ ألفِ عددٍ أولي، فإن اتِّساع الفجوة بين الأعداد المتتالية
سيُصبح أكثرَ وضوحًا. بعبارةٍ أخرى، تبدو الأعدادُ الأوَّلية الكبيرة أقلَّ على
أرض الواقع من الأعداد الصغيرة. وهذا هو المتوقَّع بالطبع؛ لأن هناك طرقًا
عديدة «لا» يكون بها عددٌ كبيرٌ ما أوليًّا. على سبيل المثال، ربما خمَّنا أن
العدد أوليٌّ، خصوصًا أنه لا يقبل القسمة على أو أو أو أو أو أو أو ، لكنه في الحقيقة يساوي .
لا يُوجَد عالمُ رياضيات له ثِقلُه سيَقنع بالملاحظة المَحضة (التي لم
يُبرهَن حتى على صحَّتها) بأن الأعداد الأوَّلية الكبيرة أشدُّ نُدرةً من
الأعداد الأولية الصغيرة. بل إنه سيرغب في معرفة مدى نُدْرة هذه الأعداد. إذا
اخترتَ عشوائيًّا عددًا ما يقع ما بين و، فما احتمالاتُ أن يكون هذا العددُ أوليًّا؟ بعبارةٍ أخرى،
ما «كثافة» الأعداد الأولية القريبة من ؟ هل كثافتها صغيرةٌ على نحوٍ مذهل أو صغيرةٌ جدًّا
فحسب؟
نادرًا ما تتبادر هذه الأسئلةُ إلى أذهان الأشخاص الذين لم يتعرَّضوا
للرياضيَّات في المستوى الجامعي؛ ذلك لأنهم يفتقرون إلى اللغة التي يستطيعون
بها صياغةَ هذه الأسئلة والتفكيرَ فيها. ومع ذلك، إذا كنتَ قد استوعبتَ ما
استعرضناه في هذا الفصل حتى الآن، فأنت في وضعٍ يُتيح لك أن تُقدِّر واحدًا من
أعظم إنجازات الرياضيَّات، وهو: نظرية الأعداد الأوَّلية. تنصُّ النظرية على أن
كثافة الأعداد الأولية قُرب عددٍ ما تساوي نحو ، أي واحد مقسومًا على اللوغاريتم الطبيعيِّ للعدد .
لنرَ مرةً أخرى احتمالاتِ أن يكون عددٌ عشوائي بين و أوليًّا. كل الأعداد في هذا المدى العدديِّ تُساوي مليونًا
بالتقريب. تقول نظرية الأعداد الأولية إنه بِناءً على ذلك فإن الكثافة ستُساوي
تقريبًا مقسومًا على اللوغاريتم الطبيعي لمليون. اللوغاريتم للأساس هو (في هذه الحالة، يُعطينا عَدَّ الأرقامِ الناتج ، ولكن بما أننا نعرف الناتجَ الفعلي فإنه يجوز لنا
استخدامُه)، وبذلك يكونُ اللوغاريتم الطبيعيُّ نحو أو . وعليه، فإن عددًا واحدًا في كل عددًا بين و هو عدد أولي، وهو ما ينطبق على ما يزيد قليلًا عن منها. وعلى النقيض من ذلك، فإن عددَ الأعداد الأوَّلية
الأقلِّ من هو ، أو نحو رُبع العدد الكلي، وهو ما يوضح كيف أن الكثافة تقلُّ
كلما كانت الأعداد الأولية أكبر.
بالنظر إلى الطبيعة العشوائية غيرِ المنتظمة للأعداد الأولية، فمن المدهِش
تمامًا كَمُّ ما يمكن إثباتُه عنها. ومن المثير للاهتمام أن النظريات المتعلقةَ
بالأعداد الأولية يكون إثباتُها عادةً عن طريق استغلال هذه العشوائية الظاهرية.
على سبيل المثال، تنصُّ نظريةٌ مشهورة لعالم الرياضيات السوفييتي فينوجرادوف،
أُثبِتَت عام ١٩٣٧، على أن كل عددٍ فردي كبير بدرجةٍ كافية يمكن كتابته على
هيئةِ مجموع ثلاثة أعداد أولية. لا يسَعُني في هذا الكتاب أن أشرح كيف أُثبِتَ
هذا، لكن ما لم يفعله هو إيجاد «طريقة» لكتابة الأعداد الفردية على هيئة مجموع
ثلاثة أعدادٍ أولية. هذا النهج كان سيَئول حتمًا إلى الفشل؛ نظرًا إلى صعوبة
تكوين الأعداد الأولية نفسِها. بدلًا من
ذلك، بنى فينوجرادوف على طريقة هاردي وليتلوود، وطرح حُجَّته على النحو التالي
تقريبًا. لنفترض أنك اخترتَ متتابعةً عشوائية حقًّا من الأعداد، لها كثافةُ
الأعدادِ الأوليةِ نفسُها تقريبًا، في هذه الحالة يمكن لنظريةٍ أوَّلية عن
الاحتمال أن تُبرهن على أنك ستتمكَّن على نحوٍ شبهِ مؤكَّد من كتابةِ جميع
الأعداد الكبيرة بدرجةٍ كافية على هيئة مجموع ثلاثةٍ من أعداد هذه المتتابعة.
في الحقيقة، يُمكنك القيامُ بذلك بطرقٍ كثيرة مختلفة. ولأن توزيع الأعداد
الأولية شبهُ عشوائي (الجزء الصعب من البرهان أن نُوضِّح ما يَعنيه هذا، ثم
نُبرهن على صحته بدقَّة)، وأنها تسلك مسلكَ المتتابعة العشوائية، فإنَّ جميع
الأعداد الكبيرة بدرجةٍ كافية هي مجموع ثلاثة أعدادٍ أوَّلية، ومرةً أخرى بطرقٍ
كثيرة مختلفة. ومن باب توضيح هذه الظاهرة فحسب، نستعرض فيما يلي كلَّ الطرق
التي يمكن بها كتابة العدد على هيئة مجموعِ ثلاثة أعداد أولية:
يغلب هذا الطابَعُ على كثيرٍ من الأبحاث المتعلقة بالأعداد الأولية. في
بادئ الأمر، عليك أن تستنبطَ نموذجًا احتماليًّا للأعداد الأولية؛ أي إنك
تتظاهر بأنها اختِيرَت طبقًا لإجراءٍ عشوائيٍّ ما. وبعدها، اختبر الاحتمالات
التي من المنتظَر تحقُّقها في حالِ كانت الأعداد الأولية قد كُوِّنَت حقًّا
بطريقةٍ عشوائية. هذا يُتيح لك تخمينَ إجاباتِ كثيرٍ من الأسئلة. وأخيرًا، حاول
إثباتَ أن النموذج واقعيٌّ بما يكفي لأن تكون تخميناتُك صحيحة على نحوٍ تقريبي.
لاحظ أن هذا النهج سيكون مستحيلًا إذا اضطُررتَ إلى إعطاء إجاباتٍ محددة في كل
مرحلةٍ من البرهان.
من المثير للاهتمام أن النموذج الاحتمالي ليس بنموذجٍ لظاهرةٍ مادية،
ولكنه نموذجٌ لجزء آخَر من الرياضيات. وعلى الرغم من أن الأعداد الأولية
محدَّدةٌ بصرامة، فإنها تبدو بطريقةٍ ما كأنها بياناتٌ تجريدية. وبمجرد أن
ننظُر إليها على هذا النحو، يُحرِّضنا ذلك على ابتكار نماذجَ بسيطةٍ تُتيح لنا
التنبُّؤ بالإجابات الممكِنة عن بعض هذه الأسئلة الاحتمالية. وفي الحقيقة،
أدَّت هذه النماذج أحيانًا إلى براهينَ صحيحة للأعداد الأولية نفسِها.
ومع أن هذا الأسلوب في طرح الحُجة قد حقَّق نجاحًا ملحوظًا، فإنه لم
يَحسِم كثيرًا من المشكلات المشهورة. على سبيل المثال، تؤكِّد حدسية جولدباخ أن
كلَّ عددٍ زوجي أكبرَ من هو مجموع عددَين أوليَّين فردِيَّين. تبدو هذه الحدسية أصعبَ
كثيرًا من السؤال الذي أجابه فينوجرادوف فيما يتعلق بالأعداد الأوَّلية
الثلاثة. كما تُوجَد حدسيةُ العددَين الأوليَّين التوءمَين، التي تنصُّ على أن
هناك عددًا لا نهائيًّا من أزواج الأعداد الأولية الفرقُ بينهما ، مثل و، أو و. بعبارةٍ أخرى، إذا حسبتَ الفروق المتتالية، كما فعلتُ
أعلاه، فإن العدد يتكرَّر ظهوره للأبد (وإن كان بوتيرةٍ أقلَّ في كل
مرة).
ربما تكون فرضيةُ ريمان هي أشهرَ مسألةٍ غيرِ محسومة في الرياضيات. ولهذه
الفرضية العديدُ من الصِّيَغ المتكافئة. تعني إحداها بدقةٍ التقديرَ المُعطَى
بنظرية الأعداد الأولية. وكما قلتُ، فإن نظرية الأعداد الأولية تُخبرك بالكثافة
التقريبية للأعداد الأوَّلية القريبة من أيِّ عددٍ مُعطًى. ومن هذه المعلومة،
يمكن للمرء أن يحسب بالتقريب عددَ الأعداد الأولية الموجودة وصولًا إلى أي عددٍ
مُعطًى . لكن إلى أي درجةٍ يكون التقريب؟ إذا كان هو عدد الأعداد الأولية الصحيح حتى ، وكان هو التقدير المقترَح طبقًا لنظرية الأعداد الأولية؛ فإن
فرضية ريمان تُؤكِّد على أن الفرق بين و لن يزيد كثيرًا عن . لو أن هذا النوع من الدقة قد ثبَتَت صحته، لَأصبح له
الكثيرُ من التطبيقات، إلا أنه معروفٌ حتى الآن أنه أضعفُ كثيرًا.
(٥) خوارزميات الفَرْز
يُوجَد قسمٌ آخر في الرياضيات مليءٌ بالتقديرات التقريبية، وهو علوم
الكمبيوتر النظرية. إذا كتبَ المرءُ برنامجَ كمبيوتر لأداء مهمةٍ مُعيَّنة،
فمِن الجيد إذن أن يُراعى في تصميمه التشغيلُ بأقصى سرعةٍ ممكنة. يطرح علماءُ
الكمبيوتر النظريون السؤالَ التالي: ما أسرعُ برنامج يمكن أن نأمُلَه؟
من غير الواقعي غالبًا أن نبحثَ عن إجابةٍ محددة عن هذا السؤال؛ ولذا
يُحاول المرء إثباتَ جملٍ مثل «تشغيل الخوارزمية التالية يتمُّ في نحوِ من الخطوات عندما يكون حجمُ الإدخال .» ويمكن أن نَستنتجَ من ذلك أن الكمبيوتر الشخصيَّ النموذجي
سيتمكَّن من معالجة حجم إدخال (وهو ما يعني بوجهٍ عام كمَّ المعلومات التي
تريده أن يُحلِّلها) مقدارُه وليس حجم إدخال مقداره . وعليه، فإن هذه التقديرات ذاتُ أهميةٍ عَملية.
تُعرَف إحدى المهامِّ المفيدة للغاية التي يمكن إنجازها باستخدام أجهزة
الكمبيوتر باسم الفرز؛ أي ترتيب عددٍ كبير من العناصر وفقًا لمعيارٍ مُعطًى.
لتصوُّرِ هذا، افترض أنك تريد ترتيبَ مجموعة من العناصر (ليس بضرورةٍ أن تكون
جمادًا؛ بل يمكن — مثلًا — أن تكون أشخاصًا مرشَّحين لوظيفةٍ ما) حسَبَ
الأفضلية. افترض أنك لا تستطيع تعيين قيمةٍ عدديةٍ بالقدْر الذي تُحبه إلى أي
عنصرٍ مُعطًى، ولكن — بمعلوميةِ أيِّ عنصرَين، يمكنك دائمًا أن تُقرر أيُّهما
تُفضِّله. افترض أيضًا أن تفضيلاتك متَّسقة، بمعنى أنك لا تُفضِّل أبدًا على ، و على ، و على . إذا كنتَ لا تُريد قضاءَ وقتٍ طويل في تنفيذ المهمة، فمن
الجيد أن تُحاول تقليل عدد المقارنات التي تُجريها.
عندما يكون عدد العناصر صغيرًا جدًّا، فإنه من السهل التوصلُ إلى كيفية
القيام بذلك. فمثلًا إذا كان هناك عنصران، فإنه يتعيَّن عليك إجراءُ مقارنةٍ
واحدةٍ على الأقل، وبمجرد الانتهاء منها فإنك تعرف ترتيبهما. وإذا كان هناك
ثلاثةُ عناصر و و، فإن مقارنةً واحدة لن تكفي، إلا أن عليك أن تبدأ بمقارنةٍ
ما، ولا يُهم أيُّها. افترض، فيما يخصُّ هذه الحجة، أنك تُقارن بين و وتُفضِّل . عليك الآن مقارنة أو مع . إذا قارنتَ مع وفضَّلت على ، فاعلم أن الترتيب تبعًا لتفضيلك هو ، ، . ولكن، إذا وجدتَ، كما قد يحدث، أنك تفضِّل على ، فإن كل ما تعرفه عن و أنك تُفضِّل على أيٍّ منهما. وعليه، سيكون عليك إجراء مقارنة ثالثة حتى
يمكن أن تضع ترتيبًا ﺑ و. ومن ثَمَّ، دائمًا ما تكفي ثلاث مقارنات، وأحيانًا يقتضي
الأمر ذلك.
ماذا يحدث في حالة وجودِ أربعة عناصر و و و؟ يُصبح التحليل أكثرَ تعقيدًا. ربما تبدأ أيضًا بمقارنة مع . ولكن عندما تفعل ذلك، يكون لدَيك احتمالان مختلفان فيما
يخصُّ المقارنة التالية. فإما أن تُقارن أيًّا من أو مع ، أو تقارن مع ، ومن غير الواضح أيُّ الفكرتَين أفضل.
افترض أنك قارنتَ مع . إذا كنتَ محظوظًا، فستتمكن من ترتيب و و. افترض أن الترتيبَ هو ، ، . عندئذٍ، يبقى أن ترى الموضعَ الذي ستقعُ فيه في هذا الترتيب. وأفضلُ شيء لتحديد ذلك هو مقارنة مع . وبعد ذلك، ليس عليك إلا مقارنة مع (إذا فضَّلت على ) أو مع (إذا فضَّلت على ). وبذلك، يُصبح لدينا أربعُ مقارنات إجمالًا — اثنتان لترتيب و و، واثنتان لتحديد موضع في هذا الترتيب.
نحن لم ننتهِ من تحليل المسألة؛ لأنك ربما لا يُحالفك الحظُّ مع و و. ربما كلُّ ما ستستخلصه من أولِ مقارنتَين أن كلًّا من و مفضَّلٌ على . عندئذٍ ستكون بصددِ مشكلةٍ أخرى: هل من الأفضل مقارنةُ مع أو مقارنةُ مع أيٍّ من أو أو — وفي الحالة الثانية، هل ينبغي مقارنة مع أو مع أيٍّ من أو ؟ وبمجرد الانتهاء من دراسة هاتَين الحالتَين والحالتَين
الفرعيَّتَين، سيكون عليك أن تعرف ماذا عساه أن يحدث لو كانت المقارنةُ الثانية
بين و.
أصبح التحليل مُضجِرًا إلى حدٍّ ما، ولكن لا يزال إجراؤه ممكنًا. يوضِّح
هذا أنه يكفي عادةً إجراءُ خمس مقارناتٍ فحسب، أي إنك تحتاج أحيانًا إلى إجراء
هذا العدد من المقارنات، وأن المقارنة الثانية يجب أن تكون فعلًا بين و.
المشكلة في حُجةٍ من هذا النوع أن عدد الحالات التي يتعيَّن دراستها تزداد
بوتيرةٍ سريعة للغاية. وسيكون من المستحيل استنباطُ العدد اللازم بالضبط من
المقارنات عندما يكون لدَينا، مثلًا، عنصر — من المؤكَّد غالبًا ألا نعرف هذا العدد. (أتذكَّر
جيدًا صدمتي عندما سمعتُ لأول مرة عالِمَ رياضياتٍ يُصرِّح باستحالة معرفة
القيمة الفعلية لمقدارٍ مُعيَّن وأنها ستظلُّ مجهولة. أما الآن، فقد اعتدتُ على
حقيقةِ أن هذه هي القاعدة وليست الاستثناء. المقدار المعنيُّ هنا هو عدد رمزي ، وهو أصغر عدد بحيث إنه في أيِّ مجموعة مكوَّنةٍ من عدد من الأشخاص لا بد من وجود خمسةٍ يعرف بعضُهم بعضًا، أو خمسةٍ
لا يعرف بعضهم بعضًا.) ومن ثمَّ، يحاول المرء بدلًا من ذلك إيجادَ الحدِّ
الأعلى والحد الأدنى. في هذه المسألة، الحد الأعلى ﺑ هو إجراء لفرز عدد من العناصر باستخدام ما لا يزيد عن عدد من المقارنات، والحد الأدنى ﺑ هو إثباتٌ بأنه، أيًّا ما كنتَ ماهرًا، سيلزم أحيانًا إجراء
عدد من المقارنات. هذا مثالٌ على مسألةٍ حيث يقع أفضلُ حدٍّ أعلى
معروفٍ وأفضل حدٍّ أدنى معروفٍ ضمن مُعامل ضربي أحدهما للآخر: من المعروف أنه
حتى ثابتٍ ضربيٍّ مُعين، فإن عدد المقارنات اللازمة لفرز عدد من العناصر هو .
إحدى الطرق لمعرفة السببِ في أهميَّة ذلك هو أن تُحاول وضْعَ إجراءِ فرزٍ
بنفسك. عليك ببساطة أن تبدأ بإيجاد العنصر الذي يأتي في المقدمة، وتضَعَه
جانبًا، ثم تُكرِّر. لإيجاد أفضلِ عنصر، قارِنْ أولَ عنصرَين، ثم قارِن العنصر
الأفضل بينهما مع العنصر الثالث، ثم قارن العنصرَ الأفضل بين هذَين مع العنصر
الرابع وهكذا. وبذلك، يتطلَّب الأمرُ إجراء عدد من المقارنات لإيجاد العنصر الأفضل، ثم عدد من المقارنات لإيجاد الأفضل في المرة التالية، وهكذا، فيُصبح
لدَينا عدد من المقارنات إجمالًا، وهو ما يبلغ نحوَ .
ومع أن هذه الطريقة بديهية، فإن الأمر ينتهي بك في حالِ تطبيقها إلى
مقارنة كلِّ زوجٍ من العناصر لديك؛ ولذا فهي غير فعَّالة (على الرغم من أنها
سهلة التخطيط). عندما يكون كبيرًا، فإن يكون تحسينًا ذا معنًى تمامًا للمقدار ؛ لأن أصغرُ كثيرًا من .
فيما يلي طريقة أخرى تُعرف باسم الفرز السريع، وليس هناك ما يضمن أن تكون
أسرع، ولكنها عادةً ما تصلُ بنا إلى نتيجةٍ أسرع. وهي مُعرَّفة تَكْراريًّا (أي
إنها معرَّفةٌ بدلالة حدودها) كما يلي. أولًا، اختَرْ أيَّ عنصرٍ من العناصر،
ولْيكُن العنصر ، ورتِّب العناصرَ الأخرى في مجموعتَين: العناصر الأفضل من والعناصر الأسوأ. يستلزم هذا إجراءَ عدد من المقارنات. كلُّ ما عليك فعله الآن هو فرزُ المجموعتَين
باستخدام طريقة «الفرز السريع». بمعنى أنه لكلِّ مجموعة، عليك أن تختار عنصرًا
وتُرتِّب العناصر الأخرى في مجموعتَين أُخريَين، وهكذا. في العادة، عندما
تُقسِّم مجموعةً إلى مجموعتَين فرعِيَّتَين، فسيكون بالحجم نفسِه تقريبًا،
اللهم إلا لو لم يُحالفك الحظُّ في هذا. وعليه، يتضح أن عدد المقارنات التي
تُجريها سيكون تقريبًا. بعبارةٍ أخرى، تصلح هذه الطريقة عمومًا — وقد يكون
هذا ما أمَّلته — في حدود ثابتٍ ضربي معين.