المشهد الأول
(أمام كهف بروسبيرو.)
(يدخل بروسبيرو وفرديناند وميراندا.)
بروسبيرو
:
إذا كانت قسوتي في معاملتك قد زادت عن الحد،
فإن في مكافأتك تعويضًا عن ذلك! فلقد وهبتُك الآن
ثلث حياتي نفسها، بل الغاية التي أحيا من أجلها!
وها أنا ذا أضعها في يدك! لم تكن ألوان
معاناتك إلا امتحانًا لِصدْق حبك!
وقد اجتزتَ الامتحان بتفوقٍ مدهش!
وها أنا ذا أشهد أمام الله بأنني أؤكد هذه
الهدية النفيسة! وأرجو يا فرديناند
ألا تعجب من تفاخُري بها، فلسوف ترى
أنها فوق كل مديح، وتتجاوز ١٠
كل ما أقوله عنها.
فرديناند
:
بل أصدق ما تقول ولو أنكره العرافون!
بروسبيرو
:
إذَن خذ ابنتي هديةً مني، عروسًا
دفعتَ فيها مهرًا غاليًا! ولكن إذا
لامستها قبل إتمام الشعائر المقدسة جميعًا،
وطقوس الزفاف المرسومة لدَينا،
فلن تُنزِل السماوات بركاتها على هذا الزواج
لينمو ويترعرع، بل ستنثر الكراهية العميقة،
والشقاق، والاحتقار، ومرارة النظرات ٢٠
فوق فراشكما، وتملؤه بالأعشاب الضارة البغيضة
حتى تكرهاه معًا! وإذَن فحاذِرا واحترسا
ومصابيح رب الزواج تضيء لكما الطريق!
فرديناند
:
أرجو لكلَينا أيامًا هادئة، ونسلًا جميلًا، وحياةً
مديدة،
ودوام الحب القائم بيننا الآن؛ ولذلك لن يفلح أظلم
عُش
ولا أفضل الفرص السانحة، ولا أشد وسوسة
يوسوس بها الخناس في صدورنا، في قهر شرفي
وتحويله إلى شهوة، أو حرماني من متعة حفل ذلك
اليوم،
فشدة شوقي تجعلني أظن خيول موكب الشمس قد تعثَّرَت
٣٠
فلا تسير، أو أن الليل مغلولٌ لا يأتي!
بروسبيرو
:
أحسنتَ القول! اجلس معها وحادثها فقد غدَت ملك
يمينك!
أين أنت يا آرييل؟ خادمي المجتهد! آرييل! أين
أنت؟
(يدخل آرييل.)
آرييل
:
ها أنا ذا! بماذا يأمر سيدي الجبار؟
بروسبيرو
:
لقد أنجزتَ ببراعةٍ آخر المهام التي طلبتُها منك،
أنت وزملاؤك الأقل منزلةً منك! لكنني أحتاج إليكم
في لعبةٍ أخرى مماثلة! اذهب وأحضِر زملاءك
إلى هذا المكان، وأنا أمنحك السيادة عليهم!
حثهم على سرعة الحركة، فأنا أريد
أن أعرض على عيون الزوجَين الصغيرَين خدعةً ما ٤٠
من أفانين سحري، كنت وعدتُهما بها، وينتظرانها
مني!
آرييل
:
حالًا؟
بروسبيرو
:
في لمحة عين!
آرييل
:
من قبل أن تقول اذهب وعُد يا خير تابِعْ
أو تأخذ الأنفاس مرَّتَين في تتابُعْ
سيحضر الجميع مسرعين فوق أطراف الأصابعْ
بكل تقطيبٍ وإيماءٍ من الأشكال رائعْ
فهل تحبُّني يا سيدي؟ أجب إن لم تكن
تمانعْ!
بروسبيرو
:
بل أحبك كثيرًا يا عفريتي الرقيق آرييل! لا تدخل حتى
تسمع النداء!
آرييل
:
فهمتُ! فهمتُ!
(يخرج آرييل.) ٥٠
بروسبيرو
:
احرص على الإخلاص يا فرديناند! حذار أن ترخي
الزمام للغزل بأكثر مما ينبغي! أغلَظ الأيمان تحترق
كالقش
في النار الموقدة في دم العاشقين! اكبح جماح حبك،
وإلا ضاعت الأيمان التي حُلِفَت!
فرديناند
:
أؤكد لك يا سيدي أن الثلوج البكر الباردة البيضاء
تحيط بقلبي وتخفف من وقدة كبدي!
بروسبيرو
:
جميل! ادخل الآن يا آرييل! تعالِ يا عزيزي مع الجميع!
زيادة العدد أفضل من النقصان! اظهروا وتحركوا بخفة
أرجو الصمت التام! كونوا عيونًا دون ألسنة!
(موسيقى هادئة. وتدخل أيريس.)
أيريس
:
سيريس يا أكرَم ربَّة! ذات المروج العامرات
الخصبة ٦٠
قمحًا وشوفانًا، شعيرًا، ثم بازلاء بل وشيلمًا
وبِيقَة!
هذي جبالك التي تموج بالكلأ! وتقضم الأغنام منها
كل قضمة!
وهذه المروج في انبساطها تزخر للأغنام بالأعلافْ
وتلك أغصانٌ تشابكَت لتدعم الضفافْ
وأبريل المطير وشَّاها بأزهارٍ تجيب
مطْلبكْ
بأنْ تَزِين حورياتك المقرورَة … بإكليل
العفافْ!
فيها خمائل الرَّتْم التي يهوَى ظلالها
المكدود
مَن يشكو لَظاه من الصدودْ!
هذي حقول الكرْم بالنواصي المشذَّبة،
وساحل البحر العقيم قد بدَت صخوره
الصلبة!
إذ تنشقين عنده النسيم! قد أرسلَتني ملْكة
السماءْ ٧٠
فإنني رسولها — قوس الغمام — وقد أتيتُ كي
أدعوكِ
أن تغادري ذاك المقامْ، وتصحبي ذات
الجلالْ
في اللهو والمراح عندنا! وسط الأراضي
السندسيَّة!
هذي عُرَيبَتها التي تجري بها
الطَّواوِسْ
هيا اهبطي سيرِيسُ يا ذات الثراء حتى
نأتنِسْ!
(تدخل سيريس.)
سيريس
:
مرحى رسولَ الملِكة! يا من زهَت ألوانه
المتعددة!
لم تعصِ يومًا زوجة الرب الكبير جوبيترْ!
يا من نثرتَ بريش أجنحةٍ بلَون الزعفران على
زهوري
قطر طلٍّ أو شآبيب السماء المنعشة!
يا من يميل على المروج المُورقة … وعلى السهول
القاحلة … ٨٠
طرَفاك في قوسٍ كسَته الزرقة!
ليوشِّح الأرض التي تزهو بكل ثرائهْ!
ما سر دعوة ملْكتكْ … لي كي أجيء إلى هنا
في بقعة الكلأ القصيرْ؟
أيريس
:
كي تحضري معنا زفاف العاشقين المخلصين
وتبذلي
بعض العطايا في سخاءٍ للحبيبَين اللذين كسَتهما
البركة!
سيريس
:
قل لي إذَن قوسَ السماء فهل أتت فينوس أيضًا؟
وهل جاء ابنها — إن كنت تعرفْ — في معية هذه
الملكة؟
إني امتنعتُ عن اللقاء لأنه عارٌ كبيرْ! وأعاف
لُقياها هنا
ولقاءَ ذاك الغر مكفوف البصرْ ٩٠
منذ استطاعا أن يُعينا ذلك الكالح «ديسْ»
في أن ينال كريمتي!
أيريس
:
لا! لا تخافي هذه اللقْيا! فلقد رأيتُ الربَّة
المذكورة
في مركبٍ وسط السحاب تجرُّه بعض الحمائم نحو
«بافوسْ»
هي وابنها! بل حاوَلا بالسحر إغواء الحبيبَينِ
هنا!
أما هما فقد تعاهدا ألا يُقاربا الفراش قبل
أنْ
تضيء مصباح الزفاف «هايمينْ»!
عبثًا تحاوِل أن تعود إليهما ذاتُ
الشبقْ!
تلك التي كانت لرب الحرب في يومٍ خليلة!
هذا ابنها قد حطَّم الأسهم في جعبتهْ
(رغم احتداد طبيعتهْ) بل بات يحلف إنه
ما عاد يُطلق السهام لا! بل أن يمارس
لهوه
مثل الصغار مع العصافير الوديعة! ١٠٠
(تدخل جونو.)
سيريس
:
ها هي ذي أسمى الملكاتْ! «جونو» العُظمى!
أعرفها من مشيتها!
جونو
:
ما حالك يا أختي المِعطاءْ؟ هيا لنبارك هذين
الزوجَين!
هيا ندعو لهما برخاءٍ وبأكرم أبناءْ!
(تغنِّيان.)
جونو
:
جونو تدعو لكُما بالبركاتْ
بالشرف وخير زواجٍ والثرَواتْ
وبفرح القلب بكل الأوقاتْ
وبطول العمر وأبناءٍ وبناتْ!
سيريس
:
هلَّا أتى الربيع وحده في آخر الحصادْ
١١٠
بخير هذي الأرض والنماء في كل البلادْ
ليملأ الأجران بالحبوب والأهراءْ
تفيض بالرزق العميم سابغ الأرفادْ
في كل كرْمةٍ عناقيد بطبعها النماءْ
وينحني النبات مُثقَلًا بزاهر الرخاءْ
نجَوتُما من فاقةٍ! رعاكما خيرُ الجَداءْ
قد باركَتكما سيريسُ هكذا بذا الرفاءْ
فرديناند
:
هذه رؤيا في غاية الجلال، متناغمة تسحر الألباب!
هل أجرؤ على القول بأن هؤلاء من الجن؟
بروسبيرو
:
إنهم من الجان الذين استحضرتُهم بسحري ١٢٠
من محابسهم ليمثِّلوا ما أتصوره الآن!
فرديناند
:
ليْتني أقيم هنا إلى الأبد! إن مثل هذا الوالد الحكيم
ذي العجائب نادر الوجود! وقد أحال المكان جنة!
(تتهامس جونو وسيريس، ثم ترسلان أيريس في
مهمةٍ خاصة.)
بروسبيرو
:
أيها الحبيب! أرجو الصمت الآن! فإن جونو وسيريس
جادَّتان في التهامس؛ وأمامنا المزيد من العمل!
أرجو الصمت التام، وإلا فشل سحرنا!
أيريس
:
يا أيتها الحورياتْ! يا من يُدعَين النايِيداتْ
١٢٧
بجداول تجري ملتوياتْ! والزهر يزين
الهاماتْ!
والعين تشع بريء النظراتْ!
اترُكنَ الماء المتموِّج، أقبِلن إلى الأرض
الخضراءْ! ١٣٠
هذا أمرٌ من جونو! يا حوريات العفة هذا حفل
هناءْ
شارِكن زواجَ حبيبَين يَزينهما الإخلاص وهيا دون
أناءْ!
(تدخل بعض الحوريات.)
يا من يحمل مِنجله والشمس تلوِّحه، ويعاني حر
أغسطسْ!
اترُك مِحراثك هيا! أقبِل للفرح وللمرح
هنا!
اجعل عطلتك اليومْ! ضع قبعة القش على
رأسك!
هيا جمعًا للرقص الريفي بصحبة هاتيك الحوريات
النضراتْ!
(يدخل عددٌ من العاملين بالحصاد، يرتدُون
أزياءهم المميزة،
ويشاركون الحوريات في رقصاتٍ رشيقة، وعند نهاية
الرقص ينهض
بروسبيرو فجأةً ويتحدث، وبعد ذلك، يختفي الجميع
حزانى،
بمصاحبة صخبٍ مكتوم ومختلط.)
بروسبيرو
(جانبًا)
:
كنتُ نسيتُ تلك المؤامرة الخبيثة التي دبَّرها
الوحش كاليبان وشريكاه لقتلي! ١٤٠
لقد حان تقريبًا وقت تنفيذها! (إلى الجن)
أحسنتم! كفى! انصرفوا! كفى!
فرديناند
:
هذا غريب! لقد داهم أباك غضبٌ يثيره ويربكه!
ميراندا
:
ما رأيتُه قبل اليوم بمثل هذا الغضب وتعكير
الصفو!
بروسبيرو
:
يبدو عليك الاضطراب يا بني! كأنما أصابك
الفزعْ!
هون عليك وابتسمْ! قد انتهت أفراحنا!
ومثلما ذكرتُ قبل الآن لم يكن ممثِّلونا
هؤلاء
غير أرواحٍ وأشباح تلاشت بل وذابت في
الهواءِ
في أرقِّ ذرات الهواءْ! وهكذا تذوب —
مثل هذه الرؤيا التي بنت نسيجها من العدمْ —
١٥٠
قلاعنا التي يكلل السحاب رأسها!
قصورنا الجميلة الشمَّاء والمعابد الوَقورة
الرزينة!
والكرة الأرضية العظيمةْ، وكل ما ترثْ!
ومثلما خبا وهْم احتفالنا الكبير وانتهى بلا
أثرْ
لن يترك الذي يمضي نُثارًا من سحابْ!
إنا خُلِقنا من خيوطٍ تُنسَج الأحلام
منها!
وهكذا يكلِّل النعاسْ … حياتنا القصيرة
الضئيلة!
يا سيدي! لقد أصابني القلقْ! فاصبرْ! تحمل
ضعفي!
ذهني العجوز مضطربْ! لا تنزعجْ لما تراه فيَّ من
وهن! ١٦٠
فلتسترح إذا أردتَ في كهفي قليلًا ريثما
أعودْ!
إذ إنني سأذرع الشط العريض رائحًا
وغاديًا
حتى يعود قلبيَ المهتاج للسكينة!
فرديناند وميراندا
:
مع السلامة!
(يخرجان.)
بروسبيرو
:
شكرًا لكما آرييل! احضر بسرعة الأفكار!
(يدخل آرييل.)
آرييل
:
أنا رهن أفكارك! ماذا تطلب؟
بروسبيرو
:
اسمع يا عفريت! لا بد أن نستعد لمواجهة كاليبان!
آرييل
:
نعم أيها القائد! كنت أريد أن أخبرك عند تقديم
«سيريس»
ولكنني خفتُ أن أغضبك!
بروسبيرو
:
قل لي من جديد أين تركتَ هؤلاء الأوغاد؟ ١٧٠
آرييل
:
قلتُ لك يا سيدي إن الخمر ألهبَتهم حتى احمرَّ
لونهم
وأفعمتهم بالإقدام حتى طعنوا الهواء
لأن أنفاسه تهبُّ في وجوههم، وضربوا الأرض
لأنها قبَّلَت أقدامهم، لكنهم لم ينثنوا عن
خطتهم.
وعندها ضربتُ الدف في يدي، فإذا بهم يقفون
مثل الخيل التي لم يركبها أحدٌ بعد، ويشرعون
آذانهم
ويرفعون أجفانهم، ويفتحون خياشيمهم لاشتمام
الموسيقى!
وهنا أعملتُ السحر في آذانهم، حتى ساروا خلفي،
مثلما تتبع العجول خوار أمها، خلال الأشواك
الحادة،
والقتاد المسنون، والحسك الذي يلدغ، وغيرها مما
اخترق
سيقانهم الواهنة، وأخيرًا تركتهم في مياه البركة التي
١٨٠
كستها طبقة من القذارة، خلف كهفك، وهي ترقص حولهم
حتى الأذقان! بل إن رائحة البركة طغت على
رائحة أقدامهم!
بروسبيرو
:
أحسنتَ يا طيري المقرب! احتفظ بشكلك الخفي الآن!
واسمع! أنت تعرف العباءة البراقة وما شاكلها في
منزلي!
اذهب وآتني بها حتى تكون الطُّعم الذي أُوقع به هؤلاء
اللصوص!
آرييل
:
ذهبتُ! ذهبت!
(يخرج.)
بروسبيرو
:
كاليبان شيطان! شيطان بطبعه! والطبع
يغلب التطبع! وقد بذلتُ في تقويمه جهودًا جبارة
إشفاقًا ورحمة! لكنها ضاعت جميعًا وذهبَت سدى!
١٩٠
وكلما تقدَّم السن وازداد قبح جسمه،
نخر السوس في عقله. لسوف أُنزل العذاب بهم
حتى يصرخوا من الألم!
(يعود آرييل حاملًا العباءة البراقة
وما شاكلها.)
تعالَ! ضعها جميعًا على شجرة الليمون هناك!
(يظل بروسبيرو وآرييل غير
مرئيَّين.)
(يدخل كاليبان وستيفانو وترينكولو وثيابهم
مبللة.)
كاليبان
:
أرجوكم! خفِّفوا وقْع أقدامكم حتى لا يسمعكم أحد!
لا ولا خُلد الأرض الأعمى! فقد اقتربنا الآن من
كهفه!
ستيفانو
:
اسمع يا وحش! تلك الجنِّية التي تتبعك، والتي قلتَ
إنها
مأمونة، خدعَتنا واتضح أنها كالأنذال!
ترينكولو
:
اسمع يا وحش! إني أشم رائحة بول الخيل! وأنفي يتأفف
ويستاء! ٢٠٠
ستيفانو
:
وكذلك أنفي! هل تسمعني يا وحش؟ إنني أحذرك من
غضبي!
فلو غضبتُ عليك …
ترينكولو
(يكمل العبارة)
:
ستصبح في عداد المفقودين!
كاليبان
:
يا سيدي الكريم! لا تحرمني رضاك أبدًا!
اصبر قليلًا! فالغنيمة التي آتيك بها
ستغم عيون سوء الحظ الذي صادفَنا! لا تجهر بالصوت
إذَن!
فكل شيءٍ ساكن كأننا في منتصف الليل!
ترينكولو
:
لا بأس لا بأس! ولكن ضياع زجاجات الخمر في البركة
…
ستيفانو
(يكمل العبارة)
:
لا يعني العار والشنار فحسب! بل فيه يا وحش
خسارة لا تُعوَّض! ٢١٠
ترينكولو
:
خسارة أفدح من إصابتي بالبلل! وكل ذلك بسبب
الجنية
التي قلتَ إنها مأمونة يا وحش!
ستيفانو
:
سأنقذ زجاجتي من البركة، حتى لو غُصتُ فيها إلى
أذني!
كاليبان
:
أرجوك يا مليكي! اسكت! هل ترى تلك الفتحة؟
إنها مدخل الكهف! لا تُحدِث جلبةً وادخل!
افعل الشر الذي يأتي بالخير! فربما ملكتَ هذه
الجزيرة
إلى الأبد! وأصبحتُ أنا — كاليبان —
ألعقُ قدمَيك إلى الأبد أيضًا!
ستيفانو
:
أعطني يدك! بدأَت تراودني أفكار سفك الدماء! ٢٢٠
تريكنولو
:
أيها الملك ستيفانو! أيها اللورد العظيم! يا ستيفانو
الجليل!
تأمَّل الملابس التي تنتظرك هنا!
كاليبان
:
اتركها أيها المغفل! إنها لا تساوي شيئًا!
ترينكولو
:
لا، لا أيها الوحش! نحن نعرف الملابس المستعملة!
(يلبس
العباءة البراقة) انظر أيها الملك ستيفانو! (ألا
تناسبني؟)
ستيفانو
:
اخلع تلك العباءة البراقة يا ترينكولو! بحق هذه اليد
سآخذها!
ترينكولو
:
خذها يا صاحب الفخامة!
كاليبان
:
فليغرق هذا الأحمق في مرض الاستسقاء! ما معنى ٢٣٠
غرامك بمثل هذه الملابس التي تعوق الحركة؟ اتركها
الآن
وعليك بقتله أولًا! إنه إذا استيقظ
فسوف يبعث من يقرصنا ويلدغنا حتى تمتلئ أجسامنا
بالبقع! سنصبح في حالةٍ عجيبة!
ستيفانو
:
اسكت أنت أيها الوحش! سيدتي شجرة الليمون! أليست
هذه
السترة سترتي؟ ها أنا ذا أنزلتُها فتجاوزَت حدود الشجرة!
ومَن
يتجاوز الحدود يحلق شعره! وإذَن يا أيتها السترة!
ستفقدين
وبَرك! ستصبحين سترة بلا وبر! صلعاء!
ترينكولو
(يضحك)
:
ها ها ها! لا بأس! فنحن لا نتجاوز الحدود في
السرقة إذا سمحَت لي فخامتكم! ٢٤٠
ستيفانو
:
أشكرك على هذه الفكاهة! خذ هذا الرداء مكافأة
عليها!
ما دمتُ ملكًا على هذا البلد، فلن يُحرَم أحد من
المكافأة على
فكاهته! «نحن لا نتجاوز الحدود في السرقة» فكاهة ممتازة!
هاكَ
رداءً آخر مكافأة عليها!
ترينكولو
:
هيا يا وحش! جهز يديك واسرق الباقي!
كاليبان
:
لا، لا، لا! هذا عبث! سوف نهدر الوقت
ويحولنا بسحْره إلى إوز أو قرود
بجباهٍ منخفضة بشعة!
ستيفانو
:
اسمع يا وحش! استعمل يدَيك! ساعدْني في نقل هذه إلى
٢٥٠
برميل الخمر! هيا وإلا أخرجتُك من مملكتي!
ترينكولو
:
ونقل هذه أيضًا!
ستيفانو
:
نعم! وهذه!
(تعلو أصوات رياضة صيد الثعلب: صهيل الخيل،
نفير قائد الركب، ونباح الكلاب. يدخل المسرح عفاريت في صورة
كلاب الصيد، ويهجمون على الثلاثة، ويطاردونهم، ويقوم بروسبيرو
وآرييل بحثِّ الكلاب على الهجوم.)
بروسبيرو
:
اهجم يا كلبي شمهورش! اهجم عليهم!
آرييل
:
اهجم يا عفريت! انبح وعض!
بروسبيرو
:
إنهم يجرون هناك! أدركوهم! اخرجوا خلفهم!
(يخرج من المسرح جريًا كاليبان
وستيفانو وترينكولو.)
اسمع يا آرييل! كلِّف الآن هؤلاء العفاريت
بأن يصيبوا الثلاثة بتشنجاتٍ أليمة تطحن المفاصل!
وبالتقلصات التي تصيب الشيوخ وتنكمش منها
العضلات!
ويملئُوا بشرتهم بالبقع الزرقاء من اللدْغ والعض
٢٦٠
حتى تصير مثل جلد النمر أو الفهد!
آرييل
:
هل تسمعهم؟ إنهم يصرخون ويبكون!
بروسبيرو
:
اقتفوا آثارهم بلا هوادة! لا تتركوهم!
جميع أعدائي أصبحوا الآن تحت رحمتي!
وبعد قليلٍ أنتهي من جميع أعمالي،
وتعود لك أنسام الحرية، أما الآن، فعليك
أن تتبعني قليلًا وتؤدي لي بعض المهام!
(يخرجان.)
نهاية الفصل الرابع