المفاجأة!
انتهى «المؤتمر العلمي لتكنولوجيا المعلومات» … المصاحب «للمعرض العالمي للكمبيوتر»، ولم يُفصح العالم الكبير «داني مون» عن مفاجآته التي نوَّه عنها في كثير من الصحف في الفترة الأخيرة.
ومن بين طرقات المعرض … تجمَّع عددٌ كبير من الصحفيِّين وأحاطوا به يسألونه عن سبب عدم تنفيذه لوعده.
غير أنهم لم يخرجوا منه بنتيجة ولا بردٍّ مقنع.
ولاحظ الشياطين الذين كانوا ضمنَ زوارِ المعرض …
أنه كان ممتقعَ الوجه خفيضَ الصوت … يكرِّر الكلمةَ أكثر من مرة.
وكأنه غيرُ متأكد من أنه قالها.
وفي اليوم التالي …
نشرَت الصحيفة الألمانية خبرًا …
عن دخول «داني مون» أحد مستشفيات المدينة الألمانية «شتوتجارت»، المنعقد به المعرض.
وطرحَت «إلهام» الجرائدَ بعصبية فوق مائدة الطعام.
فقد شعرَت بالإحباط … لأنها لم تخرج بالنتيجة التي كانت ترجوها من المؤتمر …
ولاحظ عليها «أحمد» ذلك … فآثر أن يُخرجَها مما هي فيه.
فقال لها: برفق يا «إلهام»!
فنظرَت له مستنكرةً دون أن تنطق.
فاستطرد قائلًا دون أن يلتفتَ لها: كدتِ أن تقلبي كوب الشاي.
فعلَّقت بصرَها عليه … والتزمَت الصمت.
وشعر بنظراتها له … فرفع عينَيه ينظر لها … محاولًا إثارةَ ابتسامتِها.
فلم تخرج عن تجهُّمِها …
فقال لها: لا أجدُ سببًا لكلِّ ذلك!
إلهام: كل ماذا؟
أحمد: كل هذه العصبية والتجهُّم.
وغاظها أنه يتصنَّع عدمَ المعرفة … فعادَت إلى صمتِها مرة أخرى. ولكن هذه المرة كانت تطرقُ بأصابعها على المائدة في عصبية … طرقاتٍ متتابعةً … أثارَته، فقال لها منفعلًا: أكلُّ ذلك لأجل «داني مون»؟! بداخلها شعرَت أنها انتصرَت عليه.
فها هو أخيرًا يتخلَّى عن هدوئِه، وبرودِه المصطنعِ.
فكفَّت عن الطَّرقِ على المائدة …
ونظرَت له مليًّا وهي تبتسمُ ابتسامةً هادئة …
فاستطردَ قائلًا في انفعال مصطنع: أم أن ذلك من أجل المفاجأة؟!
وشعرَت في كلامه أنه يسخرُ منها …
فقالت له: ألم نأتِ هنا من أجل المفاجأة؟!
أدخل ردُّها الراحةَ في قلبه … فها هو يجدُ منفذًا للحديث معها … وتغيير مشاعر الإحباط التي انتابَتها …
فقال لها: لم تَعُد المفاجأة وحدَها هي التي تشغلني.
إلهام: أعرف ماذا ستقول!
أحمد: أتعرفين أنَّ تراجُعَه عن الإفصاح عنها تركَ بداخلي مساحةَ غموضٍ كبيرة؟
إلهام: أنا أيضًا … ولكني كنت في شوقٍ لمعرفتها …
أحمد: لقد أصبحت مشغولًا عن المفاجأة … بما حدث لصاحبها.
إلهام: تقصد سرقتها منه؟
أحمد: نعم … وتهديده لكيلا يُفصحَ عنها … ومَن الذي يُهدِّده؟
إلهام: أشعر أنك تنوي التدخل.
أحمد: وأنت؟
إلهام: نعم أتدخَّلُ … ولكن بعد مناقشةِ الأمرِ مع رقم «صفر».
أحمد: ومَن قال لك إني أستطيع التحرك دون أمرٍ مباشر منه.
إلهام: ولا تنسَ أيضًا أن هذا الموضوعَ خارجُ إطارِ عملنا.
أحمد: بل إني أرى أنه في صميم عملنا.
وكأن هناك شيئًا ما يربط ما بين عقول وقلوب أفراد المنظمة.
فقبل أن يقومَ بالاتصال برقم «صفر».
انطلقَت الموسيقى من تليفونه المحمول.
وعندما لم يجد على شاشته رقمَ الطالب.
عرف أن الذي يطلبه هو رقم «صفر».
وقد صدَقَ حدْسُه عندما سمع صوتًا يقول: إيه «أحمد» …
أحمد: مساء الخير يا زعيم …
لقد كنت أنوي الاتصال بك …
رقم «صفر»: وأنا أيضًا …
هل انتهى المؤتمر؟
أحمد: نعم …
رقم «صفر»: وهل عرفت المفاجأة؟
أحمد: لقد كان ذلك هو سبب رغبتي في الاتصال بك.
رقم «صفر»: لا أفهم.
أحمد: لم يُعلن «داني مون» المفاجأة!
رقم «صفر»: أهناك سبب خطير؟
أحمد: لم يصرِّح بذلك، وكلُّنا نشعرُ به …
رقم «صفر»: ومتى ستعودون؟
أحمد: نحن لا ننوي العودة.
رقم «صفر»: هل ستنتظرون المفاجأة؟!
أحمد: بل سنبحث وراءها.
رقم «صفر»: أين؟
أحمد: هنا في «شتوتجارت».
رقم «صفر»: إن علاقاتي في ولاية بادن كلِّها … وأستطيع الحصولَ على ما أريده من معلومات.
أحمد: لم يستطع أحدٌ هنا الوصول لشيء.
رقم «صفر»: أنت لستَ في مهمة.
أحمد: أرجو أن نعتبرَها مهمة … وأن نُكلَّف بها الآن.
رقم «صفر»: سأنتظركم في المقرِّ السِّري ﺑ «الهرم» غدًا مساءً.
أحمد: ولكن …
رقم «صفر»: غدًا صباحًا تقوم طائرةُ «مصر للطيران» من مطار «فرانكفورت»، ستكونُ عليها. بلِّغ تحياتي ﻟ «إلهام».
