الخدعة!
ونال الإرهاق كثيرًا من «إلهام» … ولم تستطع أن تستمرَّ في الجري … وسقطَت مغشيًّا عليها … وحاول «أحمد» مساعدتَها على الوقوف … فلم تتمكن … فحملها وجرى بها … إلا أنَّ قوتَه خارَت … فاستسلم لقدرِه وتوقَّف عن الجري … واضعًا «إلهام» أمامه على الأرض.
واقترب الحائطُ منه … إلى أن اصطدم به ومرَّ … و«أحمد» ينظر له في ذهول فقد نجا من خطرٍ محققٍ … أو وهْمٍ محقق.
فقد كان هذا الحائطُ خدعةً ضوئية … ولم يكن حائطًا حقيقيًّا يتحرك.
وبعد عدةِ محاولاتٍ تمكَّن من إعادة «إلهام» إلى وَعْيها.
وما إن انتبهَت إلى ما حولها … حتى سألَته قائلة: الحائط يا «أحمد» أين هو؟
أحمد: ليس هناك حائطٌ … إنها خدعةٌ تكنولوجية.
إلهام: إذن فهذا النفقُ خدعةٌ …
أحمد: لا أفهم.
إلهام: لقد سِرْنا فيه كثيرًا ولم نَصِل.
أحمد: أنا أسمعُك.
إلهام: إن أرض هذه النفق تتحرك عكسَ حركتنا.
أحمد: تقصدين أننا لم ننتقل من مكاننا؟!
إلهام: منذ دخلنا.
أحمد: يا لَهم من شياطين.
ورغم الإرهاق ابتسمَت «إلهام» … فقد نجَت من أخطار وهمية … وتعرَّضَت لأغربِ حالةِ نصبٍ.
وعندما قالت ذلك ﻟ «أحمد» سألها قائلًا: وماذا أخذوا منك في عملية النصب هذه؟
إلهام: أخذوا وقتي وجهدي وأعصابي وأمانة النفس.
أحمد: إنها أخطرُ عملية نصب.
إلهام: كيف سنعود إلى سلالم السرداب مرة أخرى؟
أحمد: لا أعرف … فأرضُ النفقِ تتحرك عكسَ حركتنا فتُبقينا في مكاننا …
إلهام: لقد واتَتْني فكرةٌ …
أحمد: ما هي؟
الهام: نسير عكسَ بعضنا.
أحمد: واه … يا لَها من فكرة عبقرية … إنكِ عبقريةٌ يا «إلهام».
فأطرقَت في خجل وقالت: أَخْجلتُم تواضُعَنا.
أحمد: أي أننا سنخرج من النفق.
إلهام: نعم … هيَّا بنا.
وسارَت «إلهام» في اتجاه العودة … وسار «أحمد» عكسها …
وارتفع في المكان صوتُ غمغماتٍ … ونغماتٍ مختلفة …
ثم زمجرة عالية … وعلا صفيرُ ريح شديدة … ثم انفتح في آخر النفق بابٌ بدَت من خلفه قاعةٌ شديدةُ الاتساع … خاليةٌ من الأثاث … ومن كلِّ شيءٍ إلا من ضوء شديد يغمرها … وكأنَّ نجمًا يسكنها.
وقبل أن يدخلا القاعة … مدَّ يده ﻟ «إلهام» … التي لم تصدِّق نفسها وهي تسير؛ فقد وصلَت إلى «أحمد» ووصلَا سويًّا إلى نهاية النفق أخيرًا.
وقبل أن يدخلا القاعة قال لها: الآن سنعبر القرن الواحد والعشرين.
فنظرَت له «إلهام» مندهشةً … فقال لها: هذه هي المفاجأة …
إلهام: وكيف عرفت؟
أحمد: من أسلوب حماية المقر …
إلهام: تقصد النفق الحائط؟
أحمد: نعم …
وما إن دخلَا القاعة حتى اختفى الباب … وتحوَّل إلى مساحة من الحائط وسرَت في ذراعَيهما فجأةً … رجفةٌ شديدة … ولم تتوقف إلا بعدما خلعَا ساعتَيهما.
ولم يَعُد أمام «أحمد» طريقةٌ للاتصال ﺑ «عثمان» غير الصفير.
إلا أنه توقَّف عن هذه المحاولة … فقد شاهد في آخر القاعة «عثمان» يتأبط ذراعَ رجل آلي بديع المنظر … ويقول لهما: أهلًا بكما … هذه هي المفاجأة.
أحمد: كيف حصلت عليه؟
عثمان: لقد تحادثت مع الكمبيوتر!
أحمد: وما المفاجأة فيه؟
عثمان: إنه على اتصال بكثير من الأقمار الصناعية … ويحصل على معلوماته من أيِّ مكان في العالم في ثوانٍ معدودةٍ.
إلهام: وكيف يمكن التعاملُ معه؟
عثمان: كما تتعاملين مع أيِّ إنسانٍ راقٍ …
أحمد: وكيف تُديره؟
عثمان: هو يُدير نفسَه مثلي ومثلك …
ويُنشئ شبكةَ علاقاتٍ خاصَّة به … بنفسه.
إلهام: وكيف تم إخفاؤه من اللصوص؟
عثمان: لم يُخفِه أحدٌ.
أحمد: وهل حاول أحدٌ سرقتَه؟
عثمان: نعم …
أحمد: ومَن الذي دافع عنه؟
عثمان: هو الذي دافع عن نفسه.
أحمد: وكيف عرفت كل ذلك؟
عثمان: هو حكى لي.
وفي صوت واحد … صاح كلاهما قائلَين: إنها حقًّا مفاجأة رائعة!