البحث عن «داني مون»!
تناقل الأثيرُ في سماء القاهرة خبرَ عودةِ «أحمد» و«إلهام» من ألمانيا …
كذلك رغبةُ رقم «صفر» في عقدِ اجتماعٍ في مساءِ نفسِ اليومِ للأهمية.
وتوافدَت على مقرِّ «الهرم» سياراتُ بعضِ الشياطين، الذين كانوا في مهامَّ بالقاهرة وخارجها ومن أبواب جراج المقرِّ السِّري الكبير بالصحراء الغربية.
انطلقَت سياراتُ البعضِ الآخرِ منهم، تلتهم الطريقَ … لتلحقَ بميعاد الاجتماع.
وفي قاعة الاجتماعات بمقرِّ «الهرم» كانت الاستعدادات على أشدِّها.
فصدر أمرٌ مفاجئٌ بعقدِ اجتماع عاجل … يعني أن الأمرَ خطيرٌ.
وقبل ميعاد الاجتماع بأكثر من ساعة، التقَت سيارات العائدين من «ألمانيا» مع العائدين من الصحراء الغربية.
وتسابق الجميعُ في شارع «الهرم» … الذي كان ولحسنِ حظِّهم هادئًا.
إلى أن بلغوا ميدان الرماية …
فسمعوا جميعًا من تابلوه سياراتهم … ترحيبَ المقرِّ … إلى الممرِّ المرصوفِ بين الخضرة الكثيفة.
انتقلوا تباعًا حتى وصلوا إلى بوابة الجراج التي انفتحَت قبل أن يبلغوها.
وما إن استقرَّت فيه سياراتهم حتى غادروا الجراج، وهم يتبادلون التحية … ويستعرضون في عجالة … ما مرَّ بهم من أحداث.
وفي طرقاتِ الدورِ العلويِّ تفرَّقوا إلى أن يجمعَهم موعدُ اجتماعِ المساء، وقبل الثامنة بدقائق انطلقَت الإشاراتُ الصوتية المتقطعة في غُرَف الشياطين … وفي قاعة الكمبيوتر تُنبِّههم إلى قربِ موعدِ الاجتماع … وضرورة وجودهم في قاعة الاجتماعات.
وقبل أن تنطفئَ أنوارُها … كانت القاعةُ قد احتوَت كلَّ جماعةِ الشياطين … يتحادثون فيما بينهم هامسين.
وما إن ألقى عليهم رقم «صفر» تحيتَه، حتى هدأَت القاعةُ تمامًا … في انتظار معرفةِ سببِ استدعائهم …
وسبب عقدِ هذا الاجتماعِ بهذه السرعة.
وطال انتظارُهم دون أن يتحدث.
فاندفع «أحمد» يسأله قائلًا: لماذا عُدْنا من «ألمانيا»؟
رقم «صفر»: لأنه لم تكن لدينا مهمةٌ هناك.
أحمد: والكشف عن غموض مفاجأة «داني مون»؟
رقم «صفر»: حتى الآن هذا الموضوع لا يهمُّنا.
إلهام: لقد تعرَّض الرجلُ لضغوطٍ قد تصل إلى تهديد حياته!
رقم «صفر»: وكيف عرفت؟
إلهام: لم يكن يستطيعُ الكلامَ في المؤتمر إلا بصعوبة.
أحمد: ولم يستطع أن يُجيبَ على أسئلة الصحفيين.
إلهام: وفي اليوم التالي للمؤتمر عرفنا أنه في المستشفى.
رقم «صفر»: وربطتم طبعًا بين هذا … وبين عدمِ إفصاحه عن المفاجأة التي سافرتم لأجلها؟
إلهام: ألَا ترَى سيادتكم أن شيئًا خطيرًا يحدثُ؟
رقم «صفر»: من الجائز أن يكون كلامُك هذا صحيحًا … ولكنها ليسَت قضيَّتَنا …
أحمد: كيف؟
رقم «صفر»: لا الرجلُ رجلنا … ولا ما حدث يُهدِّدنا … أو يُهدِّد أيَّ دولةٍ عربية …
إلهام: هذا بالنسبة لما حدث ﻟ «داني مون».
أحمد: أما بالنسبة للمفاجأة … فقد تعنينا.
رقم «صفر»: تقصد أن يكون البرنامجُ الجديد الذي كان سيُفصح عنه … خطيرًا إلى درجة تضرُّنا؟
أحمد: نعم …
إلهام: و«داني مون» ليس مؤلفَ برامج فقط، بل له أبحاثٌ في مجال «البيو إلكترونكس»!
أحمد: إنه علمٌ جديدٌ يجمع بين علمِ الكائناتِ الحية والإلكترونيات.
رقم «صفر»: وما رأيُ بقيةِ الزملاء؟
عثمان: أرى أن يسافرَا في مهمة استطلاعية.
ريما: على أن يعودَا إلينا إذا ما تطورَ الأمرُ لأكثرَ من ذلك لنرى ما يمكن عمله.
رقم «صفر»: هل لأحد رأيٌ آخر؟
ساد الصمتُ دقائق … مما يعني أنهم موافقون على رأيِ «عثمان» و«ريما» …
دقائق وقال رقم «صفر»: وأنا أيضًا أوافق على هذا الرأي … استعدَّا للسفر …
وما إن شعر الشياطين بأن رقم «صفر» قد غادر القاعة حتى التفُّوا حول «أحمد» و«إلهام» يُبدون وجهةَ نظرهم فيما حدث وما يجب أن يحدث.
واتفق جميعُهم على إعدادِ ملفٍّ شاملٍ عن «داني مون» مستعينين بالإنترنت؛ فالرجلُ باحثٌ ومبتكرٌ في مجال الكمبيوتر وصناعة المعلومات، وستكون له صفةٌ على الإنترنت. وفي قاعة مركز المعلومات، اتخذ كلٌّ منهم مكانًا خلف جهازِ كمبيوتر …
وانشغلوا عن بعضهم البعض بالبحث عن «داني».
وساد القاعةَ صمتٌ شديد …
لم يقطعه إلا تكَّاتٌ تصدر من لوحة مفاتيح هنا … وأخرى هناك.
وبعد فترة من الانهماك في العمل، عاد «أحمد» إلى موقعه … واتخذ له كرسيًّا في صدر القاعة وجلس يراقب بقية الشياطين.
وشعرَت به «إلهام» فاستدارَت تسأله قائلة: هل وصلت إلى شيء؟
أحمد: لا. لم أَصِل … وأنت؟
إلهام: لقد أعيتني الحِيَلُ.
وسمع «عثمان» ما دار بينهما.
فالتفتَ إليهما وهو يقول: هذا الرجل غير مسجل على الإنترنت.
أحمد: ألَا تعرف اسمَ أحدِ مؤلفاته؟
عثمان: لقد بحثت في مجال نظم المعلومات فلم أجد له كتابًا واحدًا من تأليفه …
إلهام: كيف وهو يحاضر في مؤتمرات مهمة مثل المؤتمر الذي حضرناه؟!
أحمد: قد يكون أحدُ الزملاء في طريقه للوصول إليه.
أثارَت «عثمان» جملةُ «أحمد»، فصاح قائلًا: هل توصَّل أحدُكم إلى شيء؟
وتمنَّى لو أنه لم يفعل ذلك، عندما سَمِعهم جميعًا يقولون له: هس.
وبدَا عليه الارتباكُ … وجلس مأخوذًا ينظرُ لهم وهو غير مصدق.
وأثار منظرُه المرحَ في نفس «إلهام»، فقالت له هامسة: لا عليك لم يَصِل أحدٌ إلى شيء بعدُ.
وسمعَتها «ريما»، فقالت لها: لا بل وصلت. وتوقَّف الجميعُ عن الحركة والتفتوا لها وهم يقولون: وصلت لماذا؟