القبض على النايل سات
حالةُ قلقٍ غير عادية … انتابَت كلَّ أعضاء المنظمة في المقر السري الصغير والكبير … أجهزة الكمبيوتر كلها مشغولة …
شبكة الإنترنت تعمل بكامل طاقتها …
اجتماعاتٌ لا تتوقف بين قيادات الأفرع المختلفة للمنظمة وعملائها … وخبرائها من كلِّ اتجاه.
أما الشياطين … فقد كانوا على أُهبة الاستعداد لتلقِّي الأوامر من الزعيم رقم «صفر» للتحرُّك أينما يكون الاتجاه، ومهما تكن المخاطرة … وقد انتقلَت إليهم نفسُ مشاعر القلق … فتعجَّلوا معرفةَ ما يدور … ونوع المهمة التي سيُكلَّفون بها، وطلبوا من «أحمد» الاتصالَ برقم «صفر» لوضعِ حدٍّ لهذا القلق …
وبالاتصال به عرَف أن الأمرَ جدُّ خطير، ويتعلق بمشروع مصري عربي عملاق!
وعندما أراد معرفةَ التفاصيل … وعده أن يجتمع بهم قريبًا، فهناك مهمة تنتظرهم.
وبالطبع لم تُرضِ هذه النتيجةُ شغفَ ولا فضولَ الشياطين، مما دفعهم دفعًا للدخول في حوار، بغرض الوصول إلى ما لا يعرفونه … فإن لم يصلوا … فيكفيهم أنهم خففوا من حدة القلق المحيط بهم.
وقد كان «عثمان» أكثرَهم إثارة، وأسبقهم في التحدُّث؛ حيث طرح سؤاله قائلًا: مشروع مصري عربي … أليس هذا ما قاله رقم «صفر»؟
أحمد: نعم.
عثمان: لماذا لم يَقُل مشروع عربي فقط؟
ريما: قد يكون المشروعُ مشتركًا بين العرب و«مصر»!
عثمان: معنى أن تكون «مصر» وحدها الشريك الأول، والعرب جميعًا الشريك الثاني … أو العكس … أليس كذلك؟
إلهام: لم نسمع عن مشروع بين «مصر» والعرب جميعًا غير الوحدة العربية.
عثمان: ولكن الوحدة العربية … ليست بين «مصر» كطرف أول … والعرب كطرفٍ ثانٍ؟
قيس: طبعًا … فكل العرب شركاء متساوون في الوحدة بما لهم وما عليهم.
أحمد: والوحدة العربية ليست مشروعًا … بل قضية!
إلهام: نعم، وهي مسئولية حكومات وليست منظمات …
بو عمير: قد يكون مشروع السوق العربية المشتركة!
عثمان: وأين هي السوق العربية … إنها ما زالت محاولات.
وفي هذه اللحظات قفزَت «ريما» من على مقعدها واقفةً وهي تقول: لماذا غاب عن أذهاننا؟
نظر الجميعُ لها مندهشين … واندفع «عثمان» يسألها قائلًا: وما هو؟
ريما: القمر الصناعي المصري؟!
أحمد: العربي!
لفَّت الشياطين فترةُ صمتٍ قصيرة … شعروا أنها دهرٌ، والتفتوا ينظرون لبعضهم، ما بين غير مصدق … وغير راغب في أن يُصدِّق … ﻓ «النايل سات» ليس مشروعًا مصريًّا فقط … بل إنه حلمٌ عربي.
ولكن ما الأمر الخطير الذي يتعلق ﺑ «النايل سات» بعد أن أصبحَ مُعلَّقًا في مداره؟ أم أن الخطورة تكمن في المحطات الأرضية والقدرة على التحكم في أجهزته وفي حركته وثباته في مداره؟!
عند هذه النقطة … تساءل «أحمد» قائلًا: معنى هذا أن هناك مخططًا لتخريب هذه المحطات؟!
مصباح: تقصد عملًا إرهابيًّا؟
أحمد: لا يهمُّني اسمه … المهم أنه عملٌ من الممكن السيطرة عليه، ومنعه قبل أن يقع …
إلهام: لا أعتقد أن الأمر سينتهي عند هذا الحد.
عثمان: ماذا تقصدين؟
إلهام: إذا كان الأمر يتعلق بحلم دولة، وهذه الدولة لديها أحدثُ المخترعات الحربية … فلن يتوقف الأمرُ بالنسبة لها عند تخريبِ محطاتِ تحكُّمٍ أرضية لها بدائل كثيرة … ومن الممكن إعادة إنشائها؟
أحمد: لست معك فيما تقولين … فلو تمكنوا من رصد المحطات الرئيسية والاحتياطية وتدميرها، فسيختلُّ العمل تمامًا في المؤسسة التي تُدير هذا المشروع.
إلهام: ولكني أشعر أن المسألة أكبر من ذلك بكثير.
عثمان: الأخطر هو عدمُ إجابة استدعاء القيادة.
كان شعار قيادة المنظمة … يُومض وميضًا متقطعًا على شاشة الكمبيوتر الخاص بهم … وكانت «زبيدة» هي أقرب الشياطين له … فضغطَت زرًّا بلوحة المفاتيح … فانفتحَت الصورة على الشاشة، وظهر قمرٌ صناعي له جناحان طويلان يسبح في الفضاء. وما إن رآه الشياطين حتى صاحوا قائلين: «النايل سات»!
وكان رقم «صفر» على الطرف الآخر للشبكة يسمع ما يجري.
فردَّ عليهم قائلًا: ليس «النايل سات» … بل إنه «عرب سات»!
هل تعرفون كيف تم إطلاقه؟
أحمد: بواسطة الصاروخ الأوروبي «إريان»؟
رقم «صفر»: عرب سات (١) هو الذي أُطلق بواسطة «إريان» في يوم ٨ فبراير عام ١٩٨٥م أيضًا.
رقم «صفر»: نعم في شهر سبتمبر … ولكن بواسطة مكوك الفضاء الأمريكي.
أحمد: «ديسكفري» أم «تشالنجر»؟
رقم «صفر»: وهل لا تعرفون غيرهم؟ هناك أكثر من مكوك غيرهم … أرجو منكم إعدادَ تقرير عنهم قبل ميعاد الاجتماع القادم.
ريما: ومتى الاجتماع؟
رقم «صفر»: غدًا مساء!
ولكم تحياتي …
تغيَّرَت الصورة على الشاشة، وظهر مكوكٌ يسبح في الفضاء، وتبرز منه ذراعٌ آلية مفصلية ذات ثلاث وصلات يمكن أن تنثنيَ.
وتنتهي الذراعُ بمخلب يمكن التحكم فيه … ليُمسكَ بالأشياء.
فصاحَت «إلهام» تسأل «أحمد» قائلة: هل تستطيع أجهزتُنا الدخولَ على الشبكة الآن؟
أحمد: أتريدين الحصولَ على معلومات عن هذا المكوك؟
إلهام: بل هذه الذراع.
أحمد: سأستدعي لكِ بعضَ المعلومات عنها.
وبضغطةٍ على بعض الأزرار في لوحة التحكم الخاصة بالكمبيوتر … انتقل من ملف إلى آخر … حتى وصل إلى ملف أبحاث الفضاء ومنه إلى القسم الخاص بمكوك الفضاء … ثم سأل «إلهام» إن كانت تريد تقريرًا مفصلًا عن المكوك … فأجابَته بأن ما تريده من معلومات الآن عن الذراع الآلية الملحقة به.