الزائر الغريب!
رقم «صفر»: أتعرف معنى «تشالنجر»؟!
أحمد: نعم … التحدي …
رقم «صفر»: نعم إنه التحدي يا «أحمد».
ألقاكم غدًا …
اختفَت الخطوطُ البيانية من على شاشات الكمبيوتر وحلَّ بدلًا منها شعارُ المنظمة، والتفتَ الشياطين إلى «أحمد» وهم يضحكون لِمَا بدَا عليه من أعراض الذهول وعدم التصديق، فدفعَته «ريما» في كتفه وهي تُناديه قائلة: «أحمد» … «أحمد» … إيه؟
أحمد: أنا … أنا رائد فضاء؟
عثمان: لا لستَ رائدًا … بل «أحمد» …
أحمد: سأطلب منهم أن يُرشحوك أنت!
عثمان: في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
أحمد: لا … بل رائد فضاء.
عثمان: وأين الفضاء يا صديقي … إن وقتي مشغول جدًّا …
ورغم مشاعر الدهشة التي حلَّقت بالشياطين بعيدًا … إلا أن «عثمان» جعلهم يبتسمون.
فقال له «أحمد»: أخائفٌ أنت من المواجهة في الفضاء؟
إلهام: أيُّ مواجهة … ومع مَن؟
قيس: حقًّا … وكيف ستكون … وبأي سلاح؟
أحمد: الأسئلة كثيرة … كثيرة جدًّا … من أول ما الاختبارات التي سأمرُّ بها، إلى ما الذي سيفعلونه ﺑ «النايل سات» … وكيف سأتصدَّى لهم؟
وكأنما قد أرادَت ساعةُ يده أن تُخرجَه من دهشته … فوخزَته في رسغه … لتُعلنَه أن له رسالة، عليه تلقِّيها.
فضغط زرًّا بها … وانتظر قليلًا ثم ضغط زرًّا آخر … وامتلأَت الشاشة بالعلامات والإشارات.
فقام بلمس شاشتها، فتحولت العلامات والإشارات إلى أحرف وكلمات وجُمَل، ثم عن طريق الكمبيوتر قام بطبع الرسالة، وقرأ محتواها … فماذا كان بها؟!
كانت الرسالة تقول: السيد رقم (١) برجاء التوجه إلى مطار «ألماظة» للأهمية، وسيكون في انتظارك بعضُ أعضاء المنظمة هناك غدًا في تمام الساعة ١٦٠٠، نرجو أن تحصلَ على قدرٍ كافٍ من النوم والاسترخاء.
نتمنَّى لك التوفيق.
مع تحيات قيادة المنظمة.
عرف «أحمد» أن التدريب بدأ … وشعر بأنه أُخِذ على غِرَّة.
فرغم أن عملَهم يعرِّضُهم للمأموريات المفاجئة … والمهام المباغتة، إلا أنه يرى أن السفر إلى الفضاء ليست مأموريةً ولا هي مهمة عادية … ولم يتضمن تدريبه يومًا ما يتعلق بالسفر إلى الفضاء.
ودون أن يشعر … غادر غرفةَ المعلومات دون أن يُحيِّيَ الشياطين … وتوجَّه إلى غرفة نومه … وارتمى على سريره دون أن يُبدل ملابسه وراح في سُباتٍ عميقٍ.
وفي صبيحة اليوم التالي … وقبل ميعاده مع المطار بساعة وخزَته ساعةُ يده في رسغه وخزاتٍ بدأَت خفيفة على فترات متباعدة، ثم زادَت شدتُها وسرعتها، مما جعله ينتفض جالسًا ويدُه على زرِّ الاستجابة يُوقف به سيل الوخزات.
ومن غرفة نومه … إلى دورة المياه إلى غرفة نومه؛ حيث أبدل ملابسه، وتوجَّه على الفور إلى جراج المقر … حيث كانت سيارتُه معدةً للانطلاق.
وما إن ركبها … حتى انفتح بابُ الجراج ليظهرَ الممر الموصل إلى بوابة المقر العملاقة … والتي انفتحَت أيضًا قبل أن يبلغَها بعشرة أمتار … حيث غادرها، وانطلق يدور حول الفيلَّا في اتجاه ميدان الرماية … الذي ما إن بلغه … حتى سَمِع صوتًا من تابلوه السيارة يطلب منه التوجه إلى مطار غرب القاهرة العسكري فهو الأقرب له.
ولم يندهش لِمَا حدث … فهو قد تعَوَّد على التمويه وعلى احتياطات الأمن خاصةً في حالة التعامل مع مواقع حساسة كالمطارات الحربية.
وبدلًا من أن يدور حول الميدان في اتجاه شارع «الهرم» … دار نصفَ دورة في اتجاه الشارع الموصل إلى المطار … وقبل أن ينحرف فيه …
اعترضَته سيارةُ شرطة عسكرية … ونزل منها ضابطٌ برتبةِ مُقدِّم، وطلب منه الركوب معهم … فامتثل للأوامر مبتسمًا.
ولم تمضِ أكثر من ثلاثين دقيقة … عندما وصل إلى المطار، حيث استقبل بحفاوة، وتوجَّه على الفور مع بعضِ الضباط إلى قائد المطار.
وفي مساء ذلك اليوم … وكانت إدارةُ المقر قد أعدَّت أجهزةَ الاستقبال فيها لاستقبال إرسال «النايل سات» …
تجوَّل الشياطين بين قنواته المتعددة، والتي ما زالت في طور التجريب … ووجد أن الإرسال أكثر وضوحًا صوتًا وصورة، وودُّوا لو كان معهم «أحمد» ليعرفَ عمَّا يُدافعون … فقال «عثمان»: أنا أعرف أنه في المقر …
ريما: قد يكون التدريبُ شاقًّا مما دفعه للنوم مبكرًا.
وهنا دخل عليهم حاملًا كرةً معدنية مرسومًا عليها قارات العالم وبحاره ومحيطاته، فسأله «عثمان» مازحًا: ما هذا … بطيخة؟
فبادله المزاح قائلًا: لا يا «عثمان» إنها رأسك!
عثمان: ياه … كبيرة قوي!
إلهام: أهذا ما أعطوه لك في التدريب؟
ريما: واضح أن تدريبك مع فريق الأشبال!
أحمد: كفانا مزاحًا رغم أنني مستمتع به …
قيس: هل أعطوك هذه الكرة حقًّا؟
أحمد: لقد وجدتها في السيارة.
بو عمير: وكيف كان التدريب؟
أحمد: اليوم كانت محاضرة نظرية … ولكن هناك معلومات كثيرة عرفتها عن برامج أبحاث الفضاء … أتعرفون كم طول الذراع الآلية الخاصة بالمكوك؟
عثمان: عشرة أمتار؟
أحمد: لا بل خمسة عشر مترًا!
كان «بو عمير» يقلب الكرة الأرضية بين يدَيه … ويقرأ عليها بياناتٍ عن البحار والمحيطات ومواقع محطات إطلاق الأقمار الأوروبية والأمريكية والهندية … ثم رفعها على كفِّه اليمنى وهو يقول: أنا أشكُّ في هذه الكرة.
عثمان: حتى الكرة ستشك فيها.
زبيدة: فيمَ تُفكِّر يا «بو عمير»؟
بو عمير: إن جدار الكرة ليس متجانسًا.
أحمد: ماذا تقصد؟
بو عمير: به جزءٌ واحدٌ … أقل سمكًا من بقية جسمها.
خالد: وكيف عرفت؟
بو عمير: طرقتُ عليها بالصدفة … خُذْها وجرِّب يا «أحمد»!
فأخذها منه وهو يتأملها بعمقٍ، ثم قال: تقصد أنها قنبلة ذات تحكم عن بُعد؟
بو عمير: أو جهاز تنصُّت.
إلهام: إذن من الخطورة محاولة العبث بها، أو البحث فيها عن شيء … وعلينا أن نستعين بخبراء المفرقعات.
أحمد: خذوها وافعلوا بها ما شئتم … وسأتصل أنا بمركز أبحاث المقر.
وبالاتصال بمركز الأبحاث، طلبوا منه عدمَ الاقتراب منها … وسيُرسلون له خبراء مزودين بأجهزةِ كشفٍ إشعاعي ومغناطيسي … ليعرفوا ما بها دون فتحها؛ فقد تنفجر وتُدمر المقرَّ بمَن فيه.