الأشقاء الكيميائيون: أهمية النظائر
في البداية كانا يخشيان ما هو أسوأ. جسدٌ مطمور في الجليد؛ ماذا يمكن أن يدل هذا إلا على وقوع حادثِ تسلُّقٍ شنيع؟ أو بالنظر إلى الجرح الظاهر على الجزء الخلفي من رأس الجثة، ربما يكون قد حدث شيء أكثر فظاعةً من هذا. في كلتا الحالتين، انزعج هيلموت وإريكا سيمون — اللذان كانا يتنزَّهان سيرًا على الأقدام في جبال الألب على طول الحدود بين النمسا وإيطاليا في ١٩ سبتمبر ١٩٩١م — انزعاجًا شديدًا من اكتشافهما.
وعندما أُبلغت الشرطة النمساوية بشأن الجثة في شِعب هاوسلابيوخ في وادي أوتز، افترضت أن هذه الجثة كانت إضافة أخرى إلى قائمة الموسم المتزايدة لحوادث الأخدود. ولكن الجثة كانت أكثر غرابةً؛ فقد كانت بشرتها الجلدية سليمة تقريبًا، ولم تكن هناك أي رائحة للتحلُّل. وكانت توجد في مكان قريب أداة غريبة؛ نوع من الفئوس البدائية بشفرة من معدن ضارب للحمرة.
ربما كانت هذه الجثة جثة أستاذ الموسيقى الإيطالي المفقودة منذ فترة طويلة، الذي يشاع أنه فُقد في المنطقة عام ١٩٣٨م؟ ولكن لا؛ فقبر البروفيسور تَحدَّد موقعه سريعًا في بلدة مجاورة. واتضح تدريجيًّا لعلماء الطب الشرعي الذين يحقِّقون في القضية في إنسبروك أن هذا اللغز لا يخصُّهم، وإنما يخص علماء الآثار. فقد حُفظ الجسد في الجليد ليس لعقود ولكن لآلاف السنين؛ فهذا الرجل — الذي أَطلق عليه المحقِّقون اسم «أوتزي» — مات منذ آلاف السنين.
افترضوا في البداية أنه لا بد أن يكون قد عاش في العصر البرونزي في نحو عام ٢٠٠٠ قبل الميلاد؛ حيث بدت شفرة الفأس كالبرونز. ولكن العمر الحقيقي لجسد أوتزي لم يُقَسْ بهذه الافتراضات، ولكن قيس بمقياس علمي. أظهرَ أسلوب التأريخ بالكربون المشع أنه تُوفي قبل ذلك بكثير، نحو عام ٣٣٠٠ قبل الميلاد. واتضح أن شفرة الفأس مصنوعة من النحاس، الذي يسبق صهره اكتشاف البرونز. النحاس طيِّع، وكان يُعتقد أنه لم يُستخدم كثيرًا في صنع الأدوات. وتحدَّت أداة أوتزي هذا الافتراض.
حدث تحوُّل في علم الآثار بظهور أسلوب التأريخ بالكربون المشع في أواخر أربعينيات القرن العشرين؛ فقد مكَّن هذا الأسلوب من تأريخ أي شيء مصنوع من مواد عضوية — جثث محنَّطة أو مصنوعات خشبية أو رواسب في أعماق البحار — بدقة كبيرة عمومًا، شريطة أن يتراوح عمرها بين نحو ٥٠٠ و٣٠٠٠٠ سنة. وعلى نحوٍ ملائم، هذه بالضبط هي الفترة التي يدرسها معظم علماء الآثار؛ الفترة التي تسبق السجلَّات التاريخية الموثوقة، لكنها تعقب بدء البشر في تكوين مجتمعات.
يعتمد التأريخ بالكربون المشع على حقيقة أن الكربون موجود في الطبيعة في عدة أشكال من النظائر. جميع هذه النظائر تكاد تكون متطابقة من الناحية الكيميائية، ولكن يمكن التمييز بينها بطرق تحليل خاصة. أحد النظائر — الكربون ١٤ — يوفِّر نوعًا من الساعة العنصرية التي تكشف عمر المواد الغنية بالكربون من الكائنات الحية. هذه التقنية هي واحدة من أثمن الاستخدامات العديدة التي اكتشفها الكيميائيون والجيولوجيون وعلماء الأحياء الطبية وغيرهم من العلماء «للنظائر»؛ أي الأشكال الشقيقة التي يُظهرها كل عنصر.
جمع العناصر
حلَّتِ النظائرُ اللغزَ الذي حيَّر الكيميائيين منذ اقترح دالتون النظرية الذرية. قال دالتون إن الخاصية الأساسية للذرَّة لا تتمثَّل في حجمها أو شكلها ولكن في وزنها؛ فيتميز كل عنصر بوزنٍ ذري يتحدَّد نسبة إلى وزن الهيدروجين الذري. وحقيقة أن هذه الأوزان الذرية النسبية كانت عادةً أعدادًا صحيحة، بدرجة أو بأخرى (وزن الكربون ١٢٫٠١١، والأكسجين ١٥٫٩٩٩)، دفعت براوت إلى افتراض أن جميع العناصر ربما تكون مصنوعة من الهيدروجين. ووفَّرت الأوزان المتزايدة على نحوٍ مطَّرد لمندليف وماير وغيرهما مؤشِّرًا يمكن من خلاله ترتيب العناصر وكشف سلوكها الدوري.
ولكن لا تتفق كل العناصر بدقة مع هذه الصورة؛ فالكلور على سبيل المثال يمتلك وزنًا ذريًّا نسبيًّا يبلغ ٣٥٫٤٥، وهو رقم أقرب إلى ٣٥ منه إلى ٣٦. أجبر هذا دوما على استنتاج أن لَبِنة البناء الأساسية للذرَّة ربما تكون أصغر من ذرَّة الهيدروجين. ولكن، مع وجود أوزان ذرية على غرار ٢٤٫٣ و٢٨٫٤ (كما كان مشارًا فيما يتعلَّق بالمغنيسيوم والسيليكون في جدول مندليف المعدَّل عام ١٩٠٢م)، فما مدى صغرها؟ علاوةً على ذلك، اضطر مندليف لوضع التيلوريوم واليود خارج تسلسل الأوزان الذرية التصاعدي من أجل الحفاظ على السمة الدورية لجدوله الأصلي. وبدا أن الكوبالت والنيكل يمتلكان الوزن الذري نفسه!
خلال عقدين بعد اختراع مقياس الطَّيف الكتلي، نجح أستون في التعرُّف على ٢١٢ من ٢٨١ نظيرًا لجميع العناصر الموجودة بشكل طبيعي، وأدرك أن الأوزان الذرية المقيسة من عينات كبيرة من العنصر تمثِّل متوسِّطات لمختلف أشكال النظائر، التي تعتمد على مقاديرها النسبية. وهكذا يمتلك النيون وزنًا ذريًّا يبلغ ٢٠٫٢؛ لأنه يتكوَّن من تسعة أجزاء من النظير نيون ٢٠ مختلطة مع جزء واحد من النيون ٢٢. ومُنح أستون جائزة نوبل في الكيمياء عام ١٩٢٢م على هذه الاكتشافات.
يعتمد السلوك الكيميائي للعنصر على إلكتروناته؛ من حيث عددها، وكيفية ترتيبها في بنية مدارات ذرَّاته. إن ترتيب الإلكترونات يكون واحدًا بالنسبة إلى جميع نظائر العنصر؛ فإضافة نيوترونات إضافية للنواة ليس له أي تأثير جوهري على الإلكترونات؛ ومن ثم فإن كل نظير من النظائر يُظهر السلوك الكيميائي نفسه.
هل ذلك صحيح؟ توجد بالفعل اختلافات بسيطة ولكنها حاسمة في بعض الأحيان في سلوك النظائر. يمكن تشبيه الرابطة الكيميائية بين الذرَّات بزنبرك يربط بين وزنَيْن. وتعتمد اهتزازات الزنبرك على كتلتَي الوزنين؛ فالأوزان الكبيرة تمتلك طاقةَ وضعٍ أكبر، وتهتز ببطءٍ أكثر؛ ومن ثم فإن اهتزازات رابطة ذرَّات النظائر المختلفة لها تردُّدات تكون مختلفة بدرجة طفيفة. ولأن هذه الاهتزازات يمكن أن تحدِّد مدى سهولةِ صنْع أو كسر الرابطة، توجد اختلافات طفيفة في التفاعل الكيميائي لأشكال النظائر المختلفة للعنصر. وعمومًا هذه الفروق تكون صغيرة جدًّا بحيث لا يكون لها أهمية تُذكر؛ ولكن لا يكون الحال هكذا دائمًا.
عمر الكربون
«يمكن» أن تختلف النظائر كثيرًا في جانب واحد؛ وهو استقرار نواتها. فعلى سبيل المثال، نواة ذرَّة الكربون قد تستوعب ستة أو سبعة نيوترونات إلى جانب الستة بروتونات الموجودة بها؛ ولكن العدد الأقل أو الأكثر من النيوترونات يجعل النواة غير مستقرة وعرضةً للتحلُّل الإشعاعي. والتفاعلات النووية مثل تلك التي أُجريت في معجِّلات الجسيمات لدى لورنس، يمكن أن تحوِّل النواة المستقرة إلى نواة غير مستقرة. بل ومن الممكن حتى تحويل عناصر غير مشعة مثل الكربون والنيتروجين إلى أشكال مشعَّة، وربما خطِرة، بهذه الطريقة.
في الواقع، يحدث ذلك كل لحظة في الغلاف الجوي للأرض. يُقصف الغلاف الجوي العلوي بالأشعة الكونية؛ وهي عبارة عن جسيمات دون ذرية سريعة الحركة تنتجها عمليات فيزيائية فلكية عالية الطاقة للغاية مثل الاندماج النووي في الشمس. وعندما تضرب الأشعة الكونية الجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي، فإنها تحفِّز تفاعلات نووية تطرد نيوترونات. وتتفاعل بعض هذه النيوترونات مع ذرَّات النيتروجين في الهواء، وتحوِّلها إلى نظير مشع من نظائر الكربون: الكربون ١٤ — أو «الكربون المشع» — الذي يمتلك ثمانية نيوترونات في كل نواة. ويتفاعل هذا الكربون مع الأكسجين لتكوين ثاني أكسيد الكربون. وتوجد نحو ذرَّة كربون ١٤ في كل مليون مليون ذرَّة كربون في ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي.
ينحلُّ الكربون ١٤ عن طريق إطلاق جسيم بيتا؛ مما يحوِّله مرة أخرى إلى نظير النيتروجين الأكثر استقرارًا. ولكنه ليس في عجلة من أمره لفعل ذلك؛ إذ إن العمر النصفي للكربون ١٤ يبلغ نحو ٥٧٣٠ سنة. وهذا النطاق الزمني يجعل الكربون المشع أداة مثالية لعالِم الآثار.
يُمتصُّ الكربون باستمرار من قِبل الكائنات الحية، وتمتصه النباتات من الهواء، وتثبِّته في أنسجتها عن طريق التمثيل الضوئي. وتتناول الحيوانات مركَّبات الكربون من النباتات والحيوانات الأخرى. وتدفُّق الكربون خلال الأجساد الحيَّة يعني أنها تحتفظ بمستوًى ضئيل ثابت تقريبًا من الكربون المشع.
عندما يموت الكائن الحي، فإنه يتوقَّف عن اكتساب كربون جديد، وتبدأ كمية الكربون المشع التي يحتوي عليها في الانخفاض من خلال التحلل الإشعاعي؛ فالخشب الذي مصدره شجرة ميتة (قُطعت مثلًا للحصول على الخشب منها) قبل ٥٧٣٠ سنة يحتوي نصف مقدار الكربون المشع الذي تحتويه شجرة مماثلة قُطعت حديثًا. والخشب الذي يبلغ من العمر ١١٤٦٠ سنة (على افتراض أنه حفظ بطريقةٍ ما) لا يحتوي إلا على ربع هذه الكمية. وهكذا، من خلال قياس محتوى الكربون ١٤ في المصنوعات اليدوية الخشبية القديمة نستنتج عمرها. وينطبق الأمر نفسه على العظام وعلى القماش والورق والدهون الحيوانية المستخدَمة لخلط الأصباغ في رسوم الكهوف. ويتم القياس باستخدام مطياف الكتلة — أداة مثل مقياس الطيف الكتلي الذي اخترعه أستون — الذي يفصل نظائر الكربون المختلفة.
أدرك الكيميائي الأمريكي ويلارد ليبي عام ١٩٤٧م أن الكربون ١٤ يمكن استخدامه لتأريخ المكتشفات الأثرية. درس ليبي الكيمياء الإشعاعية في بيركلي في ثلاثينيات القرن العشرين، وعمل لاحقًا في مشروع مانهاتن. وبعد الحرب انضم إلى معهد الدراسات النووية في شيكاجو؛ حيث صَنع فيرمي أول مفاعل نووي. اختبر ليبي ومعاونوه تقنية التأريخ على الخشب والفحم النباتي المكتشَف في المقابر المصرية، التي كان عمرها معلومًا بالفعل لعلماء الآثار من التحليل التاريخي، واختبروها أيضًا على أشجار السيكويا القديمة جدًّا التي يمكن تأريخها على نحوٍ مستقل عن طريق عدِّ حلقات الجذوع. واستخدمت تقنية ليبي لتأريخ نهاية العصر الجليدي الأخير، وإنشاء المستوطنات البشرية في مناطق تمتد من أمريكا الشمالية إلى العراق. وقد أهَّل ابتكار التأريخ بالكربون المشع ليبي للحصول على جائزة نوبل في الكيمياء عام ١٩٦٠م.
وفي عام ١٩٨٨م تعاونت فِرَق من ولاية أريزونا وأكسفورد وزيورخ من أجل تحديد عُمر الكفن الحقيقي من خلال قياسات حساسة للكربون المشع أجريت على ثلاث قطع صغيرة من القماش، وزنُ كلٍّ منها ٥٠ ملِّيجرامًا فقط. أشارت النتائج — باحتمالية كبيرة — إلى أن القماش صُنع في وقتٍ ما بين عامَي ١٢٦٠ و١٣٩٠ ميلاديًّا. على ما يبدو زُوِّر هذا الكفن في القرون الوسطى.
ليس من المستغرَب أن هذه النتائج كانت محل نزاع؛ فالكفن يحمل أهمية رمزية كبيرة. وأحد الاتهامات الموجَّهة يتمثَّل في أن القماش ربما تَلوَّث على مدى السنوات بنمو الفطريات والمواد العضوية التي خلَّفَتها البكتيريا، فضلًا عن الدخان المتصاعد من حريقٍ موثَّقٍ جيدًا وَقَعَ عام ١٥٣٢م في الكنيسة الفرنسية في شامبيري؛ حيث كان يوجد الكفن في ذلك الوقت. بالتأكيد، هذه التعقيدات قد تُبطِل في بعض الأحيانِ التأريخَ بالكربون المشع الذي تم بخصوص أشياء أخرى من الماضي. وحتى الآن لا أحد يعرف تمامًا كيف انطبعت الصورة على القماش، ولا كيف أصبحت دقيقة تاريخيًّا وتشريحيًّا (جرى العُرف مع فناني العصور الوسطى أنهم كانوا يُظهرون ندبات على راحتَي يدَي المسيح، على الرغم من أن المسامير اخترقت رسغيه أثناء عملية الصَّلب). هذا سرٌّ لن يحلَّه الكربون المشع بسهولة.
تأريخ الكون
إذا كان العمر النصفي للكربون ١٤ دقيقتين أو مليون سنة، فإنه سيكون عديم الجدوى بالنسبة إلى علماء الآثار؛ ففي الحالة الأولى سوف يختفي بمجرد أن يموت الكائن الحي، وفي الثانية سيتغيَّر بالكاد على مدار نطاقات زمنية تتراوح من مئات إلى آلاف السنين تكون ذات صلة بتاريخ البشرية. وبالتعمق أكثر في النظر إلى الماضي، يحتاج العلماء لنظائر مشعة تتحلَّل بمزيد من البطء.
يوجد العديد من هذه النظائر في الصخور والمعادن، وتَمكَّن الجيولوجيون من إعادة بناء تاريخ كوكبنا قبل فترة طويلة من ظهور الإنسان الأول. وتُعد نظائر اليورانيوم من الوسائل الجيوكيميائية المفيدة للغاية في حساب الزمن؛ فاليورانيوم ٢٣٨ يتحلَّل بعمر نصفي يبلغ نحو ٤٫٥ مليارات سنة؛ تقريبًا نفس عمر الأرض. وثمة سلسلة من خطوات التحلُّل التي تُحوِّل اليورانيوم ٢٣٨ إلى الثوريوم ٢٣٠.
يُستغل هذا في تقنية التأريخ باليورانيوم-الثوريوم التي تتضمَّن قياس كمية الثوريوم ٢٣٠ التي تراكمت في مادةٍ ما عن طريق تحلُّل اليورانيوم. وإذا لم يحتوِ الشيء على الثوريوم على الإطلاق عند تشكُّله، فإن نسبة اليورانيوم ٢٣٨ المتبقي إلى الثوريوم ٢٣٠ المتراكم تُمثِّل مقياسًا للعمر. والشيء الذي يَجري تأريخه ينبغي ألا يصل إليه شيء من مصادر اليورانيوم «الجديد» كي لا تتأثر حسابات الزمن. هذا ينطبق مثلًا على المرجان الذي يجنح نحو «شواطئ حفرية» عندما تنحسر مستويات سطح البحر، أو على صواعد ونوازل الكهوف. تم تأريخ الخشب وعظام الحفريات بهذه الطريقة أيضًا. ولأن الثوريوم ٢٣٠ نفسه يتحلَّل بعمر نصفي يبلغ ٧٥٣٨٠ سنة فقط، فإن طريقة التأريخ باليورانيوم-الثوريوم لا يمكن أن تعطي بدقة تواريخَ تعود إلى أكثر من ٥٠٠ ألف سنة أو نحو ذلك.
يؤدِّي تحلُّل الثوريوم ٢٣٠ إلى تكوين نظائر مشعة لعناصر أخرى، ويصل في نهاية المطاف إلى نظير الرصاص المستقر المعروف باسم الرصاص ٢٠٦. لِحسن الحظ، بعضُ أقدم الصخور على الأرض — التي يُطلق عليها اسم «الزركون» — لم تحتوِ على الرصاص عندما تشكَّلت؛ وهذا يعني أن كمية الرصاص التي تتراكم فيها مع مرور الوقت نتيجةً لتحلُّلِ اليورانيوم تعكس عمرها. وإلى أن تتبلور الصخور، يمكن لِذَرَّات اليورانيوم التحرك بحُرية خلال الصهارة المنصهرة التي تشكَّلت منها هذه الصخور، ويمكن أن يُعوَّض اليورانيوم المتحلِّل. وتَصلُّب الزركون يفعل في اليورانيوم ما يفعله موتُ الكائن الحي في الكربون المشع؛ إذ يوقف تدفُّق مواد مشعة جديدة، ويبدأ حساب الزمن استنادًا إلى عملية التحلل. ولأن اليورانيوم ٢٣٨ له عمرٌ نصفيٌّ طويل، فقد يعود تاريخ الزركون إلى الأيام الأولى للأرض.
يُحتمل أن يكون كوكبنا قد تحوَّل لكرة من الصهارة منذ ٤٫٤٥ مليارات سنة بفعل تصادمه مع جرم صغير أشبه بكوكب، والحطام الناتج شكَّل القمر. ومع ذلك، التأريخ باليورانيوم-الرصاص يبيِّن لنا مدى السرعة التي بَرَدَ بها «محيط الصهارة» هذا؛ لأنه يكشف عن أن أقدم حجر زركون — عُثر عليه في غرب أستراليا — تبلور قبل نحو ٤٫٤ مليارات سنة. علاوةً على ذلك، تُظهر أحجار الزركون القديمة دلائل على تشكُّلها في وجود الماء؛ مما يعني أنه حتى في تلك الحقبة السحيقة كان العالم يحتوي على محيطات.
تتكوَّن نسبة صغيرة من اليورانيوم الطبيعي من النظير اليورانيوم ٢٣٥. وهذا النظير لا يتحلَّل للرصاص ٢٠٦ ولكن يتحلَّل للرصاص ٢٠٧. وعن طريق قياس كميات نظائر اليورانيوم والرصاص في الصخور، يستطيع الجيولوجيون تأريخ كل أنواع المعادن، بل ويمكنهم إعادة بناء تاريخ تشكيل كوكبنا. ويُعتقد أن بعض الأحجار النيزكية عبارة عن بقايا المواد الصخرية التي تجمَّعت لإنتاج الأرض، وتُبيِّن لنا خليطَ العناصر الذي كانت تحتويه هذه المواد. فإن لم تكن تحتوي على اليورانيوم، فلا بد أن كل الرصاص الموجود في هذه الأحجار النيزكية كان «أوليًّا»؛ بمعنى أنه كان موجودًا من البداية، ولم يَنتج عن التحلل الإشعاعي لليورانيوم. وبمقارنةِ نسب النظائر في خامات الرصاص القديمة مع تلك الموجودة في هذه الأحجار النيزكية، يستطيع العلماء تقدير مدى قِدَم هذه الأحجار النيزكية. وبما أنها في نفس عمر الأرض، فإن هذه القياسات تحدِّد تاريخًا لتشكُّل كوكبنا. وقد حدث هذا قبل نحو ٤٫٥٤ مليارات سنة.
النظائر وتاريخ الأرض
مكَّنت النظائرُ المشعةُ العلماءَ، من ثَمَّ، من إعادة تشكيل تاريخ الأرض وما يحيط بها على مدار مليارات السنين. ولكن النظائر «المستقرة» أيضًا جزءٌ لا يتجزَّأ من عُدَّة علماء الجيولوجيا. فعلى وجه الخصوص، أحدث قياس النظائر المستقرة في السجل الجيولوجي ثورةً في تصورنا لطبيعة النظام المناخي للكوكب وكيفية تغيُّره مع مرور الوقت.
هذا أكثر من مجرد مسألة اهتمام أكاديمي؛ ففي مواجهة احتمال أن تكون الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الحفري قد غيَّرت المناخ في العالم خلال القرن الماضي، نحن بحاجة لمعرفة المزيد حول العوامل التي تتحكَّم في المناخ من أجل التنبؤ بما قد يحمله المستقبل. وقد أظهرت دراسة سجلَّات النظائر المستقرة من الماضي أن النظام المناخي أكثر تعقيدًا بكثير مما حَلَم به أي شخص منذ عدة عقود، وأن لديه القدرة على تغيير سلوكه بسرعة وبطرق يصعب توقُّعها.
استنتج الجيولوجيون في القرن التاسع عشر أن الأرض شهدت العديد من العصور الجليدية التي توغَّلت أثناءها الطبقات الجليدية التي تغطي القطبين اليوم كثيرًا نحو الداخل. وأوضح عالم الرياضيات الصربي ميلوتين ميلانكوفيتش عام ١٩٣٠م كيف يمكن للتغييرات في شكل مدار الأرض حول الشمس أن تؤدِّي إلى عصر جليدي عن طريق تغيير التوزيع الموسمي لضوء الشمس على سطح الكوكب. يوجد ثلاثة اختلافات دورية في المدار على فترات تبلغ ٢٣ ألف و٤١ ألف و١٠٠ ألف سنة. إن التأثير المتبادَل بين «دورات ميلانكوفيتش» تلك يُحدِث اختلافًا معقَّدًا — ولكنه يكون بطيئًا ويمكن التنبؤ به — في المناخ على مدار مئات الآلاف من السنين.
لاختبار نظرية ميلانكوفيتش، لم يكن كافيًا معرفةُ أزمنة حدوث عدد من العصور الجليدية في الماضي. وتنبَّأت النظرية بأن النظام المناخي متقلِّب — بعصور جليدية متفاوتة في شدتها — يجب فيها أن تكون دوراته الرئيسية الثلاث قابلة للتمييز. وللتعرُّف على طبيعة هذا التقلُّب في النظام المناخي، احتاج العلماء إلى وسيلة لإعادة بناء سجلٍّ متصل لكيفيةِ تغيُّر متوسط درجات الحرارة وكميات الجليد العالمية على مدار المليون سنة الماضية أو نحو ذلك.
في سبعينيات القرن العشرين أدرك علماء الكيمياء الجيولوجية أن مثل هذا السجل يمكن العثور عليه في الرواسب الموجودة في قاع المحيطات؛ فقد تَشكَّلَت هذه الرواسب من المادة التي ترسَّبت من مياه المحيطات، والتي في معظمها تتكوَّن من بقايا الكائنات البحرية الميتة. وتتألَّف هذه المادة في الأساس من أغلفة محارية معدنية غير قابلة للذوبان لكائنات مجهرية تسمَّى منخربات. وهذه الأغلفة المحارية مكوَّنة من كربونات الكالسيوم؛ وهو مركَّب يتكوَّن من الكالسيوم والكربون والأكسجين. ومصدر الأكسجين هو الماء الذي تعيش فيه المنخربات.
للأكسجين نظيران مستقران؛ هما أكسجين ١٦ وأكسجين ١٨. وعندما يتبخر ماء البحر، فإن جزيئات الماء التي تحتوي على النظير الأخف تهرب بسهولة أكبر نوعًا ما، تمامًا كما يطير عصفور الدوري بسهولة أكبر من القطرس؛ ومن ثم فإن التبخر يجعل البحر أكثر تشبعًا بالأكسجين ١٨. وسرعان ما يسقط بخار الماء إلى الأرض على شكل أمطار أو ثلوج. وتعيد الأنهارُ مياهَ الأمطار إلى البحر، ولكن في المناطق القطبية يتراكم الجليد على شكل ثلوج؛ ومن ثَمَّ فإن الماء يُحبس بعيدًا لفترات طويلة من الزمن. وعند نمو الطبقات الجليدية خلال العصر الجليدي، يتحوَّل المزيد من بخار الماء إلى جليد، ويزداد تشبُّع ماء البحر بالأكسجين ١٨؛ ومن ثَمَّ فإن نسبة الأكسجين ١٦/الأكسجين ١٨ في ماء البحر تعكس مدى تغطية الجليد للعالم.
يحكي نظيرا الأكسجين الموجودان في جزيئات الماء المحتجزة في الطبقات الجليدية القطبية قصة مناخ كوكب الأرض لكن على نحو مختلف؛ فالجليد الذي يغطِّي القارة القطبية الجنوبية يبلغ عمقه ميلًا ونصفًا في أكثر المناطق الجليدية سُمكًا، والثلج الذي تحوَّل إلى أعمق طبقة جليدية سقط قبل ٢٥٠ ألف سنة على الأقل. وهكذا فإن الطبقات الجليدية في القارة القطبية الجنوبية — على غرار رواسب أعماق البحار — تحمل شفرة آلاف السنين من تاريخ المناخ في مركَّبات النظائر الخاصة بها.
مع ذلك، يتحكَّم عامل آخر في تحديد نسبة وجود أيٍّ من نظيرَي الأكسجين في لُبِّ الجليد على نحوٍ كبير؛ وهو درجة حرارة السُّحُب التي سقطت منها الثلوج. فعندما يتكثَّف بخار الماء إلى ماء أو جليد، تحدث غربلة للنظائر تمامًا كما تحدث خلال التبخر؛ ولكن باتجاه معاكس؛ فيتخلَّف النظير الأخف. وهكذا تكون الكمية الأخيرة من الثلج الذي تُسقطه السحب — أي الثلج الذي يسقط فوق القطبين — غنيةً بالأكسجين ١٦. واتضح أن مدى توافر هذا النظير يعتمد على مدى برودة الطبقة الجليدية؛ ومن ثم فإن سجلات النظائر في لُبِّ الجليد تُبيِّن لنا كيف تغيَّرت درجات الحرارة في الغلاف الجوي بمرور الزمن.
باعتبار الطبقات الجليدية وسيلةً لتسجيل تغيُّر المناخ في الماضي، فإن هذا يعطيها ميزة على الرواسب البحرية. فالكائنات التي تعيش في قاع البحر تثير اضطرابًا في جزء علوي ضئيل من الرواسب، مسبِّبة عدم دقة سجل النظير. وقد حدث اضطراب في كل طبقة من الرواسب بهذه الطريقة أثناء تشكُّلها. في الوقت نفسه، لم تتأثر الثلوج الموجودة على الطبقات الجليدية؛ إذ إنها ضُغطت في صورة جليد؛ وهذا يعني أن سجلات العينات اللُّبِّية الجليدية تُظهر مزيدًا من التفاصيل الدقيقة للتغيرات الحادثة في درجة الحرارة. وتُظهر سجلات العينات اللُّبِّية الجليدية أن التغيرات في درجة الحرارة يمكن أن تكون سريعة على نحو مثير للدهشة؛ ففي بعض الحالات يبدو أن مناخ منطقة شمال الأطلسي قد تحوَّل من العصر الجليدي إلى ظروف مناخية دافئة (تَسُود بين عصرين جليديين) في غضون بضعة عقود فقط. وهذا أسرع بكثير مما يمكن أن يُعزى إلى دورات ميلانكوفيتش، ويُعتقد أنه يكشف عن حالة من عدم الاستقرار تسبِّب تغيرات سريعة للغاية في نظام مناخ الأرض، ربما بسبب التغيرات في طبيعة دورة الماء في المحيطات.
يحتوي الجليد القطبي على فقاعات صغيرة من هواء قديم محتجَز، ومن خلالها يمكن للعلماء قياس كميات الغازات النزرة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان. وهذه الغازات من غازات الدفيئة التي ترفع درجة حرارة الكوكب من خلال امتصاص الحرارة المنبعثة من سطح الأرض. وتُظهر العينات اللُّبِّية الجليدية أن مستويات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي — التي كانت تتحكَّم فيها في الماضي عملياتٌ طبيعيةٌ مثل نمو النباتات على اليابسة وفي البحر — ارتفعت وانخفضت في تزامن شبه مثالي مع التغيرات في درجات الحرارة. وهذا يقدِّم دليلًا قويًّا على أن تأثير الدفيئة يتحكَّم في مناخ الأرض، ويساعدنا على التنبؤ بحجم التغييرات التي قد نتوقعها من خلال إضافة المزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
المعالجة بالإشعاع
بينما كان جورج دي هيفيشي يدرس النظائر المشعة مع إرنست رذرفورد عام ١٩١٣م، خطرت بباله فكرة. كان العلماء النوويون عادةً ما يضطرون للعمل باستخدام كميات صغيرة فقط من المواد المشعة، التي قد يكون من الصعب للغاية «رؤيتها» باستخدام تقنيات التحليل الكيميائي العادية. ولكنَّ كل ذرَّةِ نظيرٍ مشعٍّ كانت تعلن عن وجودها عندما تتحلل؛ إذ إنه كان يمكن رصد الإشعاع باستخدام عداد جايجر؛ ومن ثم، إذا كان يمكن تركيز النظير المشع لعنصرٍ ما من خلال فصله عن النظائر المستقرة للعنصر نفسه، فمن الممكن أن يُستخدم بكميات صغيرة كنوع من العلامات التي تتعقَّب تحركات مادةٍ ما. فهو يتصرف كيميائيًّا تمامًا مثل العنصر «الطبيعي»، ولكنه يكشف عن وجوده بواسطة الإشعاع الذي ينبعث منه.
أدرك دي هيفيشي أن تقنية العلامة المشعة تلك يمكن أن تكون مفيدة جدًّا في الدراسات البيولوجية؛ من أجل تتبُّع مسار المواد الكيميائية في جسم الإنسان. إن الأنسجة العضوية تمتص جسيمات ألفا وبيتا، ولكن أشعة جاما يمكن أن تمرَّ من خلال حائط خرساني بِسُمك عدة أقدام؛ ولذلك ليست لديها مشكلة في النفاذ من الجسم. وبمجرد أن بيَّن كلٌّ من جوليو وكوري أن النظائر المشعة لأي عنصر يمكن تخليقها اصطناعيًّا، أصبح من الممكن اعتبار جميع أنواع الأجهزة التي تُطلِق أشعة جاما مناسِبة بمنزلة «وسائل تتبعية» لدراسة العمليات الكيميائية الحيوية.
وتخليق التكنيشيوم ٩٩ شبهِ المستقر عملٌ مكلِّفٌ. والمتتبِّع البديل الأرخص والأكثر شيوعًا هو اليود ١٣١، الذي يطلِق أشعة جاما عندما يتحلل. ولكن نظير اليود يُطلق أيضًا جسيمات بيتا التي يمكن أن تضرَّ الأنسجة؛ مما يجعله أقل جاذبيةً كوسيلة تصوير بالأشعة.
يوجد شكل آخر من أشكال التصوير الثلاثي الأبعاد للأعضاء الداخلية، يُطلَق عليه اسم التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، ويَستخدم شكلًا أقل شيوعًا من تحلُّل بيتا. فمعظم تحلُّلات بيتا تتضمَّن انطلاق إلكترونات من النواة مع تحلُّل نيوترون إلى إلكترون وبروتون، لكن يمكن أن يَحدث العكس أيضًا؛ فيمكن أن يتحلَّل البروتون إلى نيوترون (انظر الفصل الخامس). وتُحمَل الشحنة الموجبة بعيدًا بواسطة بوزيترون سرعان ما يصطدم بإلكترون. ويَنتج عن هذا التدمير المتبادَل أشعةُ جاما.
تحلُّل بيتا المنتِج للبوزيترون يَحدث في الأنوية الفقيرة في نيوتروناتها. الكربون ١١ والفلور ١٨ مثالان على ذلك؛ فهما نظيران قصيرا العمر يَنتجان في المفاعلات النووية. وفي التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، تُمتص مركَّبات هذه النظائر وتُستخدم أشعة جاما الناتجة عن تدمير البوزيترون للإلكترون في الجسم (وهو ما يحدث في مكان قريب جدًّا من مكان انبعاث البوزيترون) في تشكيل صُوَر ثلاثية الأبعاد على شكل سلسلة من الشرائح الثنائية الأبعاد. ويُفيد التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني على نحو خاص في تصوير المخ.
ليست التأثيرات التدميرية للإشعاع على الأنسجة جميعها سيئة؛ فلعلاج أمراض السرطان، نحن «بحاجة» لقتل الخلايا السرطانية المريضة المتكاثرة تكاثرًا هائلًا، وليس الخلايا السليمة. فإذا أمكن تركيز النظائر المشعة في الأورام، فإنها ستمارِس تأثيرها المدمِّر لإحداث أثر إيجابي. ويُستخدم النظير المشع الكوبالت ٦٠ — الذي يُخلَّق بقصف الكوبالت ٥٩ المستقر بالنيوترونات، والذي يمتلك عمرًا نصفيًّا يبلغ ٥٫٣ سنوات — في علاج السرطان.
تتحلل نواة الكوبالت إلى النيكل ٦٠ عن طريق إطلاق جسيم بيتا وشعاعَي جاما. وتتسبَّب أشعة جاما في معظم الأثر التدميري؛ وعلى الرغم من أنها تمرُّ من خلال الأنسجة البشرية، فإنها سوف تصطدم بإلكترون من ذرَّة في خلية وتبتدئ سلسلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية «لجذر حرٍّ» يمكن أن تؤدِّي إلى موت الخلايا. والهدف في علاج السرطان هو ضمان أن الكوبالت ٦٠ يصل انتقائيًّا للورم. وللأسف لا يزال هذا الاستهداف معيبًا وتَتْلف بعضُ الأنسجة السليمة أيضًا؛ ولذلك يُعد العلاج الإشعاعي إجراءً قاسيًا لمكافحة السرطان. ونحلم بالعثور على مركَّبات من هذا النظير والنظائر المشعة الأخرى التي تنفُذ مباشرة خلال الجسم، ولكن تتجمَّع في الخلايا السرطانية، لتكون بمنزلة «علاج سحري» لا يقضي إلا على الخلايا الخبيثة.
تُستخدم أشعة جاما الناتجة من الكوبالت ٦٠ أيضًا في تعقيم المواد الغذائية؛ إذ إنها تقتل البكتيريا. وأشعة جاما غير قادرة على إحداث نشاط إشعاعي في الطعام؛ ومن ثَمَّ فإن هذه الطريقة يمكن أن تكون «نظيفة». ومع ذلك، تُنتِج الأشعةُ بالفعل بعضَ الجذور الحرة، التي ربما تكون عبارة عن مواد ضارة. ولكن تركيز هذه المواد يكون ضئيلًا جدًّا، وقد يكون ضررها أقل من ضرر المواد الحافظة التي تُستخدم لحماية المواد الغذائية من التحلل البكتيري. رغم ذلك، انطبعت في أذهان الناس صورة سيئة عن الإشعاع لأسباب مفهومة، ولا يزال العديد من المتسوقين يشعرون بالريبة حيال الأطعمة التي تعرَّضت للإشعاع. وبطبيعة الحال فإن البديل المثالي ببساطة هو تناول الأطعمة طازجة.
وهكذا تُعد النظائر نوعًا من المنح المجانية للجدول الدوري؛ فيُعتقد أنها توسِّع خياراتنا من العناصر بمَنحنا نُسخًا إضافية منها تفعل أشياءَ فريدة ومفيدة. ومن الأفضل أن نتذكَّر أن كل خانة في الجدول لا تمثِّل عضوًا وحيدًا من أسرة عنصرٍ ما، ولكن تمثِّل صورة تمثيلية لمجموعة صغيرة من أشقاء كيميائيين، يمتلك كلٌّ منهم مواهبه الخاصة.