اكتشاف مصدر الصوت
قال هوكاي للفتاتين: «انتظرا هنا، وأنت يا دانكن، يمكنك أن تأتي إلى الخارج لمراقبة الغابة معنا.»
سألت كورا: «هل نحن في خطر كبير؟»
أجابها هوكاي: «من أصدر ذلك الصوت هو وحده من يعلم ذلك.»
قالت كورا: «ماذا لو لم يكن رجلًا وإنما شبحًا؟ أو ربما كان أعداؤنا يصدرون ذلك الصوت المروع لإخافتنا.»
قال هوكاي: «ما من صوت بشري يمكن أن يخدعني. أنا أعلم أصوات هذه الغابة تمامًا. ومع ذلك لا أستطيع أنا أو أنكس أو تشينجاتشجوك معرفة ذلك الصوت.»
قال دانكن: «أمر عجيب. هيا بنا نرَ ماذا يمكن أن يكون ذلك الصوت.»
قالت كورا وهي تجذب أليس إلى جانبها: «سنأتي معكما.»
قال دانكن: «أنا مصر على أن تمكثا هنا، أنا مسئول عن سلامتكما، ولا أظن أن أباكما كان سيقبل أن أسمح لكما بالخروج في الغابة ونحن لا نعلم مصدر ذلك الصوت.»
قالت كورا: «لكن يا دانكن ألن نكون في أمان أكثر إذا كنا معك أنت وهوكاي؟»
قال هوكاي: «قد تكون على حق. تعاليا، سنخرج كمجموعة.»
هب نسيم قوي طوال المساء، وكان الهواء باردًا، وسعد الجميع بالوجود في الغابة. كان كل شيء ساكنًا. لم يكن هناك ما يتحرك في الغابة سوى الجداول والشلالات. كان جميعهم ينظر تجاه الشاطئ، في محاولة منهم لاكتشاف مصدر الصوت المروع.
قال دانكن: «لا يوجد شيء سوى النهير، لولا ذلك الصوت لكنا استمتعنا بهذه الليلة. أتساءل …»
قاطعته أليس: «صمتًا! اسمع.»
وكالمتوقع دوى الصوت الغريب مرة أخرى.
صاح هوكاي: «أظهر نفسك يا صاحب الصوت. أظهر نفسك الآن!»
قال دانكن: «مهلًا، أعرف ذلك الصوت. هذا الصوت يصدره الحصان عندما يكون في ورطة. لم أتعرف عليه من قبل لأنه كان يتردد بين جدران الكهف. لقد سمعته في المعارك. لا بد أن أحد الخيول واقع في شَرك ما.»
تحدث هوكاي إلى أنكس وطلب منه تفقد الخيول.
وقال للباقين: «انصبوا خيمة هناك، أسفل تلك الشجرة. سننتظر هنا حتى بزوغ الضوء الأول من الفجر.»
زال قلق هوكاي بعد أن عرفوا مصدر الصوت. وعاد أنكس وأخبرهم أن أحد الخيول حُبِسَ حافره في جذر شجرة.
رقدت الفتاتان إحداهما بجانب الأخرى واستغرقتا في النوم على الفور. ومرت ساعات. ونام ديفيد ودانكن أيضًا. ولم ينم هوكاي وتشينجاتشجوك وأنكس؛ فقد ظلوا يراقبون الغابة.
وفي النهاية، مع بزوغ ضوء واهن من النهار، نهض هوكاي واقفًا وأيقظ دانكن قائلًا: «أيقظ كورا وأليس، واستعدوا وقابلونا عند الشاطئ. سأحضر الزورقين.»
قال دانكن: «لا بد أن النعاس غلبني، فقد حاولت أن أظل مستيقظًا بالفعل.»
قال هوكاي: «لم يطلع النهار بعد. أسرع، وكن هادئًا.»
جذب دانكن الشال الذي كان يغطي كورا وأليس. رفعت كورا يدها كما لو كانت تطلب منه التوقف عن ذلك، أما أليس فتمتمت في نومها: «كلا، كلا يا أبي. دانكن كان معنا، لم نكن وحدنا.»
ابتسم دانكن ثم همس: «كورا، أليس، حان وقت الاستيقاظ.»
وفجأة دوت أصوات وصيحات مروعة من كل اتجاه؛ فانتصبت كورا في جلستها على الفور وصرخت أليس.
نهض ديفيد وقال: «سحقًا، ماذا كان ذلك؟»
دوى صوت رصاصة، ومرت من جانب ديفيد، لكنها لامست أذنه. لحسن الحظ أمسك به دانكن قبل أن يسقط، ثم جذب ديفيد والفتاتين إلى الكهف مرة أخرى: «ستكونون في أمان هنا.»
جاء هوكاي راكضًا تجاههم وقال: «إنه محظوظ لأنه لا يزال على قيد الحياة.»
سألته كورا: «هل سيكون بخير؟»
أجابها هوكاي: «امكثي هنا معه، سنعود فور أن نتمكن من ذلك. إذا كان لديك منديل ضعيه فوق أذنه. سيستيقظ عما قريب، فإصابته ليست بالغة.»
سحبت كورا منديلها من حزامها وفعلت كما أخبرها هوكاي.
سمعت الفتاتان صرخات وصيحات ونداءات من الغابة.
أسرع هوكاي إلى أنكس وتشينجاتشجوك، اللذين كانا يصدان هجمات الأعداء. وانتظر دانكن حتى يفيق ديفيد، ثم نهض هو الآخر ليلحق بالآخرين.
قالت أليس: «لا تذهب يا دانكن.»
ابتسم في رقة لها سعيدًا بخوفها عليه وقال: «إنه واجبي. هناك ما لا يقل عن أربعين رجلًا، وعليّ مساعدة هوكاي. سأكون بخير، أعدك بذلك.»
تسلل دانكن إلى الخارج وانحنى بجانب هوكاي فوق الصخور أمام الكهف. راقب الرجلان أعداءهما وهم يتمركزون عند النهر. حاول أفراد من القبيلة المعادية عبور النهر، لكن التيار كان قويًّا للغاية. غرق أحد المحاربين في الماء بالقرب منهما، وكاد دانكن أن يهب لنجدته.
همس هوكاي: «انتظر، ستفضح أمرنا إذا غادرت الآن.»
صفر هوكاي، فحضر أنكس إلى جانبهما. وفي اللحظة ذاتها خرج أربعة رجال، من بينهم ماجوا، من الغابة، لكنهم كانوا بعيدين عنهم بعدة ياردات، لكن صدى صيحاتهم تردد في المكان من حولهم. وانتظر هوكاي وأنكس بصبر حتى يقتربوا.
وعندما اقتربوا في النهاية جرت معركة ضارية. سُمِعَت صرخات حادة وصيحات سريعة. ودار العراك بالأيدي والقبضات، وقاتل دانكن بكل قوته. وببطء سقط الأعداء.
صاح هوكاي: «هيا! اركضا إلى الكهوف.»
أطلق أنكس صيحة وتبع دانكن وهوكاي إلى المخبأ بين الصخور.