«جاك بيلي» لغز يحتاج إلى الحل
عندما كان الشياطين ينزلون في فندق «السلام» في «نجاساكي»، لينطلقوا بعد ذلك إلى جُزر «كازان»، حيث النقطة «ن» التي سقطَت فيها الطائرة، لفت نظرَهم ظهورُ شخصية غريبة، هي شخصية «جاك بيلي»، وكانت مهمة «خالد» و«مصباح» هي مراقبة «جاك». وفي الوقت الذي كان «خالد» يراقبه في كافيتريا الفندق، كان «مصباح» يراقب حجرته، والغريب أنه كان موجودًا في المكانين في نفس الوقت، كان هناك «جاك بيلي» يجلس في الحجرة، و«جاك بيلي» آخر يجلس في الكافيتريا، وكان من الصعب جدًّا أن يعرف أحد من هو «جاك بيلي» الأول، ومن هو «جاك بيلي» الثاني، وعندما يكون أحدهما خارج الفندق يكون الآخر داخله، وهما لا يجتمعان في مكانٍ واحد أبدًا، إلا أن وقت الرحيل إلى النقطة «ن» أفسد على الشياطين خُطَّة المراقبة؛ ولذلك أصبح على عميل رقم «صفر» أن يقوم هو بالمراقبة، ليستمر الشياطين في مهمَّتهم للبحث عن «الصندوق الأسود».
وعندما انتهت مغامرة «الصندوق الأسود» الذي كشف أن عصابة «سادة العالم» هي التي كانت وراء حادث انفجار الطائرة، حتى يثور النزاع بين القوتين الأعظم، ويمكن أن تقوم الحرب بينهما، وهي حرب لا يعرف أحد كيف يمكن أن تنتهي، فكلاهما يملك قوة تدميرية يمكن أن تدمر العالم كله، وهذه فرصة عصابة «سادة العالم»؛ فهي تريد أن تسيطر على الإنسان في كل مكان. لقد استطاع الشياطين بعد مغامرة صعبة أن يحصلوا على «الصندوق الأسود»، الذي يحتوي على كل الاتصالات بين الطائرة وأي محطة أرضية، ودخلوا مع أفراد العصابة في صراعٍ تحت سطح الماء وفوق سطح الماء، حتى نجحت المغامرة في النهاية، غير أنهم لم ينسوا «جاك بيلي» وهم في طريق عودتهم. لقد شكُّوا في البداية أن يكون على عَلاقة بحادث انفجار الطائرة.
وكان أول لقاء به في الطائرة التي استقلُّوها إلى «نجاساكي»، ثم ظهر مرة ثانية في نفس الفندق الذي نزلوا فيه، لذا بدأَت أنظارُهم تراقبه. وعندما تركوا المدينة اليابانية، وركبوا اللنش الصاروخي، واتجهوا إلى عُرض المحيط الهادي، ظلَّ «جاك بيلي» سؤالًا مُعلَّقًا بلا إجابة في أذهانهم. صحيح أنهم تركوا مهمة مراقبته لعميل رقم «صفر»، إلا أنهم ظلوا ينتظرون تفسيرًا لهذه الشخصية المزدوِجة.
وعندما استقرَّ الشياطين في فندق «السلام»، كان عميل رقم «صفر» قد أعدَّ تقريرًا عن «جاك بيلي». وكان رقم «صفر» قد وصله التقرير، لكن لأن المسألة لم تكن تحتاج إلى السرعة، فقد تركهم رقم «صفر» ينعمون ببعض الراحة، قبل أن يبدءوا مغامرتهم الجديدة.
وعندما استيقظ «أحمد» من النوم، أسرع بالاتصال بالعميل، الذي أخبره أن رسالةً سوف تصله اليوم من رقم «صفر»، وعندما اجتمع الشياطين بعد الغداء، كان جهاز الاستقبال يستقبل رسالةً من رقم «صفر»، وكانت رسالةً شفرية، ظلَّ الشياطين يرقبون مفردات الشفرة التي كان الجهاز يسجلها. وعندما انتهت، بدأ «أحمد» ترجمتها، ونقلها إلى الشياطين. كانت الرسالة: (٢٤ – ٢٥) وقفة (١٤) وقفة (١ – ٢٣ – ٢٩) وقفة (١٣) وقفة (٢٩ – ١٢ – ٣ – ٢٤ – ١٠) وقفة (١ – ٦ – ٢٤ – ٨) وقفة (٢٧) وقفة (٢ – ١ – ١٢ – ٢٤) وقفة (٢٠ – ٢٩) وقفة (٢٤ – ١٠ – ١ – ٢١ – ٢ – ٢٦) وقفة (٥ – ١ – ٢٢) وقفة (٢ – ٢٩ – ٢٣ – ٢٩) وقفة (٢٩ – ١٨ – ٢٧ – ٨) وقفة (٢ – ٢١ – ٢٩ – ٢٦) وقفة (١٣) وقفة (١ – ٢٣ – ٢٩) وقفة (١ – ٢٣ – ٢٤ – ٢١ – ١٠) وقفة (١ – ٢٣ – ١٢ – ١٠ – ٢٩) وقفة (١ – ٢٨ – ٥ – ٣ – ٢٤ – ١ – ١٨) وقفة (٢٩ – ٣ – ٦ – ٨ – ٨) وقفة (٣ – ٢ – ١٨ – ١) وقفة (٢٣ – ٢ – ٢١ – ١ – ١ – ٢٩ – ٢٢ – ٢٤ – ١) وقفة (٢٠ – ٢٩) وقفة (٢٥ – ٥ – ١ – ١٢ – ١ – ٢٢ – ٢٩) وقفة (١ – ٢٣ – ٢٩) وقفة (١ – ٢٣ – ٢٣ – ٢١ – ١ – ١) انتهى.
وكانت ترجمة الرسالة: «من «ص» إلى «ش»، يستمر «أحمد» و«باسم» في مراقبة «جاك بيلي». يعود بقية الشياطين إلى المقر السري. الاجتماع يتحدد تبعًا لبقائكما في «نجاساكي». إلى اللقاء.»
نظر الشياطين إلى بعضهم، وأسرع «خالد» و«بو عمير» و«مصباح» للاستعداد للسفر. في نفس الوقت الذي بدأ فيه «باسم» و«أحمد»، يرسُمان خُطة عملهم الجديد.
بعد خمس دقائق، كان الشياطين الثلاثة يغادرون الفندق في طريق عودتهم إلى المقر السري، بينما نزل «أحمد» إلى كافيتريا الفندق، وكانت مهمة «باسم» أن يراقب حجرة «جاك بيلي».
لم يكن «جاك» في الكافيتريا. وفي نفس الوقت، لم يكن في الحجرة أيضًا؛ ولذلك عاد «باسم» إلى «أحمد» وأخبره. ولم يكن أمامهما الآن سوى الانتظار، غير أن «باسم» قال: أقترح أن تتصل بعميل رقم «صفر»؛ فربما كانت لديه معلومات.
قال «أحمد»: فكرة طيبة، عليك بالاتصال به عن طريق السيارة.
أسرع «باسم» بالخروج، وظلَّ «أحمد» يرقب المكان. كان الرواد قليلين؛ ولذلك لم تكن المهمة صعبة. فكَّر «أحمد» قليلًا، وقال لنفسه: إن حجرة «جاك بيلي» رقم ٩٩، ويمكن معرفة عدد النزلاء فيها، إن كان واحدًا أو اثنين.
أسرع إلى موظف الاستعلامات وطلب دفتر التسجيل، ليُلغيَ حجز حجرات بقية الشياطين، وعندما قدَّم له الموظف الدفتر، كانت عيناه تجري على الصفحة، فلمَح اسم «جاك بيلي» ورقم الحجرة، ولم يكن فيها غيرُه. ألغى حجز مكان الشياطين وعاد. إن «جاك بيلي» يُمثِّل لغزًا لهما الآن. فما معنى أن يكون وحده، وفي نفس الوقت يكون اثنين أيضًا؟!
جلس «أحمد» يرقب المكان، مرَّت دقائق، وعاد «باسم» وقدَّم له تقريرًا سريعًا، ذكر فيه أن «جاك بيلي» يتحرك في منطقة البنوك داخل مدينة «نجاساكي»، وأن «جاك بيلي» سافر أمس إلى «طوكيو»، وأن حركته هناك في منطقة البنوك أيضًا.
فكَّر «أحمد» قليلًا ثم قال: هي إذَن عملية سرقة كبرى سوف تحدث.
وصمت قليلًا ثم قال: علينا الاتصال برقم «صفر»، وفي نفس الوقت علينا انتظار عودة «جاك بيلي».
قال «باسم»: أقترح أن تقوم أنت بالاتصال برقم «صفر»، وسوف أبقى في انتظار هذا الرجل المزدوج.
وافق «أحمد» على اقتراح «باسم»، وانصرف بسرعة إلى حجرته، وما إن وصلها حتى بدأ اتصاله برقم «صفر»، فأرسل رسالة قال فيها: «إن الرجل المزدوج يتحرك في منطقة البنوك، سواء في «نجاساكي» أو «طوكيو»، فهل تستمر المغامرة؟»
انتظر حتى جاءه الرد الشفري، وكانت ترجمته: «إن المغامرة ليست في اليابان، إن قيادتها الرئيسية في أمريكا. انتظر التعليمات.»
عندما ترجم «أحمد» الرسالة علت الدهشة وجهه، إن هذه إذن عملية كبيرة، وإن الشياطين لن يبقوا في اليابان، فسوف يطيرون إلى أمريكا. أسرع عائدًا إلى حيث يجلس «باسم»، لكن ما إن خطا خطوة إلى خارج حجرته حتى توقَّف مأخوذًا؛ لقد كان «جاك بيلي» يأخذ طريقه إلى حجرته، تشاغل في مفتاح الباب حتى لا يلفت نظر «جاك» إليه، وعندما مرَّ الآخر خلفه، ظلَّ يرقبه بطرف عينيه، حتى دخل حجرته.
فكَّر «أحمد» قليلًا: إن عودة «جاك» إلى الحجرة تعني شيئًا من اثنين، إمَّا أنه سوف يُعِدُّ نفسه الآن للرحيل، أو أنه سوف يُجري اتصالًا بمركز قيادته في أمريكا.
نظر حوله، ولم يكن أحد يمرُّ في هذه اللحظة، فأسرع بإطلاق فراشة تجسُّس، وطارت الفراشة الموجهة إلكترونيًّا في اتجاه حجرة «جاك بيلي»، وبسرعة دخل «أحمد» حجرته وانتظر، لتلقي إشارات الفراشة. فكَّر قليلًا ثم أرسل رسالةً شفرية إلى «باسم» يخبره فيها بوصول «جاك بيلي»، وكان رد «باسم»: «إن «جاك» الآخر يجلس في الكافيتريا.»
فكر «أحمد»: ما هي المسألة؟ كيف يتحرك «جاك بيلي» بهذه السرعة؟
بدأت الفراشة تنقُل ﻟ «أحمد» ما يدور في الحجرة، واستطاع أن يُسجِّل رسالةً شفرية أرسلها «جاك بيلي» إلى جهةٍ غير معلومة. حاول أن يحلَّ رموز الشفرة لكنه لم يستطع، انتظر فربما حدث شيء آخر، بعد دقائق كانت رسالة أخرى تصل إلى «جاك».
سجل «أحمد» الرسالة وهو يقول في نفسه: لا بد أنها ردٌّ من مركز العصابة على الرسالة الأولى.
انتظر لحظة أخرى، سمع صوت خُطواتٍ داخل الحجرة ثم صوت باب يُفتح ثم يُغلق، قال في نفسه: إن «جاك بيلي» ينصرف.
أرسل رسالة سريعة إلى «باسم» يخبره أن «جاك» في الطريق إليه.
ردَّ «باسم»: «إن «جاك» الآخر غادر المكان إلى الخارج.»
أرسل «أحمد» رسالة إلى «باسم»: «اتبعهما وسوف أكون خلفك.»
وبسرعة بدأ يرسل الرسالتين إلى رقم «صفر»، ليحلها قسم الشفرة في المقر السري، وعندما انتهى من ذلك، غادر الحجرة مسرعًا، ووصل إلى الكافيتريا فلم يجد أحدًا. عرف أن «باسم» قد تبع «جاك بيلي» المزدوج. خرج مباشرة إلى الشارع، كانت سيارة الشياطين في مكانها، أسرع إليها، وعندما أغلق الباب خلفه، تحدث عميل رقم «صفر»: إن «جاك بيلي» المزدوج قد اتجه إلى النقطة «ك»، هناك اتصالات بشخصيات أخرى.
شكره «أحمد» ثم انطلق بالسيارة إلى حيث النقطة التي حدَّدها العميل. في الطريق وصلته رسالة من «باسم» حدَّد فيها نفس النقطة، وعندما وصل إلى هناك، كان «باسم» يقطع الشارع الهادئ ماشيًا، وكأن شيئًا لا يعنيه، ما إن أبصر «باسم» السيارة التي وقفَت بعيدًا عنه قليلًا، حتى اتجه إليها، وعندما ركبها قال: لقد دخل الاثنان العمارة رقم ١٠٠.
سأل «أحمد»: هل دخلاها معًا؟
رد «باسم»: لا … لقد سبق الأول بعشر دقائق.
فكر «أحمد» قليلًا، ثم قال: يبدو أن هذه العمارة هي مركز العصابة في اليابان.
ظلَّا في السيارة بعض الوقت، كان «أحمد» يرقُب باب العمارة في مرآة السيارة حتى يرى الداخل والخارج منها. لم يكن أحدٌ قد ظهَر، لكن بعد دقائق ظهَر أحد الرجال، يخرج ماشيًا واختفى عند أول تقاطع.
مرت دقائق أخرى، ثم انفتح باب ضخم خرجت منه سيارة «هوندا» في سرعة كبيرة، كان زجاجها من البني الغامق الذي لا يُعطي فرصة لكشف من بداخلها، إلا أن «باسم» أسرع بإخراج نظارة خاصة وضعها فوق عينيه، بينما كانت السيارة قد أخذَت طريقها مارة بسرعة بجوار سيارة الشياطين، ثم همس: إنه «جاك بيلي» … المزدوج!
سأله «أحمد» بسرعة: الاثنان معًا؟!
أجاب «باسم»: نعم.
انطلق «أحمد» خلف السيارة … لكنها كانت قد انحرفت في شارعٍ جانبيٍّ ففقدَ «أحمد» أثرها.
أبطأ سرعة السيارة ثم نظر إلى «باسم» الذي قال: ينبغي أن نعود إلى الفندق الآن، فربما كانا في الطريق إليه أو فإنهما سوف يعودان مرة أخرى.
أدار «أحمد» السيارة ثم أخذ طريقه إلى الفندق، وعندما نزلا هناك، اتجه «باسم» إلى الكافيتريا، واتجه «أحمد» مباشرة إلى حجرته. كان جهاز الإرسال يستقبل رسالةً، ما إن انتهت حتى بدأ «أحمد» قراءتها. كانت الرسالة من رقم «صفر» وكانت تقول: «الاجتماع غدًا في العاشرة.»
فكَّر «أحمد» قليلًا ثم بدأ يجمع حاجيَّاته وحاجيات «باسم»، وترك حجرته بسرعة. أعلن الخبر ﻟ «باسم» ولم ينتظر طويلًا، فقد أخذا طريقهما إلى خارج الفندق استعدادًا للرحيل إلى المقر السري.