الفصل الأول
المشهد الأول
(المسرح خالٍ إلا من منضدة معدنية مستديرة قريبة
من وسط المسرح إلى اليسار قليلًا، وكرسيين معدنيين.)
(يدخل هاري من اليمين وهو في منتصف العمر — في
الأربعينيات — ويرتدي حُلَّة غير رسمية — يمكن أن تكون من الصوف التويد
— وقبعة مناسبة يخلعها بعد أن يتجول بعينيه حوله في رضًى، ويضعها على
المنضدة إلى جواره مع قفازه الجلدي القديم وصحيفة مطوية.)
(يستريح في وقفته، ويفك ياقة قميصه … إلخ. ويبدأ
في الاسترخاء عمومًا والاستقرار، يتطلع إلى ساعته ويهزها ليتأكد أنها
تسير، ثم يملؤها ببطء وهو ينظر حوله.)
(ويتمطى برقبته، ثم ينحني ليزيل ندفة قطن من كسرة
بنطلونه، ويتأمل حذاءه دون أن يركع.)
(يتنحنح، ويضم كفيه في حجره، ويتطلع هنا وهناك
وقد شرد ذهنه، ويومئ برأسه إيماءات طفيفة وهو شبه مبتسم.)
جاك
:
هاري!
(جاك يدخل من الجانب الآخر — الأيسر — ويرتدي
حُلَّة مماثلة؛ ولكن لها طابع ذوق حديث. منديل في جيبه الأعلى. وقبعة
بالغة الأناقة. ويمسك بعصا. يجمع بين البساطة والرشاقة.)
هاري
:
جاك.
جاك
:
بقالك كتير هنا؟
هاري
:
لأ أبدًا.
جاك
:
عندَك مانع؟
هاري
:
أبدًا … اتفضل.
(جاك يجلس، يتمطى ويبدو عليه الارتياح الشديد
لأنه جلس … إلخ.)
جاك
:
كويس الواحد شاف الشمس تاني!
هاري
:
قوي قوي!
جاك
:
بقالي في السرير كام يوم.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
برد … في السرير.
هاري
:
يا خبر! ومع ذلك كويس … الحمد لله ع الراحة.
جاك
:
إيه؟ صح! لكن … الخروج برضه أظرف.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
ممكن؟
هاري
:
اتفضل.
(جاك يلتقط الصحيفة ويتطلع إليها دون أن
ينشرها.)
جاك
:
أخبار زي الزفت!
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
موش غريبة.
هاري
:
لازم تتأزم قبل ما تُفرج.
جاك
:
فعلًا … ومع ذلك … يعني الحمد لله.
هاري
:
الحمد لله قوي!
جاك
:
الواحد يعمل مش هامُّه … (يقلب الصحيفة).
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
حلوة (يشير إلى الصحيفة).
هاري
:
قوي!
جاك
:
مش معقول … (يقرأ بحماس للحظة) معلهش.
هاري
:
قصدك دي؟ (ينظر إلى الصحيفة).
جاك
(يومئ)
:
… آ … (يطرقع لسانه).
هاري
(يهز رأسه)
:
… معلهش.
جاك
:
على رأيك … لكن …
هاري
:
شوف السحاب … أشكال مختلفة!
جاك
:
أفندم؟ آ … (ينظر إلى السماء حيث يتطلع هاري).
هاري
:
شوف السحاب ماشي ازاي؟!
جاك
:
مش معقول!
هاري
:
أول ما تبص ما تشوفش حاجة وبعدين … شوف أطراف السحب …
اتفرج.
جاك
:
مدهش!
هاري
:
عمرك ما تاخد بالك وانت ماشي عادي.
جاك
:
أبدًا … ومع ذلك دا أحسن وقت في السنة.
هاري
:
أفندم؟
جاك
:
دايمًا أقول إن ده أحسن وقت في السنة.
هاري
:
آه … طبعًا.
جاك
:
مش حر قوي ولا برد قوي.
هاري
:
شفت دي؟ (يشير إلى الصحيفة).
جاك
(يقرأ ثم يقول)
:
مش معقول! (يقرأ ثانيًا قليلًا) … يعني دي مفاجأة صحيح! (فجأة)
أهلًا! (يقرأ ثم يقلب الصحيفة) موش ممكن أبدا!
هاري
:
دا رأيي برضه.
جاك
:
ذهن الإنسان (يهز رأسه).
هاري
:
يا خبر! طبعًا.
جاك
:
عارف في مرة من المرات دي حيحصل إيه؟
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
وحيروحوا فين دول كلهم؟!
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
ما حدش بيبص لقدام أبدًا.
هاري
:
أبدًا … إطلاقًا.
جاك
:
مش معقول (يهز رأسه)!
(ينحني هاري ويزيل شيئًا عالقًا في كمِّ جاك دون اهتمام) … إيه
ده!
هاري
:
قطن.
جاك
:
اتشبك في الكم (ينظر في كمه الآخر ثم في بنطلونه).
هاري
:
الظاهر إنك جاي مستعد.
جاك
:
آه … آه … قصدك ده؟
(هاري يشير إلى جيب جاكتة جاك، جاك يخرج
بالطو مطر بلاستيك لا يزيد حجمه وهو مطوي على حجم يده.)
الواحد لازم يعمل حسابه.
هاري
:
أنا بقى ما استعدتش.
جاك
:
على رأيك … الحياة تسوى إيه؟
هاري
:
على رأيك.
جاك
:
باقول ايه … مش كانت صدمة برضه؟
هاري
:
قصدك امبارح؟
جاك
:
مفاجأة تمام! مفاجأة يعني مفاجأة!
هاري
:
كنت نُص مستعد … لكن برضه.
جاك
:
صدمة!
هاري
:
بكل تأكيد.
جاك
:
مراتي … إنت مش شفتها؟ الأسبوع اللي فات مش كده؟
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
يعني … ست رقيقة خالص!
هاري
:
لكن متينة جدًّا.
جاك
:
من ناحية الصحة يعني … مافيش مشاكل.
هاري
:
لأ طبعًا.
جاك
:
لكن من ناحية الطبع بقى … حساسة ورقيقة.
هاري
:
كده!
جاك
:
من سنتين يا سيدي … (ينظر إلى الخلف) مش معقول … مش ساكستون
ده؟!
هاري
:
أظن هوه.
جاك
:
بيلبس شيك قوي … شيك خالص.
هاري
:
شيك قوي!
جاك
:
بيقولولي … مش معقول! لا يمكن!
هاري
:
ما شافش الحتة دي؟
(يضحكان وهما يخالسانه النظر.)
لازم الواحد يشوف من قفاه اليومين دول!
جاك
:
إنت شفته بقفاك؟!
هاري
:
مش حستعجل بعد كده أبدًا … إيه! (يضحك).
جاك
:
كان عندي عم بيرَبي الخيل.
هاري
:
يا سلام!
جاك
:
وكنت بزوه وأنا صغير.
هاري
:
في الريف.
جاك
:
مافيش زي الريف! عارف؟ الهوا النضيف.
هاري
:
السحاب (يشير إلى السحاب).
جاك
:
رأيي كده برضه.
هاري
:
مراتي كانت حتيجي النهاردة الصبح.
جاك
:
صحيح؟
هاري
:
لكن جالها صداع بسيط … قالت أحسن بقى.
جاك
:
ما تخرجش … يعني … أحسن الواحد يحتاط.
هاري
:
لما كنت في الجيش …
جاك
:
كنت في الجيش صحيح؟ في أنهي فصيلة؟
هاري
:
الاسكتلندية.
جاك
:
بجد؟! أما مفاجأة!
هاري
:
كنت فيها انت؟
جاك
:
لا لا لأ … ابن عمي.
هاري
:
كده!
جاك
:
في وقت غير وقتك طبعًا.
هاري
:
لازم.
جاك
:
كان بيرجع البندقية بتاعته … لا لأ … دوكها كان أرثر … اتلخبطت
بينهم. (يضحك).
هاري
:
يعني.
جاك
:
دايمًا معاك.
هاري
:
طعبًا طبعًا.
جاك
:
مفيدة.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
طول عمرك …
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
أنا كمان كنت — فترة بسيطة قوي — في الطيران.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
مش حاجة مش عظيمة ولا حاجة!
هاري
:
يا راجل! كنت بتطير؟
جاك
:
لا … على الأرض.
هاري
:
مراتي بتموت في زهرة الكريزانا.
جاك
:
كده؟!
هاري
:
موزعة ٣٧ نوع من الزهرة دي في البيت.
جاك
:
زهرة جميلة!
هاري
:
عارف إن فيه أكثر من ميت نوع؟!
جاك
:
كده!
هاري
:
أنواع مختلفة.
جاك
:
متهيألي ممكن تتلخبط فيهم.
هاري
:
قوي … قوي!
جاك
:
أهو راجع.
هاري
:
… ؟
جاك
:
سوانسون.
هاري
:
ساكستون.
جاك
:
ساكستون! دايمًا بتلخبط في الاسمين دول … كان فيه ولدين معاي
في المدرسة واحد اسمه ساكستون والثاني سوانسون، والغربية إن
الاثنين كانوا شبه بعض!
هاري
:
بجد؟!
جاك
:
والاثنين كان عندهم مرض جلدي غريب … هنا. في الناحية دي م
المناخير.
هاري
:
أكزيما.
جاك
:
بجد؟
هاري
:
يعني … ممكن؟
جاك
:
عمري ما فكرت في الحكاية دي … لما كنت صغير … عارف … كان نفسي
أطلع قسيس.
هاري
:
كده؟!
جاك
:
كنت دايمًا أفكر في الحكاية دي.
هاري
:
آه. طبعًا قرار خطير!
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
كاثوليكي ولَّا إنجليكاني؟
جاك
:
الحقيقة … ما قدرتش أختار أبدًا.
هاري
:
الاثنين لهم إمكانيات كبيرة!
جاك
:
كبيرة؟ يا خبر!
هاري
:
ميزات يعني في ناحية معينة. وبعدين … من ناحية تانية.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
م الحاجات اللي كان نفسي فيها زمان قوي.
جاك
:
هيه.
هاري
:
لا لأ … حتضحك على!
جاك
:
لا أبدًا … بجد … قول.
هاري
:
الحقيقة … كان نفسي أرقص.
جاك
:
ترقص؟ إيقاعي ولَّا باليه؟
هاري
:
يعني … يمكن شوية من ده وشوية من ده.
جاك
:
الرشاقة حاجة لطيفة.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
القوة الجسدية.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
دي حاجات م اللي بتعجب سوانسون (يضحك).
هاري
:
ساكستون.
جاك
:
ساكستون! يا خبر! كان عندنا في المدرسة ولد اسمه كعب
الغزال.
هاري
:
بجد؟!
جاك
:
أنا بقى رأيي إنه اتعذب في حياته.
هاري
:
ضروري.
جاك
:
الاستعارات اللي ممكن الاسم … يعني مش عايزة خيال ولا
تعمق.
هاري
:
أبدًا!
جاك
:
ممكن الاسم يسبب إحراج كبير للواحد.
هاري
:
ممكن … كان عندنا … قول معاي … ولد اسمه سمك.
جاك
:
سمك؟!
هاري
:
وولد تاني اسمه سيد!
جاك
:
سيد؟!
هاري
:
ويدلعوه «قشطة»!
جاك
:
يا خبر! (يضحك. ينهض) فيه أسماء دلع ذكية جدًّا.
هاري
:
فعلًا.
جاك
(يتحرك إلى يمين المسرح)
:
… فاكر لما كنت صغير كان لي صاحب طويل جدًّا … طويل قوي في
الحقيقة وكان اسمه عصعوص.
هاري
:
عصعوص!
جاك
:
اسمه مناسب جدًّا … كان (يشرد ذهنه. وقفة) … افتكرت كانت سنانه
كبيرة كمان.
هاري
:
الماضي … الواحد بيفتكر حاجات كتير.
جاك
:
فعلًا … عندك حق.
هاري
:
وساعات بتستغرب إمتي عملت الحاجات دي كلها.
جاك
:
الزمن … اسكت … ماتقولش الكلمة دي.
هاري
:
عصاية حلوة!
جاك
:
أفندم؟ آ … دي؟
هاري
:
والدي كان عنده عصاية … كان بيمشي كتير.
جاك
:
عادة قربت تِبطل.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
كنت أعرف واحد قريب واحد صاحبي … كان بيمشي ٢٠ ميل كل
يوم.
هاري
:
عشرين!
جاك
:
كل يوم الصبح.
هاري
:
دا دليل على قوة شخصيته.
جاك
:
إذا ظبطت السرعة بتاعتك ممكن تمشي أربعة ميل في الساعة.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
خمس ساعات … يبدأ ثمانية الصبح ويرجع واحدة ع الغدا.
هاري
:
ضروري كانت نفسه بتتفتح خالص.
جاك
:
جدًّا خالص … كان بياكل زي الغول!
هاري
:
ونفعته الحكاية دي بعدين.
جاك
:
آ … فعلًا … اتقتل بعدين في الحرب.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
تفسرها ازاي الحكاية دي؟
هاري
:
فعلًا.
(وقفة.)
جاك
(يجلس)
:
إنت حاربت؟
هاري
:
أفندم؟
جاك
:
الجيش.
هاري
:
يعني … في الحقيقة … شوية كده.
جاك
:
شيء مقرف!
هاري
:
فعلًا … ما يستاهلش التفكير فيه.
جاك
:
اثنين قرايبي ماتوا في الحرب.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
لازم الواحد يحمد ربنا.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
جدي … أبو أمي … كان راجل عسكري.
هاري
:
كدهه!
جاك
:
طول عمره.
هاري
:
ضروري شاف حاجات عجيبة؟!
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
لازم كان لها معني أياميها.
جاك
:
طبعًا … الهند … أفريقيا … اندفن الحقيقة في هونج كونج.
هاري
:
بجد؟!
جاك
:
على ما سمعت يعني … عمري ما رحت هونج كونج أنا!
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
المناطق الحارة متهيألي … ممكن تطلع عينك إذا ما كانش عندك
استعداد طبيعي.
هاري
:
يا سيدي! حتقولِّي!
جاك
:
شفت الحتت دي؟
هاري
:
لا أبدًا … بس م اللي الواحد بيقراه.
جاك
:
دوسنطاريا.
هاري
:
بري بري.
جاك
:
الحمى الصفرا.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
دي غير بقية الأمراض الطارئة التانية.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
ساعات الواحد بيحمد ربنا إنه عايش في جزيرة.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
غريبة دي!
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
يعني لو مكانش البحر حوالينا في كل مكان ماكانش الحضارة تبقى
بالصورة دي.
هاري
:
أبدًا.
جاك
:
قيم الحياة والحرية والتحرر كان زمانها اختلفت، والديمقراطية،
قصدي لو كنا عايشين في أوروبا مثلًا.
هاري
:
مِية في المية.
جاك
:
جوانتيك ده؟
هاري
:
آ …
جاك
:
عندي جوانتي زيه في البيت.
هاري
:
صحيح؟
جاك
:
زيه تقريبًا … بس الخياطة الناحية التانية … متهيألي … (يفحص
القفاز) صح زي ما قلت.
هاري
:
هدية.
جاك
:
بجد؟
هاري
:
مراتي … في الكريسماس.
جاك
:
مناسبة حب وهَنا.
هاري
:
الحاجات دي قلت اليومين دول طبعًا.
جاك
:
آه يا صَحبي آه … العملية كلها باظت … أما تخش الفلوس م الباب،
المشاعر تهرب م الشباك.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
كان عندي عَمَّة عندها دكان صغير.
هاري
:
وبعدين؟
جاك
:
كانت بتكسب كل دخلها تقريبًا في الشهر اللي قبل
الكريسماس.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
عمرها ما فكرت إنه فيه حاجة اسمها ضمير.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
معلهش.
هاري
:
ومع ذلك …
جاك
:
فيما عدا الناحية دي كانت ست عظيمة.
هاري
:
صعب قوي نحكم ع الناس.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
أنا مثلًا عندي عربية.
جاك
:
وبعدين؟
هاري
:
في يوم من الأيام — في ديسمبر — خبطت واحد في الشارع.
جاك
:
يا خبر!
هاري
:
كان الشارع زحمة خالص.
جاك
:
حتقولِّي؟! يا ما شفت الزحام.
هاري
:
شاف حاجة عايزها على الرصيف التاني … جرى بسرعة وقبل الواحد ما
يعرف هو فين.
جاك
:
مش خطيرة الحادثة دي؟
هاري
:
لا لا لأ … انكسر دراعه.
جاك
:
وده — واخد بالك — درس معتبر.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
التجربة معلم قاسي.
هاري
:
طبعًا … لكن.
جاك
:
يمكن المعلم الوحيد.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
كان ليَّ ابن خال مرة وقع من صخرة.
هاري
:
بجد؟!
جاك
:
عالية خالص.
هاري
:
كده!
جاك
:
وقع في البحر لحسن الحظ … داخ؛ لكن صَحى بسرعة بعدها.
هاري
:
حظه حلو قوي!
جاك
:
عملها تحدي … كان عندي١٢ سنة وقتها.
هاري
:
أنا كمان وقعت من صخرة مرة.
جاك
:
يا خبر!
هاري
:
مش عالية قوي … وكان في واحد واقف يلقفني (يضحك).
جاك
:
ممكن الصخور تبقى مثيرة جدًّا.
هاري
:
جدًّا … جدًّا.
جاك
:
كان عندي مرة قارب صغير.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
للصيد بس … مش كبير قوي.
هاري
:
إنت صياد؟
جاك
:
أبدًا … مجرد هواية.
هاري
:
طول عمري باستعجب ع الحكاية دي!
جاك
:
حكاية إيه؟
هاري
:
«يقبع فوق الشط وحيدًا».
جاك
:
وما يتحركش؟
هاري
:
أبدًا.
جاك
:
ممكن الواحد يزهق خالص.
هاري
:
لكن القارب ألذ.
جاك
:
طبعًا … نوع من التقاليد في الحقيقة.
هاري
:
من تقاليد العيلة؟
جاك
:
لا لأ … من تقاليد ال … جزيرة … واخد بالك؟
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
فرانسيس دريك.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
نلسون.
هاري
:
بيتي.
جاك
:
سير والتررالي.
هاري
:
ده بقى كان راجل هايل … شاعر.
جاك
:
عارف انهم طيروا راسه في الآخر؟
هاري
:
مش معقول التراب اللي بيتكوم هنا بالسرعة دي (يمر بيده على
المنضدة).
جاك
:
فعلًا … يمكن الحتة دي هي اللي بتجيبه.
هاري
:
فعلًا … (وقفة) عمرك ما بقيت قسيس … يعني؟
جاك
:
أبدًا.
هاري
:
رائع الواحد يكون له رسالة في الحياة.
جاك
:
طبعًا … حاجة الواحد بيؤمن بيها.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
أنا شخصيًّا عمري ما قدرت أحل مشاكل معينة.
هاري
:
زي إيه؟
جاك
:
شوف … ماكانش فيه مشكلة بالنسبة للطريقة والكيفية؛ اتخلقنا
ازاي، ووجوده، واختفاؤه في كل مكان … واخد بالك؟ لكن السبب … ليه؟
… هي دي المشكلة … متهيألي إنه تضييع وقت رهيب.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
قلت أحسن أسيب العملية دي للي ما يهمهمش.
هاري
:
مفهوم.
جاك
:
ومتهيألي إن نفس الحكاية حصلت لك … قصدي بالنسبة للرقص.
هاري
:
فعلًا … فاكر أول درس حضرته … بصيت لقيت كل الموجودين
بنات.
جاك
:
بجد؟
هاري
:
يعني أنا عارف فيه رجالة بترقص وكل حاجة … لكن بدأت ألعب كورة
بعد كده.
جاك
:
على مستوي المحترفين متهيألي.
هاري
:
لا لا لأ … مجرد ماتشات كده … اشتركت في الفريق اللي كان بيلعب
في الجنينة يوم الحد الصبح.
جاك
:
الرياضة لها جاذبيتها!
هاري
:
فعلًا … فعلًا.
(وقفة.)
جاك
:
وبقالك هنا قد إيه على كده؟
هاري
:
يعني … اتنين تلاتة.
جاك
:
مش غريبة إن احنا اتقابلنا داك النهار؟
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
وأنا راجع قلت لنفسي «أما مقابلة بالصدفة».
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
نادر اليومين تقابل واحد تقدر تتكلم معاه بحق وحقيق.
جاك
:
فاهم قصدك إيه.
جاك
:
الواحد بيشتغل وبيتلفت حواليه … وبيقابل الناس؛ لكن نادر ما
بيحصل «تواصل» بحق وحقيق.
هاري
:
جدًّا.
جاك
:
في معظم الأحيان ما بيحصلش خالص (يضحك).
هاري
:
مية في المية.
جاك
:
الواحد بيتعب م «الإحباط» بالتأكيد … وفي الآخر بيفقد الأمل
وما بيحاولش.
هاري
:
فعلًا … (يضحك. ينهض وهو يتلفت حوله).
جاك
:
مش باركر ده؟ (يتلفت).
هاري
:
لا … لأ … متهيألي اسمه فيلندج.
جاك
:
الخالق الناطق باركر.
هاري
:
لأ … ما أعتقدش … باركر بيعرج شوية … عرجة خفيفة.
جاك
:
مارشال هو اللي بيعرج.
هاري
:
صحيح باين عليَّ اتلخبطت في باركر تاني (يضحك).
جاك
:
شفت الراجل اللي وصل امبارح؟
هاري
:
هندركس.
جاك
:
اسمه ده؟
هاري
:
حسب ما سمعت يعني.
جاك
:
أنا حسيت إنه شخصية مريبة جدًّا … ومراته كمان.
هاري
:
متهيألي إنها صاحبته بس.
جاك
:
كدهه؟ … يبقى معقول بقى … قصدي إن أنا مؤمن بالجواز يعني من
ناحية المبدأ.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
لكن أنا بقى لاحظت إيه … إنك إذا صادفت اثنين متجوزين بيظهِروا
عواطفهم كده ع المكشوف يبقى جوازهم مية في المية خلاص.
هاري
:
كده هه!
جاك
:
دي حاجة غريبة جدًّا! أنا واثق إنه لازم يكون فيه تفسير نفسي
للعملية دي.
هاري
:
عدم الاطمئنان.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
كتير قوي الواحد يقدر يحكم ع الناس من سلوكهم بس.
جاك
:
ممكن … أنا واثق إنك صح.
هاري
:
عندك والدي مثلًا.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
راجل ممتاز بكل المعايير، ومع ذلك ماكانش يقدر يطفي النور
أبدًا طول عمره.
جاك
:
بجد؟
هاري
:
خرافات … إذا كان عايز النور ينطفي يقوم يطلب من حد تاني يدوس
ع الزرار.
جاك
:
حاجة غريبة صحيح.
هاري
:
وبطريقة عادية من غير ما حد يحس … وطبعًا سنة ورا سنة الواحد
اتعود على الحكاية دي … أما أخلاقه كإنسان فكانت في منتهى
الأدب.
جاك
:
طبعًا.
هاري
(يجلس)
:
… أما والدتي بقى … فكانت عكسه بالظبط.
جاك
:
كده؟!
هاري
:
كان عندها حماس للحياة.
جاك
:
صحيح.
هاري
:
ثلاثة.
جاك
:
ثلاثة؟
هاري
:
أطفال.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
أصغرهم.
جاك
:
إنت.
هاري
:
أمال إيه؟
جاك
:
واحد من سبعة.
هاري
:
سبعة!
جاك
:
الناس بتخلف كتير أيامها.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
والحياة العائلية.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
ولولا كده ماكانش المجتمع بقى بالصورة دي دلوقتي.
هاري
:
طبعًا لأ.
جاك
:
ومع ذلك.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
قدامنا مثل رائع.
هاري
:
حتقولِّي!
جاك
:
ساعات أقول الواحد كان عمل إيه من غيره؟
هاري
:
صحيح … يعمل إيه؟
جاك
:
واحد صاحبي … الحقيقة معرفة مش صاحبي قوي … اتعرف على جورج
السادس في واترلو.
هاري
:
واترلو؟
جاك
:
محطة واترلو.
هاري
:
يا خبر؟
جاك
:
كان بيشتغل معاون محطة ساعتها … تحت إيد الناظر … يعني مش
مركزاوي حاجة. وكان جلالة الملك مسافر يقضي أجازة يومين في
الريف.
هاري
:
يمكن وندسور.
(وقفة.)
جاك
:
ممكن تروح وندسور من محطة واترلو؟
هاري
:
أنا … لا … مش متأكد.
جاك
:
لكن ساندرنجهام في الريف طبعًا.
هاري
:
في الناحية التانية.
جاك
:
في الناحية التانية.
هاري
:
وبالمورال في استكلندة.
جاك
:
كان عندي عمة سكنت فترة بسيطة … جنب جلوستر.
هاري
:
منطقة ريفية جميلة.
جاك
:
وادي إيفشام.
هاري
:
وادي إيفشام.
جاك
:
بيقولوا في الأساطير الشعبية في المناطق دي بالذات … إنه آدم
وحوا كانوا من هناك.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
الأسطورة منتشرة خالص في المنطقة مثلًا … يمكن انت قريت الحتة
دي في الكتاب المقدس.
هاري
:
حصل.
جاك
:
الزرع الكتير والخضرة مثلًا معناه إن المنطقة ماكانتش في الشرق
الأوسط.
هاري
:
إطلاقًا.
جاك
:
ومع ذلك كثرة الحيوانات … التعابين مثلًا … معناها إن البيئة
ممكن تكون استوائية، وموش مجرد منطقة معتدلة.
هاري
:
آ … فهمت.
جاك
:
ومن ناحية تانية فيه شواهد على إنه في الفترة اللي بنحكي عنها
كان فيه مناخ حار في المنطقة اللي احنا قاعدين فيها دي.
هاري
:
بجد؟ (ينظر حوله).
جاك
:
فيه اكتشافات جديدة بتثبت إنه كان في المنطقة دي فعلًا أُسود
ونمور وفيلة وديابة وخراتيت … وحاجات من دي.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
وفي الظروف دي بقى ما يبقاش تخريف إذا قلنا إن وادي إيفشام كان
هو المكان اياه، وإذا استخدمنا التعبير المعروف قلنا إنه مهد
اﻟ…
هاري
:
جنب بيت عمتك.
جاك
:
تمام.
هاري
:
ممكن اتفرج؟
جاك
:
اتفضل.
:
هاري
:
نادر ما تلاقي عصاية م النوع ده اليومين دول.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
متهيألي إنها بقت موضة قديمة.
جاك
:
عندك حق.
هاري
:
زي الدقون!
هاري
:
والدي كان عنده شنب صغير.
جاك
:
طول عمري أقول الشنب يليق على الرجالة.
هاري
:
تشامبرلين.
جاك
:
روزفلت.
هاري
:
شفايتزر.
جاك
:
تشابلن.
هاري
:
هتلر.
جاك
:
طول عمري أقول إن السفر بيوسع مخ الإنسان.
هاري
:
ما فيهاش كلام.
جاك
:
يا ما سافرت في شبابي.
هاري
:
رحت بعيد؟
جاك
:
كل مكان.
هاري
:
عظيم!
جاك
:
بيأثر في الإنسان.
هاري
:
زي الجيش.
جاك
:
زي الجيش … ومتهيألي إن الحرب برضه لها نفس التأثير.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
بالسونكي.
هاري
:
آه! … السونكي … والحديد والنار … الثلاثة الكبار زي ما كنا
بنسميهم.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
بتبني الشخصية تمام.
جاك
:
حتقولِّي.
هاري
:
شباب النهاردة … كان ممكن يبقوا أحسن كتير.
جاك
:
مافيش كلام.
هاري
:
إنما في سلاح الطيران بقى …
جاك
:
قنابل.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
المدافع.
هاري
:
فعلًا … أؤكد لك إنك نجحت في عملك عشان الطيران.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
بريطانيا سيدة الأمواج … وسيدة السماء كمان مش غريبة.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
أما النهاردة بقى …
جاك
:
صواريخ.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
بيقولوا.
هاري
:
آه.
جاك
:
لما الكارثة اللي جاية تحصل …
هاري
:
هيه؟
جاك
:
إن الجزيرة دي ممكن تغرق.
هاري
:
بجد؟!
جاك
:
إلا قمم الجبال العالية طبعًا.
جاك
:
واحنا قاعدين هنا بنستنى نندفن؟
هاري
:
طبعًا.
جاك
(ضاحكًا)
:
… ونغرق في الآخر!
هاري
:
أما غريبة (يضحك) … مافيش بقى وادي إيفشام.
جاك
:
أبدًا.
هاري
:
ولا عمتك بتاعة جلوستر!
جاك
:
دي ماتت قريب على فكرة.
هاري
:
آه! البقية في حياتك.
جاك
:
ماكناش حبايب قوي.
هاري
:
كدهه!
جاك
:
ومع ذلك … كانت ست عظيمة.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
يعني بطريقتها الخاصة … نادر تلاقي شخصيات قوية اليومين دول،
نادر تلاقي ناس ممتازين.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
التوحيد.
هاري
:
مسز واشنطن (ينظر إلى الخلف).
جاك
:
صحيح؟ دانا كنت بأدور عليها (يقف).
هاري
:
ست عظيمة.
جاك
:
جوزها كان قريب واحد قريبي من بعيد، من ناحية والدي.
يعدل ربطة عنقه … إلخ)
هاري
:
يا سلام!
هاري
:
ما بصتش خالص الناحية دي … مخها مشغول بحاجات تانية.
جاك
:
ممكن تعرفني بسهولة.
جاك
:
صحيح (يجلس).
هاري
:
باركر (ينظر إلى الخلف).
جاك
:
كده؟
هاري
:
عندك حق … مش هو اللي بيعرج.
جاك
:
دوكهه مارشال.
هاري
:
تمام … باركر هو اللي مشيته مش مظبوطة، أنا قلت برضه لازم تكون
حاجة كده.
جاك
:
شلل أطفال.
جاك
:
كان عندي أخت جالها شلل الأطفال أصغر مني. ماتت بعد
ساعات.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
عمرها كام شهر يدوبك … ماكانتش تعرف تتكلم لسه.
هاري
:
تجربة رهيبة.
جاك
:
ماتت لي أخت تانية. عارف كان عندها كام؟ حداشر سنة.
هاري
:
لا حول الله!
جاك
:
الحاجات بتحصل لما يكون العيال كتير.
هاري
:
تمام.
جاك
:
فاكر كان عندنا جار … لما كنا ساكنين في الريف … مات يوم
الصبحية لما وقع على السلالم.
هاري
:
لا حول الله!
جاك
:
والغريبة بقى إنهم كانوا حيعزلوا تاني يوم عشان يسكنوا في
شاليه.
هاري
:
لا حول الله! (يهز رأسه).
جاك
:
كانت ميزة كبيرة في بيت عمتي.
هاري
:
أفندم؟
جاك
:
في جلوستر كان له جنينة.
هاري
:
أهي الجناين دي فعلًا جميلة.
جاك
:
وخصوصًا في الربيع.
هاري
:
في الربيع بالذات.
جاك
:
وفي الخريف طبعًا.
هاري
:
«وغصون تتيه بالثمرات».
جاك
:
تفاحة كل يوم.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
كان عندي بنت أخ نباتية.
هاري
:
كده.
جاك
:
كانت بتاكل كفتة فول.
هاري
:
حاولت مرة أبطل اللحمة.
جاك
:
لها جذورها عارف؟
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
بروكتور … والست اللي معاه مسز جيفريز.
هاري
:
كده.
جاك
:
ناس كلامهم ممتع … تعرف إنه كان من المبشرين؟
هاري
:
إزاي؟
جاك
:
بيقول إنه قضى معظم وقته في خلع سنان الناس.
هاري
:
يا خبر أبيض!
جاك
:
درس العملية دي طبعًا، أما مسز جيفريز بقى …
هاري
:
هيه.
جاك
:
فكانت بتلعب جمباز … والظاهر إنها كانت مشهورة قوي
زمان.
هاري
:
يا سلام!
جاك
:
جالها التهاب مفاصل في اثنين من اﻟ…
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
عارف إنه بيتنقل بفيروس؟
هاري
:
لأ!
جاك
:
الظاهر كده … كانت عندي عمة ما تجوزتش تعبت منه جدًّا … كان
بتعزف الناي، كانت عضو في أوركسترا مشهورة. عمرها ما اتجوزت ورأيي
إن دي حاجة غريبة جدًّا!
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
الموسيقيين طبعا أطوراهم غريبة جدًّا.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
مش ملاحظ إن أحسن الموسيقيين هم اللي شعرهم فلفل؟
هاري
:
كده؟
جاك
:
عمتي العانس ماتت طبعًا.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
فيه شوية سحب.
هاري
:
حتروح.
جاك
:
عمرك شفت اللعبة دي؟ … (يخرج قطعة نقود) … اتفضل مافيش حاجة في
كمي … مستعد؟ واحد اتنين تلاتة اختفت!
هاري
:
يا خبر.
جاك
:
شوف كمان … (يخرج ثلاث أوراق كوتشينة) فين البنت؟
هاري
:
دي؟
جاك
:
غلط!
هاري
:
مش معقول! (يضحكان).
جاك
:
حاول تاني … أهه قدامك (يغير أماكن الثلاث ورقات على المنضدة)
أنهي واحدة؟
هاري
:
اﻟ…
جاك
:
خد راحتك.
هاري
:
دي … موش معقول (يضحكان).
جاك
:
دي!
هاري
:
معلهش … لازم أتعلم الحكاية دي.
جاك
:
سهلة أول ما تعرف الحيلة … وعندي كام لعبة كمان هناك. م الحيل
اللي بحبها أنا شخصيًّا إني أطلع الآس السباتي من جيب الفوقاني لأي
واحد.
هاري
:
فين؟ … (ينظر).
جاك
:
لا لا لأ … (يضحك) دي عايزة تحضير … وساعات من شنطة واحدة ست!
دي بقى بتبقى لذيذة جدًّا!
هاري
:
عجيبة!
جاك
:
كنت أعرف واحد … صديق للعيلة من ناحية والدي … يقدر يحط سيجارة
مولعة في بقه نصها من ودنه اليمين، والنص الثاني من ودنه
الشمال.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
وهي مولعة؟
جاك
:
ما أعرفش.
هاري
:
لازم — متهيألي — من الناحية الفسيولوجية يعني … ممكن.
جاك
:
ما اعتقدش.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
من ميزات القعدة هنا طبعًا.
هاري
:
إيه؟
جاك
:
إنك تقدر تشوف كل اللي بيمر من هنا.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
جننج مش م النوع اللي باستريح له قوي.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
يمكن انت خدت بالك.
هاري
:
فعلًا … في الجيش … قابلت واحد … عسكري عادي.
جاك
:
الرتبة الأولانية في الطيران، هي فني طيران.
هاري
:
أو بحار قدير … في البحرية.
جاك
:
بحار قدير … (يضحكان).
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
اسم مضحك (يضحك) بحار قدير ماكنتش أحب حد يقول عليَّ كده، ما
أظنش!
هاري
:
ليه لأ؟ (يضحك).
جاك
:
بحار قدير؟ (في لهجة احتجاج).
هاري
:
فريزر … خدت بالك منه؟
جاك
:
ما أظنش.
هاري
:
شنب رفيع.
جاك
:
أسود.
هاري
:
صحيح.
جاك
:
يا خبر!
هاري
:
متهيألي تبعد عنه أحسن لك.
جاك
:
بعض الناس ممكن تفهمهم في لحظة.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
والدتي كانت م النوع ده … رقيقة … زي مراتي.
هاري
:
ومع ذلك متينة جدًّا.
جاك
:
آ طبعًا … من ناحية الصحة يعني مافيش مشاكل، لكن والدتي بقى
كانت رهيفة وشكلها رهيف … في حين إن مراتي منظرها …
هاري
:
متينة!
جاك
:
متينة … والدتي في الحقيقة كان منظرها رقيق جدًّا.
هاري
:
ومع ذلك … سبع عيال.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
والدي كان راجل عاطفي جدًّا … كله مشاعر.
جاك
:
زي والدي.
هاري
:
زي والدك تمام.
جاك
:
بس مغلوب على أمره.
هاري
:
أفندم؟!
جاك
:
من ناحية والدتك.
هاري
:
ممكن … متهيألي آ … عاطفي لكن …
جاك
:
مغلوب … من أعظم ميزات الحرب طبعًا هو الإحساس بالأخوة.
هاري
:
الصداقة.
جاك
:
إنت كمان حسيت بكده؟ المطار اللي كنت فيه كان حقيقي زي العيلة
الكبيرة السعيدة … يا سلام! قد إيه كنا بنخدم بعض.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
وقد إيه اشتغلنا!
هاري
:
فاتت قوام.
جاك
:
تمام تمام تمام!
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
وأول ما الحرب خلصت … خلاص … رجعنا تاني لكل حاجة … المقالب
والشكوى والتهليب … ساعات بيتهيألي إنه لو الحرب استمرت تلاتين سنة
كمان كنا استفدنا كتير.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
العيال كانوا طلعوا حاجة تانية خالص … مية في المية.
هاري
:
كده؟ عندك كام؟!
جاك
:
اثنين.
هاري
:
ظريف خالص.
جاك
:
الولد اتجوز … والبنت كمان … العيال بتستعجل قوي اليومين
دول.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
وأنت؟
هاري
:
لا لا … أبدًا! ما حصلليش الشرف.
جاك
:
فعلًا … المسئولية. ساعات الواحد يقول كان لزومه إيه … كان
عندي بنت عم رمت نفسها من عربية قطر!
هاري
:
يا خبر! لا حول الله!
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
ماتت على طول؟
جاك
:
لأ … لحسن الحظ القطر كان يدوب وقف في المحطة.
هاري
:
كده؟!
جاك
:
بنتي متجوزة قومسيونجي، بتاع ثلاجات، بيشتغل في حاجات كهربا م
النوع ده.
هاري
:
كده؟ … عكسي يعني.
جاك
:
أفندم؟!
هاري
:
أنا مهندس تدفئة.
جاك
:
كده؟ مين يصدق … حاجة غريبة صحيح!
هاري
:
وأنت؟
جاك
:
يعني … اشتغلت هنا وهنا يعني.
هاري
:
كده؟!
جاك
:
أحسن حاجة في شغلي دلوقتي إنه بيديني فرصة المبادرة.
هاري
:
قوي … زي شغلي.
جاك
:
توزيع الأغذية في دكان بيع جملة.
هاري
:
كدهه!
جاك
:
اختراع أفكار جديدة. تفكير في كل الاحتمالات.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
تعرف إنك لو عبيت المربى في علب كرتون صغيرة تقدر تبيعها أسرع
من لما تعبيها في برطمانات قزاز كبيرة؟
هاري
:
صحيح؟!
جاك
:
حاجة نفسية … لما تشتري المربى في برطمان تقوم في اللاشعور
تقلق لإنك مش عارف حتودي البرطمان القزاز فين؛ لكن لما تشتريها في
علبة كرتون ما يبقاش فيه أي قلق. والنتيجة: تحسين المبيعات، وتحسين
الإنتاج، وهبوط الأسعار، وتحسين التوزيع.
هاري
:
دي شغلة رائعة.
جاك
:
فعلًا … طول ما بتشغل عقلك موش حيبقى فيه أي عقبة في
طريقك.
هاري
:
فهمت.
جاك
:
لازم التدفئة مشكلة من نفس النوع ده.
هاري
:
طبعًا!
جاك
:
كام طريقة لتدفئة البيت.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
أو حتى عدم تدفئة … حسب الحالة.
هاري
:
تمام! (يضحكان).
جاك
:
ما أظنش قابلت مراتك قبل كده؟
هاري
:
لا لا لأ … في الحقيقة … بقالنا منفصلين فترة كده.
جاك
:
لا حول الله!
هاري
:
مأساة عادية.
جاك
:
بتحصل كتير.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
كل واحد له بلوته.
هاري
:
فعلًا.
جاك
:
وقت الغدا قرب.
هاري
:
يعني. ولسه ما تمشتش التمشية بتاعة الصبح.
جاك
:
لا … لكن …
هاري
:
يمكن أحسن برضه.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
في الحالة دي بقى … (يتمطى. ينهض).
جاك
:
بتاعتك ولَّا بتاعتي؟
هاري
:
بتاعتي … متهيألي … (يلتقط الصحيفة).
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
جوانتي هايل.
جاك
:
فعلًا.
هاري
:
ماركة باكاماك.
جاك
:
تمام التمام.
هاري
:
والعصاية.
جاك
:
والعصاية.
هاري
:
في الحالة دي بقى … نتوكل.
جاك
:
تتوكل … (هاري يأخذ نفسًا عميقًا … شهيقًا وزفيرًا).
هاري
:
ركن جميل.
جاك
:
فعلًا … (وقفة يتلفتان للمرة الأخيرة حولهما).
هاري
:
يفتح النفس للأكل.
جاك
:
تمام … إذن … رجلك الشمال قدام.
هاري
:
رجلك الشمال قدام.
جاك
:
رجلك الشمال قدام و… واحد اتنين … تلاتة.
(يتجولان على المسرح ينشقان الهواء إلى يسار
المسرح.)
المشهد الثاني
(تدخل كاثلين ومارجوري من يمين المسرح. كاثلين
سيدة ممتلئة في منتصف العمر، ترتدي معطفًا مفتوحًا، وعلى رأسها إيشارب،
وفي قدميها حذاء بدون رباط، تعرج في مشيتها، وتستند إلى ذراع
مارجوري.)
(مارجوري في منتصف العمر هي الأخرى، وترتدي جيبة
وبلوفر بأزرار، وتحمل مظلة وحقيبة قديمة.)
كاثلين
:
أعوذ بالله!
مارجوري
:
حتمطر بعد شوية.
كاثلين
:
موش ناقص إلا المطر كمان … أهو ده اللي هيجيب أجلي إن شاء
الله.
(تتجه وهي تعرج في مشيتها إلى الكرسي، ثم تجلس
وتمسك بقدمها.)
مارجوري
:
حتمطر واحنا برا هنا … أنا عارفة كويس.
(تفتح المظلة وترفعها على رأسها، وهي مظلة
بالية؛ ولكن ليس إلى حد كبير.)
كاثلين
:
مية في المية حتمطر … موش كده؟ … حتمطر يعني حتمطر … إنتي
فاتحة الشمسية والدنيا لسه شمس؟! موش عارفة إن ده فال وحش؟ إنتي
حتخلي الدنيا تمطر … خللي عندك عقل أُمَّال … رجلي حتموتني.
(تدلك إحدى قدميها دون أن تخلع الحذاء.)
مارجوري
:
أصل احنا مش في الدِّروة هنا … ومافيش حاجة تحوش المطر؛ لكن
الشمسية هي اللي حتحمينا.
(تحرك المظلة يمينًا ويسارًا وهي تنظر إلى
السماء.)
كاثلين
:
آه ياني آه … مش بعيد رجلي حتتقطع … الجزمة دي حتقطعها
حتت.
مارجوري
(لا تلتفت إلى قدمَي كاثلين؛ بل تنظر إلى
السماء.)
:
… السحاب مالي السما … قلتلك ما كانش لازم نخرج.
كاثلين
:
اللي ما يحاولش ما يوصلش … آه ياني آه … (تتألم).
مارجوري
:
معلهش.
كاثلين
:
شايفة؟ … دي اللي حتحميكي بتقولي؟
مارجوري
:
موش فاهمة!
كاثلين
:
الخروم! الخروم الواسعة اللي في الشمسية!
مارجوري
:
آه؟
كاثلين
:
شوفي أهُه! المطرة بتخش م الخروم دي … تفتكري دي حتحتميكي م
المطرة؟ موش قلتلك؟ … دي زي ما تكوني قاعدة تحت الدش! (تضحك) آه
ياني آه … لكن معلهش دلوقت تفرج.
مارجوري
:
طول مانتي معاي … أنا بامشي زي الزحلفة.
كاثلين
:
طبعًا … مش عايزاني أهرب … هي دي المشكلة يا حبيبتي.
مارجوري
:
استني! (تجلس).
(جاك وهاري يمران ببطء في الخلف، يستنشقان
الهواء ويتحادثان. مارجوري وكاثلين تنتظران حتى يخرجا من
المسرح.)
كاثلين
:
يا ترى عاملين إيه على الغدا؟
مارجوري
:
كرنب.
كاثلين
(وهي تدلك قدميها.)
:
شفتيه؟
مارجوري
:
لأ … شميته!
كاثلين
:
هو النهاردة إيه؟
مارجوري
:
الجمعة.
كاثلين
:
نهاية الأسبوع.
مارجوري
:
بواقي البولوبيف؟
كاثلين
:
لأ … دا يوم الأربع.
مارجوري
:
بوريك السجق؟
كاثلين
:
متهيألي كده … آه ياني آه (تتأوه وهي تمسك قدمها).
مارجوري
:
عارفة لازم تعملي إيه؟ (كاثلين تئن وهي تمسك بقدميها) اطلبي
جزمة تانية … اسمعي كلامي.
كاثلين
:
ما هم أخدوا الجزمة أم رباط مني … الجزمة الوحيدة اللي قدي …
شالوا الرباط أحسن أشنق نفسي بيه … وطوله ١٥ سنتي!
مارجوري
:
هم فاكرينك إيه؟
كاثلين
:
فار ولَّا عِرسة؟
مارجوري
:
موش زي آخر حتة كنت فيها.
كاثلين
:
كده؟!
مارجوري
:
كانوا بيسيبوا الواحد يرسم على الحيطان … يعمل أي حاجة … يلغوص
على كيفه … مش حتصدقي كانوا ساعات بيعملوا إيه!
كاثلين
:
إيه؟ (مارجوري تميل عليها وتهمس) مش ممكن.
مارجوري
:
أحلف لك؟
كاثلين
:
الحمد لله إني مارحتش هناك … الحتة دي موش ناقصة. شوفتي
هندرسن؟
مارجوري
:
يستاهل الحبس.
كاثلين
:
أمال عملتي إيه بقى؟
مارجوري
:
هنا؟
كاثلين
:
لا … في الحتة التانية.
مارجوري
:
مافيش! لغوصة! لغوصة هنا وهناك.
كاثلين
:
استني.
(يعود جاك وهاري ببطء إلى الخلف وهما يتحادثان،
يأخذان أنفاسًا عميقة وقد ألقيا رأسهما، وتعانقت ذراعاهما … تنتظر
ماري وكاثلين حتى يخرجا.)
مارجوري
:
حكيم السنان بتاعي باكستاني.
كاثلين
:
بتاعك؟
مارجوري
:
خلع لي كل سناني.
كاثلين
:
سوِّسوا كلهم لما خلفت البنت … وأهي كبرت وبتشتغل جرسونة في
المصيف.
كاثلين
:
وانتي أرْبِستي هنا.
مارجوري
:
من غير سنان.
كاثلين
:
ما حدش عارف قيمتها.
مارجوري
:
أبدًا.
كاثلين
:
مش ممكن.
مارجوري
:
انا حاقفل الشمسية دي لو ما مطرتش.
كاثلين
:
آه ياني آه … لو كنت أعرف ألبسها تاني … كنت قلعتها!
(مشيرة إلى الحذاء. تئن) … حاولت أعيا عيا وحش.
مارجوري
:
امتي الكلام ده؟
كاثلين
:
حجزوني يومين بس … قالوا لى ما عندكيش حاجة.
مارجوري
:
ما صدقوكيش.
كاثلين
:
وبعدين روحت … كسرت الدنيا كلها … دشدشت كل حاجة.
مارجوري
:
مش معقول!
كاثلين
:
الشبابيك، البوتاجاز … كسرت ضهري كمان … قلت بلاش التلفزيون …
لسه عليه أقساط سنة ونص … قلت «يا كله يا بلاش».
مارجوري
:
برامج زي الزفت. (تنزل المظلة).
كاثلين
:
ولا سألت فيه خالص.
مارجوري
(تنظر حولها)
:
فيه حاجة مهمة هنا على فكرة؛ الواحد بينام كويس بالليل.
كاثلين
:
الحتة اللي انا ساكنة فيها زي ما تكون قزان قطر بيغلي … بيصفر
ويعفر ويجفر … أعوذ بالله … كأن الواحد حيطير!
مارجوري
:
زي التعبان اللي بيلف ع الواحد ويفعصه … عارفة … استني.
(جاك وهاري يسيران في الخلف. ما يزالان
يستنشقان الهواء وتتشابك أيديهما وقد اعتدلت رأساهما.)
بدأت أعيط في كل حتة أروحها … بدأت الحكاية دي ليلة عيد
الميلاد، ليلة الكريسماس.
كاثلين
:
أيام هنية … الكريسماس!
مارجوري
:
وبطلت عياط بعد الكريسماس بيوم.
كاثلين
:
إذا رجع تاني يا ريت يرجع يوم تلات العنصرة … أنا رأيي إن ده
أحسن وقت في السنة كلها.
مارجوري
:
هو إيه ده؟!
كاثلين
:
ما اعرفش … تلات العنصرة طول عمره أسعد يوم عندي … كانت أول
حفلة يوم تلات العنصرة … أول واحد نمت معاه … مش نفس التاريخ … كل
سنة طبعًا بيتغير.
مارجوري
:
أسعد يوم عندي أنا، هو آخر جمعة في أي شهر فيه حرف الره، إذا
كان الشهر اللي بعديه بيبدأ قبل يوم الاتنين.
كاثلين
:
وبتحسبي الحسبة دي ازاي؟!
مارجوري
:
ما اعرفش كنت باحكي للدكتور الحكاية دي داك النهار … فيه واحد
ماسك نضارة معظمة بيبص عليكي.
كاثلين
:
فين؟
مارجوري
:
نزلي ديل فستانك.
كاثلين
:
لأ.
مارجوري
:
اسمعي بس! (تنحني تنزل طرف ردائها) مش قلتلك.
كاثلين
:
زي ما يكون عنده إسهال.
(تضحكان).
شفت الواد ده داك النهار؟ … كان بيعرض الصور الملونة عن رحلة
في نهر الأمازون.
مارجوري
:
شفتي اللي ما كانش لابس هدوم خالص؟ … آل كان بيطبخ للغدا آل!
كاثلين
:
مش حيجيبوه تاني هنا.
مارجوري
:
ماكانش مغطي أي حاجة!
كاثلين
:
يا خبر! يا خبر! (تضحك، وتضع يدها على فمها).
مارجوري
:
استني.
(يعود جاك وهاري للمرور؛ ولكنهما قد اقتربا
أكثر من مقدمة المسرح. يتطلعان إلى مارجوري وكاثلين.)
كاثلين
:
كان فيه لورد ومراته ساكنين زمان هنا.
مارجوري
:
مين ده؟
كاثلين
:
ما اعرفش.
مارجوري
:
يمكن لسه هنا … (تنظر إلى جاك وهاري وهما يمران) شفتي الست دي
اللي سابغة شعرها؟ بتقولِّي إنها طلعت في السينما … سألتها أنهي
أفلام؟ … أفلام م اللي بالك بالك؟
كاثلين
:
وقالت إيه؟
مارجوري
:
الأفلام اللي طلعت فيها مش بالألوان … (تضحكان) حتقع سناني
قريب … سؤسؤسؤ!
كاثلين
:
أحسن ما تروح منك حاجة تانية!
مارجوري
:
يخرب عقلك! (تضحكان تانية).
مارجوري
:
استني.
(جاك وهاري يعودان.)
جاك
(يخلع قبعته)
:
صباح الخير يا حضرات.
كاثلين
:
صباح الخير … لسيادتك … وسيادته.
جاك
:
العفو لا لأ … مش للدرجة دي يعني.
(يضحك في ذوق رفيع وينظر إلى هاري.)
هاري
:
لا لا لأ … ومع ذلك فدي مقبولة يعني.
جاك
:
أرجو ذلك!
هاري
:
طبعًا.
مارجوري
:
وازَّيِّ أحوالك كده يا بروفيسور؟
جاك
:
بروفيسور؟! متهيألي إن احنا اترقينا النهاردة!
مارجوري
:
يمكن اترقيتو … لكن احنا اتبطينا!
(تضحك كاثلين ومارجوري.)
كاثلين
:
كان بقالنا واقفين كام ساعة.
هاري
:
كام ساعة؟
مارجوري
:
لما كنتو انتو قاعدين!
جاك
:
يا خبر! ما كنتش واخد بالي.
كاثلين
:
طبعًا كنت واخد بالك! اتفرج على رجليَّ … بص شوف حصلهم
إيه.
(تمسك قدمها ثانية.)
مارجوري
:
نزلي فستانك يا بت انتي!
كاثلين
:
يا نهاري!
جاك
:
صاحبي ده … هاري … متخصص في حفلات التدشين، وأنا تاجر قطاعي في
الأغذية المحفوظة.
مارجوري
:
أووه! (تصرخ صرخة نافذة، ثم تضحك وتغطي فمها بيدها، ثم توجه
الحديث إلى كاثلين). موش قلتلك؟!
كاثلين
:
مافيش قنابل ذرية النهاردة؟
جاك
(يتطلع إلى السماء من خلفه)
:
لا لا لا … ما اعتقدش.
مارجوري
:
وازَّي اختك المتخلفة عقليًّا؟
هاري
:
المتخلفة؟! آسف حضرتك تقصدي واحد تاني!
كاثلين
:
أوووه! (تصرخ وتضحك).
جاك
:
صاحبي بكل أسف انفصل عن مراته. وده كان نتيجة — إذا سمحتولي —
لمشاكل متعددة.
مارجوري
:
طبعًا.
جاك
:
وأنا نفسي، رغم إني يعني زوج سعيد من عدة نواحي … ما أقدرش
أقول إن وضعي مثالي.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
الواحد بيحاول طبعًا؛ لكن متهيألي إنه شيء طبيعي إنه الواحد
بيفشل في النهاية.
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
صاحبي … جاك … اخترع كذه طريقة جديدة لبيع المربى
بالقطاعي.
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
المربى؟ أنا بحبها.
جاك
:
صحيح؟
مارجوري
(إلى كاثلين)
:
الفراولة أحسن نوع عندي!
كاثلين
:
وأنا التوت.
مارجوري
:
أوووه! (تضحك كاثلين ومارجوري).
جاك
:
واحد صاحبي من ناحية أبويا كان عنده مصنع صغير ما بيطلعش غير
النوع ده.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
في براميل قزاز كبيرة جدًّا.
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
أنا شخصيًّا بحب العسل الأسود.
جاك
:
بس العسل الأسود بقى حاجة تانية خالص.
مارجوري
:
بييجي من الملايو.
هاري
:
لأ … ده المطاط متهيألي.
مارجوري
:
في علب صفيح.
هاري
:
المطاط هو اللي بييجي م الملايو على ما أعتقد.
مارجوري
:
مش أنا اللي باكله؟ لازم أعرف!
كاثلين
:
أصلها بتحط العسل على العيش.
جاك
:
أعتقد أنه بييجي في الواقع من جزر الهند الغربية.
كاثلين
:
جزر الهند الغربية؟ … فين دي؟
مارجوري
:
جنب هونج كونج.
هاري
:
لأ … دُوكها جزر الهند الشرقية على ما أعتقد.
مارجوري
:
عمرك رحت جزر الهند الشمالية؟
هاري
:
ما اعتقدش.
مارجوري
:
أهي دي اللي بييجي منها العسل الأسود.
هاري
:
كده!
(وقفة. الحديث قد اكتسى فجأة نبرة
جادة.)
جاك
:
كنا بنقول في الحقيقة إنه مدام جلوفر شكلها تعبان شوية
…
كاثلين
:
مين دي؟
هاري
:
دي تبقى …
جاك
:
الست اللي عندها تشويه محرج.
مارجوري
:
اللي عندها ودن واحدة؟
كاثلين
:
اللي عندها نص مناخير.
مارجوري
:
بتشخر.
كاثلين
:
أي حد ممكن يشخر إذا اتقطش مناخيره.
مارجوري
:
اتاكل.
كاثلين
:
إيه؟
مارجوري
:
جوزها قطمه وهي نايمة … بالليل!
كاثلين
:
عبط الواحدة تروح في النوم مع أي راجل … في رأيي … اليومين دول
… ممكن يعملوا أي حاجة … يقروا الخبر في الجرنان، وعلى طول يبقوا
عايزين يجربوا هما كمان.
هاري
:
النهاردة كان في منتهى الجمال.
كاثلين
:
مش زي رجلي المولعة … أوووه!
جاك
:
كل ما الواحد يكبر في السن يعرف إن الحاجات الصغيرة دي ربنا
بيبلينا بيها عشان يختبرنا.
كاثلين
:
الصغيرة؟ أنا بلبس مقاس أربعين.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
صاحبي بيشتغل في تجارة السخانات، وعنده خبرة كبيرة جدًّا
بالطرق اللي ممكن تمتع الإنسان بأنواع الترف الصغيرة دي.
مارجوري
:
زمانه في عقل باله بيقول يا ريتني كنت قاعد في الكرسى
ده!
هاري
:
آه.
جاك
:
غريبة إنه مافيش متع من النوع ده بتتقدم للإنسان في رأيي
الخاص.
كاثلين
:
يعني جنينة صغيرة وفيها شوية زهور … نص دستة تمر حنة.
هاري
:
ياسمين.
جاك
:
ورد.
كاثلين
:
أنا عارفة التمر حنة … دي زهور تمر حنة دي … ممكن توصل لمتر
وأطول.
هاري
:
صحيح؟
مارجوري
:
بس عيدانها مغروسة في الطين.
جاك
:
لأ اسمحيلي … موش للدرجة دي.
مارجوري
:
أفندم؟ طبعًا ده طين … أمال إيه هو يعني؟
هاري
:
حوض أزهار؟! والله زي مايكون كوم زبالة.
جاك
:
يمكن الزهور ما طلعتش لسة.
مارجوري
:
الزهور؟ … إنت عايز تزرع زهور فوق الطوب المدشوش وفتافيت
المشمع؟
هاري
:
بعض الأنواع طبعًا.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
يمكن تدريبها على النمو في الظروف دي.
كاثلين
:
إنت مجنون مية في المية … لازم يحطوك فوق هناك.
هاري
(إلى جاك)
:
… أنا سمعت إن الأزهار وحشة برضه في الحتة إياها دوكهه!
(هاري وجاك يضحكان على الفكاهة التي لا يفهمها
سواهما.)
مارجوري
:
في الحقيقة بقى … هو ده طبعهم.
جاك
:
طبعهم؟!
مارجوري
:
أمال إيه؟ حاطين ترابيزة واحدة وكرسيين … لألف بني آدم
هنا.
كاثلين
:
ألفين بيقولوا.
مارجوري
:
ألفين … ألف للكرسي ده … وألف للكرسي ده.
هاري
:
لكن طبعًا فيه كام بنش هنا وهناك.
كاثلين
:
كام بنش؟ … دي ما تستاهلش يتحمى بيها الفرن.
مارجوري
:
بتسيب علامات من تحت لما تتقعد عليها.
كاثلين
:
أوووه! (تصرخ وتغطي فمها).
هاري
:
فيه سحاب قليل في السما.
جاك
:
قليل (ينظر).
مارجوري
:
نزلي طرف الجيبة يا بت انتي!
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
طبعًا … أحد البدائل إن احنا نجيب كرسيين تلاتة معانا لما
نخرج.
جاك
:
صحيح … ده ممكن يبقى أحد الحلول.
هاري
:
أربع كراسي؛ كرسي لكل واحد … ما أعتقدش إن حد حيحس إن الكراسي
اختفت ساعة العصرية من قاعة المحاضرات.
مارجوري
:
إنت شفت «على نهر الأمازون» ليلة امبارح؟
جاك
:
التلات.
هاري
:
التلات.
جاك
:
أعتقد إني شفته … ولو اني كنت ناسي.
مارجوري
:
فاكر الجدع دا اللي كان مغطي وسطه بفوطة خفيفة؟
كاثلين
:
أوووه (تضحك وتغطي فمها).
جاك
:
لازم أعترف إن الحياة البدائية لها جاذبية معينة!
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
الهَوَا … والمكان الواسع.
مارجوري
:
الفوطة ماكانتش مغطية حاجة … كانت كاشفة كل حاجة.
جاك
:
أعتقد إنه في لحظة معينة يعني لمحت …
كاثلين
:
في لحظة … أوووه!
هاري
:
الفطير بتاعه كان شكله حلو.
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
على القرمة الصغيرة.
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
موش الفطير بتاعه يا بنتي! … دا حاجة تانية خالص!
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
والقارب بتاعه في الحقيقة ماكانش مختلف عن القارب الصغير
بتاعي.
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
صيد الأسماك هناك أكتر من مجرد تسلية.
جاك
:
آ … طبعًا.
هاري
:
حياة وموت.
جاك
:
آ … طبعًا.
مارجوري
:
إنت اللي ظبطوك وانت بتخرج م الشباك هنا الأسبوع اللي
فات؟
جاك
:
أنا؟
مارجوري
:
هو بعينه.
هاري
:
ما اعتقدش … مش متذكر الحكاية دي.
جاك
:
إذا سمحتيلي أسألك جبتي المعلومات دي منين؟
مارجوري
:
منين؟ (إلى كاثلين) بقول إيه … موش إنتي اللي قولتيلي
عليه؟
كاثلين
:
لأ … موش أنا … دي مدام هيلر.
مارجوري
:
إنتي متأكدة؟
كاثلين
:
موش أنا على أي حال.
جاك
:
كان لي واحد قريبي — ابن أخويا في الحقيقة — عمل شركة لتنظيف
الشبابيك … من قد إيه؟ من حوالي ثلاث سنين.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
مجال كبير للي يحب المغامرات.
مارجوري
:
شبابيك الحمام بالذات.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
الارتفاع، والمسافة.
هاري
:
لكن في العمارات العالية قوي بينزلوا على سقالات م
السقف.
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
مافيش سلالم تطول. واخد بالك؟
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
الظاهر صاحبتك في حالة نفسية مرحة جدًّا.
هاري
:
بحب أنا الحالات دي.
جاك
:
طبعًا مافيش أكتر م الحكاية في الحتة دي، عندك مستر متكاف
مثلًا، ما أعتقدش إنه كلم أي حد خالص من يوم ما وصل هنا.
مارجوري
:
مين هو ده!
هاري
:
دا الجدع اللي دايمًا يتمشى رايح جاي.
جاك
:
أنا بسلم عليه طبعًا؛ لكن ما بيردش عليَّ
كاثلين
:
سمعت إنك طلبت منهم يخرجوك.
جاك
:
مين؟
مارجوري
:
صاحبك.
هاري
:
لا لأ … مش للدرجة الرهيبة دي … قدمت شوية استفسارات، زيارة
مؤقتة، مشاكل منزلية … واخدة بالك؟ أصله من غير راجل صعب العملية
تتم.
مارجوري
:
بالعكس … دي تتم أكتر من اللازم … وآدي أس المشاكل!
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
على أي حال … واضح إن بعض جوانب المسألة ممكن تتوضح بالجوابات،
يعني الحقيقة الواحد ما بيحبش إنه يفرض نفسه من غير داعي.
جاك
:
طبعًا لأ.
هاري
:
الأحداث لها قوة الدفع بتاعتها … وبتاخد وقتها.
مارجوري
:
إذا كان عليهم كانوا جوزونا … أنا بقولك.
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
أرجوكي يا … آنسة … يا …
مارجوري
:
مدام!
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
يعني … قصدي … ده ممكن يبقى موقف … يعني كان ممكن يبقى مفيد
لنا إحنا الاتنين في ظروف مختلفة وأماكن مختلفة.
جاك
:
بالضبط.
مارجوري
:
اسمعي يا ستي!
هاري
:
كلنا عندنا نقط الضعف بتاعتنا … نقط الفشل.
جاك
:
بكل تأكيد.
هاري
:
مش ممكن نبقى بشر من غيرها.
جاك
:
مش ممكن.
هاري
:
جوهر الصداقة الحقيقية إن الواحد يفوت لصاحبه أخطاؤه الصغيرة …
في رأيي يعني.
مارجوري
:
ما احنا سمعنا على أخطائك الصغيرة كويس.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
ولنا لحظات بنفقد فيها رضى ربنا.
مارجوري
:
عايز يحرق البيت ع اللي فيه! بطل السجاير عشان مش عايزين يدوله
كبريت!
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
الإشاعات اللي بتملا مكان زي ده … ماتستاهلش العملية.
هاري
:
إطلاقًا.
جاك
:
إذا الواحد صدق كل حاجة بيسمعها.
هاري
:
بالضبط.
جاك
:
كنت بقول لصاحبي النهاردة الصبح: إذا ماكانش الواحد يقدر
يستمتع بالحياة زي ما تبلغه في دورانها … يبقى إيه قيمة الحياة؟ …
يعني مش ممكن الواحد يقضي عمره كله جوه قوقعة؟!
هاري
:
لأ … طبعًا.
مارجوري
:
أنا عارفة نفسه يعيش جوه إيه إن جات له فرصة!
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
أنا حاقول لجوزي عليك.
كاثلين
:
سواق أتوبيس.
جاك
:
صحيح؟ … طول عمري مهتم بالمواصلات العامة.
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
لمي ديل الجيبة يا بت انتي!
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
أنا عارفة النوع ده كويس.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
احترام الجنس اللطيف — في رأيي — بدأ يتضاءل بسرعة في العالم
المعاصر.
هاري
:
صحيح.
جاك
:
أنا فاكر زمان … كانت الرجالة بتقف للستات … عادي.
هاري
:
طبعًا.
مارجوري
:
أنا عارفة أنهي وقوف ده اللي بيتكلم عليه.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
كل واحد بيتعود على سلوك معين.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
وما يعملش حساب لحد تاني.
مارجوري
:
حيفوت ميعاد الغدا بتاعك.
جاك
:
صحيح … الظاهر كده.
هاري
:
اتأخرنا.
جاك
:
ومع ذلك قالوا … أحيانًا بيكسر الروتين المعتاد. يعني «من
المفيد لكل من يعنيه الأمر».
مارجوري
:
إيه هو ده؟ إنت عيان؟
جاك
:
لحظة بسيطة من التمزق.
(جاك بدأ يبكي بكاءً مكتومًا، يخرج منديلًا
ليمسح عينيه.)
هاري
:
صاحبي راجل … إذا سمح لي أتكلم.
جاك
:
اتفضل … اتفضل.
هاري
:
عنده إحساس عميق ومشاعر عظيمة.
كاثلين
:
إنت بتضحك علينا؟
جاك
:
أؤكد لك يا مدام … أنا آسف إذا كنت سببتلكم قلق أو تعب … غصبن
عني والحقيقة — وانا متأكد إن صاحبي حيوافق — إن احنا نرجوكم تيجو
معانا للمطعم جوه … أنا لاحظت في الفترة الأخيرة إن الواحد لازم
يقف في الطابور؛ لكن إذا استنينا الطابور لما يخلص واتأخرنا بعدها
كمان ممكن نلاقي الأكل بارد … الأكل بارد … وأخلاق الطباخة أحيانًا
… فظيعة.
كاثلين
(إلى مارجوري)
:
لازم نقوم … مش هيفضل لنا أكل.
مارجوري
:
أصله عايز يقومنا عشان يقعد على الكرسي ده.
هاري
:
أؤكد لك يا مدام إن احنا رايحين.
كاثلين
:
بقول … ممكن أتسند على دراعك؟
مارجوري
:
كاثلين!
هاري
:
اسمك ده؟ اسم لطيف جدًّا!
كاثلين
:
الجزمة بأستك … بتخلي الكعب يورم (تنهض).
هاري
:
اسمحيلي.
كاثلين
:
متشكرة!
هاري
:
هاري.
كاثلين
:
هاري.
هاري
:
ودا صاحبي جاك.
كاثلين
:
جاك … ودي صاحبتي مارجوري.
جاك
:
مارجوري … رائع!
مارجوري
(إلى كاثلين)
:
بقول … إنتي كويسة؟
كاثلين
:
إنتي حتشيليه معاكي؟ … ولَّا جاية معانا؟
جاك
:
اسمحيلي … يا مارجوري (يمسك مقعدها).
مارجوري
:
طيب … (تنهض في تشكك).
هاري
:
ممكن نتقابل هنا بعد الغداء؟
جاك
:
دردشة بسيطة … الوقت يمر ببطء خالص.
مارجوري
:
استني … فين شنطتي؟
كاثلين
:
وأنا عايزة حد يشيلني والله … (هاري يمسك بذراع
كاثلين).
هاري
:
هيه … تمام؟
كاثلين
:
حتسند عليك على طول.
هاري
:
مستعدة … هيلا هوب … يالا بينا.
مارجوري
:
وهو كذلك … يالله بينا … (تمسك بذراع جاك).
جاك
:
ماشي … يا صالة الطعام … إننا قادمون!
(يبدءون المسير. هاري وكاثلين في المقدمة
ببطء.)
هاري
:
متهيألي النهاردة فيه سجق!
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
:
بواقي بولوبيف.
كاثلين
:
أوووه!
جاك
:
كله زي بعضه.
كاثلين
:
أوووه!
هاري
:
طلعت مش بطالة في الآخر.
جاك
:
طلعت مش بطالة في الآخر.
هاري
:
مية في المية.
جاك
:
مية في المية.
هاري
:
وهو كذلك … يالله بينا.
(يخرجون.)
(إظلام.)
الفصل الثاني
(يدخل ألفريد، شاب رشيق في الثلاثين تقريبًا، يرتدي
جاكتة مفتوحة الأزرار، ولا يرتدي رباط عنق. يرى المنضدة، يسير إلى جوارها
ويتخطاها وهو ينظر إليها من طرف عينه … يتوقف وقد عقد يديه خلف ظهره
وينظر إليها. فجأه يحركها ويمسكها ويصارعها كأنما كانت كائنًا حيًّا. يئن
ويجاهدها ثم أخيرًا يرفع المنضدة فوق رأسه.)
(تدخل مارجوري في هيئتها السابقة وفي يدها المظلة
مطوية.)
مارجوري
:
بقول: إنت تعبان ولا حاجة؟
ألفريد
:
آه!
مارجوري
:
إنت موش ألفريد برضه؟
ألفريد
:
أيوه … (مازال يرفع المنضدة فوق رأسه).
مارجوري
:
حاسب تكسرها!
ألفريد
:
آ … (ينظر إلى المنضدة فوق رأسه).
(ولكن مارجوري لا تكترث كثيرًا لهذا؛ إذ تبدأ في
النظر فيما حولها.)
مارجوري
:
ما شفتش صاحبتي؟
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
واحدة بتعرج.
ألفريد
:
لأ … (ألفريد يتوقف قبل أن يجيب).
مارجوري
:
الواحد ساعات يلاقي اللي يقف جنبه وبعدين يبص يلاقيه فك وسابه
لوحده … تحب بسبوسة العسل الاسود؟
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
عندك حد بيساعدك؟
ألفريد
:
لا.
مارجوري
:
كان لازم تستنى.
مارجوري
:
قالوا إنهم حيطلعوا هنا بعد فصل العلاج.
ألفريد
:
… ؟
مارجوري
:
بتاخد فصول علاج؟
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
بتعمل إيه؟
ألفريد
:
سبته.
مارجوري
:
سبته … واضح.
ألفريد
:
معاكي شِلِن؟
مارجوري
:
لأ.
(ألفريد يعلي ويخفض المنضدة فوق رأسه بطريقة
طقسية)
أحسن لى أروح أدور عليها … أي حد ممكن يضحك عليها.
ألفريد
:
آ …
(تخرج.)
(ألفريد يخفض المنضدة ببطء بصورة طقسية، ثم يقبع
ويقبض على رِجل أحد الكراسي من أسفله ويرفعه ببطء مبالغًا في تصوير
الجهد المبذول … إلخ، ثم يقف ببطء وهو يرفعه، يثني ذراعة ببطء ويرفع
الكرسي فوق رأسه ثم ينزل. يقف لحظة وهو يتطلع إلى الكرسيين والمنضدة من
طرف عينيه. يدور حولهما، ثم يدور دورة أخرى، ثم فجأة يقبض على رجل
الكرسي الآخر ويرفعه بيد واحد مثل الكرسي الأول ولكن بسرعة هذه المرة …
يرفعه فوق رأسه … يبدأ في التصارع معه كأنما هو أيضًا كائن حي؛ ولكنه
يقبض عليه بيد واحدة فقط. تمر مارجوري خلف المسرح، تقف وتنظر ثم تستمر
في السير. تخرج … لا يراها ألفريد … يجاهد ألفريد ويهزم الكرسي! ثم
يخفضه وهو غائب الذهن، ثم ينظر يمنة ويسرة بصورة عابرة، ثم يضع الكرسي
تحت ذراعه ويمضي.)
كاثلين
(من الكواليس)
:
يا ساتر يا رب … أو … لا لأ … الناحية دي أحسن … أو!
(تدخل وهي تعرج وذراعها في ذراع هاري.)
(هاري يحمل كرسيًّا من الخيزران تحت ذراعه
الأخرى.)
هاري
:
الله! شايفه؟
كاثلين
:
راح فين الكرسي التاني؟
هاري
:
أهي دي عكننة بصحيح!
كاثلين
:
يعني برضه كرسيين بس … يا ترى حيقولوا إيه؟
هاري
:
يا خبر!
كاثلين
:
أي حاجة هنا بتتسرق … ما تقدرش تدور وشك الناحية التانية … يا
ساتر يا رب!
(تغوص في الكرسي المعدني؛ بينما يمسكه هاري حتى
تجلس.)
هاري
:
اتفضلي.
كاثلين
(تتنهد)
:
… الحمد لله الواحد استريح.
هاري
:
الحمد لله.
(يعدل وضع كرسيه حتى يواجه الشمس، ويبذل في هذا
جهدًا كبيرًا.)
كاثلين
:
اقعد أحسن لك … إيه فايدة الهيصة والوقفة دي؟ يا ترى راحت فين؟
هو صاحبك راح فين؟
هاري
:
متهيألي راح فصل العلاج.
كاثلين
:
اللي بيدخل الفصول دي عمره ما يطلع منها بقول. (هاري ينظر عبر
المسرح).
هو صحيح زي ما بيقول؟
هاري
:
قصدك إيه؟
كاثلين
:
ومرة قال إنه دكتور … وبعدين قال إنه مفتش صحة.
هاري
:
صحيح؟ ما سمعتش الحكاية دي!
كاثلين
:
اطلع من دول … أنا عارفة نوع التفتيش اللي عايزه انت
كمان.
هاري
:
لا … أرجوكي … لازم نفرق هنا بين …
كاثلين
:
أنا سمعت عنك.
هاري
:
كده؟ طيب … أصل …
كاثلين
:
بتألف حاجات.
هاري
:
طيب … أصل … الواحد … ساعات بيحسد اﻟ… طبعًا.
كاثلين
:
إيه هو أصله ده؟
هاري
:
الخيال … الحياة تبقى إيه لو مكانش الواحد يقدر. (يرفرف بأصابع
يده).
كاثلين
:
سمعنا يا سيدي ع الحاجات دي كلها … (تحاكي حركة يده).
هاري
:
أنا واثق إن احنا … أنا وانتي … في الواقع … بنشترك في حاجات
كتيرة يعني الواحد لما يبص حواليه … بيلاقي إيه؟
كاثلين
:
آه ياني! (تئن وهي تتحسس قدميها).
هاري
:
شوية هنا وشوية هناك.
كاثلين
:
آدي الحكاية، ما تعرفش إلا شوية بسيطة من كل حاجة.
هاري
:
يعني … لا … أنا … آ … مافيش أدوار كبيرة للممثل ده … معملش مسرح
صغير ودور صغير.
كاثلين
:
إنت ممثل بقى؟
هاري
:
يعني … في الحقيقة … مثلت فعلًا … في الواقع … شوية كده.
كاثلين
:
«شوية»؟! أديك قلتها تاني … خدت بالك؟
هاري
:
صح … فعلًا … عندك حق.
كاثلين
:
وإيه الأدوار اللي مثلتها بقى؟
هاري
:
يعني في الحقيقة … مش هاملت ولا أوفيليا؛ لكن أكثر أدوار المتفرج
الصغير اللي بيمر على اﻟ…
كاثلين
:
آدي كلمة «صغير» تاني!
هاري
:
صحيح … صحيح! (يضحك).
كاثلين
:
أدوار حب؟
هاري
:
حب … يعني … طبعًا قربت جدًّا من اﻟ…
كاثلين
:
بقول يعني …
هاري
:
الدور المناسب في الحقيقة … طبعًا.
كاثلين
:
متهيألي كان ممكن أحب.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
كان عندي فرصة … جاءت لي الفرصة هنا.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
كان عندي جزمة تانية غير دي.
هاري
:
طبعًا … كل حاجة طبعًا موجودة.
كاثلين
:
حتبقى أزعرينة.
هاري
:
أزعرينة؟!
كاثلين
:
لما بييجو هنا … (تشير إلى الكراسي)
تلات كراسي … دا إذا جاب كرسي هو كمان … لازم يفضل واقف (تضحك).
هاري
:
ممكن يكون اتصادر.
كاثلين
:
اتصادر؟
هاري
:
بتحصل كتير … الواحد يتمتع شوية وبعدين يطبوا عليه.
كاثلين
:
أهيه … كلمة «شوية» مرة تانية.
هاري
:
ياخبر … صحيح!
(وقفة)
من ميزات الحتة دي … واخدة بالك … إنها بتملاها الشمس
كلها.
كاثلين
:
يعني الفتفوتة اللي بتوصل م الشمس.
هاري
:
فتفوتة ازأي؟
كاثلين
:
الهباب بتاع المصانع بيبلع الشمس … بدال ما تخليك أسمر بتخليك
أسود.
هاري
:
أسود؟
كاثلين
:
من فوق لتحت.
هاري
:
دولة صناعية.
كاثلين
:
يا ساتر يا رب … (تريح قدمها).
هاري
:
مش ممكن يبقى عندنا ده وده … الطبيعة الجميلة … واﻟ… لازم نضيع
حاجة قصاد حاجة.
كاثلين
:
صاحبك جابوه هنا عشان كان بيجري ورا البنات الصغيرين؟
هاري
:
إيه؟!
كاثلين
:
ما تنكسفش … السر في بير … أحلفلك بشرفي.
هاري
:
يعني … أصله …
كاثلين
:
يعني أصله إيه؟!
هاري
:
أعتقد كان فيه … بعض اﻟ… الميول المعينة … ممكن نقول؟
كاثلين
:
الميول؟ إيه هي دي؟
كاثلين
:
لأ طبعًا.
هاري
:
ومافيش نيابة ولا حاجة.
كاثلين
:
لأ طبعًا.
هاري
:
ضغوط معينة في اﻟ… كشفت عن نفسها.
كاثلين
:
علنًا؟
هاري
:
لا لا لأ … أنا قصدي … مش ده قصدي.
كاثلين
:
أنا مش فاهمة نُص اللي بتقوله … واخد بالك؟
هاري
:
التفاهم من العوامل الصعبة.
كاثلين
:
ودي فيها كلام؟
هاري
:
أعتقد إنهم شجعوه ييجي هنا علشان شوية اﻟ…
كاثلين
:
كلمة «شوية» تاني!
هاري
:
صحيح؛ لكن بقى … ما عادش فيه أماكن كتيرة الواحد يقعد فيها على
راحته.
كاثلين
:
كان ممكن يروح أجازة … المصيف مثلًا.
هاري
:
على البلاج؟ زحمة طول الوقت.
كاثلين
:
ممكن يروح الريف.
هاري
:
المكان واسع.
كاثلين
:
مرة بعتوني الريف … كل الأشجار دي … ألعن من الناس … يا ساتر
يا رب … لو كنت أقدر ألبسها تاني كنت قلعتها … موش قادرة أفهم ليه ما
بيخلونيش ألبس جزمة برباط … أخدوا حزامي كمان … هم فاكرين حشنق مين؟
طب والله الحزام كان مخلي شكلي كويس … ع الأقل عملِّي وسط!
هاري
:
لا اسمحيلي … لازم أقول إن النسب بتاعة جسم حضرتك معقولة
جدًّا.
كاثلين
:
صحيح يعني؟!
هاري
:
من غير تظاهر ولا تفاخر طبعًا.
كاثلين
:
ما حدش بيشجعني خالص … ليه يا ربي بس! عارف إن صاحبتي دايمًا
بتعيط.
هاري
:
لا حول الله!
كاثلين
:
منين ما تروح … السجاير! أول ما تخش محل وتفتح بقها تطلع الكلمة
دي … ونفس الحكاية في الأتوبيس.
هاري
:
يا خبر … يا خبر!
كاثلين
:
ما تحبش العطف والحنية.
هاري
:
كدهه؟
كاثلين
:
أنا بقى بموت فيهم.
هاري
:
جوزك سواق أتوبيس على ما أعتقد.
كاثلين
:
جوزها هي، مش جوزي أنا.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
جوزي موظف في شركة.
هاري
:
آ … شركة م الشركات دول بتوع اﻟ…
كاثلين
:
التنظيف … كل ما يتلم كوم زبالة يبعتوه يشيلها.
هاري
:
فهمت.
كاثلين
:
كنت بتشتغل في بنك بقى؟
هاري
:
يعني في …
كاثلين
:
شغلة نضيفة … مش عارفة ليه ما يشوفلوش شغلة نضيفة … بواب …
ريحتها مقرفة … يستحمى بالليل … وتاني يوم نفس الريحة!
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
تسد نفسك عن الأكل!
هاري
:
كده؟
كاثلين
:
قلت له: «لازم يقتلوا جراثيمك بالدخان».
هاري
:
كدهه؟!
كاثلين
:
عارف قال لي إيه؟
هاري
:
إيه؟
كاثلين
:
«لازم يفتحوا عليكِي الدخان وميقفلوش المكنة!»
هاري
:
يانهار …
كاثلين
:
حنبقى العصر وييجي ميعاد الشاي وهم لسه ماجوش.
هاري
(ينظر في ساعته)
:
لا لا … لسه بدري.
كاثلين
:
مراتك موجودة؟
هاري
:
آ … آ …
كاثلين
:
انفصلتوا؟
هاري
:
يعني … أنا …
كاثلين
:
موش فاهماك!
هاري
:
أفندم؟
كاثلين
:
مراتك!
هاري
:
يعني … ساعات الواحد بيبقى عايز الأيام دي … أكتر مما يعني
…
كاثلين
:
لو اتقابلنا مرة واحدة كل أسبوعين ماكانش حصل طلاق … مسخرة حكاية
العيشة سوا … دي … مش إنسانية.
هاري
:
لأ.
كاثلين
:
زي الحيوانات؛ وحتى الحيوانات بيهربوا لما بيزهقوا.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
غير طبيعي … راجل بس وست بس … هو فاكر نفسه مين؟ (هاري ينظر
حوله).
لا لأ … هو اللي فوق (تشير إلى السماء).
هاري
:
آ … طبعًا.
كاثلين
:
قالوا إنه عازب … أمال ايه … ماعندوش «زوجة»!
هاري
:
لأ.
كاثلين
:
أهي واحدة ارتاحت.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
بيتصل بالأرواح … من بعيد.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
أولاد؟
هاري
:
أفندم؟ … لا لأ.
كاثلين
:
اتجوزت عندك كام سنة؟
هاري
:
عشرين.
كاثلين
:
الراجل مش المفروض يتجوز قبل أربعين … مسخرة دي … مش ممكن يعرف
هو عايز إيه قبل كده … وبعد الأربعين بيكون كبر قوي ع الجواز.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
اتفرج يا سيدي …
(يدخل ألفريد حاملًا الكرسي … يراهما، فيومئ
برأسه ثم يعود من حيث أتى.)
اسمع
(تنادي عليه)
:
شفت بقى الكرسي راح فين؟
هاري
:
ما اعتقدش.
كاثلين
:
ده ألفريد.
هاري
:
أفندم؟
كاثلين
:
مصارع.
هاري
:
طبعًا.
كاثلين
:
صواميل مفكوكة هنا (تنقر على رأسها).
هاري
:
كده.
كاثلين
:
حتروح فين لما تخرج؟
هاري
:
يعني … أنا … اﻟ…
كاثلين
:
انطردت م الشغل؟
هاري
:
يعني أنا …
كاثلين
:
مراتك مش عايزاك ترجع لها؟!
هاري
:
يعني أنا …
كاثلين
:
راجل غيرك؟!
هاري
:
يعني الحقيقة بقى …
كاثلين
:
معلهش … مش مصيبة كبيرة ولا حاجة.
هاري
:
طبعًا … طبعًا … (وقفة).
كاثلين
:
عايز يعمل إيه بيه بقى؟ كان حقك سألتني.
هاري
:
تمام.
كاثلين
:
مالك؟! تعبان؟
هاري
:
أبدًا … بس على خفيف يعني اﻟ…
(يمسح عينيه وأنفه.)
كاثلين
:
والله انتو زي الأطفال اللي دموعهم سايحة … زيك زي
صاحبتي.
هاري
:
آ … طبعًا يعني …
كاثلين
:
يا ريت أقدر كنت انتحرت … يا ساتر يا رب! (تتحسس قدميها) حاولت
أنتحر بالغاز.
هاري
:
وبعدين؟
كاثلين
:
العيال في بيت أختي … دماغي كانت في الفرن … خبطوا على الباب …
اللبان! حسابه متأخر أسبوعين … كسرت كل حاجة.
هاري
:
وبعدين؟
كاثلين
:
كنت حقتله هو كمان … كنت قتلته لو طُلته … حرمته يخبط على بابنا
بعد كده … حَرَّم خالص.
هاري
:
يا خبر!
كاثلين
:
إنت تعبان شوية؟
هاري
:
أيوه … أنا … اﻟ…
كاثلين
:
اسمع! امسك إيدي إن كنت عايز.
هاري
:
أرجوكي!
كاثلين
:
مافيهاش حاجة (تضع يدها على المنضدة) … مش جميلة قوي؟
هاري
:
لأ اسمحيلي أختلف …
كاثلين
:
طب بالله؟
هاري
:
يعني أنا … (يمسك يدها).
كاثلين
:
اللي في سننا عارفين اللي فيها.
هاري
:
يعني مشوار طويل.
كاثلين
:
مش قادرة أصبر … عايزة أعجز بقى … نفسي أموت بقى!
هاري
:
وبعدين معاكي.
كاثلين
:
معلش … إنت راجل … حاجة تانية بالنسبة لك.
هاري
:
يعني أنا …
كاثلين
:
عارفة عندك مشاكل برضه؛ لكن الستات حاجة تانية.
هاري
:
يعني لكن …
كاثلين
:
لو كان بإيدي ما ارجعش ست تاني أبدًا … اتفضل!
(يدخل ألفريد، يمر بهما إلى خلف المسرح حاملًا
الكرسي، ينظر إليهما ثم يخرج.)
بقى له سنين … هنا … يشتغل بعشرة رجالة إذا طلبوا منه.
هاري
:
يا خبر! (ينظر إليه).
كاثلين
:
موش عارفة كانوا فين؟! (تنادي) هيه! آخر طَرَش! استنى مفيش داعي
تسيب إيدي … متهيألي إنك م النوع اللي بينكسف!
هاري
:
يعني.
كاثلين
:
ولا يهمك … كبرت أنا ع الزعل.
هاري
:
ما اقصدش.
(يدخل جاك ومارجوري، جاك يحمل كرسيًّا من
الخيزران.)
مارجوري
:
أدينا لقيناكو … قعدنا ندور عليكو في كل حتة.
كاثلين
:
داحنا هنا من ساعتها … (هاري يقف).
جاك
:
الشمس لسة قوية.
هاري
:
طبعًا.
مارجوري
:
فين الكرسي التاني؟
كاثلين
:
خده هناك.
مارجوري
:
ويعمل بيه إيه هناك؟!
كاثلين
:
ما اعرفش … اسمعي … اقعدي على حجره إن كنتي عايزة!
مارجوري
:
يا نهار موش فايت! إنتي فاكراني إيه؟ (تجلس).
كاثلين
:
يعني تقفوا انتوا الاتنين ليه؟
جاك
(إلى هاري)
:
لا لا … اتفضل حضرتك … يا صاحبي.
هاري
:
لا لا … اتفضل حضرتك.
كاثلين
:
أنا قاعدة هنا طول النهار … بقول … أنا حقف … آه ياني!
جاك
:
لا لا لأ!
هاري
:
مش ممكن!
مارجوري
:
نقعد فيه بالدور.
جاك
:
ماشي … أنا بقى.
هاري
:
وماله وماله … اتفضل.
جاك
:
يا سلام على ذوقك … ألف شكر! (يزفر ويجلس).
مارجوري
:
كان شايل الكرسي ده وبيدور عليكو.
كاثلين
:
واحنا هنا، ما اتحركناش.
مارجوري
:
بتعملوا إيه؟
كاثلين
:
ولا حاجة يعني.
مارجوري
(إلى هاري) حاسب منها … ما ورهاش غير الرجالة!
:
كاثلين
:
شوف اللي عارفة ياختي!
مارجوري
:
شفتك بعيني.
كاثلين
:
وغيره، وغيره، وغيره!
جاك
:
متهيألي السما هتصفى … السحاب راح … (ينظر إلى السماء).
هاري
:
خالص (ينظر إلى السماء).
مارجوري
:
وقعت في الحب!
جاك
:
مزعجة عملية الكرسي ده … أفندم؟
هاري
:
جدًّا … جدًّا!
مارجوري
:
لازم نروح للدكتور يوصف لها حاجة.
كاثلين
:
حنروح للدكتور يكشف عليكي انتي.
مارجوري
:
حرَّمت البياعين يقربوا من باب بيتها … خمس عيال … اللبان …
الواد اللي بينظف القزاز …
كاثلين
:
عارفة مشكلتك إيه؟!
مارجوري
:
مش هتكون زي مشكلتك!
كاثلين
:
ما تقدرش تمشي في الشارع من غير ما تبل بنطلونها!
جاك
:
الشمس فرشت هنا … شفت الزهور دي اتفتحت … ليه لأ؟
هاري
:
صحيح.
جاك
:
تصور! موش «فارو» ده؟ (ينهض).
هاري
:
بيقول إنه كان بطل جري سباق الربع ميل.
جاك
:
معقول جدًّا … جسمه رياضي خالص … كتافه مربعة.
هاري
:
صدره عريض.
جاك
:
فعلًا.
كاثلين
:
عارفة يا بت انتي لازم تعملي إيه في تعبك ده؟
مارجوري
:
عارفة لازم تعملي انتي إيه في حاجة تانية؟
كاثلين
(إلى هاري)
:
أنا حتمشَّى شويه إذا سمحت … يا ساتر!
يا ساتر … يا ساتر يا ساتر! آه ياني! (تنهض. يساعدها هاري).
مارجوري
:
حاسب لتاخدك ع الغابة … ورا الشجر!
كاثلين
:
حاسب أحسن تبل نفسها.
مارجوري
:
أنا حقول للدكتور عليكي يا حبيبتي!
كاثلين
:
ما انتي بتشوفيه طول الوقت … هي دي مشكلتك … مخك عطبان!
(كاثلين تمسك بذراع هاري ويخرجان.)
مارجوري
:
ما تقدرش تبعد عن الرجالة.
جاك
:
ياخبر! (ينظر خلفها).
مارجوري
:
في الجناين.
جاك
:
كده؟ (يجلس في استياء).
مارجوري
:
والمتنزهات العامة بالذات.
جاك
:
سمعت عن أ … اﻟ…
مارجوري
:
والشكاوى بقى! كانوا يبعتولها البوليس تلاته تلاتة!
ما يقدروش يثقوا في اتنين … وواحد طبعًا ما يكفيش!
جاك
:
يا خبر!
مارجوري
:
أمال إيه!
جاك
:
الواحد صعب يعرف إذا كانت فهد متوحش ولَّا …
مارجوري
:
مين؟! … إنت ما تعرفهاش! زي الفهد والنمر كمان!
جاك
:
لا حول الله!
مارجوري
:
عمرها ما تستحمَّى.
جاك
:
من مميزات الغدا المتأخر إنه المسافة بينه وبين ميعاد شاي العصر
بتقصر.
مارجوري
:
اسم صاحبك إيه؟
جاك
:
هاري.
مارجوري
:
بيشتغل إيه؟
جاك
:
مؤقت … أصل اﻟ… في اﻟ… متصور أنا …
مارجوري
:
حيتفقوا مع بعض، أنا متأكدة وحتشوف غيره.
جاك
:
كده؟!
مارجوري
:
مش عارفة الدنيا حيجرالها إيه.
جاك
:
الحياة … لغز … (يتطلع إلى السماء).
(ترقبه مارجوري، ثم تقول)
مارجوري
:
وهم حاطينك هنا ليه بقى؟
جاك
:
أفندم؟
مارجوري
:
هنا.
جاك
:
شوية … صغيرة.
مارجوري
:
بنت؟
جاك
:
بنت؟
مارجوري
:
البنات.
جاك
:
البنات؟
مارجوري
:
في الشارع.
جاك
:
صحيح! (ينظر حوله).
مارجوري
:
رد عليَّ … هم حابسينك هنا ليه؟
جاك
:
على أساس اختياري تمامًا … أؤكد لك.
مارجوري
:
مراتك اللي حبستك؟
جاك
:
لا لا لأ؛ لكن لحظة كده … حسيت إني محتاج … إني ممكن …
مارجوري
:
ما دخلتش أبدًا الأودة المبطنة؟
جاك
:
ما اعتقدش … (ينظر حوله).
مارجوري
:
أرجوك ما تقولش لصاحبتي!
جاك
:
طبعًا لأ.
مارجوري
:
تقدر ترقد فيها زي ما انت عاوز.
جاك
:
صحيح؟!
مارجوري
:
أنا جيت هنا مرتين قبل كده.
جاك
:
صحيح؟!
مارجوري
:
ما تقولش لصاحبتي.
جاك
:
لا أبدًا.
مارجوري
:
أصلها فاكرة … إن دي أول مرة.
جاك
:
يا خبر!
مارجوري
:
اتعودت بقى … ما يقدروش يستغنوا عني.
جاك
:
آه … طبعًا … الوجوه المألوفة.
مارجوري
:
جيت تلات أشهر، وطلعت، ورجعت تاني في الكريسماس.
جاك
:
كده؟!
مارجوري
:
ما اطيقش الكريسماس.
جاك
:
كده؟ يعني … فترة جميلة … ليالي حلوة وهنية.
مارجوري
:
معظم الناس ما يكلموكش هنا … خدت بالك!
جاك
:
نادر جدًّا … يعني إنه تلاقي حد تكلمه.
مارجوري
:
طبعًا محظوظة.
جاك
:
أفندم؟!
مارجوري
:
في الاستقبال.
جاك
:
طبعًا.
مارجوري
:
صحيت تقريبًا.
جاك
:
كده؟
مارجوري
:
حطلع على طول.
جاك
:
يا خبر! ما تستاهلش العملية.
مارجوري
:
على رأيك.
جاك
:
ع البيت بكرة.
مارجوري
:
بقالك كتير هنا؟
جاك
:
طبعًا … أفندم؟!
مارجوري
:
إنت بتحب؟
جاك
:
أفندم؟!
مارجوري
:
مراتك!
جاك
:
السحاب … صاحبي كان بيتكلم الصبحية على أطراف السحاب.
مارجوري
:
ما تستاهلش العملية.
جاك
:
طبعًا.
مارجوري
:
الرجوع للبيت يعني.
جاك
:
آ … يعني … كل واحد عنده … فكرت أزرع شويه بذور؛ لكن لاحظت إن
الأرض مش ممتازة يعني.
مارجوري
:
عارف حاجة بقى؟
جاك
:
هيه؟
مارجوري
:
أنا عايزة اقعد هنا على طول.
جاك
:
كدهه؟
مارجوري
:
إنت سامعني ولا لأ؟ … إنت حبسوك ليه؟!
جاك
:
أفندم؟
مارجوري
:
أصلك دايمًا تعيط.
جاك
:
النور … العين (يمسح عينه بمنديل).
مارجوري
:
اسمع.
جاك
:
أفندم.
مارجوري
:
خليك هنا على طول.
جاك
:
لا لا لأ.
(يسود الصمت. يدخل ألفريد. يقف إلى الخلف مستندًا
إلى الكرسي.)
مارجوري
:
حتقعد على مسند الكرسي؟
ألفريد
:
أفندم؟
مارجوري
:
اقعد.
ألفريد
:
ما اعرفش.
مارجوري
:
إدي الكرسي للي يعرف يقعد عليه.
ألفريد
:
أفندم؟ (يتقدم منها).
مارجوري
:
إديه لواحد يعرف يقعد.
ألفريد
:
طيب.
مارجوري
:
تعرف صاحبي ده؟
ألفريد
:
لأ.
مارجوري
:
ده ألفريد.
جاك
:
أهلًا … كويس … الجو كويس … (يقف بصورة رسمية).
ألفريد
:
جبت العصاية دي منين؟
جاك
:
آ … (ينظر إليها) جبتها معاي هنا.
ألفريد
:
كان عندي عصاية زيها زمان.
جاك
:
كده؟
ألفريد
:
سرقتها.
جاك
:
كده كده؟
مارجوري
:
كانت معاه لما وصل … مش كده؟ اقعد.
جاك
(يجلس)
:
حاضر.
ألفريد
:
تحب الملاكمة؟ تاخد جولة معاي؟
جاك
:
لأ.
ألفريد
:
وانتي؟
مارجوري
:
لأ متشكرة!
ألفريد
:
معاك شِلِن؟
جاك
:
لا.
مارجوري
:
اسمع! ما شفتش صاحبتي؟
ألفريد
:
لا.
مارجوري
:
إنت جابوك هنا ليه؟
ألفريد
:
هنا فين؟!
مارجوري
:
فاكر إنه في البيت! ما يعرفش قوته الحقيقية!
ألفريد
:
لأ.
مارجوري
:
قطعوا حتة من مخه.
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
وبقيت أحسن دلوقت؟
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
أمه عندها ٨٤ سنة.
ألفريد
:
سبعين.
مارجوري
:
إنت مش قلت ٨٤؟
ألفريد
:
سبعين.
مارجوري
:
بكرة ينسى اسمه كمان.
ألفريد
:
تاخدي جولة معاي؟
مارجوري
:
أوقعك على الأرض بإيد واحدة.
ألفريد
:
يا سلام!
مارجوري
:
حقتلك والله!
ألفريد
:
يا سلام!
مارجوري
:
تحب تجرب (تنهض).
(يتراجع ألفريد خطوتين، ثم تجلس
مارجوري).
لو ما خدتش بالك يشيلو الكرسي من تحتك!
جاك
:
فيه نسمة بسيطة … بتلطف من حرارة الشمس.
مارجوري
:
لازم تنط عليه لو شخط فيك.
جاك
:
طبعًا.
مارجوري
(إلى ألفريد)
:
إنت بتبحلق في إيه؟
ألفريد
:
السما (ينظر إلى أعلى).
مارجوري
:
حيحبسوك إذا ماخدتش بالك … أبوك عنده كام سنة؟
ألفريد
:
اثنين وعشرين.
مارجوري
:
إنت أكبر منه على كده؟
ألفريد
:
آ …
مارجوري
:
أكبر من أبوه يا سيدي! معناته إيه الكلام ده؟
جاك
:
لسه ما تولدش … موش غريبة.
مارجوري
:
صح! (تضحك) لسه ما تولدش، وموش غريبة!(وقفة)كتب كلام قبيح في الشارع .
ألفريد
:
ما حصلش.
مارجوري
:
حصل.
ألفريد
:
ما حصلش.
مارجوري
:
حصل في نص البلد، قعدوا ينضفوا فيه ثلاث أسابيع.
ألفريد
:
أسبوعين.
مارجوري
:
ثلاث أسابيع.
ألفريد
:
اثنين.
مارجوري
:
ثلاثة … صبي خطاط ورسام! ما يعرفش حيخطط إيه ويرسم إيه (إلى
ألفريد) مش هيخدوك صبي عندهم تاني (إلى جاك) ما يعرفش قوته
الحقيقية.
جاك
(ينظر حوله)
:
يا ترى فين؟
مارجوري
:
حيبعتوا البوليس يدور عليهم.
جاك
:
السحاب … (ينظر إلى أعلى).
مارجوري
:
شفت كل الحاجات دي وخدت عليها … الاغتصاب … العملية الجنسية …
المتعة الجسدية.
جاك
:
كان لي ابن عم …
مارجوري
:
إنت الظاهر عيلتكم كبيرة.
جاك
:
سبع إخوات … بنات وولاد … منتشرين.
مارجوري
:
إنت مش كنت ولد وحيد الأسبوع اللي فات؟
جاك
:
بنت أختي … بقول بنت أختي … كان عندها بس.
مارجوري
:
عملت كده ليه؟
جاك
:
وبعدين بقى!
مارجوري
(إلى ألفريد)
:
خلي بالك منه أصله خريج طب.
جاك
:
يا ترى فين؟ (ينظر حوله).
مارجوري
(إلى ألفريد)
:
كنت كتبت إيه في الشارع؟
ألفريد
:
مافيش.
مارجوري
:
لازم كتبت حاجة، مش ممكن تكون كتبت «مافيش حاجة»!
لازم كتبت حاجة عشان يقدروا يمسحوها!
ألفريد
:
أنا حلونك إن ما حاسبتيش.
مارجوري
:
حقطم رقبتك.
ألفريد
:
مش حتقطمي.
مارجوري
:
حقطم.
ألفريد
:
مش حتقطمي.
مارجوري
:
حقطم.
ألفريد
:
مش حتقطمي.
مارجوري
:
إنت بتعمل إيه بالكرسي ده؟
ألفريد
:
مافيش (يديره تحت يده).
مارجوري
:
أسرع م الصاروخ! حاسب منه … رايح فين؟
(جاك ينهض.)
جاك
:
بقول يعني … ممكن … الله!
(هاري وكاثلين يدخلان من الجانب الآخر، وقد
استندت على ذراع هاري.)
كاثلين
:
آه ياني! … أهم اتخلعوا … مش هيفضل لي حاجة.
آه ياني!
(يساعدها هاري على الجلوس في الكرسي.)
مارجوري
:
هيه … كنتو فين؟
كاثلين
:
رحنا وجينا.
مارجوري
:
أنا عارفة … كنتو فين يا حبيبتي؟
كاثلين
:
أبدًا …
هاري
:
كنا في الكانتين … كنا …
كاثلين
:
ما تقولهاش عندها مناخير طويلة شمامة … مرة حتكعبل في مناخيرها
والله! (تشير إلى ألفريد) بيعمل إيه هنا؟
مارجوري
:
مش عايز يسيب الكرسي بتاعه.
هاري
:
عندنا ثلاث كراسي … إيه ده؟
جاك
:
طبعًا … إيه ده! … السحب!
هاري
:
آ … المطر!
جاك
:
موش غريبة!
مارجوري
:
بقولك نزل الكرسي ده.
(ما يزال ألفريد يقف مكانه. مارجوري تقف. ألفريد يترك الكرسي
فورًا) (إلى جاك) جيبه!
جاك
:
ح… حاضر … (يذهب ويأتي بالكرسي. ألفريد لا يتحرك).
مارجوري
:
كل واحد له كرسي.
هاري
:
طبعًا.
مارجوري
:
ودلوقتي بقى … (تشير أي اجلسوا).
كاثلين
:
آه ياني! (تمسك قدميها).
مارجوري
:
كان عندي وظيفة.
كاثلين
:
آه ياني!
مارجوري
:
بَعَبِّي علب الأكل.
كاثلين
(إلى ألفريد)
:
بتبص على إيه؟
ألفريد
:
ولا حاجة.
مارجوري
:
نزلي ديل الجيبة.
كاثلين
:
معنديش حاجة فوق زيادة عنك.
مارجوري
:
كنت بحُط العلب دي في صناديق كرتون.
جاك
:
صحيح؟! … أنا كنت أصلي …
مارجوري
:
بيتم بالمكنة دلوقت.
كاثلين
:
وراحت منك الشغلة يا حبيبتي … حتعملي ايه؟ آدي مشكلتك!
مارجوري
:
صح.
كاثلين
:
بتعيط في كل حتة.
هاري
:
يعني الإنسان له حالات.
كاثلين
:
وخصوصًا في الكريسماس … تعيط يوم الكريسماس.
واليوم اللي بعديه، وساعات لحد رأس السنة الجديدة.
جاك
:
يعني … هو الإنسان …
كاثلين
(مشيرًا إلى ألفريد)
:
بيعمل إيه هنا ده؟
مارجوري
:
مستني يتولد.
كاثلين
:
أفندم؟!
مارجوري
:
الساعة ثمانية بكرة الصبح أرجوكي تحضري (تضحك إلى ألفريد) أرجوك
تحضر انت كمان!
ألفريد
:
آ.
مارجوري
:
أصله متأخر على يوم ولادته (إلى ألفريد) عمرك ما حتعمل ولا تفهم
حاجة.
هاري
(يمد يده إلى الهواء، ثم يسحبها وينظر فيها)
تصورت إنه …
:
لا.
جاك
:
ممكن (ينظر إلى السماء).
هاري
:
حظ كويس لحد الوقت.
جاك
:
صح.
هاري
:
احتمال (ينظر إلى أعلى).
جاك
:
والله!
مارجوري
:
فيه حاجة مهمة هنا … في المكان ده.
كاثلين
:
أفندم؟
مارجوري
:
إنه مش زي البيت.
كاثلين
:
الحمد لله.
مارجوري
(إلى ألفريد)
:
عايز ايه؟
ألفريد
:
ولا حاجة.
كاثلين
:
مش حتاخد حاجة إذا جيت هنا … بتبحلق في إيه؟!
ألفريد
:
ولا حاجة.
مارجوري
:
قطعوا حتة من مخه.
كاثلين
(إلى ألفريد)
:
ودوها فين بقى؟
مارجوري
:
رموها في الزبالة.
كاثلين
:
والله! أهو محتاج لها خالص دلوقت! (تضحك) ويا ترى مقطعوش حتة من
حاجة تانية؟
مارجوري
:
عارفة مشكلتك إيه يا حبيبتي؟
جاك
:
وقت الشاي … موش غريبة (يقف).
هاري
:
صحيح يعني … آ … تقريبًا.
جاك
:
الواحد يمدد رجليه.
هاري
:
طبعًا.
مارجوري
:
موش رجليك عايزة مد.
جاك
:
يعني طبعًا . الرشاقة (يثني ذراعيه ويتمطى).
مارجوري
:
شايف روحه خالص!
كاثلين
:
وماله؟
مارجوري
:
حاسبي على روحك يا حبيبتي.
كاثلين
:
مافيش ضرر م المحاولة.
مارجوري
:
الحمد لله إن رجليكي بالحالة دي.
كاثلين
:
حاقلعها الصبح … ماقدرش أستحمل أكثر من كده.
مارجوري
:
لبسوهالها مخصوص عشان يهبطوها … الدكاترة عارفين شغلهم.
كاثلين
:
عارف دي تبقى إيه؟
جاك
:
يعني … أنا …
كاثلين
:
م. س.
جاك
:
م. س.؟
كاثلين
:
مذنبة … سوابق.
مارجوري
:
كلام فارغ!
كاثلين
:
سوابق.
مارجوري
:
أبدًا.
كاثلين
:
سمعتهم بيقولوا كده في المكتب … م الدكتور … اسمه إيه؟
مارجوري
:
عمري ما سمعت عن الدكتور ده … لازم يكون دكتور جديد … الدكتور
اسمه ايه؟ … دكتور جديد عليَّ.
كاثلين
:
أنا متأكدة م اللي سمعته.
مارجوري
:
استني، بيعيط ليه ده دلوقتي؟
(هاري يجفف عينيه.)
كاثلين
:
دايمًا واحد منهم بيعيط.
مارجوري
:
زي العيال الصغيرين … (إلى ألفريد) شفت الحكاية دي؟
(ألفريد يحدق بثبات فيهما.)
كاثلين
:
أهو زيهم.
مارجوري
:
موش عارفة حيحصل لنا إيه يا حبيبتي.
كاثلين
:
كنت فاكرة إن انتي اللي مفروض تعيطي.
مارجوري
:
وأنا كمان.
كاثلين
:
أبويا كان طول عمره بيعيط.
مارجوري
:
صحيح؟
كاثلين
:
كان بيشرب كتير، الخمرة كانت بتنِز من عينه.
مارجوري
:
أوووه! (تضحك وتغطي فمها).
كاثلين
:
هاري، إيه حكايتك بالضبط؟!
هاري
:
أبدًا … مجرد اﻟ…
جاك
:
والله ممكن أحلف إنه (يمد يده إلى الهواء، وينظر إلى السماء).
كاثلين
:
دا موش مطر … دا البيه ده … حيل الدنيا كلها!
جاك
:
لا … أرجوكي!
مارجوري
:
شوفي … بصي! فاكر الدنيا بتمطر!
كاثلين
(إلى جاك)
:
… اتفرج على صاحبك.
(جاك يأخذ نفسًا عميقًا، ويقوم بتمرينات في
الهواء الطلق.)
جاك
:
منعشة!
مارجوري
:
ما اعرفش … خرجوا ليه؟
كاثلين
:
عمالين يعيطوا.
مارجوري
(إلى جاك)
:
موش حتساعد صاحبك يعني، ولَّا إيه؟
جاك
:
يعني … بتيجي وتروح.
كاثلين
(إلى هاري)
:
تحب تمسك إيدي؟
(هاري لا يجيب).
مارجوري
:
ما شفتش دموع كتير كده في حياتي.
كاثلين
:
من أيام الكريسماس.
مارجوري
:
من أيام الكريسماس يا حبيبتي.
كاثلين
:
أوووه!
مارجوري
(إلى جاك)
:
فيه حاجة تعباك؟
(جاك لا يجيب. يقف متخشبًا وهو ينظر في الاتجاه
المضاد)
متهيألي يا حبيبتي لازم نمشي احنا بقى.
كاثلين
:
متهيألي كده.
مارجوري
:
نحاول نعمل حاجة … إيه اللي بيجيلنا منها؟
كاثلين
:
ولا حاجة إذا ما حاولناش.
مارجوري
:
صحيح.
كاثلين
:
وحتى إذا حاولنا.
مارجوري
:
أوووه! (تضحك وتغطي فمها بيدها وتقف).
ما بتهبطكيش دي؟ (تشير إلى الحذاء).
كاثلين
:
حجيب الجزمة أم رباط تاني يا حبيبتي … أوه! (تتألم).
(تقف) (إلى ألفريد) بتبحلق في إيه؟
ألفريد
:
ولا حاجة.
كاثلين
:
إياك تكون مت بكرة … زي الوقتي.
مارجوري
:
مافيش شكاوى يعني يا حبيبتي؟!
كاثلين
:
مابقيناش بدري خلاص.
مارجوري
:
مش حتودعي صاحبك؟
كاثلين
:
هو عايز يسمع ولا يشوف؟
مارجوري
:
تحبي أسندك يا حبيبتي؟
كاثلين
:
هو انا أقدر أتحرك من غيرك؟
مارجوري
:
وهو كذلك يالله بينا.
كاثلين
:
آه ياني آه!
مارجوري
:
ماعدتش آجي هنا تاني.
كاثلين
:
أحسن الواحدة تخرج م المكان ده … يا ساتر يا رب! … الواحد ممكن
يتجنن إذا ما خدش باله.
(تئن. مارجوري تمسك بذراع كاثلين
وتقودها.)
(وقفة.)
(يتقدم ألفريد، يمسك المنضدة وينتظر ثم يرفعها،
يرفعها فوق رأسه، ثم يستدير ويخرج.)
جاك
:
يا خبر أبيض! (يتحرك هاري في مكانه) الهَوَا اتحرك … لازم تقوم
الريح والمطرة بكرة.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
شفت هاريسون امبارح.
هاري
:
أفندم؟
جاك
:
احتقان.
هاري
:
الهباب.
جاك
:
صحيح؟
هاري
:
طبعًا (يجفف عينيه).
جاك
:
محتمل جدًّا اتجاه الريح يتغير … شمال غربي.
هاري
:
شرقي.
جاك
:
صحيح؟ … الأرض عالية هنا طبعًا … خدت بالي.
هاري
:
لقيت اﻟ… (يشير إلى حيث خرجت مارجوري وكاثلين).
جاك
:
آ …
هاري
:
في منتهى الغرابة!
جاك
:
منتهى الغرابة!
هاري
:
تتعود عليها بعد شوية.
جاك
:
طبعًا … أخت مراتي مثلًا … بتلبس نظارات سودا.
هاري
:
بجد؟
جاك
:
كل ليلة قبل ما تخش السرير.
هاري
:
كدهه؟
جاك
:
والصبح تقلع النضارة.
هاري
:
في منتهى الغرابة!
جاك
:
في الشمس عمرها ما تلبس النضارة!
هاري
:
يعني … أنا … (أخيرًا يمسح عينيه ويضع المنديل في جيبه) في منتهى
الغرابة!
جاك
:
طبعًا كل ما الواحد يكبر في السن كل ما يقدر يتعاطف مع نقط الضغف
اللي عند الناس.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
إذا كان الإنسان ما يقدرش يبقى صادق مع نفسه، يبقى إيه قيمة إنه
يبقى أي حاجة خالص؟
هاري
:
طبعًا مية في المية.
(عاد ألفريد. يرفع أحد الكراسي المعدنية، يديره
من ناحية، ثم يحدق في جاك وهاري قبل أن يخرج بالكرسي من
المسرح.)
جاك
:
في الجيش طبعًا الواحد بيتعود على نقط الضعف دي.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
يمكن في البحرية كمان.
هاري
:
طبعًا طبعًا.
جاك
:
واحد قريبي اترقى لرتبة كابتن سفينة حربية.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
حاجة في دمنا.
هاري
:
ضروري.
جاك
:
طبعًا من غير البحر … كنا نعمل إيه؟
هاري
:
صحيح.
جاك
:
مش ممكن تكون بعيد عن البحر بأكثر من ٧٥ ميل … في أي حتة
تعجبك!
هاري
:
بجد؟
جاك
:
ما إنت عارف الجزيرة الصغيرة اللي احنا عايشين فيها بقى.
هاري
:
غريبة لما تفكر فيها.
جاك
:
ولما تتصور كل اللي طلع م الجزيرة دي.
هاري
:
صحيح.
جاك
:
الرادار.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
النفاثات.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
التليفزيون.
هاري
:
كده!
جاك
:
الآلة البخارية.
هاري
:
يا نهار!
جاك
:
إمبراطورية ما حدش عمره شاف زيها.
هاري
:
قطعًا … يا خبر!
جاك
:
نورت العالم.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
البنسلين.
هاري
:
البنسلين.
جاك
:
داروين.
هاري
:
داروين.
جاك
:
نيوتن.
هاري
:
نيوتن.
جاك
:
ملتون.
هاري
:
يا خبر!
جاك
:
السير والتر رالي.
هاري
:
يا خبر! السير …
جاك
:
اللي قطعوا رأسه!
هاري
:
طبعًا (ينهض. يتقدم إلى مقدمة المسرح).
جاك
:
الجزيرة الصغيرة دي …
هاري
:
مش ممكن تشوف زيها.
جاك
:
أبدًا.
هاري
:
والشمس غربت.
جاك
:
ساعتين.
هاري
:
آه؟
جاك
:
م الحاجات الغريبة طبعًا في المكان ده.
جاك
:
موش ممكن تشوف نفس الأشخاص يومين ورا بعض.
هاري
:
صحيح.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
حجمه.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
مش ممكن تشوف نفس الأشخاص يومين ورا بعض.
هاري
:
صحيح.
جاك
:
موش لاقيين لهم مكان طبعًا.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
تشوفهم عند البوابة.
هاري
:
يا خبر … يا خبر!
جاك
:
ساعات ييجوا بالليل ويمشوا الصبح … مافيش ميزانية كفاية.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
وزير المالية بيوجه الفلوس للحاجات المهمة بقى.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
وآدي الشهود أهم … ترابيزة معدنية واحدة، و٢ كرسي معدني، وألفين
بني آدم.
هاري
:
يا خبر! صحيح.
جاك
:
وبعدين فوق بقى.
هاري
:
طبعًا.
(يتطلعان معًا إلى السماء. يدخل ألفريد، يرفع
الكرسي الأبيض الذي تبقى.)
ألفريد
:
خلصتو؟
جاك
:
أفندم؟
ألفريد
:
أرجعهم بقى؟ … (مشيرًا إلى الكرسيين الخيزران).
هاري
:
طبعًا.
ألفريد
:
لو ما رجعتهومش. مشاكل!
جاك
:
يا خبر! عندك حق.
(ألفريد يراقبهما، يرفع الكرسي المعدني بيد واحدة
من رجله مستعرضًا قوته؛ بينما يتطلعان إليه في صمت. ألفريد يرفع الكرسي
فوق رأسه وما زال ينظر إليهما ثم يستدير ويخرج.)
جاك
:
ظلال.
هاري
:
صحيح.
جاك
:
يوم تاني بقى.
هاري
:
تمام.
جاك
:
عديلي كان رسام.
هاري
:
كدهه؟
جاك
:
كان ممكن يقدَّر جمال الأزهار دي … والضوء الخابي …
والسحب.
هاري
:
رائع.
جاك
:
صحيح.
هاري
:
كان نفسي أطلع فنان أنا كمان … بس موسيقي بقى.
جاك
:
صحيح؟
هاري
:
الناي.
جاك
:
آلة جميلة.
هاري
:
طبعًا (يتطلعان مليًّا إلى المنظر).
ظلال.
جاك
:
خد أي ورقة … (يخرج ورق الكوتشينة من جيبه).
هاري
:
أي ورقة!
جاك
:
أي ورقة تعجبك!
هاري
(يتناول ورقة)
:
أهه …!
جاك
:
ثمانية … كاريه.
هاري
:
مش معقول!
جاك
:
صح؟
هاري
:
هي هي تمام.
جاك
:
كنت عايز أفرج الستات ع اللعبة دي!
هاري
:
يوم تاني بقى.
جاك
:
طبعًا.
(جاك يخلط الأوراق، ثم يقدمها إلى هاري.)
هاري
:
تاني؟
جاك
:
أي ورقة.
هاري
:
طيب … أهه.
جاك
:
تلاته سباتي.
هاري
:
اتنين قلب.
جاك
:
بتقول إيه؟ (يفحص الأوراق لحظة يبعدها).
هاري
:
الغريبة طبعًا هي اﻟ…
جاك
:
طبعًا.
هاري
:
لسه موجودة.
جاك
:
أمال ايه؟ يا خبر!
هاري
:
أنا بحس إن هندريكس … واخد بالك؟
جاك
:
تمام.
هاري
:
شنب … وحواجب.
جاك
:
مطلق.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
من ناحية الشخصية يعني … يبدأ عمل لكن عمره ما يخلصه … لازم
يلاقي حجة عشان ينسحب!
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
البحر … في منتهى الغرابة! من ناحية اﻟ…
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
ابن عمي …
هاري
:
شفت الكنيسة؟
(يتأملان شيئًا خارج المسرح.)
جاك
:
مش غريبة إن أمله يخيب (يتطلع إلى السماء).
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
تمزق نفسي.
هاري
:
طبعًا.
جاك
:
نفس الغلطة … ما تتكررش.
هاري
:
لا أبدًا.
جاك
:
أول ما تنتهي … خلاص … عمرها ما تتكرر.
(يدخل ألفريد.)
ألفريد
:
خلصتو؟
جاك
:
يعني … آ … أنا …
ألفريد
:
لازم أرجعهم.
جاك
:
يعني طبعًا … دي حاجة في منتهى اﻟ…
(ألفريد يحمل الكرسيين الخيزران. ينظر إلى جاك
وهاري، ثم يرفع الكرسيين، ينظر إلى جاك وهاري ثانيًا وهو ممسك
بالكرسيين، ثم يحملهما ويخرج.)
جاك
:
اللي كنت ﺑ … اﻟ… طبعًا.(هاري ينخرط في البكاء.جاك ينظر خارج المسرح.
بعد لحظة جاك يمسح عينيه.
وبعد لحظة أخرى تخبو الأضواء تدريجيًّا.)
(ستار.)