العودة
«دخل الأب المنزل واغتسل، ثم جلس إلى الطاولة، ومدَّد ساقَيه وأغمض عينَيه، وأحسَّ في قلبه بفرحة هادئة ورِضًا مُطمئِن. لقد انتهت الحرب. وخلال هذه السنوات قطعَت قدماه آلافَ الكيلومترات، وانطبعت تجاعيدُ التعب على وجهه، وتحت جفْنَيه المغمضَين وخَزَ الألمُ عينَيه اللتين تَنشدان الآن الراحةَ في العتمة أو الظلام.»
ظلَّ «إيفانوف» طوال السنوات التي قضاها في الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية يَحلم بأن ينتهي الألم سريعًا، وأن تعود الحياة إلى سِيرتها الأولى هانئةً مستقرة، وأن يعود إلى مدينته ودِفء بيته حيث زوجته وابنه «بتروشكا» وابنته «ناستيا»، وإلى كل شيء أحبَّه وفارَقه مرغَمًا بسبب الحرب. تملَّكه الاشتياق والحنين، ولم يستطِع الانتظار أكثر، وها قد جاءت لحظة العودة إلى الحياة من جديد. استقلَّ القطار مسرِعًا إلى بيته، والتقى بأُسرته وعانَقها بكلِّ حب، ولكن كان ثَمة شيءٌ حال بين «إيفانوف» والشعور بفرحة العودة من صميم قلبه، وسرعان ما تعكَّر صفو هذا البيت الصغير. تُرى ماذا جرى؟