الفصل الخامس عشر
قال الرقيب ويليامز بارتياحٍ بالغ وهو يصافح جرانت بحرارةٍ صباح يوم الإثنين: «تبدو وكأنك عريس.»
«إذَن، أظن أنه من الأفضل أن أذهب لكي يلقي الناس بالأرز عليَّ. كيف هو حال التهاب مفاصل الرجل العجوز هذا الصباح؟»
«أوه، لا بأس على ما أظن.»
«ماذا يدخِّن؟ غليونًا؟ أم سجائر؟»
«أوه، إنه غليون.»
«إذَن من الأفضل أن أدخل عليه فيما لا يزال مؤشِّر الضغط عاليًا.»
وفي الممر التَقى جرانت بتيد هانا.
سأله هانا بعدما حيَّاه: «كيف تصادف أن قابلتَ آرتشي براون؟»
«إنه يكتب قصيدةً ملحمية باللغة الغيلية في الفندق الذي يقع في المكان الذي كنت أمكث فيه. بالمناسبة، «غربانه» هي قواربُ صيدٍ أجنبية.»
قال هانا وقد جمد في مكانه من الاهتمام: «حقًّا؟ كيف عرفت ذلك؟»
«اجتمعوا في حفلة. كانوا يستخدمون فيما بينهم الحيلة القديمة «خذ سيجارة، لا لا، أبقِ علبة السجائر معك».»
«هل أنت واثق من أنها «لم تكن» سجائر؟»
«تمام الثقة. تمكنت من نشله أثناء إحدى جولات رقصةٍ شعبية، ثم أعدت ما نشلت في الجولة التالية.»
«لا تخبرني أنك كنت ترقص «الرقص الشعبي الريفي»!»
«ستندهش من الأشياء التي كنت أفعلها. أنا نفسي مندهش قليلًا.»
«كيف كان «الخبز»؟»
«رِزمةٌ كاملة من أجمل الأوراق المالية «الكبيرة» التي رأيتها من قبلُ.»
فقال هانا وهو يفكر بتمعُّن: «حقًّا؟» ثم تزايدت أمارات الاستمتاع على وجهه حتى صارت ابتسامةً عريضة. وتابع يقول: «أحدهم يُبدِّد قدرًا هائلًا من المال.»
فقال جرانت: «أجل. حمَلٌ في ثوبِ ذئب. وينبغي أن ترى ثيابه!» ثم تابع مسيره نحو باب مكتب رئيسه في العمل.
قال هانا: «يبدو أن إجازتك كانت مفيدةً لك. لم أرَك بمثل هذه السعادة البالغة من قبلُ. أنت تقرقر كالقطط من السرور.»
فقال جرانت: «كما يقولون في أقصى الشمال، أنا في قمة السعادة»، وكان يعني ذلك حقًّا.
كان سعيدًا، ليس بسبب التقرير الذي كان سيقدِّمه إلى برايس، ولا حتى لأنه استعاد زمام نفسه مجددًا، وإنما كان سعيدًا بسبب شيء قاله له كولين الشاب في المطار ذلك الصباح.
كان تاد قد قال له، وهو يقف منتصبًا وفي غاية الجدية ويدلي بخطاب وداعٍ رسمي صغير كما يفعل الأمريكان المهذَّبون: «سيد جرانت، أريدك أن تعرف أنني لن أنسى ما حييت ما فعلته من أجلي ومن أجل بيل. لم يكن بوسعك أن تعيد لي بيل، لكنك فعلت شيئًا أروع بكثير: لقد جعلته خالدًا.»
وبالفعل كان ذلك بالضبط ما فعله. فما دامت توجد كتبٌ تُكتَب، وتاريخٌ يُقرأ، فسيظل بيل كينريك حيًّا؛ كان ألان جرانت هو من فعل ذلك. لقد دفنوا بيل سحيقًا في غياهب النسيان، لكن ألان جرانت نبش قبره ووضعه في مكانته المستحقة باعتباره مكتشف عُبار.
لقد سدَّد الدَّين الذي كان يدين به لذلك الشاب الميت الذي كان في المقصورة «بي ٧».
حيَّاه برايس بودٍّ، وقال إنه يبدو بخير حال (وهو ما لم يكن ليؤخذ في الحسبان؛ لأنه كان قد قال ذلك في آخر لقاء بينهما)، واقترح عليه أن يذهب إلى هامبشاير استجابةً لطلب من شرطة هامبشاير قد وصل لتوِّه.
«إن كان الأمر متساويًا لديك يا سيدي، فأريد أن أزيح أمر جريمة قتل كينريك عن صدري أولًا.»
«جريمة ماذا؟»
قال جرانت، وهو يضع أمام برايس حزمة منمَّقة من أربع ورقات كانت هي نتاج قضائه يوم الأحد البهيج في منزله: «هذا هو تقريري المكتوب عن المسألة.»
وبينما كان يضع حزمة الأوراق تذكَّر على نحوٍ مبهم وباندهاشٍ أن ما كان قد خطط لأن يضعه أمام برايس هو استقالته.
يا للأفكار الغريبة التي تواتي المرء في الإجازة!
كان سيستقيل، ويصبح مربي خراف أو شيئًا من هذا القبيل، ويتزوج.
يا لها من فكرةٍ مدهشة! يا لها من فكرةٍ غاية في الإدهاش!