الفصل الحادي عشر
السريان والملوك الأرتقيون وملوك الكرج
جرت صلات متينة بين الملوك بني أرتق في ماردين وبطاركة السريان؛ من ذلك أن الملك نجم
الدين ألبي (١١٥٣–١١٧٦) حضر سنة ١١٧٠ في دير الزعفران الاحتفال العظيم بجلوس ميخائيل
الكبير
على الكرسي الأنطاكي.
وألقى ديونيسيوس ابن الصليبي مطران آمد العلَّامة خطبة سريانية في تقريظ فضائل البطريرك،
ثم تطرَّق لوصف مناقب الملك نجم الدين الأرتقي، وأفاض في الدعاء له ولجنوده
ولدولته.
١
ولما ابتُلِي نجم الدين المومأ إليه بمرض عضال، ظهر له مار آباي في الحلم وأوصاه
بالنصارى، فلما نقه من مرضه أخذ يهتم بتشييد كنائسهم وترميم أديارهم وحقن دمائهم، وكان
يجول
في الأديار انتجاعًا للصحة، حتى نال الشفاء التام بصلوات مار آباي وشفاعته.
٢
ولما تولى البطريركية في دير الزعفران إغناطيوس الخامس (١٢٩٣–١٣٣٣) المعروف بابن وهيب،
أحبه الملك المنصور الأرتقي (١٢٨٥–١٣١١) لمزيد علمه وفضله، وقد قرَّبه إليه وخلع عليه
ومنحه
صكًّا ممتازًا يؤيده في البطريركية.
أما ملوك الكرج فلم تكن علاقاتهم مع السريان بأقل من ملوك سائر الأمصار، وقد أثبت
ابن
العبري في تاريخه الكنسي أن جمال الدين وزير الموصل أوفد إغناطيوس الثاني (١١٤٣–١١٦٤)
مفريان المشرق مصحوبًا بأسقفين إلى جورجي ملك الكرج سنة ١١٦١ لإطلاق الأسرى المسلمين،
فخرج
الملك إلى لقائهم واحتفى بهم بمجالي السرور والاستحسان، وأنجز مرغوبهم ودفع إليهم الأسرى،
وكان المفريان والأسقفان يقيمون الحفلات الدينية في كنائس الكرج
٣ مدة إقامتهم في تلك البلاد. هكذا توفق المفريان في مهمته نظرًا إلى ما كان له
من النفوذ والاحترام في بلاطي مملكة الموصل ومملكة الكرج.
هوامش