السريان والفرس
في جملة الأمصار الخاضعة للكرسي الأنطاكي، نذكر بلاد فارس التي أينع فيها الأدب السرياني بجانب الأدب الفارسي، وبرز فيها أحبار أجلاء وعلماء أفاضل أنشئوا تصانيف سريانية تجلَّت فيها مواهبهم العقلية، نذكر في مقدمتهم يعقوب أفرهاط الحكيم الفارسي صاحب كتاب «البراهين» الذي أفرغه في قالب سرياني بأسلوب جزل بليغ، ثم الجاثليق شمعون برصباعي (٣٢٩–٣٤١م)، وميلس أسقف شوشن (†٣٤١م)، ولسنا ننسى مار ماروثا (†٤٢٠م) الواسع الشهرة الذي بعثه أرقاديوس قيصر (٣٩٥–٤٠٨م) في رسالة توصية إلى يزدجرد ملك الفرس (٣٩٩–٤٢٠م)، فارتحل القديس ماروثا ثلاث مرات إلى عاصمة الأكاسرة، وتوصل بمرونته وذكائه إلى كف الاضطهاد عن النصارى، ثم صنَّف عن الشهداء السريان في البلاد الفارسية كتابًا امتاز بلهجته البليغة المؤثرة.
وبعد استقلال السريان بيعيًّا — كما تحدثنا قبل الآن — أخذ بطاركتهم أو مفارنتهم ينصبون مطارنة وأساقفة لكراسي الأبرشيات السريانية في بلاد فارس، نذكر منها: أبدقون، وسجستان، وأفرة، وجرجان، وخراسان، وهرات، ومراغا، وتبريز، وأذربيجان، وغيرها. وقد اطَّلعنا على جدول أساقفة تلك الأبرشيات منذ عهد البطريرك قرياقس (٧٩٣–٨١٧م) حتى عهد البطريرك ميخائيل الكبير.