كُتب تحدثت عنه
-
الدين والفن في أدب ثروت أباظة: تأليف مهدي بندق.
-
الأعمال الروائية والقصصية لثروت أباظة: تأليف إبراهيم سعفان، ومحمد قطب.
-
قضية الحرية عند ثروت أباظة: تأليف عبد العزيز مصطفى.
-
القصة القصيرة عند ثروت أباظة: تأليف حسين عيد.
-
ثروت أباظة في مرايا الآخرين: جمع المقالات وأعدها الأستاذ صبري السيد.
-
النماذج البشرية في أدب ثروت أباظة: تأليف الدكتور عبد العزيز شرف.
-
ثروت أباظة الفلاح الأرستقراطي: تأليف الكاتب الصحفي محمود فوزي.
وقد تحدثت عنه أيضًا «رسالات دكتوراه» متعددة منها رسالة دكتورة وجيهة محمد المكاوي خريجة آداب قسم اللغة العربية جامعة الإسكندرية، والباقي من الجامعة المصرية ومن الجامعة الأزهرية.
•••
كتب ثروت مقالًا في بداية حكم الرئيس السادات «في أي شيء صدق» وكان الحكم لا يزال سائرًا على نظام الحكم السابق، والذي تحوَّل رويدًا رويدًا وبحكمةٍ شديدة من حكمٍ مغلق إلى حكم الانفتاح، كتب هذا المقال حين كان الحكم لا يزال مغلقًا وكان مقالًا جريئًا صادقًا، وهذا هو المقال.
في أي شيء صادق؟!
وفي أي شيء صدق؟!
أية غريبة أن يُقال ما يُقال؟ وما المآل وقد سرق أمننا، ولَصَّ كرامتنا، وامتصَّ دماء أبنائنا، وأهدر على رمال سيناء شرف مصر والعرب، وتاريخ أمة ومستقبلها؟
وفي أي شيء صدق حتى يصدق في ذمته؟!
قال: «ارفع رأسك يا أخي.» وحطم كل رأس فكَّر في الارتفاع أو فكَّر فقط، وأبى أن يجعل أحدًا من الناس أخًا، بل أرغم الجميع أن يكونوا عبيدًا له أو هم أعداء.
قال ديمقراطية، ثم فشا وحده مسعورًا، منفردًا بالحكم، مسئولًا وحده عن كل خفقة نفس في البلاد.
وقال قضينا على الإقطاع؛ فإذا بأصحاب الملايين في عهد الرأسمالية كانوا لا يتجاوزون أصابع اليدين عددًا، فأصبحوا خمسمائة نتيجة لعهده، ثروة الواحد منهم مهما تبلغ من الضآلة تلتهم ملايين الإقطاع جميعًا والإقطاعيين.
وقال ثورة بيضاء، ثم أهدر دماء الشباب في حروب اليمن وحربَيْ سيناء من أجل مجده الشخصي، ومن أجل خراب مصر في دمائها ومالها وكرامتها.
وأسال الدماء في خِسَّةٍ غادرةٍ مجرمة وراء أسوار السجون والمعتقلات.
قال الشرف، وهدد الرجال في عفَّة زوجاتهم وشرف بناتهم وأخواتهم.
قال تكافؤ الفرص، وأغدق الأموال على أبنائه، حتى لقد كان الواحد منهم يلهو بقيادة طائرة لا يحلم أغلب الشعب أن يركبها مرة في حياته، وتقدَّمت ابنة له تفكر في شراء أرض يتجاوز ثمنها مائة وخمسين ألف جنيه، ولُقِّب ابنه بالمليونير في إذاعة لندن، وسكب أموال الدولة على إخوته وعلى كلابه من ماسحي أحذيته، ولاعقي نعاله؛ فهم ينبحون باسمه حتى اليوم، وقد فجعتهم فيه الفاجعة، وزالت من أفواههم دماء الشعب التي أتاح لهم أن يمتصوها، تؤيدهم في نباحهم فئة أخرى اعتدى عليهم في المعتقلات وجعل زوجاتهم بلا عائل لطول حبس الأزواج ولحبس المال عنهم، ومع ذلك ينبحون باسمه مع كلابه النابحة.
لأن الحكم الجديد، قال الله.
وقال الحرية.
وقال القانون.
ونفَّذ ما قال وانتصر.
في أي شيء صدق؟!
قال: «الرجل المناسب في المكان المناسب.» ثم اختار أهون الناس وجعل منهم رؤساء على العمالقة، ووضع في أغلب المناصب رئيسًا جاهلًا لأن الجهلاء هم علماء النفاق؛ فانهار العمل في الحكومة وفي القطاع العام. وحين قال محافظ من علمائه: أعط القانون إجازة رقِّي إلى وزير؛ لأنه عبر عن شعار الدولة.
في أي شيء صدق؟!
دعا إلى الاشتراكية وعاش، وعاش خدمه والمحظوظون من أتباعه عيشة تتضاءل عندها عيشة الفجار من العاهرين في الرأسمالية، فسمعنا عن فواكه تأتي بالطائرات، وعن سيارات نقل تحمل الفراء والسجاجيد، ويُعلَن هذا علينا حين يغضب على الفاعل ويستر علينا حين يترضاه ويضع رأسه تحت قدميه.
ألا إلى غير رجعة يا زمن الهمس والصراخ، والنوم المفزَّع، والقلق الشائع، والخوف المبيد، والعرض المباح، والدم المسفوك، والشرف الجريح، والتاريخ الممزَّق، والأمل المظلم، واليوم الكالح، والغد العبوس، والحق المضاع.
ويقولون: اكتموا على السرقات أن تذيع، فإنها إن شاعت أحجمت أموال العالم عن مصر والانفتاح، جهلوا الحقيقة، لن تأتي الأموال وأصحابها يعرفون أن اللصوص هنا تتخفَّى وراء الأستار، تحمل معها التشكيك في أمانة بلادنا، يوم تتكشَّف الحقائق ويعرف العالم أننا أصبحنا على الطريق القويم، شريفة أيدينا، واثقة نفوسنا، مطمئنًا اقتصادنا، يأتي إلينا أصحاب الأموال شرفاء واثقين مطمئنين، الحق دائمًا بالدول أجدر.
وقد كلفه هذا المقال منصبه كرئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون التي قفز توزيعها في عهده إلى أرقام تفوق التصور؛ حتى إن شيخ الصحفيين مصطفى أمين قال له: «لقد صنعت من الفسيخ شربات.»
فقد أقاله الرئيس السادات من منصبه إظهارًا لغضبه، وقد طلب منه الأصدقاء أن يكتب مقالًا آخر يعتذر فيه عن المقال السابق، ولكنه رفض رفضًا قاطعًا، وقال: «دون ذلك الموت!» وبعد فترة عُين في جريدة الأهرام رئيسًا للصفحة الأدبية، وبقي فيها سنواتٍ طويلة إلى أن عيَّنه السادات عضوًا في مجلس الشورى في أول تكوينه، وقبل رحيله بسنوات كانت كتاباته كلها شفافية ونورانية وخشوع ولا يخلو مقال من مقالاته من الاستشهاد بالقرآن الكريم، وكتب عن الرسول بحبٍّ غامر وإيمانٍ عميق، وكتب مقالاتٍ متعددةً ومتتالية مناديًا بأن يعود الأزهر الشريف للأزهر، وكتب أيضًا عن التآخي بين المسلمين والمسيحيين، وعن مكانة مريم العذراء وابنها عيسى عليه السلام في القرآن.