الحروف اللاتينية لكتابة العربية
تَفرِضُ تَطَوُّراتُ الحَياةِ الثَّقافِيةِ والفِكْرِيةِ لَدَى المُتَحَدِّثِينَ بِالعَرَبِيةِ وَاقِعًا جَدِيدًا، يَتَمَثَّلُ في ظُهُورِ طَرِيقَةٍ جَدِيدَةٍ لِلكِتابَةِ وَرَسمِ الكَلِمات، قَدِيمةٍ في ظُهُورِها وَمَدْلُولاتِها وَأَهدَافِها؛ فَمُنذُ أَوَائِلِ القَرنِ العِشرِين، ظَهَرَتْ فِكرَةُ استِبدَالِ الحُرُوفِ العَرَبِيةِ بِأُخرَى لَاتِينِية، عَلَى يَدِ «داود الجلبي»، غَيْرَ أَنَّها تَبَلوَرتْ بِشَكلٍ أَكثَرَ دِقَّةً لَدَى «عبد العزيز فهمي» الَّذِي بَاتَ مُقتَنِعًا بِرَأْيِهِ وَمُتَمَسِّكًا بِحَقِّ فِكرَتِهِ في الحَياةِ وَالِاستِمرَار؛ لِذَا خَاضَ العَدِيدَ مِنَ المَعَارِكِ الفِكرِيةِ مَعَ أُدَباءِ وَمُفَكِّرِي عَصرِه؛ بُغْيَةَ الِانتِصَارِ لِحُرُوفِهِ اللَّاتِينِية. وَلَمْ يَكُنِ المُؤَلِّفُ يَعرِفُ أَنَّهُ سَيَنتَصِرُ بَعْدَ قَرنٍ مِنَ الزَّمَانِ دُونَ أَنْ يُشِيرَ أَحَدٌ إِلَى مَصدَرِ تِلكَ الفِكْرَة. غَيْرَ أَنَّ اسْتِخدَامَ الحُرُوفِ اللَّاتِينِيةِ فِي الكِتَابَةِ العَرَبِيةِ رُبَّمَا يَعُودُ إِلى استِهْتَارٍ وَتَقصِيرٍ في حَقِّ العَرَبِيةِ الَّتِي كَانَتْ في وَقتٍ مَا لُغَةً لِلثَّقَافَةِ العَالَمِية، وَحَفِظَتِ العُلُومَ شَرْقِيَّها وَغَرْبِيَّها مِنَ الضَّيَاع.