الإمامة عند الإسماعيليين١
من الجنوب الشرقي
أين نضع أسوان حين نتكلم عن الجهات الأربع، أو عن الشرق والغرب، كما نتكلم الآن؟
ليست من الجنوب بالموضع الذي يقابل الشمال، ولكنها إذا وُضعت في الجنوب «الشرقي» لم نبعد بها عن موضعها الصحيح.
ولقد عدنا من أسوان بالأمس، وسمعنا فيها أحاديث الشرق والغرب ما يلحق «بالعالميات» على هذا المنوال، ومنها حديث أغاخان.
كان «أغاخان» يحضر للصلاة في مسجدها فيصلي قائمًا مع الجماعة؛ لأنه لا يستطيع الركوع والسجود.
وسألوه: هل ينوي حقًّا أن يخلع ابنه علي خان من ولاية العهد على الطائفة الإسماعيلية؟ فنفى الإشاعة، ونفاها من حوله بعض الأتباع.
وسألوني هناك سؤالًا كهذا؛ لأنهم ظنوا في كتابتي عن إمام الإسماعيلية وعن مفكراته ومساعيه أنني أعرف من شأنه ما يسوغ ذلك السؤال.
ولكن الواقع أن معرفة أغاخان ليست للإفتاء في هذا الموضوع: موضوع ولاية العهد بين الإسماعيليين على التخصيص.
فالطائفة الإسماعيلية كلها قد نشأت؛ لأنها أنكرت التبديل والتغيير في ولاية العهد من أيام جعفر الصادق إلى أيام الخليفة المستعلي ونزار من خلفاء الفاطميين.
فقد كانت ولاية العهد لإسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق فحولها جعفر إلى موسى الكاظم؛ لأنه سمع أن إسماعيل لا يلتزم الأوامر والنواهي التي ينبغي أن يلتزمها الإمام، فأبى أناس من أتباع جعفر أن يتبعوه في هذا التحويل، وقالوا إن الإمام يتلقى وحيه من الله، وإن الله لا يجوز عليه «البداء»؛ أي إبداء الرأي والعدول عنه إلى غيره.
وكذلك انشق حسن بن الصباح وأنصاره على الفاطميين حين اختير المستعلي للخلافة بدلًا من نزار.
فإذا اتبع أغاخان تقاليد أسلافه فليس من حقه أن يبدل ولاية العهد إن كان قد أعلنها قبل الآن.
إلا أن التأويل والتخريج لا يعدمان الحجج والذرائع بين فقهاء الأديان، ولولا ذلك لما وقع الخلاف بين الإماميين والإسماعيليين، ولا بين الإسماعيليين أنفسهم منذ أيام شيخ الجبل حسن بن الصباح.
وينوي أغاخان — على ما علمت — أن يبني له قصرًا في أسوان وضريحًا لمثواه الأخير بعد عمر طويل؛ لأنه أعجب بهوائها كما أعجب بترابها، بعد ما عاينه من أمانته في المحافظة على رفات الخالدين!
إن صح هذا فسوف تزاد معاهد الأديان كمية جديدة في أقصى الصعيد، وسوف يقال إن البلد الذي اشتهر في العالم بالإشعاع المعدني سوف يشتهر بشعاع جديد من الأشعة الروحانية، بين طائفة ذات خطر على الأقل في أفريقيا الشرقية وفي الهند: وهي طائفة الإسماعيليين.