مذاهب التطور
قرأت في إحدى المجلات مقالًا عن لامارك، جاء فيه أنه قام في الاتحاد السوفيتي سنة
١٩٤٨ مذهب جديد في التطور قريب الشبه جدًّا بمذهب لامارك في توارث الصفات المكتسبة،
يقوم هذا المذهب على اعتبارات سياسة جدلية مادية، ويتعارض مع قوانين الوراثة المعروفة،
وقد قوبل بنقد مر سواء في أوربة وأمريكا، ومن بعض العلماء في الاتحاد السوفيتي، وأكبر
أنصار هذا المذهب الأكاديمي ليسنكو، فأرجو أن تتكرموا علينا بتناول هذا المذهب الجديد
بشيء من الإيضاح.
سعيد أحمد البطرني
مدرس العلوم بمنوف الثانوية
المذهب الذي يشير إليه الأستاذ ليس فيه جديد في عالم الفلسفة الماركسية نفسها كما
وضعها
كارل ماركس وإنجلز منذ أكثر من مائة سنة؛ فإن آراء «ليسنكو» كلها قائمة على التفسير المادي
للاجتماع وللحياة، فليس في المجتمعات البشرية على رأيهم ظاهرة سابقة أو لاحقة لا تفسرها
الظروف المادية الاقتصادية، وليس في أطوار الحياة ظاهرة أصيلة أو متفرعة لا تفسرها الظروف
المادية الطبيعية، وكل ما في الإنسان وفي عامة الأحياء من الخصائص والطبائع والأفكار
والأخلاق، فإنما هو من أثر البيئة قديمًا في الناسلات Genes والصبغيات Chromosoms التي
تتألف منها الخلايا التناسلية، ولا فرق في ذلك بين الموروث منها والمكتسب غير فرق الزمان
الطويل أو القصير.
وتطبيق هذا الرأي لم يُثبت شيئًا جديدًا في مسألة الوراثة بين الأحياء، ولم يُثبت
في عالم
النبات غير ما سبقت تجربته في تحسين البذور وتحويل الفصائل بالتطعيم والتزريع، وكل ما
عدا
ذلك فهو لغو أجرف لم يقم عليه أقل دليل.
ولا يتسع المقام لتفصيل هذه التجارب ونتائجها، ولكن الأستاذ صاحب السؤال يستطيع أن
يرجع
في ذلك إلى كتاب العالم البولوني ليوبولد إنفلد Infeld
الذي ألفه عن تطور الطبيعيات Evolution of Physics، وإلى
كتاب «موت علم» Death of a Science وهو مجموعة من المباحث
في علم الناسلات أو «الجينات» بإشراف البروفسور زيركل Zirkle أستاذ علم النبات بجامعة بنسلفانيا، وصاحب التجارب الواسعة في
تدجين النبات.