المرأة والشاعر
ختام خطاب في المرأة والشعر، أُلقِيَ في الجامعة الأمريكية في بيروت سنة ١٩٠٣.
المرأة
:
عُدْ لِلْهَوَى فَرَبِيعُهُ قَدْ عَادَا
وَالعُشْبُ لِلْعُشَّاقِ مَدَّ وِسَادَا
وَعَلَى الأَرَائِكِ لِلْهَزَارِ مَوَاقِفُ
تَسْتَعْبِدُ الأَرْوَاحَ وَالأَجْسَادَا
فَعَلَامَ شِعْرُكَ لَا يَكُونُ لَهَا صَدًى
أَعُدِمْتَ نُطْقًا أَمْ عُدِمْتَ فُؤَادَا
الشاعر
:
لَا لَا فَقَلْبِي قَدْ عَرَفْتِ خُفُوقَهُ
هَيْهَاتَ قَلْبِي أَنْ يَكُونَ جَمَادَا
لَمْ أَبْلُغِ العِشْرِينَ بَعْدُ وَهِمَّتِي
مَلَّتْ بِمَيْدَانِ الحَيَاةِ جِهَادَا
وَسَوَادُ شَعْرِي مَا تَبَدَّلَ لَوْنُهُ
وَبَيَاضُ آمَالِي اسْتَحَالَ سَوَادَا
فَدَعِي اعْتِرَاضَكِ وَاخْلَعِي عَنِّي الهَوَى
فَلَقَدْ كَفَانِي شَقْوَةً وَسُهَادَا
المرأة
:
عَجَبًا أَتَنْسَى أَنَّ قَيْدَكَ فِي يَدِي
حَتَّى طَمِعْتَ بِأَنْ تَفُكَّ قِيَادَا
مَلَّ الصَّبِيُّ مِنَ الحَيَاةِ وَغَيْرُهُ
شَابَتْ نَوَاصِيهِ وَزَادَ فَسَادَا
أَتُرَاكَ لَمْ يَبْلُغْكَ أَنَّ فَضَائِلِي
تَرَكَتْ عِبَادَ اللَّهِ لِي عُبَّادَا
هَلْ سِرْتَ فِي قَفْرِ الحَيَاةِ وَلَمْ تَجِدْ
مِنِّي دَلِيلًا أَيْنَ سِرْتَ وَزَادَا
هَلْ فَاتَكَ القَمَرُ المُنِيرُ وَلَمْ تَجِدْ
فِي نُورِ وَجْهِي الكَوْكَبَ الوَقَّادَا
هَلْ شِئْتَ إِدْرَاكَ العَلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ
ضَعْفِي لِضَعْفِكَ قُوَّةً وَعِمَادَا
هَلْ كَاَن عَقْلُكَ لَوْ غَضَضْتُ نَوَاظِرِي
أَجْدَى بِمُخْتَرَعَاتِهِ وَأَجَادَا
تِلْكَ الصَّنَائِعُ وَالفُنُونُ هَلِ ارْتَقَتْ
أَوْ عَمَّرَتْ لَوْلَايَ مِنْكَ بِلَادَا
هَلْ نَالَ فِي الأَمْرَاضِ لَوْلَا عِلَّتِي
دَنَفٌ بِطِبِّكَ مَا اشْتَهَى وَأَرَادَا
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الكَفُورُ بِنِعْمَتِي
لَوْ كُنْتَ وَحْدَكَ هَلْ ذَكَاكَ أَفَادَا
مَنْ كَانَ فِي الفِرْدَوْسِ يَنْشُدُ ضَائِعًا
أَوْ فِي الجَحِيمِ يُنَاشِدُ الوَقَّادَا
مَنْ رَاحَ يَرْوِي مَجْدَ أنْدَلُسٍ لَنَا
وَيَزُورُ فِي عُمْرَانِهَا بَغْدَادَا
مَنْ لَقَّبَ المَلِكَ المُضَلَّلَ فِي الهَوَى
أَوْ عَبْدَ عَبْسٍ رِقَّةً وَجِلَادَا
أَنَسِيتَ فِي وَادِي العَقِيقِ وَضَالَّهُ
سَلْمَى وَدُعْدَ وَزَيْنَبًا وَسُعَادَا
أَوَلَسْتَ أَوَّلَ شَاعِرٍ فِي شِعْرِهِ
فَوْقَ المَنَابِرِ بِالمَحَبَّةِ نَادَى
الشاعر
:
عَفْوًا فَهَائَنَذَا أُقِرُّ بِزَلَّتِي
وَأَتُوبُ لَا طَمَعًا وَلَا اسْتِنْجَادَا
أَجْثُو عَلَى أَقْدَامِ جِنْسِكِ ذَاكِرًا
أُمِّي فَلَوْلَا الأُمُّ مَجْدُكِ بَادَا
وَأُجِلُّ فِيكِ رَفِيقَةَ العُمْرِ الَّتِي
تُحْيِي العِيَالَ وَتَحْضِنُ الأَوْلَادَا
وَأُكَرِّمُ الأُخْتَ الَّتِي بِحَنَانِهَا
تُنْسِي السَّقِيمَ الطِّبَّ وَالعُوَّادَا
ضَلَّ الَّذِي ظَنَّ الحَيَاةَ جَمِيلَةً
فِي البُعْدِ عَنْكِ وَمَنْ يَطِيقُ بِعَادَا
الكَوْنُ شِعْرٌ أَنْتِ بَيْتُ قَصِيدِهِ
لَوْلَاكِ مَا عَرَفَ الوَرَى إِنْشَادَا