أحمد شوقي
من قصيدةٍ فيه نُظِمت عند صدور ديوانه الأول.
خَطَبَتْكَ آلِهَةُ الغِنَاءِ فَأَنْتَ فِي
رَوْضٍ يَضُمُّ الوَرْدَ وَالنِّسْرِينَا
تَسْقِي بِمَاءِ الشِّعْرِ أَشْجَارَ الهَوَى
وَتَهُزُّ أَوْرَاقًا لَهُ وَغُصُونَا
وَتُشَارِكُ الأَطْيَارَ فِي أَلْحَانِهَا
فَتَرَى بِأَنَّكَ فُقْتَهَا تَلْحِينَا
نَغَمَاتُ عُودِكَ فِي فُؤَادِي حَرَّكَتْ
شَوْقًا لِنَظْمِ الشِّعْرِ كَانَ دَفِينَا
عُودٌ إِذَا سَمِعُوا صَدَى إِيقَاعِهِ
ذَكَرُوا الأُلِمْبَ وَأَهْلَهُ الخَالِينَا
أَوْتَارُهُ لَمَّا سَمِعْتُ رَنِينَهَا
تَرَكَتْ لِأَوْتَارِ الفُؤَادِ رَنِينَا
فَتَرَكْتُ أَسْلِحَةَ الطَّبِيبِ مُحَرِّكًا
قَلَمِي وَلَمْ يَكُ مِثْلُهَا مَسْنُونَا
وَسُئِلْتُ مَنْ تَشْتَاقُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ
شَوْقِي إِذَا صَدَقَ الفُؤَادُ ظُنُونَا
•••
يَا أَحْمَدَ الشُّعَرَاءِ أَيْنَ مَكَانُهُمْ
مِنْ شَاعِرٍ نَظَمَ القَرِيضَ فُنُونَا
وَقَفُوا عَلَى إِطْلَالِهِمْ يَبْكُونَهَا
فَسَبَقْتَهُمْ وَتَرَكْتَهُمْ يَبْكُونَا
وَغَمَسْتَ فِي المَاضِي يَرَاعَةَ صَادِقٍ
نَقَلْتَ سُطُورَ الحَقِّ لِلْآتِينَا
•••
يَا مِصْرُ فِيكِ اليَوْمَ أَشْرَفُ نَهْضَةٍ
تُحْيِي بِهَا اللُّغَةَ الشَّرِيفَةَ فِينَا
لَمْ يَبْقَ مِنْ أَمَلٍ سِوَاكِ لِتَزْدَهِي
وَتُرِيكِ عُودَ شَبَابِهَا وَتُرِينَا
جَدَّدْتِ سُوقَ عُكَاظَ بَعْدَ عَفَائِهَا
لَكِنْ عُكَاظَ اليَوْمَ لَا تَكْفِينَا
فَأَرَيْتِنَا دَارَ السَّلَامِ جَدِيدَةً
وَأَرَيْتِنَا العَبَّاسَ فِيكِ هَرُونَا
•••
يَا شَاعِرَ النِّيلِ احْتَفِلْ بِتَحِيَّةٍ
حَمَلَتْ إِلَيْكَ مَحَبَّةً وَحَنِينَا
أُهْدِي لِحَافِظِ مِثْلَهَا وَلِكُلِّ مَنْ
فِي مِصْرَ أَنْشَدَ حِكْمَةً وَشُجُونَا
حَتَّى يُمَتِّعَنِي الزَّمَانُ بَزَوْرَةٍ
لَكُمُ تَقَرُّ بِهَا النَّوَاظِرُ حِينَا
١٩٠٢